تكامل استراتيجي في التحرك الإماراتي تجاه أزمة السودان تغلب عليه السمة الإنسانية

تكامل استراتيجي في التحرك الإمارتي تجاه أزمة السودان تغلب عليه السمة الإنسانية

تكامل استراتيجي في التحرك الإماراتي تجاه أزمة السودان تغلب عليه السمة الإنسانية


02/08/2023

لم تغب دولة الإمارات العربية المتحدة عن مساعدة الأشقاء في السودان منذ أن توترت الأوضاع في البلاد، وقبل أشهر من اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش السوداني من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.

ففي 6 أيلول (سبتمبر) الماضي، وبالتزامن مع الفيضانات التي ضربت السودان، قال الدكتور هيثم محمد إبراهيم، وزير الصحة السوداني: إنّ المساعدات الإغاثية السخية التي قدمتها دولة الإمارات للسودان تؤكد عمق العلاقات بين البلدين. وأوضح إبراهيم في مقابلة مع وكالة أنباء الإمارات (وام) أنّ توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بإرسال مساعدات عاجلة بقيمة (25) مليون درهم تؤكد حرص دولة الإمارات وشعبها على مساعدة الشعب السوداني على التكيف مع  الظروف الإنسانية الصعبة. وأضاف أنّ فرق الهلال الأحمر الإماراتي تعمل في المناطق المتضررة بكفاءة عالية، تماشياً مع أعلى المعايير الدولية في تقديم المساعدات الإنسانية، فضلاً عن إقامة الخيام في المناطق المتضررة من الفيضانات.

وأشار وزير الصحة السوداني، آنذاك، إلى أنّ الإمارات كانت من أوائل المستجيبين لظروف السودان، مؤكداً أنّ فرق الهلال الأحمر الإماراتية حددت احتياجات المتضررين من الأزمة، وقدمت المساعدات وفقاً لذلك.

مساع سياسية لوقف إطلاق النار

كانت الإمارات من أولى الدول التي رحبت بتوقيع ممثلي القوات المسلحة السودانية  وقوات الدعم السريع في جمهورية السودان، على إعلان وقف إطلاق النار في أيّار (مايو) الماضي، وأعربت آنذاك عن أملها في أن يكون خطوة نحو اتفاق شامل ودائم.

لم تغب دولة الإمارات العربية المتحدة عن مساعدة الأشقاء في السودان منذ أن توترت الأوضاع في البلاد

وأثنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات على جهود السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، "التي أثمرت توقيع هذه الهدنة؛ لتمكين إيصال الإمدادات الإغاثية والمساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، وتمهيد الطريق لإنهاء الأزمة وتجنيب الشعب السوداني الشقيق المزيد من المعاناة". وعبّرت عن أملها "في أن تسهم هذه الخطوة في تيسير وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية للمناطق المتضررة، خصوصاً للفئات الأكثر احتياجاً من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء".

وفي 8 حزيران (يونيو) الماضي، أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، والنرويج، والمملكة العربية السعودية، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، بصفتها أعضاء في "مجموعة أصدقاء السودان"، عن قلقها العميق بشأن العنف المستمر والوضع الإنساني الكارثي في السودان. وحثت المجموعة بشدة في بيان لها الأطراف المتحاربة على وقف القتال والهجمات على المدنيين، والموافقة على وقف إطلاق نار فعال ومستدام، لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق واحترام القانون الإنساني الدولي، والعمل من أجل العودة إلى العملية السياسية.  وقالت المجموعة في بيانها: "ندعم الجهود الدولية والإقليمية كافة التي تعمل على وقف الأعمال العدائية، وحلّ هذا الصراع".  

في منتصف تمّوز 2023 رحبت دولة الإمارات بالبيان الختامي الذي صدر عن قمة جوار السودان التي عقدت في القاهرة

في منتصف تمّوز (يوليو) 2023 رحبت دولة الإمارات بالبيان الختامي الذي صدر عن قمة جوار السودان، التي عقدت في القاهرة، والذي أكد على أهمية حماية السودان، والحفاظ على مقدراته ومنع تفككه، ودعا إلى الاحترام الكامل لسيادة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.

وأثنت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان رسمي على جهود جمهورية مصر العربية في تنظيم هذه القمة، وشدّدت على أهمية تكثيف العمل على وقف إطلاق النار، والعودة إلى الإطار السياسي والحوار، والمضي قُدماً في المرحلة الانتقالية، وصولاً إلى الاستقرار السياسي والأمني المنشود في السودان.

كما أكدت دولة الإمارات على موقفها الثابت، المتمثل في ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الأطراف المعنية، بشكل يعزز استقرار السودان، ويلبّي تطلعات شعبه الشقيق في التنمية والتطور والنماء.

إغاثة المنكوبين هدف إماراتي استراتيجي

لفت الدكتور سامح مهدي، الباحث المصري في الفكر العربي، في تصريحات خصّ بها (حفريات)، إلى أنّ الإمارات في كل البيانات السياسية التي خرجت حول الأزمة، تضع الدافع الإنساني كهدف أسمى، من أجل فتح ممرات آمنة في مناطق القتال، لمرور المدنيين وإغاثتهم، كأحد أبرز تجليات السياسة الخارجية الإماراتية.

سامح مهدي: الإمارات في كل البيانات السياسية التي خرجت حول الأزمة، تضع الدافع الإنساني كهدف أسمى

وأكد مهدي أنّ تحرك أبو ظبي نحو إنشاء مستشفى ميداني في تشاد، أمر يهدف إلى توظيف القوة الناعمة للإمارات، في خدمة قضية إنسانية كبيرة، هي قضية اللاجئين من الغرب نحو الحدود التشادية، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تشاد، قررت الإمارات مدّ يد المساعدة، ليس لأبناء السودان فحسب، وإنّما لأبناء المجتمع المحلي التشادي في (أم جرس) والمنطقة المحيطة.

وفقاً للأرقام الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في مطلع شهر حزيران الماضي، تجاوز عدد اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى تشاد (100) ألف شخص

وتفرض الأعداد المتزايدة للّاجئين السودانيين في تشاد، بحسب مهدي، وضعاً إنسانياً كارثياً، في ظل الضغط الهائل على الخدمات والموارد العامة التشادية المستنزفة، بحسب توصيف الأمم المتحدة في تقرير لها، ويقيم في تشاد بالفعل ما يقرب من (590) ألف لاجئ من الدول المجاورة، من بينها السودان وأفريقيا الوسطى والكاميرون.

ووفقاً للأرقام الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في مطلع شهر حزيران (يونيو) الماضي، تجاوز عدد اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى تشاد (100) ألف شخص.

وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أعلنت في 23 حزيران (يونيو) الماضي عن عملية لنقل آلاف اللاجئين السودانيين الموجودين في بلدة غونغور، جنوب شرقي تشاد، إلى مخيمات أخرى تبعد نحو (130) كم عن الحدود، من بينها مخيم غاغا الذي يستضيف (28) ألف لاجئ سوداني منذ العام 2005، وذلك بهدف نقل اللاجئين إلى أماكن أكثر أمناً.

كل هذه الأوضاع الإنسانية الحرجة دفعت الإمارات إلى الإعلان في 9 تمّوز (يوليو) الماضي عن افتتاح المستشفى الميداني الإماراتي في مدينة (أم جرس) شمالي تشاد، لدعم جهود إغاثة اللاجئين السودانيين، وأبناء المجتمع المحلي.

مواضيع ذات صلة:

الإمارات تساند الآلاف من السودانيين والتشاديين... هذا ما قدمته

الإمارات تغيث السودانيين في تشاد... ماذا قدمت؟

الصفحة الرئيسية