لماذا التقى رئيس المخابرات السورية بالفصائل المسلحة المدعومة من تركيا؟

لماذا التقى رئيس المخابرات السورية بالفصائل المسلحة المدعومة من تركيا؟

لماذا التقى رئيس المخابرات السورية بالفصائل المسلحة المدعومة من تركيا؟


23/05/2023

إثر اللقاء الذي جمع وزراء دفاع ورؤساء أجهزة استخبارات روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري، في موسكو، منتصف نيسان (أبريل) الماضي، جاء لقاء آخر جمع رئيس جهاز المخابرات العامة لدى النظام السوري، حسام لوقا، مع عدد من قادة الفصائل المعارضة المدعومة من قبل تركيا.

لوقا "مكوك التطبيع".. ما القصة؟

اللقاء، الذي جمع رئيس جهاز المخابرات بدمشق مع قادة الفصائل المسلحة، كشف عن تفاصيله وملابساته الموقع الفرنسي"إنتلجنس أونلاين"، المختص بالمعلومات الاستخبارية، وقد أوضح أنّ "اللقاء جرى في مدينة حلب. وخلال اللقاء نقل لوقا لقادة الفصائل المعارضة مضمون ونتائج الاجتماع الرباعي في موسكو، ثم قدم (لوقا) شروط النظام للمصالحة، منها انسحاب القوات التركية" التي توفر لهذه الفصائل الدعم والحماية في شمال غرب سوريا.

ووفق الموقع الفرنسي، فإنّ "ضباطاً من الجيش الروسي سافروا من مدينة الباب إلى مدينة حلب، لجهة الإشراف على المفاوضات التي أجراها رئيس المخابرات السورية" مع الأخذ في الحسبان أنّ لوقا له صلات قوية بموسكو تختلف عن غيره من القادة الأمنيين بالحكومة السورية؛ حيث إنّ النظام في دمشق يرى في رئيس المخابرات الحالي "بطلاً أمنياً"، حسبما يوضح الموقع الفرنسي. ويردف: "جرى تكليفه (أي حسام لوقا) بقيادة مفاوضات عمليات المصالحة المحلية، في العام 2021. فيما يعد المسؤول عن ما جرى مناقشته على المستويين الإقليمي والدولي في الميدان السوري".

الصحفي علي نمر: المعارضة السورية المدعومة من تركيا منبطحة

كما وصف الموقع لوقا بأنّه "مكوك التطبيع"، مؤكداً أنّه "لا يزال مسؤولاً عن اكتساب أرضية لقضايا النظام السوري الإقليمية، مما جعله في طليعة عملية التطبيع مع السعودية التي زارها نهاية العام الماضي".

وفي ما يتصل بمخرجات الاجتماع الرباعي العسكري الأمني في موسكو، كشف الموقع الفرنسي أنّ اللقاء عنّى بـ"تطبيع العلاقات بين النظام وتركيا". وتابع: "اشترطت تركيا عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا، إلا أنّ النظام في دمشق شدد على ضرورة الخروج التام للقوات التركية من الأراضي السورية، وفتح الطريق الدولي السريع "إم-4"".

موقع فرنسي: ضباط من الجيش الروسي سافروا من مدينة الباب إلى مدينة حلب، لجهة الإشراف على المفاوضات التي أجراها رئيس المخابرات السورية مع فصائل المعارضة

وفي حديثه لـ"حفريات" يقول الصحفي السوري، علي نمر، إنّه "ليس هناك من جديد في كل ما يتم تداوله من معلومات أو بالأحرى تسريبات؛ فالمعارضة السورية المدعومة من تركيا، لم تتخذ قراراً واحداً من تلقاء نفسها، منذ انبطاحها للموقف التركي الإقليمي، أولاً، والحالة الإخوانية الجامعة لهما، ثانياً، وذلك في إطار التحالف التركي مع الإسلام السياسي المتماهي مع انبعاث "العثمانية الجديدة". وفي المحصلة أصبحت المعارضة ورقة ممزقة بأيدي مموليها توجهها حسب أجنداتها كيفما شاءت".

متتالية فشل

وأضاف نمر أنّ هذا اللقاء يمكن تصنيفه واعتباره "صورة طبق الأصل عن الاتفاقات التي أجريت سابقاً، وذلك منذ رضخت المعارضة بركوب الباصات الخضراء، متجهة إلى حلب وإدلب بعد ترك بيوتها وممتلكاتها بحجة عدم الحوار والمصالحة مع النظام، الأمر الذي جرى تنفيذاً لأوامر الممول التركي الذي ترتهن لقرارته ومواقفه السياسية والإقليمية. ولا تجد المعارضة أيّ حرج في القبول بقرارات وبنود قد رفضتها قبل سنوات".

والمفارقة الأكبر أنّ "بعض قوى المعارضة استوطنت بيوت مواطنين سوريين مثلهم في مدينة عفرين وغيرها. وكانت تركيا قد قامت بتهجير اللاجئين من أنقرة لتنفيذ مخططاتها، منها التغيير الديمغرافي بحيث يبقى الوجود السياسي والأجسام العسكرية المرتبطة بأنقرة تؤدي أدوارها الوظيفية والطاعة للطرف الخارجي"، حسبما يقول نمر.

الصحفي السوري علي نمر لـ"حفريات": اللقاءات غير دقيقة، لكنّ التحولات هي البداية لانسحاب تركيا من المدن السورية المحتلة، والتخلي عن المعارضة وتركها لقمة سائغة تواجه مصيرها

وبسؤاله عن توقيت اللقاء الذي جاء بعد اجتماع وزراء دفاع واستخبارات تركيا وروسيا وإيران في العاصمة موسكو، يجيب نمر: "ما جرى لم يكن نتيجة، أو حصيلة هذه الاجتماعات بموسكو؛ لأنّ وتيرة الاتصالات واللقاءات لم تتوقف طيلة السنوات الماضية، ومتى ما حضرت مصالح البلدين يتفقان فوراً من دون النظر إلى الأبعاد الأخرى، سواء المتعلقة بأهداف الشعب السوري التي حورتها المعارضة الإخوانية، أو العلاقات المضطربة والتصريحات البهلوانية التي أطلقها المسؤولون الأتراك بعد مرور سنة من الحراك الشعبي السلمي".

ووفق نمر، فإنّ اللقاءات التي تجري لا تبدو دقيقة تماماً كما تعرضها بعض الوسائل الإعلامية على أنّها بـ"تخطيط روسي" فقط؛ إذ إنّ ما يجري هو "نتيجة تحولات عدّة على المستوى الدولي والإقليمي، وهي بالنهاية نتاج التوازنات الدولية الجديدة، والتي من ضمنها التحركات العربية، من جهة، ودخول اللاعب الصيني على جميع خطوط العلاقات الدولية، من جهة أخرى"، مؤكداً أنّ هذه التحولات هي "البداية لانسحاب تركيا من المدن السورية المحتلة، والتخلي عن المعارضة وتركها لقمة سائغة تواجه مصيرها، ثم رضوخها لمسار المصالحات رغماً عنها كما كان يجري سابقاً، وبذلك يبقى الخاسر الأكبر الشعب السوري الذي خسر حتماً حلمه بالحرية والكرامة، بسبب تلك المعارضة التي باعت نفسها لتركيا وأجنداته".

الوجود الكردي والأمريكي

اللافت أنّ اللقاء الأخير بين رئيس المخابرات في الحكومة السورية مع قادة الفصائل المسلحة في شمال غرب سوريا، قد تزامن مع هذا الاجتماع الرباعي والذي جمع وزير الدفاع ورئيس المخابرات التركيين مع نظرائهم في النظام السوري، وقد شارك فيه وزيرا دفاع روسيا وإيران، وذلك للمرة الثانية منذ الشروع في مسار التطبيع والانفتاح السياسي بين دمشق وأنقرة، نهاية العام الماضي. إذ قال التقرير الفرنسي إنّ لوقا "عقد اجتماعاً مغلقاً مع رئيس الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، خلال اللقاء الرباعي، غير أنّ نتيجته الوحيدة كانت هي الاتفاق على عقد الاجتماع مرة جديدة".

الكاتب السوري شيار خليل: اتفاق على إنهاء الوجود الكردي

إلى ذلك، أصدرت وزارة الدفاع في ما بعرف بـ"الحكومة السورية المؤقتة" (التابعة للمعارضة) بياناً، نفت خلاله عقد أيّ لقاءات مع النظام. وذكرت الوزارة، أنّ التسريبات بشأن لقاء ضباط من الجيش الوطني، المدعوم من تركيا، مع رئيس جهاز المخابرات لدى النظام "غير صحيحة". وأكد البيان أنّ "الجيش الوطني يطلع على الاجتماعات الحاصلة في الملف السوري، من خلال قادة الجيش التركي".

 

يقول الكاتب الكردي السوري، شيار خليل، إنّ التحركات الأخيرة بحسب ما ورد في تسريبات الموقع الفرنسي تبدو "متماشية مع المنطق السياسي الراهن، وكذا التحولات التي يشهدها الملف السوري. وإزاء المتغير الأخير يبدو الثابت هو تبعية القوى التي تسمي نفسها معارضة مسلحة بشمال غرب سوريا، إلى تركيا، بينما لا تكف عن رهاناتها الخاسرة التي تؤدي إلى مزيد من التعقيد وتفكيك أيّ بنية للدفاع عن حقوق المواطنين".

ووفق خليل في حديثه لـ"حفريات"، فإنّه ليس من المستبعد عقد مثل هذه اللقاءات بين الجيش الوطني، المدعوم من أنقرة، والذي أدين بـ"جرائم حرب"، ورئيس مخابرات النظام بدمشق، الأمر يأتي في "إطار محاولات التهدئة، ومنها محاولات التقارب بين الحكومة السورية وأنقرة برعاية موسكو، حيث تعد قضية الفصائل المعارضة التابعة لتركيا من بين أكثر الملفات تعقيداً بين الطرفين وهي شرط سوريا للمصالحة، مع الأخذ في الاعتبار أنّ تركيا كما دمشق تجمعهما مصلحة مشتركة تتلخص في ضرورة القضاء على النفوذ الكردي بالمنطقة وشل الدعم الأمريكي".

مواضيع ذات صلة:

ألمانيا: قرية حاويات جديدة لتسكين اللاجئين السوريين.. تفاصيل

مأساة اللاجئين الإريتريين في السودان: هل عقد الجيش صفقة مع نظام أفورقي؟

اللاجئون السّوريون و"العودة المستحيلة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية