العراق: وثيقة مسربة حول اختفاء قاتل هشام الهاشمي. ما الجديد؟

العراق: وثيقة مسربة حول اختفاء قاتل هشام الهاشمي. ما الجديد؟

العراق: وثيقة مسربة حول اختفاء قاتل هشام الهاشمي. ما الجديد؟


09/04/2023

ما تزال عملية اغتيال الباحث العراقي، هشام الهاشمي، بالتزامن مع وصول مصطفى الكاظمي إلى منصبه في رئاسة الحكومة، عام 2020، تبعث بجدال عنيف في ظل تداعياتها المثيرة، وما تكشف عنه في مراحلها المختلفة، خاصة مع تورط ميليشيات كتائب "حزب الله" العراقية الموالية لإيران، في هذا الحادث، وفق وكالة "فرانس برس".

الكاظمي أعلن في حوار له، مؤخراً، مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أنّ الهاشمي كان صديقاً له، والاغتيال كان بمثابة رسالة تهديد من الأطراف السياسية المسلحة التي تقف على النقيض من سياساته.

العدالة ومنطق الميلشيات بالعراق

ورغم أنّ الكاظمي أعلن في تغريدة بعد نحو عام من تنفيذ عملية الاغتيال القبض على المتهم، بينما لم يعلن عن الجهة السياسية المنتمي لها، إلا أنّ القضاء العراقي اضطر لأكثر من مرة (عشر مرات) تأجيل المحاكمة، وذلك في ظل شكوك جمّة بخصوص هروب أو تهريب المتهم. وكان رئيس الحكومة العراقية السابقة غرد قائلاً: "وعدنا بالقبض على قتلة الخبير الأمني والمحلل السياسي هشام الهاشمي وأوفينا الوعد". ثم بث التلفزيون الرسمي اعترافات المتهم الذي يعمل في وزارة الداخلية ضابط برتبة ملازم أول.

قبل أيام، تم تداول وثيقة مسربة على نطاق واسع من وزارة العدل بتوقيع الوزير خالد شواني، ومؤرخة في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، وتؤكد عدم وجود المتهم باغتيال الهاشمي في الأقسام الإصلاحية التابعة لها. وفي ظل تأكيد وزارة العدل ما جاء بالوثيقة، بينما خلية الإعلام الأمني بوزارة الداخلية نفت صحة المعلومات جملة وتفصيلاً، فإنّ الشكوك ما تزال قائمة، لا سيّما مع تأجيل المحاكمة المتكرر.

المحامي العراقي علي التميمي: التأجيل حدث لعدم حضور شهود بالقضية

وقالت النائبة عن حركة "امتداد"، الذراع السياسية لحركة "تشرين المستقلة"، نداء حسن ماضي، في منشور عبر صفحتها الموثقة في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "بعد اغتيال الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، أجّلت المحكمة المختصة قرارها بحق المتهم (أحمد حمداوي عويد معارج الكناني) 6 مرات، وسط أنباء عن هروب المتهم أو تهريبه!". وذكرت ماضي أنّها قامت مع النائبة البرلمانية عن الحركة ذاتها، نيسان عبد الرضا الصالحي بـ"التحرك خصوصاً بعد رد الطعن التمييزي للقضية".

رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي أعلن في حوار له، مؤخراً، أنّ هشام الهاشمي كان صديقاً له، والاغتيال كان بمثابة رسالة تهديد من الأطراف السياسية المسلحة

كما أشارت النائبة نداء حسن ماضي إلى أنّ المحكمة الجنائية المركزية في رئاسة محكمة استئناف بغداد-الرصافة الاتحادية قد أصدرت قراراً، جاء فيه: "لدى التدقيق والمداولة لم تجد المحكمة ما يستوجب التدخل، تمييزاً بقرار الإحالة المؤرخ في 1 أغسطس (آب) 2021، ذلك أنّ هذه المحكمة سبق أن أصدرت قراراً يقضي بتصديق قرار الإحالة ورد الطعن التمييزي، عليه قررت المحكمة رد طلب التدخل التمييزي، استناداً إلى أحكام المادة 264 الأصولية في 21 أبريل (نيسان) 2022".

هروب أم تهريب لقتلة الهاشمي؟

وتابعت ماضي: "تعذر إحضار المتهم لأكثر من خمس مرات، ما أثار استغراب الجميع سواء من عائلة الشهيد أو من ينتظر العدالة، وقد باشرتا (نداء ماضي ونيسان الصالحي) بطلب مكان سجن أو توقيف المتهم من وزارة العدل ووزارة الداخلية معاً. وزارة العدل أجابت بعدم وجود النزيل في الأقسام الإصلاحية التابعة لها، أما وزارة الداخلية الموقوف لديها، فلم تجب عن مكان توقيفه وسبب تعذر إحضار المتهم، إذ أرسلنا كتابنا الأول في يوليو (تموز) وفي الوقت نفسه أرسلنا كتابنا إلى وزارة الداخلية، مكتب الوكيل الأقدم للوزارة، وتسلمنا نسخة من تحويل مكتب الوكيل الأقدم للوزارة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، ولم نتسلم إجابة وزارة الداخلية!".

إلى ذلك، أصدرت عائلة الهاشمي بياناً قالت فيه: "نشعر بالصدمة من الأنباء والتقارير التي تؤكد هروب المتهم الرئيسي في عملية اغتيال الشهيد الهاشمي باعتراف واضح وصريح من وزير العدل. إذا ما تأكد هذا الخبر فإنّ هذه جريمة أخرى تضاف إلى جريمة الاغتيال، بل هي أشد من الاغتيال. فالأول استهدف شخصية مؤثرة في الشارع العراقي أمنياً واجتماعياً، أما تهريب المجرم فإنّه يستهدف الدولة العراقية ويجعلها دولة من ورق لا تحمي أبناءها وغير قادرة على تحقيق العدالة".

المحامي والحقوقي العراقي علي التميمي لـ"حفريات": لا أرجح  هروب أو تهريب المتهم باغتيال الهاشمي، وأعتقد أنّ التأجيلات المتكررة لا تبدو غريبة عن طبيعة "القضايا الكبيرة" المماثلة

وفي حديثه لـ"حفريات"، لا يرجح المحامي والحقوقي العراقي، علي التميمي، هروب أو تهريب المتهم باغتيال الهاشمي، كما ينفي صحة الوثيقة المسربة، موضحاً أنّ التأجيلات المتكررة لا تبدو غريبة عن طبيعة "القضايا الكبيرة" المماثلة، على حد تعبيره، والتي "تأخذ وقتاً طويلاً في الإجراءات المتعلقة بها، سواء سماع الشهود أو تفريغ الكاميرات، وكذا سماع المدعي بالحق الشخصي والمدعي العام. كما أنّ التأجيل عدة مرات قد حدث، فعلاً، لعدم حضور شهود بالقضية". مؤكداً أنّ القضية "لا يمكن أن تسقط".

نداء حسن ماضي: تعذر إحضار المتهم لأكثر من خمس مرات، ما أثار استغراب الجميع

لكنّ الباحث المتخصص في العلوم السياسية، مصطفى صلاح، يشير إلى أبعاد أخرى تتصل بتأجيل القضية وكذا احتمالية تهريب المتهم، نافياً "تأجيل القضية بسبب أمور إجرائية". ويقول صلاح لـ"حفريات": "قضية حماية قتلة الهاشمي تعكس حجم إرادة القوى السياسية الفاعلة في المشهد العراقي، تحديداً الأطراف المسلحة المنتمية لإيران. وهذه القوى النافذة، الآن، بالحكومة، تتحرك لفرض هيمنتها على الأجهزة الامنية، بل إنّ لها موطئ قدم لا يستهان به في بعض القطاعات والمؤسسات، ولن تسمح بانكشاف أدواتها ويقع أحد عناصرها قبضة الأمن والعدالة. فاغتيال الهاشمي وآخرين، كما محاولات اغتيال مصطفى الكاظمي، يمكن القول إنّه بمثابة قرار سياسي تحميه هذه الإرادة السياسية التي تبرز عضلاتها ميدانياً".

ووفق صلاح، فإنّ الحديث عن تهريب قتلة الهاشمي ليس جديداً؛ إذ إنّ الناطق بلسان رئيس الحكومة العراقية السابق أحمد ملا طلال، سبق وصرح بتورط جهات، لم يسمها، بتهريب المسؤولين عن اغتيال الباحث العراقي، لافتاً إلى أنّ هناك رسالة واضحة من كل الأحداث التي جرت في سائر سياقاتها ومراحلها المختلفة، مفادها "رفض الميليشيات والقوى المسلحة الموالية أيّ معارضة لسلاحها المتفلت، وتصفية هذا السلاح، بحيث يكون في يد الدولة، وهو مشروع الكاظمي الذي تسبب ضمن أمور أخرى في معارضة "الحشد الشعبي" المدعوم من إيران له، وسياساته، وقد قام بشن حملة أمنية على السجون للبحث عن مخفيين قسراً. وفي اللحظة التي صعد فيها أحد أبرز قادة "الإطار التنسيقي"، القريب من إيران، هو الآخر، لرئاسة الحكومة، فإنّ هذه القوى تجد الفرصة مواتية اختراق الجهاز الاستخباري العراقي الذي ظل جداراً صلباً أمام محاولات النفاذ له، وطاول الأخير اتهامات مباشرة بتورطه في تسهيل معلومات لتنفيذ اغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ورئيس هيئة الحشد، أبو مهدي المهندس، في مطار بغداد".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية