ردود "خشنة" من السعودية والإمارات: كفى ضغوطاً

ردود "خشنة" من السعودية والإمارات: كفى ضغوطاً


30/03/2022

تلقت الولايات المتحدة ردودا "خشنة" من السعودية والإمارات رافضة الضغوط المستمرة لواشنطن بشأن كسر اتفاق أوبك+ وضخ المزيد من الإمدادات للسوق والمساهمة في خفض الأسعار ضمن خطة أوسع تهدف بالدرجة الأولى إلى توفير بديل عن النفط الروسي وسحب أوراق القوة من يد موسكو ومعاقبتها على تدخلها في أوكرانيا.

وقال وزيرا الطاقة في السعودية والإمارات، العضوان الرئيسيان في مجموعة أوبك+، الثلاثاء إنه يتعين على مجموعة الدول المنتجة للنفط عدم التدخل في السياسة، في قرار واضح يؤكد النأي بالنفس عن العقوبات التي تنوي واشنطن فرضها على موسكو ودفع دول مختلفة للانخراط فيها.

واعتبر مراقبون أن الرياض وأبوظبي قد نجحتا إلى حد الآن في تحييد تحالف أوبك+ عن محاولات جرّه ليكون رأس حربة في استهداف روسيا من قبل الولايات المتحدة، لافتين إلى أن العاصمتين الخليجيتين بات لديهما ما يكفي من الخبرات للتعاطي مع ضغوط واشنطن، والوقوف بوجه مزاجية الرؤساء الأميركيين الذين يتعاملون مع الدول المنتجة للنفط بعقلية قديمة تنظر فقط إلى مصالح الولايات المتحدة، وتريد أن ينفّذ الجميع ما تريده، فيزيدون الأسعار متى أرادت ويخفضونها متى أمرت.

ويرى المراقبون أن السعودية والإمارات باتتا تتعاملان بأسلوب مختلف يعطي الأولوية لمصالحهما ولعائدات النفط الضرورية التي تمكنهما من تنفيذ إصلاحات عملاقة يجري التحضير لها لخلق بدائل وعدم الارتهان للنفط ولهزاته، مشيرين إلى أن الأميركيين لم يستوعبوا بعد هذه الحقيقة، وهي أن دول الخليج تتغير بسرعة كبيرة وباتت تبحث عن تعامل يقوم على الشراكة والندية.

ووجدت الولايات المتحدة أمامها أزمة جديدة خلال محاولتها التواصل مع دول الخليج لإقناعها بتغيير موقفها من اتفاق أوبك+. كما وجدت واشنطن أن الأبواب موصدة وأن قادة السعودية والإمارات لا يريدون الحديث إلى واشنطن بهذا الملف أو بغيره، في خطوة تظهر غضبا من سياسات الرئيس جو بايدن تجاه أمن الخليج.

وذكرت تقارير أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لم يتحمسا لمحاولات اتصال سعى لها بايدن لتهدئة الخواطر وإن كانت الرياض وأبوظبي قد سمحتا باستمرار قنوات التواصل على المستويات الأخرى.

لكن الولايات المتحدة لا يبدو أنها يئست إذ تنقّل وزير خارجيتها أنتوني بلينكن للقاء ولي عهد أبوظبي آملا أن يوفر هذا اللقاء فرصة لإجراء محادثات “استراتيجية حقا” مع الإمارات، والحصول على دعم لخطط بلاده في الضغط على روسيا من بوابة أوبك+ بالرغم من تصريحات إماراتية مختلفة أكدت أن أبوظبي ملتزمة باتفاق أوبك+ وأنها ترفض المساس به.

وردّ وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان على سؤال مدير ندوة في منتدى للطاقة عمّا إذا كانت أوبك+ عليها مسؤولية أخلاقية لطرد روسيا من المجموعة قائلا “الكل يترك السياسة وراء الباب” قبل أن يدخل الاجتماع.

وأضاف “لو لم نكن نفعل ذلك لما تمكنا من التعامل مع العديد من الدول في أوقات مختلفة. ربما كان العراق في وقت ما أو إيران في وقت آخر”.

وتعرضت أوبك+ لضغوط متزايدة لضخ المزيد من الخام منذ أن غزت روسيا، أكبر منتج في مجموعة أوبك+، أوكرانيا يوم الرابع والعشرين من فبراير الماضي وفرضت دول غربية عقوبات ردا على ذلك قيدت صادرات روسيا من النفط.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان ووزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن التركيز ينصب على تحقيق التوازن في سوق النفط الخام وتلبية احتياجات المستهلكين.

وأضاف المزروعي “لدينا مهمة واحدة لا غير وهي استقرار السوق. لذلك لا يمكننا تسييس المنظمة أو جلب القضايا السياسية إليها بإجراء هذا النقاش… هدفنا هو تهدئة السوق”.

وتابع “إذا طلبنا من أحد ترك (المجموعة) فهذا سيرفع الأسعار ونكون قد قمنا بشيء يتعارض مع ما يريده أيّ مستهلك”.

والدولتان الخليجيتان الحليفتان للولايات المتحدة عضوان في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وفي مجموعة أوبك+ التي تضم أوبك بالإضافة إلى منتجين كبار آخرين مثل روسيا والمكسيك.

وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن إنتاج روسيا من النفط يوميا يعادل نحو عشرة في المئة من الاستهلاك العالمي.

وأضاف أنه إذا تعرض أمن إمدادات النفط للتهديد فسيعاني الاقتصاد العالمي. وتابع أن أمن الإمدادات يمثل أولوية الآن وبعض الدول تتجاهل مسألة القدرة على تحمل تكاليف الطاقة.

وقد شهدت منطقة الخليج في الأيام القليلة الأخيرة توافد المسؤولين الأوروبيين، كما لم تهدأ دبلوماسية الهاتف على أمل إقناع السعودية والإمارات خصوصا بالتدخل لضبط أسعار سوق النفط، لكن هذه الجهود قوبلت حتى الآن بتحفظات، خصوصا وأن الدولتين الخليجيتين ملتزمتان باتفاق مع روسيا ضمن ما يسمى بتحالف أوبك+ لزيادة تدريجية في الإنتاج.

ويرى مراقبون أن تحفظات الإمارات والسعودية تعود أيضا إلى عدم رغبة كلتيهما في الانجرار إلى أيّ محور في الصراع الدائر في أوكرانيا، حيث أنهما تتمسكان بالحياد والنأي بالنفس عمّا يحصل.

عن "العرب" اللندنية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية