بعد فشل صهره الأول هل يجهز أردوغان صهرا آخر لخلافته؟

بعد فشل صهره الأول هل يجهز أردوغان صهرا آخر لخلافته؟

بعد فشل صهره الأول هل يجهز أردوغان صهرا آخر لخلافته؟


14/05/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

أثبت الرّئيس التّركيّ رجب طيّب أردوغان على مرّ السّنين أنّه منافس لا يكلّ. وكما هو متوقّع، ها هو يُشرِف، كلّ يوم على ما يبدو، على حفلات تدشين رئيسة منذ بدء حملته، قبل بضعة أسابيع، لانتخابات 14 أيار (مايو) الجاري.

قاد أوّل سيّارة كهربائيّة تركيّة الصّنع وعَمّد أوّل حاملة طائرات تركيّة الصّنع، أيضاً. وشَهِد عمليّة إطلاق أوّل قمر مراقبة عالي الدّقة ومَحلّيّ الصّنع، والافتتاح الذي طال انتظاره لـ«مركز إسطنبول الماليّ»، وبدء إنتاج الغاز الطّبيعيّ من أكبر حقل للطّاقة في البحر الأسود. وزيارة مقاطعة طرابزون لفتح أطول نفق بريّ في أوروبا.

لكن ربما أنهك كلّ هذا النّشاط الرّئيس، حيث لم يظهر في أيّ مكان عندما قامت أوّل طائرة هليكوبتر هجوميّة وأوّل طائرة مقاتلة تركيّة بأولى رحلاتهما العلنيّة، يوم الثّلاثاء الماضي. في المساء نفسه، في الواقع، قطع مقابلة تلفزيونيّة مباشرة بدا فيها الصّحافيّ قَلِقاً وشرع في النهوض من كرسيه لمساعدة أردوغان.

أشار الرّئيس في وقت لاحق إلى إصابته بأنفلونزا في المعدة وقال إنّه سيأخذ يوم الأربعاء إجازة حتّى يتعافى، بناء على أوامر الطّبيب. بعد تكهّنات واسعة النّطاق بشأن صحّته، عاد مرّة أخرى، يوم الخميس، لينضمّ إلى الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين على الإنترنت في افتتاح أوّل محطّة للطّاقة النّوويّة في تركيا، والتي شُيّدت بتوجيه رُوسيّ.

«بيرقدار تي بي تو»

يوم الخميس، أيضاً، انطلقت أكبر فعالية في قطاع الدّفاع في تركيا، «تكنوفيست»، في إسطنبول، صُحبة أنشطة للأطفال، وخطب لشخصيّات رفيعة المستوى، وعروض توضيحيّة للمنتجات. وتُعدّ «بيرقدار تي بي تو» فخر صناعة الدّفاع في تركيا، وهي عبارة عن مركبة جويّة قتاليّة من دون طيّار صنّعتها شركة «بايكار تكنولوجي»، وتكلفتها 5 ملايين دولار فقط. وقد شكّلت هذه المركبة صراعات في سوريا، وليبيا، وناغورنو كاراباخ، وأوكرانيا، وأشاد بها أصحاب ثقل عالميّ مثل فرانسيس فوكوياما.

طائرة بدون طيار تركية الصنع من طراز Bayraktar TB2 أثناء بروفة عرض عسكري مخصص لعيد الاستقلال في كييف، أوكرانيا، في عام 2021

تُشيّد تركيا مصنعاً لإنتاج «تي بي تو» في أوكرانيا، حيث سُمّي كلب بوليسي، وقرد من نوع «ليمور» في حديقة حيوان في مدينة كييف، وفطيرة مُحلاة في مدينة لفيف، وأغنية حرب أخّاذة، والمزيد، على اسم هذه الطائرة. واحتلّت «تي بي تو» الصّدارة في وقت زادت فيه صادرات الدّفاع التّركيّة بأكثر من الثّلث العام الماضي لتصل إلى 4.4 مليار دولار (وقد صنّعت «بايكار تكنولوجي» ربع هذا الإجماليّ).

في الأسبوع الماضي فقط، وافقت رومانيا على شراء 18 طائرة من طراز «تي بي تو»، مّما يؤكّد مدى ظهور الإنجازات الدّفاعيّة والصّناعيّة لتركيا بوصفها قضيّة انتخابيّة. وقد حاجج المرشّح الرّئاسيّ المعارض الرّئيس كمال كيليتشدار أوغلو، الشّهر الماضي، بضرورة تأميم قطاع الدّفاع التّركيّ.

لكن بعد أن أعربت «بايكار تكنولوجي» عن استيائها من هذا الرّأي، تراجع المرشّح عن تصريحاته. قال كيليتشدار أوغلو الأسبوع الماضي: «كلّما كانت صناعة الدّفاع في تركيا أقوى، كلما جلست البلاد على الطّاولة، وأصبحت دولة تُظهِر قوّتها».

غيّر أردوغان صورته على «تويتر» إلى صورة  على غرار فيلم «توب غان»  أكثر مُلاءَمة للقطاع الدّفاعيّ. وأوضح أنّه إذا فاز، فستكون هذه ولايته الأخيرة

يبدو أنّ ذلك كان قليلاً جدّاً ومتأخّراً جدّاً. فسلجوق بيرقدار، رئيس مجلس إدارة شركة «بايكار تكنولوجي» وصهر أردوغان، وجّه على ما يبدو تحذيراً إلى كيليتشدار أوغلو خلال خطاب عام نادر في فعالية «تكنوفيست». قال الرّجل الوسيم البالغ من العمر 43 عاماً: «من يعتقد أنّه أغلق الباب في وجه المالك يبقى بالخارج».

يعود الفضل جزئيّاً إلى الفترة المضطّربة التي قضاها بيرات البيرق،  صهر أردوغان الآخر، وزيراً للماليّة في بروز بيرقدار بهدوء في الأسابيع الأخيرة بوصفه خليفةً محتملاً للرّئيس التّركيّ. مثل أردوغان، نشأ بيرقدار في إسطنبول في كنف عائلة لها جذور في منطقة البحر الأسود الترّكيّة المحافظة. وقد حصل على منحة للدراسة في «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» المرموق، حيث اكتسب درجة الماجستير في أنظمة الطّيران من دون طيّار.

طائرة غيّرت طبيعة الحرب

بعد عودته إلى الوطن للعمل في شركة طيران تابعة لوالده، سُرعان ما صمّم الطائرة ميسورة التّكلفة التي «غيّرت طبيعة الحرب»، وفقاً لصحيفة «النّيويوركر». ومنذ ذلك الحين، جمع بيرقدار رأس مال اجتماعيّ وسياسيّ كبير، إلى جانب قدر من الشّهرة. وهو يتمتّع بشعبيّة كبيرة في تركيا، ويحظى بأكثر من 5.2 مليون متابع على «تويتر» و«إنستغرام».

وفي سلسلة منشورات على «إنستغرام» من مدن تركيّة دمّرتها زلازل شباط (فبراير)، بدا أنّه يلعب الدّور - يحتضن الأطفال، ويواسي النّاس، ويُسهم في بناء مخيّمات النّزوح، ويتعهّد بإعادة بناء آلاف المنازل.

كما تمتلئ حساباته على وسائل التّواصل الاجتماعيّ بالتّحيّات الإسلاميّة، ودعم مبادرات التّعليم، وصور مع مسؤولين مثل وزير الخارجيّة مولود جاويش أوغلو. وقد كان والد بيرقدار، أوزدمير، صديقاً مقرّباً لمعلّم أردوغان ورئيس الوزراء السّابق نجم الدين أربكان - الذي أُهدي إليه نموذج «تي بي تو».

يبدو أنّ كلّ شيء يسير على ما يُرام، وهذا سبب آخر - في عام الذّكرى المئويّة لتركيا، مع وجود طلب كبير على أصوات القوميّين - في وضع «حزب العدالة والتّنمية» الحاكم الإنجازات الصّناعية والدّفاعيّة في الصّدارة والمركز. كما زار أردوغان فعالية «تكنوفيست» في العطلة الأسبوعيّة، حيث ظهر مع رئيس أذربيجان إلهام علييف قبل تسليط الضّوء على إنجازات «بايكار تكنولوجي» وإعلان أنّ أول رائد فضاء تركيّ على الإطلاق سيزور «محطّة الفضاء الدّوليّة» قريباً.

بينما يصوّر منافسه الرّئيس مقاطع فيديو في مكتبه المنزليّ، فإنّ حضور أردوغان المنتظم في الأحداث وحفلات التّدشين الكبرى  يؤكّد مزايا شاغل الوظيفة. الرّئيس ليس رمزاً للجمهوريّة وقائداً لها فحسب، بل قادر على الحصول على الفضل في إنجازات الشّركات التّركيّة ومنح الصّدقات في بعض الأحيان. فعندما افتتح حنفية الغاز في حقل الغاز التّركيّ في البحر الأسود، على سبيل المثال، وعد أردوغان الأتراك بشهر من التّدفئة المجانيّة.

بينما يصوّر منافسه الرّئيس مقاطع فيديو في مكتبه المنزليّ، فإنّ حضور أردوغان المنتظم في الأحداث يؤكّد مزايا شاغل الوظيفة. الرّئيس ليس رمزاً للجمهوريّة وقائداً لها فحسب

لكن تركيز الحملة يظلّ الفخر القوميّ. في اليوم الأخير من «تكنوفيست»، أعلنت «بايكار تكنولوجي» أنّ أوّل طائرة مقاتلة تركيّة من دون طيّار، «التّفاحة الحمراء»، سيبدأ إنتاجها العام المقبل.

يوم الإثنين، غيّر أردوغان صورة ملفه الشّخصيّ على «تويتر» إلى صورة - على غرار مشاهد فيلم «توب غان» - أكثر ثِقة ومُلاءَمة للقطاع الدّفاعيّ. ومع ذلك، أوضح زعيم تركيا المخضرم أنّه إذا فاز، فستكون هذه ولايته الأخيرة. ومع وضع هذا في الاعتبار، قد يرغب «حزب العدالة والتّنمية» في أن يعرف النّاخبون بهدوء أنه إذا أُصيب أردوغان بالمرض، فإنّ القيادة التّركيّة ستكون في أيدٍ أمينة.

قال بيرقدار في مقابلة العام الماضي: «في هذا اليوم وهذا الزّمن، التّغييرات الأكبر في حياتنا مدفوعة بالتّكنولوجيا. ومن الذي يقود هذه التّغييرات؟ أولئك الذين يصنعون التّكنولوجيا».

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

ديفيد ليبيسكا، ذي ناشونال،  3 أيار (مايو) 2023



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية