شبح الركود يلاحق الاقتصاد العالمي وتقرير دولي يرسم آفاقاً ضبابية... ما الجديد؟

شبح الركود يلاحق الاقتصاد العالمي وتقرير دولي يرسم آفاقاً ضبابية... ما الجديد؟


27/07/2022

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها السادس، ما تزال تبعاتها تلقي بظلال قاتمة على المستقبل القريب للاقتصاد العالمي، فقد خفض صندوق النقد الدولي أمس توقعاته للنمو العالمي لعامي 2022 و2023، واصفاً التوقعات الاقتصادية العالمية بأنّها "قاتمة وغير مؤكدة بدرجة أكبر.

ونقل موقع شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية عن صندوق النقد الدولي توقعاته، في تقرير آفاق الاقتصاد الذي يصدره الصندوق بشكل دوري، أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% هذا العام، قبل أن يتباطأ أكثر بنسبة 2.9% في عام 2023، حيث تشير المراجعات إلى خفض التصنيف بنسبة 0.4 و0.7 نقطة مئوية، على التوالي، من توقعات نيسان (أبريل) الماضي.

ووفقاً للصندوق، فإنّ التوقعات المعدلة تشير إلى أنّ المخاطر السلبية الموضحة في تقرير نيسان (أبريل) تتحقق الآن، ومنها ارتفاع التضخم العالمي، وتباطؤ أسوأ من المتوقع في الصين، والتداعيات المستمرة للحرب في أوكرانيا.

خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لـ2022 و2023، واصفاً التوقعات الاقتصادية العالمية بأنّها "قاتمة وغير مؤكدة بدرجة أكبر"

وأشار تقرير الصندوق إلى أنّ "التعافي المؤقت في عام 2021"، من التباطؤ الناجم عن انتشار فيروس كورونا والإغلاق المصاحب له "أعقبه تطورات قاتمة بشكل متزايد في عام 2022"، مضيفاً: "أصاب الاقتصاد العالمي، الذي أُضعف بالفعل بسبب الوباء، عدة صدمات، فهناك تضخم أعلى من المتوقع في جميع أنحاء العالم - خاصة في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسية - ممّا أدى إلى تشديد الأوضاع المالية، فضلاً عن تباطؤ أسوأ من المتوقع في الصين، ممّا يعكس تأثير تفشي وباء كورونا والإغلاق المصاحب له، والمزيد من التداعيات السلبية للحرب في أوكرانيا".

ومن المتوقع أن يمثل التباطؤ المتوقع أول انكماش ربع سنوي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي الحقيقي منذ عام 2020، فقد أشار الصندوق إلى سيناريو بديل "معقول"، ولكنّه أقلّ احتمالاً، قد يشهد انخفاضاً في النمو العالمي إلى حوالي 2.6% في 2022 و2.0% في 2023، ممّا يضع النمو العالمي في أدنى النتائج منذ عام 1970.

العالم على حافة ركود

قال كبير خبراء الاقتصاد لدى صندوق النقد الدولي بيير-أوليفييه غورينشا: "باتت التوقعات أكثر قتامة بكثير منذ نيسان (أبريل). قد يكون العالم يقترب من حافة ركود عالمي بعد عامين فقط من آخر ركود"، مضيفاً: "تشهد أكبر (3) اقتصادات في العالم، الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو، جموداً مع تداعيات مهمة على التوقعات العالمية"، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وتشير التوقعات الأساسية إلى تباطؤ النمو لعام 2022 إلى 3.2% من 6.1% العام الماضي، أي أقل بأربعة أعشار النقطة من توقعات نيسان (أبريل)، و2.9% فقط العام المقبل.

كبير خبراء الصندوق: باتت التوقعات أكثر قتامة بكثير منذ نيسان وقد يكون العالم يقترب من حافة ركود عالمي

وتم تخفيض توقعات الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بمقدار 1.4 نقطة مئوية إلى 2.3%، مدفوعة بنمو أضعف من المتوقع في النصف الأول من عام 2022، وانخفاض القوة الشرائية للأسر وتشديد السياسة النقدية.

وشهد الاقتصاد الصيني نمواً بمقدار 1.1 نقطة مئوية فقط، بسبب عمليات الإغلاق وأزمة العقارات المتفاقمة، ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 3.3% في عام 2022، وهو أدنى معدل له في (4) عقود، باستثناء فترة أزمة كوفيد في عام 2020.

وتوقع تقرير الصندوق كذلك أنّ يصل التضخم إلى 6.6% في الاقتصادات المتقدمة، و9.5% في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية هذا العام. وفي حال حدث توقف مفاجئ لواردات الغاز الأوروبية من روسيا، فقد يكون خفض التضخم "أصعب ممّا كان متوقعاً"، وفق التقرير.

أمد طويل

قال توبياس أدريان المستشار المالي ومدير إدارة أسواق النقد ورأس المال في صندوق النقد الدولي لـ"سي إن بي سي": "سيستغرق زوال التضخم وقتاً أطول".

وتوقع أدريان "ركوداً سطحياً إلى حدّ ما بمعدلات نمو تقترب من الصفر للعام المقبل، لكنّه ليس ركوداً حاداً للغاية مثل الذي رأيناه في أعقاب جائحة كوفيد والركود العالمي في عام 2008".

ومع ارتفاع الأسعار، أكد تقرير صندوق النقد الدولي أنّ كبح التضخم يجب أنّ يكون الأولوية الأولى لصناع السياسة، محذّراً من أنّ "السياسة النقدية الأكثر تشدداً سيكون لها حتماً تكاليف اقتصادية حقيقية، لكنّ التأخير لن يؤدي إلا إلى تفاقمها".

وشدد تقرير صندوق النقد الدولي على أنّ السياسات الرامية إلى معالجة ارتفاع أسعار الطاقة والوقود "ينبغي أنّ تركز على الفئات الأكثر ضعفاً دون الإخلال بالأسعار الإجمالية".

منذ أشهر حتى الآن، تبنّت البنوك المركزية سياسة نقدية أكثر تشدداً، فقد رفع البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي أسعار الفائدة، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ (11) عاماً، على غرار بنك إنجلترا والفيدرالي الأمريكي، غير أنّ التضخم، مع ذلك، ظل ثابتاً، حيث وصل إلى أعلى مستوياته في (40) عاماً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الشهر الماضي، وفقاً لـ"سي إن بي سي".

 

 

الصفحة الرئيسية