تعليمات بالصمت... كيف يتعاطى الإخوان مع التقارب المصري التركي؟

تعليمات بالصمت... كيف يتعاطى الإخوان مع التقارب المصري التركي؟

تعليمات بالصمت... كيف يتعاطى الإخوان مع التقارب المصري التركي؟


18/09/2023

تثير خطوات التقارب المصري التركي ذعراً كبيراً لدى جماعة الإخوان، خاصة عناصرها الذين يتواجدون بتركيا منذ فرارهم من مصر عام 2013، ومعظمهم مطلوبون لدى جهات التحقيق في مصر لاتهامات تتعلق بالإرهاب، ومع ذلك يلتزم قيادات الجماعة الصمت التام تجاه اللقاءات التي جمعت الرئيسين المصري والتركي، رغم استمرار هجومهم على مصر والتحريض ضدها من الخارج. 

ومؤخراً التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره التركي في العاصمة الهندية على هامش اجتماعات قمة الـ (20)، وناقشا العلاقات الثنائية وسبل التعاون المشترك ورفع مستوى العلاقات وتبادل الزيارات الرئاسية، على حدّ تصريحات للسفير التركي بالقاهرة (موتلو شن) أعقبت اللقاء.  

كيف تتعاطى الجماعة مع التقارب؟ 

تقول مصادر قريبة من جماعة الإخوان لـ (حفريات): إنّ عناصر التنظيم في إسطنبول تلقوا تعليمات مشددة من جانب السلطات التركية للالتزام بالصمت التام تجاه اللقاءات بين الرئيسين، وعدم التطرق لها أو التعليق عليها من خلال وسائل الإعلام التابعة للتنظيم أو المنصات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

وبحسب المصادر، تعيش جماعة الإخوان حالة من الارتباك بينما تتابع خطوات التقارب بين البلدين، وقد سبق أن ناقشت قيادات ممثلة للتنظيم الأمر مع السلطات التركية وتلقت تطمينات بعدم المساس بهم والاكتفاء بقرارات منع بث القنوات الفضائية ومنع قيادات التنظيم المقيمين على أراضيها من الهجوم على القاهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

 أحمد سلطان: إنّ لقاء السيسي وأردوغان كان متوقعاً

وفي حين طمأنت السلطات التركية قيادات الإخوان حول فكرة تسليمهم للقاهرة، ماتزال عناصر التنظيم الذين يقدّر أعدادهم بعشرات الآلاف يعيشون في رعب خشية تسليمهم لمصر، خاصة أنّ القيادة قد تخلت عنهم منذ فترة طويلة، ولم تلتزم بتعهداتها السابقة بحمايتهم أو توفير أوراق ثبوتية لهم لتسهيل الإقامة على الأراضي التركية. 

عناصر التنظيم في إسطنبول تلقوا تعليمات مشددة من جانب السلطات التركية للالتزام بالصمت التام تجاه اللقاءات بين الرئيسين، وعدم التطرق لها أو التعليق عليها من خلال وسائل الإعلام التابعة للتنظيم أو المنصات عبر وسائل التواصل الاجتماعي

 

وفي هذا الصدد حاول بعض قيادات التنظيم من المقيمين خارج تركيا توجيه رسالة للقواعد مفادها أنّ أنقرة تتجه نحو تحقيق مصالحها، وأنّه من حق أردوغان البحث عن حلول لأزمات بلاده، منها مثلاً ما كتبه القيادي الإخواني محيي عيسى على (فيسبوك) قائلاً: "سياسة الدول تبنى على المصالح الوطنية، لا دخل للمبادئ، ولا تسير خلف طموح جماعة أو تنظيم، أردوغان يعمل لمصلحة وطنه، ويعمل على سحب مصر من محور اليونان وقبرص، لتنضم إلى محور ليبيا وتركيا، وهو أمر جيد".

كيف ينعكس التقارب على الإخوان؟

يقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان: إنّ لقاء السيسي وأردوغان كان متوقعاً في ضوء الرغبة المشتركة لدى البلدين لتجاوز فترة الخلافات بكامل الملفات والقضايا التي كانت تمثل محاور الأزمة، وتسريع خطوات التفاهم والمضي قُدماً إلى الأمام. 

هذا التقارب ينعكس سلباً على جماعة الإخوان، بحسب سلطان، لأنّها ظلت  لأعوام تروج لفكرة أنّ الرئيس التركي أردوغان هو من يقوم بدور الخليفة الجامع للمسلمين، كما أنّه الراعي الأهم والأكبر للتنظيم على مدار الأعوام الماضية، فضلاً عن الاحتماء بتركيا ضد مصر، واليوم جاء هذا التقارب مع القاهرة لينسف هذه الفكرة، ويضع تركيا في دائرة النظر لمصالحها بشكل أساسي بعيداً عن الانتماءات الإيديولوجية الخاصة بأردوغان. 

أحمد سلطان: الجماعة تلتزم الصمت تجاه التقارب المصري التركي؛ لأنّها إذا علقت، فسيكون بالهجوم على مصر، وهذا يتعارض مع التعليمات الصادرة من جانب السلطات التركية منذ فترة طويلة بعدم التعرض نهائياً للقاهرة وكذلك لملف التقارب بين البلدين

 

ويشير سلطان إلى أنّ جماعة الإخوان أيضاً وجدت نفسها في ورطة أمام قواعدها، لأنّها روجت خلال الأعوام الماضية فكرة أنّ تركيا تقف إلى جانب التنظيم بشكل كامل، وقد كان الموقف التركي المعادي للقاهرة مؤشراً على هذا النحو، لكن مع تحول المواقف مؤخراً ظهرت الجماعة بموقف الضعيف، وأنّها مجرد أداة وظيفية للاستخدام المؤقت وفي ضوء أبعاد معينة. 

الجماعة تشعر بالغضب بالتأكيد تجاه التقارب المصري التركي، لكنّها ملتزمة بالصمت، لأنّها إذا علقت، فسيكون بالهجوم على مصر، وهذا أمر يتعارض مع التعليمات الصادرة من جانب السلطات التركية منذ فترة طويلة بعدم التعرض نهائياً للقاهرة، وكذلك لملف التقارب بين البلدين. 

موقف تركيا من الإخوان 

أقرت تركيا مؤخراً إجراءات أمنية للتقارب مع القاهرة، شملت مداهمات لمقرات تابعة للإخوان، وطرد عدد من عناصرهم، ودراسة سحب الجنسية من عناصر أخرى.

وكان آخر هذه الخطوات رفض السلطات التركية منح وجدي غنيم الجنسية أو الإقامة، وهو الإخواني المعروف بتحريضه على الاقتتال لقلب نظام الحكم في مصر، وقد نشر فيديو عبّر فيه عن صدمته من القرار التركي، وتحدث فيه عن "ظلم ذوي القربى".

واعتبر مراقبون أنّ الإجراءات التركية الأخيرة مؤشر جديد على تخلي أنقرة عن الإخوان، قد يتبعها خطوات أخرى، مثل ترحيل عناصر التنظيم المطلوبين لدى القاهرة، في ضوء التفاهمات الجارية بين البلدين.

وأضاف هؤلاء أنّ اللقاء ربما يمهد لخطوات كبرى، واحتمال عقد لقاء قمة آخر بين الرئيسين في مصر أو أنقرة، لكنّ الحذر يبقى سيد الموقف في التعاطي المصري مع الرئيس التركي المعروف بمزاجياته، وهذا رهين بإنهاء دعم أنقرة لجماعة الإخوان وتسليم مطلوبين من قياداتها، وفق موقع (ميدل إيست). 

لكنّ تركيا لم تقرّ بعد بشكل رسمي أيّ إجراءات تتعلق بتسليم عناصر التنظيم المطلوبين لدى القاهرة، وتتجه غالبية التقديرات إلى اكتفاء أنقرة بالإجراءات الخاصة بقطع البث الإعلامي، وإلزام عناصر التنظيم بعدم مهاجمة القاهرة. 

إلى ذلك، يقول الكاتب والإعلامي المصري مصطفى بكري: إنّ مصر تحقق انتصارات تدريجية في ملف الإخوان، لكنّها لم تحقق الفوز بـ "الضربة القاضية" حتى الآن، مضيفاً أنّ "تركيا لن تتخذ إجراءات سريعة"، لكنّه توقع انتهاء الملف على المدى المتوسط، بحسب موقع (العرب مباشر).

مصطفى بكري: مصر تحقق انتصارات تدريجية في ملف الإخوان، لكنّها لم تحقق الفوز بـ "الضربة القاضية" حتى الآن، وتركيا لن تتخذ إجراءات سريعة، لكن نتوقع انتهاء الملف على المدى المتوسط

 

ويشير بكري إلى أنّ تركيا بدأت تتفهم أخيراً المطالب الأمنية والملاحقات لعناصر الجماعة، في ظل معاناتها من ملفات متشابهة مع المعارضة في السويد أو في شمال العراق.

وتابع: يؤشر اللقاء بين الرئيسين المصري والتركي إلى أنّ العلاقات قد تعود بشكل قوي، رغم وجود ملفات خلافية أخرى تتعلق بقضايا إقليمية كالأوضاع في ليبيا.

ولفت إلى أنّ اللقاء بمثابة تمهيد للقاء أكبر بين الطرفين، واصفاً إيّاه بـ "الطريقة المثلى لتحسين العلاقات بعد خصام طويل، موضحاً أنّ الإخوان انتهوا سياسياً منذ عامين، مع بدء التغير في السياسة التركية تجاه التنظيم، وهذه اللقاءات تؤكد أنّ الإخوان انتهوا، وأنّ الدعم التركي لهم قد توقف".

مواضيع ذات صلة:

تحت عباءة اللاجئين... تركيا تقر إجراءات لحماية عناصر الإخوان

ما طبيعة التنسيق الأمني بين مصر وتركيا؟ وكيف يؤثر على الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية