للحكومة الكويتية.. إقصاء الإخوان وعلينا اللحاق بالمسيرة الخليجية

للحكومة.. إقصاء الإخوان وعلينا اللحاق بالمسيرة الخليجية

للحكومة الكويتية.. إقصاء الإخوان وعلينا اللحاق بالمسيرة الخليجية


08/10/2023

بدر خالد البحر

سؤال مباشر لرئيس الحكومة: أين موقع الكويت على الخريطة؟ طبعاً ليست الخريطة التي درسناها في الصف الابتدائي، يحدها شمالاً ويحدها جنوباً، بل موقعنا على الخريطة السياسية الدولية والعربية، وبالأخص الخريطة السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي؟! فمسيرة دول المجلس تتجه بطريق التعاون الاقتصادي، الأمر الذي قد يجعلنا في تخلّف آخر الركب.

ومن جانب آخر، وفي الوقت الذي أيقنت فيه دول الخليج، كالسعودية والإمارات، بمخاطر الجماعات الإسلامية، وبالأخص في هذه المرحلة «الإخوان المسلمين»، وصنفتها إرهابية، كما أصدرت عُمان أحكاماً على بعض أعضائها وصلت إلى الإعدام، وقامت البحرين بجعلها تحت ذراع الحكومة، أما قطر فقد حجمت الجماعة وأوقفت نشاطها، وفي خضم كل هذا التوافق الخليجي تقف الكويت في الاتجاه المعاكس لتقرّب هذه الجماعة المحظورة إلى مراكز اتخاذ القرار الحكومي! والأخطر من هذا ما يمكن أن يعتقده البعض من الطامحين من الأسرة للوصول إلى سدة اتخاذ القرار الحكومي بأن التحالف مع هذه الجماعات هو الطريق الأسهل لتحقيق أهدافهم، من دون النظر للكلفة الباهظة التي ستقوّض أركان الدولة، ولا سيما أنها تدار من قيادات خارج الدولة.

لقد تحالفت حكومات مع الإخوان في الستينيات بعد واقعة تزوير الانتخابات، لمساعدتها على محاربة التيار الوطني الليبرالي، فأدخلتهم الوزارة وأسسوا منظومتهم المالية وسلمتهم أيضاً السيطرة على بعض مؤسسات الدولة وأوقافها وميزانيتها لتجييرها لمصلحة الحزب في الداخل والخارج، إلى جانب سيطرتهم على الروافد المالية للعمل الخيري لتمويل أنشطتهم السياسية، حتى أفتوا بجواز تمويلها للانتخابات لدخول البرلمان الكويتي، وحتى انتخابات الإخوان في الخارج، كما منحتهم الحكومة اللجنة العليا لاستكمال تطبيق الشريعة لمدة ستة وعشرين عاماً بدعم يفوق مئة مليون دينار، لم يطبقوا خلالها أي شريعة، ولكن ما إن احتاجتهم الحكومة لتهدئة الشارع الكويتي، إبان موجة الربيع العربي، حتى نكثوا بعهودهم وغدروا بالحكومة بصفوف المعارضة وقاطعوا الانتخابات لزعزعة استقرار الدولة، تنفيذاً – كما يبدو – لأوامر يتلقونها من مراكز اتخاذ القرار الحزبي في الخارج.

إن كل ما ذكرناه آنفاً من ممارسات للجماعة شاهدناه على أرض الواقع، وقد أكد دوافعها وبعض تفاصيلها قيادي سابق في جماعة الإخوان، في مقابلة أجراها في القاهرة مع صحيفة زميلة منذ أربع سنوات، وصف فيها إخوان الكويت بأنهم الأخطر خليجياً، وقد أسسوا الحركات الإخوانية في دول الخليج، وأنشأوا في الكويت ثلاثة تنظيمات، الأول للكويتيين والثاني للمصريين في الكويت والثالث للآخرين، وقاموا أيضاً بجعل الكويت ملجأً للجماعة، فأدخلوا الآلاف منهم ووفروا لهم فرص عمل في جميع مؤسسات الدولة ووزاراتها، وبالأخص وزارة الأوقاف، وكذلك في الجمعيات الخيرية وفي الهيئة الإسلامية العالمية، واستخدام أموالهم لدعم مؤسسات وقيادات التنظيم الدولي للإخوان، بعد أن جعلوا الكويت محفظة مالية وبنكاً مركزياً للحزب، وهو ما يؤكد خطورتهم كما أفاد قيادي الإخوان، حيث وصل نفوذهم إلى التدخل حتى في تسمية الشوارع، كشارع «حسن البنا»، وانتشار كتبهم ومؤلفاتهم، وتواجد خلاياهم الإرهابية التي يتم ترحيل بعضها أحياناً.

إن ما نلمسه من مخاطر لأذرع حزب الإخوان يكمن في حجم انتشارهم وتحالفهم مع دول تهدّد أمن الخليج، كإيران التي قامت بأعمال إرهابية على أراضينا منذ الثمانينات، وخاصة في الكويت والسعودية، فعندما نشأت الثورة الإسلامية في إيران، التي صادفت الأحد الماضي من عام 1902 ذكرى مولد مؤسسها الخميني، كانت جماعة الإخوان في الكويت أول مؤيديها، ونشرت في إحدى المجلات التابعة لها عام 1979 دعم التنظيم الدولي للإخوان للثورة الإيرانية، وكانوا ضمن وفد طائرة خاصة لتهنئة الخميني، دعم استمر حتى يومنا هذا بعد وصول خامنئي للقيادة.

إن ذلك يطرح سؤالاً محيراً: هو كيف ستبعث حكومتنا وزيراً أو قيادياً محسوباً من الإخوان لحضور اجتماع في دولة خليجية حليفتنا بالسلم والحرب تصنّف جماعة الإخوان بأنها إرهابية؟ ولنسأل سؤالاً افتراضياً لنبسّط المفهوم بشكل أوضح لعقول مسؤولين بمستوى رابع ابتدائي: عندما تتعرّض الكويت لغزو، مَنْ سيأتي لنجدتنا، الدول الخليجية بعدتها وعتادها وأرواح أبنائها وبحلفائها الدوليين، كما فعلت في الغزو العراقي، أم حزب الإخوان المسلمين حليف إيران؟

إنها رسالة حادة للحكومة، فالأمر لم يعد قابلاً للتأجيل، علينا اللحاق بالمسيرة الخليجية الأمنية والاقتصادية، بدءاً بإقصاء حزب الإخوان المسلمين من أي مشهد سياسي أو مركز وزاري أو قيادي، حتى لا نبدو أشبه بالتقاطع مع سياسة دول الخليج.

عن "القبس" 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية