لماذا لن تدخل إيران الحرب انتصاراً لغزة؟

لماذا لن تدخل إيران الحرب انتصاراً لغزة؟

لماذا لن تدخل إيران الحرب انتصاراً لغزة؟


02/11/2023

ما يزال الموقف الإيراني من عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حماس على مستوطنات غلاف غزة، وبعد مرور ما يقارب الشهر على انطلاقها منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ما يزال يثير الكثير من التساؤلات حول مدى تماسك التحالف بين طهران وحماس، وحقيقة النظرة الإيرانية العميقة لحماس وموقفها من إسرائيل، لا سيّما بعد ثبوت أنّ الموقف الإيراني في جوهره، وفقاً لتصريحات المسؤولين الإيرانيين، لن يتجاوز التحرش بإسرائيل وأمريكا، من خلال وكلاء طهران في الإقليم؛ حزب الله اللبناني والميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا، بالإضافة إلى اشتراك الحوثيين في هذا التحرش عبر تنفيذ عمليات إطلاق صواريخ ومسيّرات من اليمن إلى جنوب إسرائيل.

سيل من التصريحات الإعلامية الإيرانية بدأت منذ الأيام الأولى لانطلاق عملية "طوفان الأقصى"، لم تتوقف منذ زيارة وزير الخارجية الإيراني لبيروت ولقائه مع زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، وتأكيده أنّ المقاومة "وحدها" قادرة على اتخاذ القرار، وأنّ (حماس والجهاد) قادرتان "وحدهما" على مواجهة إسرائيل، وقد جاءت تصريحات مندوبي إيران في الأمم المتحدة لتقطع الشك باليقين بأنّ إيران لن تشارك بالحرب، إلّا إذا وقع عدوان على طهران، تبعتها تصريحات للخارجية الإيرانية في اجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي، تتضمن اقتراحات "ثورية" بحظر تصدير النفط لإسرائيل، وقد بدأ الحرس الثوري الإيراني بإجراء مناورات عسكرية واسعة في وسط إيران، وليس في مياه الخليج ومضيق هرمز، كما جرت العادة، في رسالة أكدت حدود ومفاهيم الأمن القومي الإيراني، وأنّها داخل حدود إيران.

أكدت عملية طوفان الأقصى، وما يجري اليوم من تحرش من وكلائها بإسرائيل وبالقوات الأمريكية في المنطقة، أنّ إيران دولة إقليمية مؤثرة، لا بدّ أن تكون حاضرة على طاولة أيّ مفاوضات تتعلق بالمنطقة ومستقبلها "حرباً أو سلماً"

ولعل ما يغيب عن كثير من المتابعين أنّ عملية "طوفان الأقصى" انطلقت في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ذكرى انتصار الجيش المصري على الجيش الإسرائيلي في حرب عام 1973، وهو الانتصار الذي تفاخر به الجيوش العربية، وهو ما يطرح تساؤلات فيما إذا كان توقيت العملية بتوجيهات إيرانية، هدفه إعادة إنتاج الوعي العربي بإنجاز جديد لم يكن ليتم لولا الدعم والتوجيه الإيراني للمقاومة الفلسطينية، وبالتزامن فقد حققت إيران "نجاحات" عبر هذه العملية، للدرجة التي يمكن القول معها إنّ طهران أحد أبرز المنتصرين في هذه الحرب، فقد وضعت عراقيل أمام التطبيع العربي، وتحديداً "المملكة العربية السعودية"؛ إذ أصبح مؤكداً تعليق مباحثات التطبيع السعودي مع إسرائيل، كما أظهرت "ضعف الجيش الإسرائيلي"، وهي المقاربة التي أعلن عنها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي قبل أسبوع من انطلاق عملية الطوفان، في احتفال بالمولد النبوي الشريف، كما أكدت العملية، وما يجري اليوم من تحرش من وكلائها بإسرائيل وبالقوات الأمريكية في المنطقة، أنّ إيران دولة إقليمية مؤثرة، لا بدّ أن تكون حاضرة على طاولة أيّ مفاوضات تتعلق بالمنطقة ومستقبلها "حرباً أو سلماً"، خاصة بعد ممارسة تهديد "عسكري" غير مباشر للدول العربية، وإحراج النظام العربي الرسمي، بإبراز الفجوة بين الشعوب العربية والإسلامية وبين حكوماتها.

قلّما يتم التركيز على إبراز ما حققته إيران في علاقاتها مع واشنطن والاتحاد الأوروبي، فمنذ البداية تتواصل تصريحات أمريكية بـ "عدم وجود أدلة دامغة على تورط إيران في حرب غزة"، ومفاوضات الاتفاق النووي تم استئنافها عبر البوابة العُمانية، وبالتزامن تم الإفراج عن مليارات الدولارات المحجوزة لدى البنك المركزي العراقي، ولا يُعرف مصير الـ (6) مليارات دولار التي تم إيداعها في بنوك قطرية بعد صفقة تبادل المعتقلين بين واشنطن وطهران، ولعل ما يؤكد أنّ صفقة جديدة تمّت بين واشنطن وطهران، "بعيداً عن خطابات التحذير والتهديد المتبادلة"، إقرار الأمم المتحدة بأنّه ثبت لديها أنّ تخصيب اليورانيوم الإيراني لأهداف مدنية، وتمّ رفع العقوبات عن أفراد وكيانات إيرانية متهمة بدعم الإرهاب والحرس الثوري والميليشيات الإيرانية في المنطقة.

المرجح هو أنّه ما لم تبرز مستجدات تجبر إيران على الذهاب إلى سيناريوهات "صفرية" تحقق فيها من خلال الحرب مزيداً من المكاسب، وهو أمر مستبعد في المدى المنظور، فإنّ مستوى التدخل الإيراني بحرب غزة لن يتجاوز هذا التحرش، عبر وكلائها، بإسرائيل والقوات الأمريكية

ورغم كل ذلك، فإنّه لا يمكن تجاوز حقيقة أنّ الحرب الإسرائيلية على غزّة وضعت إيران أمام خيارات صعبة، ما بين ترك حركة (حماس) تواجه مصيرها وحدها في مواجهة إسرائيل، وهو ما قد ينسحب في مراحل لاحقة على حزب الله اللبناني، أو دفع حزب الله، والمخاطرة بتوجيه ضربة له، لا سيّما بعد الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل، ويبدو أنّ إيران أنتجت مقاربة للخروج من هذا المأزق، عبر تحريض وكلائها على عمليات تحرش "غير مؤثرة " بإسرائيل وأمريكا، تتم تغيطتها بخطاب إعلامي ثوري يؤكد "وحدة جبهات المقاومة"، فيما تواصل طهران مفاوضاتها السرّية مع واشنطن والغرب لتحقيق مكاسب ترتبط بالقضايا الإيرانية الملحة وأولوياتها.

بالخلاصة؛ فإنّ المرجح هو أنّه ما لم تبرز مستجدات تجبر إيران على الذهاب إلى سيناريوهات "صفرية" تحقق فيها من خلال الحرب مزيداً من المكاسب، وهو أمر مستبعد في المدى المنظور، فإنّ مستوى التدخل الإيراني بحرب غزة لن يتجاوز هذا التحرش، عبر وكلائها، بإسرائيل والقوات الأمريكية، لا سيّما أنّ المسيّرات والصواريخ الإيرانية تحقق القتل ضد أهدافها، باستثناء الجنود الأمريكان والإسرائيليين، لكنّها ربما تصيب بعضهم بجروح طفيفة.  

مواضيع ذات صلة:

من وجوه حرب غزّة

بعد دعوة خامنئي لوقف تصديره إلى الاحتلال.. من أين يأتي نفط إسرائيل؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية