لماذا تُعيد عائلات عربية في أوروبا أطفالها إلى أوطانها؟

لماذا تُعيد عائلات عربية في أوروبا أطفالها إلى أوطانها؟

لماذا تُعيد عائلات عربية في أوروبا أطفالها إلى أوطانها؟


09/07/2023

يهاجر سنوياً مئات الشباب العربي إلى أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل، ويسلك بعضهم طرق الهجرة غير الشرعية، حيث يخاطرون بحياتهم عبر عبور البحر أو اجتياز السياج الحدودي، ومن توفرت فيهم شروط الهجرة يهاجرون بشكل قانوني.

بعد الوصول إلى ضفة الأخرى تنتهي مخاوف تحديات البطالة لتبدأ مخاوف أخرى وهي هواجس تربية الأطفال، والخوف من انتزاعهم منهم بسبب "الإهمال" و"العنف"، هي مخاوف كثيرة دفعت بعض العائلات العربية إلى أخذ قرار إعادة أطفالهم إلى أوطانهم العربية.

أخاف من أن يأخذوا أطفالي

خديجة عربية تبلغ من العمر 36 عاماً، أم لثلاثة أطفال، تعيش في مدينة برلين في ألمانيا، لكن بسبب خوفها من مؤسسات الرعاية الشباب والأطفال، تخطط للانتقال إلى بلدها، وتقول في هذا الصدد، "أعيش في خوف مستمر، لا سيما عندما استدعوني أنا وزوجي في الحضانة، بسبب أن ابني أخبرهم بأنّ والده يضربه."

 بالنسبة لها فهذا الموقف سيؤثر على مستقبلها في ألمانيا، تضيف في هذا الصدد، "أشاهد عدداً كبيراً من الفيديوهات على يوتيوب التي تؤكد، بأنهم ينتزعون الأطفال من والديهم بسبب العنف."

في ثقافة خديجة فتعنيف الطفل أمر مقبول، لكن في ألمانيا يعد تعنيف الطفل غير مقبول، ومن حق العاملين في الحضانة فهم ما حدث للطفل في المنزل.

يهاجر سنوياً مئات الشباب العربي إلى أوروبا بحثاً عن مستقبل أفضل

تضيف خديجة، "فكرت أنا وزوجي في الأمر وقررنا السفر إلى بلد عربي، نبدأ حياتنا، ويكبر أطفالنا في بيئة تنسجم مع قيمنا، وعندما سيكبرون سيدركون أنّ ذلك في مصلحتهم، لأني أعيش في خوف مستمر من أن يأخذوا أطفالي مني، أنا أحب أطفالي ولا أضربهم وإذا ضربهم زوجي فأحياناً بدون قصد."

أغلب المعلومات التي تحصل عليها خديجة من مواقع التواصل الاجتماعي، فهي لا تتحدث الألمانية، وأيضاً ليست على دراية بالقوانين.

من خلال بحثه يحاول الصحفي الألماني ليندنر أن يُظهر كيف تنتشر فيديوهات بسرعة ويشاهدها الملايين، لترويج لفكرة أنّ الغرب يخطف أبناء المسلمين

وتتابع في ذات السياق،"أخاف من أن يأخذوا أطفالي ليمنحوهم للمثليين لتربيتهم، أنا أعيش في خوف وأنتظر موعد المغادرة بفارغ الصبر."

"أخذ الأطفال من العائلات المسلمة ومنحهم لعائلة تتكون من شريكين مثليين"هي معلومات تتم مشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان قد أثار حدث انتحار الأم المغربية سلوى المقيمة بالسويد جدلاً واسعاً في صفوفِ الجالية العربية بأوروبا بسبب إصابتها باكتئابٍ حاد، نجم عن خلافها مع مؤسسة "السوسيال"، أي مصلحة رعاية الشباب والأطفال في السويد، بعد ما تم أخذ ابنها منها بسبب اهمالها له.

"الصور الاباحية"

قررت عزة أن تترك السويد رفقة عائلتها، وتعيش في بلد عربي، وعلى قناتها في اليوتيوب تشرح أسباب تركها السويد، وتقول في هذا السياق، "كانت خطوة صعبة أن أنتقل أنا وزوجي وأطفالي الستة من السويد، وأترك البلد الذي اعتدت عليه، وننتقل إلى بلد عربي، ونبدأ تحديات اللغة والمدارس."

وتضيف عزة في أحد فيديوهاتها على يوتيوب:"آخر سنة في السويد كانت صعبة بالنسبة لي، كنت أخاف بشكل مستمر على أطفالي، برغم من أنّ السويد بلد متطور، لكن هناك أشياء لا يمكن أن أتقبلها، وأتعايش معها، كان أحد أطفالي وهو في عمر 13 عاماً، يعود من المدرسة وهو غاضب، لأنّ زميله في القسم يطلب منه أن يشاهد فيديوهات الأفلام الإباحية وعندما يرفض المشاهدة يسخر منه أمام زملائه، تخوفت من أن يضربه ابني، فتحدث مع أساتذته بخصوص الموضوع، وعدوني بحل الموضوع، لكن بعد ذلك ضاعفوا التنمر على ابني."

 أثار حدث انتحار الأم المغربية سلوى المقيمة بالسويد جدلاً واسعاً في صفوفِ الجالية العربية بأوروبا

وتمضي المتحدثة قائلة: "وابنتي تعرضت لاعتداء من طفل معها في المدرسة ضربها بقدمه على مؤخرتها، وعندما اشتكيت، أخبروني أنهم سيحلون الأمر، و اكتفوا بجعل الطفل يعتذر من ابنتي."

وتتابع عزة: "هم يعتقدون أنّ جميع المسلمين يعنفون أطفالهم لاسيما الفتيات، نعم هناك البعض ليس الجميع، كنت دائماً أشعر بالخوف من المشاكل مع المدرسة، فأنا بالنسبة لي غير مقبول الاعتداء على ابنتي، لكن لا أعرف كيف سينظرون للموقف، هذا الصراع مع المدارس يجعل المرء لا يركز في حياته."

"ظلم للأطفال"

على خلاف عزة وخديجة، يرى إبراهيم الأب لطفلين أنه "غير مقبول أخذ الأطفال إلى البلدان العربية بسبب معلومات تروج على مواقع التواصل الاجتماعي."

يعيش إبراهيم لأزيد من عشرين عاماً في ألمانيا، ويقول: "العائلات العربية المسلمة عليها أن تتعلم اللغة لتدافع عن نفسها، وأن تكون قدوة لأطفالها"

يعيش إبراهيم لأزيد من عشرين عاماً في ألمانيا، ويتابع في ذات السياق: "العائلات العربية المسلمة عليها أن تتعلم اللغة لتدافع عن نفسها، وأن تكون قدوة لأطفالها، وأنّ أخذ الأطفال للبلدان العربية هو ظلم لطفل خاصة إذا لم تكن العائلة ميسورة، وستوفر لطفل تعليماً خاصاً عالي الجودة، وعندما يكبر الطفل لن يسامح والديه، لأنهم قرروا مصيره بدون اختياره، وعوضاً عن فهم الثقافة التي نعيش فيها ونحترمها ونعلم أطفالنا احترامها، يختار البعض الهروب وهو أمر غير مقبول."

"أخبار كاذبة"

تحظى فيديوهات أخذ مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال بنسب مشاهدة عالية. الصحفي الألماني كريستيان ليندنر في صحيفة "Nordsee-zeitung" قام بتحليل كيف انتشر فيديو قصير، يظهر الشرطة وموظفي الرعاية الاجتماعية يحاولون أخذ طفلين من عائلتهما العربية بأمر من المحكمة، وقد نشرت العائلة الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.

حسب ليندنر، فقد تم تداول الفيديو على جميع منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك الفيديو صحفي إندونيسي ليشاهده 18.3 مليون شخص على تويتر في وقت وجيز.

وحسب الصحفي الألماني، "بعد نشر الفيديو نشر صحفي بإذاعة بريطانية خاصة الفيديو على تويتر، معلقاً: "يتم إبعاد صبي صغير عن عائلته بالقوة من قبل مؤسسة رعاية الشباب والأطفال، بسبب أنّ المدرسة أبلغت أنّ طفلاً تعلم من عائلته بأنّ المثلية الجنسية والمتحولين جنسياً محرمة في الإسلام. "

وبعد اندونيسيا وبريطانيا، ينتشر الفيديو عبر تيليغرام في  جورجيا، وهي مدينة ساحلية على البحر الأسود، ويعلق شاب على فيسبوك، "في بريمرهافن يأخذ مكتب رعاية الأطفال الابن الأصغر للعائلة بسبب أنّ عائلته علمته أن المثلية الجنسية والتحول الجنسي غير مقبولين لأسرته المسلمة وله، لهذا قررت المحكمة وضع الطفل في رعاية الرعاية الاجتماعية".

من خلال بحثه يحاول ليندنر أن يُظهر كيف تنتشر هذه الفيديوهات بسرعة ويشاهدها الملايين، لترويج لفكرة أنّ الغرب يخطف أبناء المسلمين، ما يثير الخوف لدى العائلات.

وردت الشرطة الألمانية عن الفيديو قائلة، "يتم تداول مقطع فيديو وهو يروج لادعاءات كاذبة، دائماً ما يكون سحب الأطفال هو الملاذ الأخير ولا يحدث إلا إذا كانت هناك أسباب جدية، لأجل حماية الأسرة والأطفال، لا يمكننا تقديم أي تفسيرات أخرى على أساس هذا القرار. "

وأضافت الشرطة: "الأطفال لم يتم أخذهم بسبب تربية والديهم المسلمة وموقف العائلة من المثلية."



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية