طالبة المنصورة إيمان: قتلها زوجها وسار في جنازتها

طالبة المنصورة إيمان: قتلها زوجها وسار في جنازتها


01/07/2020

صباح الثلاثاء، السادس عشر من حزيران (يونيو)، استفاقت قرية ميت عنتر، التابعة لمحافظة الدقهلية، إحدى محافظات دلتا النيل، على جريمة مروعة، بعد العثور على زوجة وأم لطفل يبلغ ثمانية أشهر، مقتولة خنقاً في منزلها؛ إذ طال صراخ رضيعها، فاقتحم إخوة الزوج الذين يقطنون العقار ذاته شقتها، ليعثروا على الشابة، التي تبلغ من العمر 21 عاماً، مقتولة خنقاً، دون أن يعلم أحد السبب في مقتلها.

قتل القتيل وسار في جنازته

بدأت الجريمة حين رغب الزوج "حسين.أ"، البالغ من العمر 24 عاماً، عراقيّ الأصل، في تطليق زوجته،  والزواج بأخرى، ولم يمضِ على زواجه من إيمان سوى عام وتسعة أشهر، ولديهما طفل لم يبلغ عامه الأول بعد، حينها رفض الوالدان؛ إذ يرون أنّ إيمان زوجة مناسبة لابنهما، ليقرّر الزوج التخلص من زوجته، وسلبها كافة حقوقها، بل ووصمها اجتماعياً للأبد، فخطط لجريمة شيطانية، برفقة أحد العاملين لديه في متجر الملابس الذي يملكه، أحمد راضي، البالغ من العمر 33 عاماً، شريكه في الجريمة، لينتهز حسين فرصة سفر والديه إلى العراق، واتفق مع راضي أن يرتدي زيّ امرأة منقّبة، ويصعد إلى منزله، بعد أن ترك له مفتاح باب شقته بالخارج، ليجبر الزوجة على خلع ملابسها، وتصويرها في مشاهد مخلّة، ومن ثمّ يصعد الزوج ويضبطها معه، فيتسبب لها في فضيحة، ويطلقها بقضية زنا، ويتمكّن من سلبها كافة حقوقها المادية، إضافة لوصمها اجتماعياً وصمة لن يمحوها الزمن، ولن يغفرها مجتمع ريفي، لكن أتت الرياح بما لم تشتهِ سفن الجناة.

من جنازة إيمان عادل

سرادق عزاء إيمان

كانت الزوجة جالسة تعمل على حاسوبها، لتسليم أبحاثها الدراسية؛ فهي طالبة في كلية الآداب، قسم اللغة الفرنسية، بجامعة المنصورة، وبرفقة طفلها، الذي لم يستنهض أيّ شعور بالرحمة في قلب القاتل، صرخت إيمان، وصرخ رضيعها، فقام بخنقها بسلك الحاسوب، وبعد أن فاضت روحها، اغتصبها  وهي ميتة، وفق تقرير الطبّ الشرعي، الذي أورد اغتصابها مرتين متتاليتين بعد الوفاة، ونزل مسرعاً، واتصل بالزوج، ليخبره بأنّ زوجته توفيّت، بعد أن حاولت مقاومته، فاتصل الزوج بالشرطة بعد أن اكتشف إخوته جثمانها إلى جوار طفلها الباكي، وسار الزوج في جنازة زوجته يجهش بالبكاء، في مشهد تمثيلي، بحسب ما وصفته عائلتها، كما أنّه صمّم على دفن الزوجة بمقابر عائلته، وانتابته حالة إغماء أثناء نزولها للمقبرة، وفق ما حكى خال المجني عليها، في تسجيل مع قناة DW""، ما جعل الأهل يستبعدون أيّ شكوك تجاه زوج ابنتهم الحزين على فراق زوجته، حتى كشفت تحقيقات النيابة، أنّ آخر من نزل من منزلها كانت امرأة منقبة، وهي أحمد راضي، أحد العاملين لدى الزوج، والذي سرعان ما اعترف بخطتهما الشيطانية، وقال إنّ الزوج عرض عليه مبلغ 100 ألف جنيه مصري، مقابل فضح زوجته؛ إذ ستمكنه الفضيحة من سلبها كافة حقوقها المادية.

في البداية كان القانون

على خلفية تلك الجريمة الشنعاء، ثار رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وطالبوا بإعدام الجناة، والقصاص لإيمان، لتفتح قضيتها باباً للحديث حول قوانين طال أمد السكوت عنها، وعادات وتقاليد دفعت الراحلة حياتها ثمناً للامتثال لها، في هذا الصدد تحدثت المحامية المتخصصة في قضايا الأحوال الشخصية، والمطلعة على قضية إيمان، رانيا هندي، لـ "حفريات"، قائلة: "البداية هي من المادة 237، من قانون العقوبات، الخاصة بما تسمى جرائم الشرف، والتي تبيح للزوج قتل زوجته في حال تلبسها بالزنا، حتى إن لم يثبت هذا الزنا للمحكمة، إذ يعلّل القانون هذا القتل بالجانب النفسي للرجل الذي لا يحتمل رؤية خيانة زوجته، بينما يفترض القانون أنّ الزوجة يجب أن تحتمل هذا الأمر، فلا يحقّ لامرأة أن تقتل زوجها حال تلبسه بالزنا، وإن حدث فهي جريمة قتل مع سبق الإصرار تعاقب عليها الزوجة بالإعدام، ولا يعاقب الزوج بجريمة الزنا، إلّا إذا كان في فراش الزوجية، وهذا هو الجانب التمييزي ضدّ المرأة، الذي يمارسه القانون، نجده على صعيد قضايا الطلاق للضرر مثلاً، والتي يرفض القضاة الحكم فيها لأهواء شخصية".

زوج إيمان عادل

وتستكمل قائلة: "أمّا عن القضيّة؛ فلولا تلك الثغرة القانونية التي تبيح لزوج قتل زوجته، أو في أحسن الأحوال حرمانها من مستحقاتها المالية، ومن حضانة طفلها أيضاً، في حالة الخيانة الزوجية، لما تجرّأ الزوج على فعلته، وهذا هو لبّ المشكلة، فالقانون في مصر لا يحمي النساء، بل يحابي للرجال؛ فعلى مستوى قضايا الطلاق التي تتكدس بالملايين في محكمة الأسرة، من نساء يطلبن الطلاق للضرر، فأقل من 10% منهنّ من يُحكم لهن بالطلاق، أما الباقيات؛ فيُرغمن على الخلع، والتنازل قهراً عن حقوقهنّ المالية، مقابل الإفلات من زواج بالإكراه، لأنّه حتى في حال وقوع الضرر بالضرب أو الأذى النفسي أو عدم الإنفاق؛ فالمحكمة لا تعترف به، ولا يتأكد لها الضرر إلّا بعاهة طبية يثبتها الطبّ الشرعي، هذه هي الحالات التي يحكم فيها بالطلاق لصالح المرأة، وأما الرجل الذي يثبت ضربه للزوجة، والتسبّب لها بأذى بدني؛ ففي أسوأ الأحوال يحكم القاضي عليه بالسجن ستة أشهر، تكون مع إيقاف التنفيذ، ومن خلال عملي في هذه القضايا استنتجت أنّ معظم القضاة لا يرون حرجاً في ضرب الرجل لزوجته، أو امتناعه عن الإنفاق عليها".

الوجه الآخر من كورونا

وعلى صعيد آخر، وفي الثالث والعشرين من حزيران (يونيو)؛ ألقى رجل بزوجته من شرفة منزلهما بالطابق الخامس، بعد أن أخبرته بإصابتها بفيروس كورونا، لتسقط مغشياً عليها وتنقل إلى مستشفى جامعة عين شمس، إذ أجريت لها جراحة دقيقة في العمود الفقري، ثمّ دخلت إلى الحجر الصحي الخاص بمرضى كورونا، وأثبت التقرير الطبي، إصابتها بالشلل الرباعي نتيجة للحادث، لتوجه النيابة تهمة الشروع في القتل إلى الزوج، الذي برّر فعلته بوجود خلافات زوجية بينهما، وأمرت السلطات بحبسه على ذمة التحقيقات، حتى تخرج الزوجة من حجرها الصحي وتدلي بأقوالها في الواقعة، التي ضجت بها أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد زيادة معدل جرائم الأزواج بحقّ زوجاتهم خلال أشهر الحجر الصحي، التي شهدت حوادث مروعة يندى لها الجبين، من بينها كان ذبح رجل لزوجته أمام طفلتيها، بعد مشاجرة كلامية طلبت فيها منه الطلاق، وهو ما أرجعته أستاذة علم الاجتماع القانوني بجامعة المنوفية، الدكتورة ثريا عبد الجواد، في حديثها مع "حفريات"، إلى "انهيار المفهوم الاجتماعي لمؤسسة الزواج كشراكة إنسانية".

قاتل إيمان عادل

وأردفت عبد الجواد أنّ "مفهوم الزواج كمؤسسة شراكة إنسانية تقوم على المودة والحبّ والتراحم، لم يعد متواجداً لدى المصريين، وهذا لأسباب لا تعد ولا تحصى؛ إذ أصبح الزواج صفقة تجارية تقام على أساس الربح والخسارة، وليس على أساس المودة والرحمة، وهو ما رأينا انعدامه في مثل هذه القضايا، فالزوج الذي رغب في فضح زوجته ليتنصّل من حقوقها، تناسى أنّ هذه الزوجة أماً لطفله، وأنّ ما ينوي فعله لن يضرّ بالزوجة وحدها، بل بابنه أيضاً، وطوال حياته، والأهل الذين تباهوا بمقتل ابنتهم دفاعاً عن شرفها، كانوا هم من سيقتلونها حال نجاح مخطط الزوج، كلّ تلك الظواهر، هي أعراض جانبية لأمراض اجتماعية خطيرة، ستزيد وتتعمق، إن لم نضع أيدينا على المرض ونستأصله".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية