باحثان روسيان يسردان لـ"حفريات" سير تمرد فاغنر ومغزاه

باحثان روسيان يسردان لـ"حفريات" سير تمرد فاغنر ومغزاه

باحثان روسيان يسردان لـ"حفريات" سير تمرد فاغنر ومغزاه


03/07/2023

شغل تمرد قوات فاغنر العالم بأكمله. وما زالت تداعيات هذا الحدث الذي "خنقته" موسكو في غضون 24 ساعة، تتوالى حاملة معها أسرار ما جرى.

وفي حديثه لـ"حفريات" يقول الباحث الروسي في جامعة الصداقة بين الشعوب، ديمتري بريجع، إنّ موقف قوات فاغنر جاء بسبب جملة من المتغيرات التي شهدتها روسيا، مؤخراً، وبخاصة ما يتصل بتداعيات الحرب في أوكرانيا، لافتاً إلى أنّ قوات "فاغنر" تتحرى "اعترافاً رسمياً من قبل روسيا، وكذا دعماً رسمياً حكومياً لقواتها وعناصرها".   

وبسؤال بريجع عن تأثيرات هذا التمرد على الوجود والنفوذ الروسي بالشرق الأوسط في سوريا، مثلاً، خاصة أنّها تحمي مناطق نفطية واستراتيجية، أجاب: "بالتاكيد تداعيات ذلك على الحرب في أوكرانيا سوف تتشكل لاحقاً وسوف تظهر تباعاً. بيد أنّ ما فعله قائد المجموعة العسكرية الخاصة "فاغنر" لن يؤثر على الوجود الروسي في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية؛ لأنّ من مصالح روسيا بقاء فاغنر خارج الأراضي الروسية، والاحتفاظ بشبكتها خارج الأراضي الروسية".

ويردف الباحث الروسي: "نجحت مجموعة المرتزقة، التي قامت بأعمال شغب، بتأسيس شبكة من العلاقات العسكرية والتجارية والسياسية، خلال العقد الماضي، تمتد عبر ليبيا وسوريا والسودان وبلدان أخرى. كانت قوات فاغنر التي تقاتل في أوكرانيا، حتى وقت قريب، من أهم القوات التي تدعم القوات المسلحة الروسية في ساحة المعركة بكييف. بل وحققت لروسيا، مؤخراً، أول انتصار مهم لها عندما استولت على مدينة باخموت الاستراتيجية".

وفي سياق متصل بردود فعل المعلقين السياسيين الذين استطلعت "حفريات" آراءهم، قال الباحث الروسي سمير سليم إنّ ما قام به قائد قوات فاغنر، يفغيني بريغوجين مجرد "مسألة شخصية، ورد فعل انفعالي من طرفه. لكنّه علم جيداً أنّ القوات الشيشانية دخلت على خط الأزمة، فأصبح محاصراً من الشمال من طرف موسكو والجنوب من طرف رمضان قديروف"

الباحث الروسي ديمتري بريجع: التمرد جزء من تداعيات الحرب في أوكرانيا

الجدير ذكره أنّ التمرد المباغت الذي قام به رئيس مجموعة "فاغنر" العسكرية، لم يكن أمراً سهلاً، أو حدثاً عادياً، إنّما له عواقب سياسية عديدة. فقائد المجموعة العسكرية الخاصة، يفغيني بريغوجين، كان، على ما يبدو، بصدد محاولة انقلابية على القيادة العسكرية والقوات المسلحة الروسية، إلا أنّها انتهت باتفاق وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو. فيما نص الاتفاق البيلاروسي على مغادرة بريغوجين لموسكو.

ما وراء تمرد فاغنر؟

وهذه المحاولة، التي انتهت في غضون 24 ساعة، وضعت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمام صورة تبدو شديدة التعقيد، لا سيّما في ظل الحرب الأوكرانية؛ إذ إنّ تلك القوات بعناصرها المسلحة منخرطة في الحرب بكييف. كما تتواجد في سوريا وليبيا وعدة دول بالمنطقة يتواجد فيها النفوذ الروسي.

وبينما كان رئيس مجموعة "فاغنر"، بعد سيطرته على مدينتي روستوف وفورونيج، يواصل الزحف بقوة من 5 آلاف مقاتل لموسكو، فإنّ بوتين شدد على سحق "التمرد المسلح". اللافت أنّ بريغوجين كانت تصريحاته حادة ولاذعة بحق القيادة العسكرية الروسية، بخاصة وزير الدفاع، سيرغي شويغو، الأمر الذي كان يرقى إلى حد السخرية والإهانة المباشرة. ومن بين الانتقادات التي لمح إليها بريغوجين، ووثقها في مقطع فيديو، رفضه مبررات الحرب بأوكرانيا. كما اتهم القوات المسلحة في موسكو بتورطها في قصف قوات فاغنر، بما تسبب في مقتل الآلاف من عناصره.

اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنّ تمرد قائد مجموعة فاغنر، الذي تم إحباطه، يكشف وجود "تصدعات حقيقية" على مستوى سلطة الرئيس الروسي

ذكر بريغوجين عبر تطبيق "تلغرام" في مجموعة من التسجيلات، أنّ "شر" القوات العسكرية الروسية "يجب أن يتوقف"، منوهاً إلى أنّ قوات فاغنر سيتعين عليها استكمال "مسيرة من أجل العدالة" ضد الجيش الروسي.

وطالب نائب قائد الحملة الروسية، في أوكرانيا، الجنرال سيرغي سوروفكين، مجموعة فاغنر بضرورة التوقف عن "التمرد" ومعارضتها للقيادة العسكرية، ثم العودة لقواعدها. لكن بريغوجين شدد على أنّ عناصره قد نجحوا في العبور من الحدود الأوكرانية إلى روسيا، وهم على استعداد لاستئناف معارضتهم للجيش السوري "إلى أبعد مدى".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول المحلل السياسي الروسي، سمير سليم، إنّ العالم وروسيا باغتهم "تمرد" مجموعة من قوات فاغنر، إلا أنّ الوقائع أثبتت قدرة المؤسسات والأجهزة في روسيا على مواجهة هذه "المناورة الفاشلة" بل و"تفكيك أهدافها".

مقامرة سريعة بلا أفق!

ويردف: "كل الأحداث التي توالت سريعاً كانت متوقعة، وباعتراف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف. الأمر الذي يعني أنّ الأمن القومي في موسكو كان على علم بكل ملابسات هذا الحادث وتفاصيله. هناك شواهد عديدة لافتة بخصوص ذلك، منها معرفة القيادة بموسكو اجتماع بريغوجين مع القادة العسكريين والمكان غير الرسمي المتواجدين فيه. وكانت الخطة الروسية لتصفية هدف التمرد هو أن يُسمح لقائد فاغنر عمل أقصى جهده وهم يعلمون أنّها مغامرة أو بالأحرى مقامرة سريعة بلا أي أفق أو خطة. في آخر المطاف يمكن قصف كل قوافل فاغنر المتجهة إلى موسكو! وهذا آخر خيار يمكن أن يقدم عليه الجيش (لكن روسيا لا تقتل أبناءها) وهذه عقيدة قومية لدى الروس".

المحلل السياسي الروسي سمير سليم: العالم وروسيا بوغتوا

ما قام به بريغوجين مجرد "مسألة شخصية، ورد فعل انفعالي من طرفه. لكنّه علم جيداً أنّ القوات الشيشانية دخلت على خط الأزمة، فأصبح محاصراً من الشمال من طرف موسكو والجنوب من طرف رمضان قاديروف"، حسبما يقول سليم.

السؤال المطروح الآن، وفق المحلل السياسي الروسي: ماذا بعد هذه الانفراجة؟ ويجيب: "المهم، الآن، هو وحدة الجبهة الداخلية. فقد انتهى العصيان المسلح الذي شغل العالم لـ24 ساعة الماضية وقاده مؤسس فاغنر وقد اختار لنفسه هذا المآل بمغادرة روسيا، بعد وساطة قادها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو".

وفق موقع قناة "العربية"، كشف الناطق بلسان الكرملين، دميتري بيسكوف، أبرز نقاط الاتفاق بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وذلك في إطار وساطة لإنهاء العصيان عبر عملية تسوية.

الباحث الروسي ديمتري بريجع لـ"حفريات": ما فعله قائد فاغنر لن يؤثر على الوجود الروسي في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية؛ فمصالح روسيا بقاء فاغنر خارج أراضيها

فيما تم الكشف عن عدد من النقاط التي تضمنها الاتفاق، ومنها أنّ بعض مقاتلي "فاغنر" ممن رفضوا منذ البداية الانخراط في "حملة" بريغوجين، ستتاح أمامهم إمكانية الانضمام لصفوف القوات المسلحة الروسية، والتعاقد مع وزارة الدفاع. كما لن يخضع هؤلاء لأيّ ملاحقة قانونية، ثم عودة قوات شركة "فاغنر" إلى معسكراتها. والجزء الذي لا يرغب في العودة إلى المقار والمعسكرات يوقع اتفاقيات مع وزارة الدفاع الروسية، فضلاً عن إغلاق القضية الجنائية بحق بريغوجين ويغادر إلى بيلاروسيا.

مستقبل فاغنر

أكدت الصين أنّها تدعم موسكو لـ"حماية الاستقرار الوطني"، في أول تعليق رسمي لبكين على التمرد السريع لقوات فاغنر. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الصينية أنّ الصين بصفتها "جارة صديقة وشريكة في حقبة جديدة من التعاون الاستراتيجي الشامل، تدعم روسيا في حماية الاستقرار الوطني وتحقيق التنمية والازدهار".

وأضاف: "من المبكر الحديث عن مستقبل عناصر فاغنر.. لم نر بعد الفصل الأخير من القصة"، مشيراً إلى أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يحاول التواصل مع بوتين. وشدد البيان على أنّ بكين تعتبر المسألة "شأن داخلي" روسي.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أنّ تمرد قائد مجموعة فاغنر، الذي تم إحباطه، يكشف وجود "تصدعات حقيقية" على مستوى سلطة الرئيس الروسي. وقال بلينكن في تصريحات لشبكة "سي بي إس" CBS الأمريكية أنّ تمرد قائد فاغنر "شكل تحدياً مباشراً لسلطة بوتين". وتابع: "يثير هذا الأمر تساؤلات كبرى، ويظهر وجود تصدعات حقيقية"، لافتاً إلى أنّ الاضطرابات في روسيا قد تستمر شهوراً.

مواضيع ذات صلة:

توترات بين أمريكا وروسيا في سوريا: ما علاقة ميليشيات إيران؟

تبادل فتح الجبهات بين أمريكا وإيران وروسيا.... شرق الفرات السوري نموذجاً

أوكرانيا "تعاقب" إيران بسبب تحالفها الاستراتيجي مع روسيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية