العراق: انقسامات داخل الإطار التنسيقي... لماذا هددهم السوداني بالاستقالة؟

العراق: انقسامات داخل الإطار التنسيقي... لماذا هددهم السوداني بالاستقالة؟

العراق: انقسامات داخل الإطار التنسيقي... لماذا هددهم السوداني بالاستقالة؟


20/11/2023

يعيش تكتل (الإطار التنسيقي)، الراعي السياسي لحكومة محمد شياع السوداني، انقساماً حاداً بشأن الموقف من استهداف القواعد الأمريكية والأجنبية في العراق، حيث يؤشر الحراك السياسي الشيعي إلى وجود ضباية في رؤية التكتل الحليف لإيران إزاء التعامل مع الأمريكان وحلفائهم في ظل تنامي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وتحاول الفصائل العراقية أن تجد لها موطئ قدم في الحرب الدائرة ولكن من خلال الجبهة العراقية السورية، حيث يتم استهداف التواجد الأمريكي في كلا البلدين؛ الأمر الذي يسبب حرجاً سياسياً وأمنياً للحكومة في بغداد. 

ويشعر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالقلق من غياب الدعم الدولي له، وخاصة الدعم الأمريكي لحكومته الفتية، وهو ما يجعله في مواجهة حادة مع كتلة (الإطار التنسيقي) التي انقسمت على ذاتها في الآونة الأخيرة. وتشير مصادر مطلعة إلى تهديد السوداني بالاستقالة في حال استمرت الفصائل التابعة لمحور داخل (الإطار) باستهداف القوات الأجنبية في البلاد. 

وخلال الأسابيع الماضية شنّت الفصائل المسلحة العراقية هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ كاتيوشا على قاعدتي "حرير" و"عين الأسد"، ومعسكر "فيكتوريا"، الملاصق لمطار بغداد غربيّ العاصمة العراقية، رداً على الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، والدعم الأمريكي لها. وتضم تلك المواقع الـ (3) المئات من العسكريين الأمريكيين وقوات تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرزها البريطانية والفرنسية.

وكانت جماعة ما يُسمّى بـ "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي خليط فصائل مسلحة حليفة لإيران، أبرزها "حركة النجباء" و"أنصار الله الأوفياء"، قد أعلنت عن البدء بمرحلة جديدة في "مواجهة الأعداء نصرة لفلسطين"، مؤكدة أنّ المرحلة ستكون الأوسع على قواعدهم في المنطقة.

السوداني لدى حضوره أحد اجتماعات تكتل الإطار التنسيقي

ورداً على الاستهداف الذي تتعرّض له المصالح الأمريكية، زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بداية الشهر الحالي العاصمة بغداد، وحذر من تزايد هجمات الميليشيات المدعومة من إيران على القواعد التي تستضيف قوات أمريكية في العراق وسوريا.


السوداني يهدد بالاستقالة

ومن أجل درء أيّ انزلاق سياسي داخل تكتل (الإطار التنسيقي) المقرّب من إيران، يواصل الأخير اجتماعاته الدورية من أجل الوصول إلى صيغة تفاهم بين أجنحته المتعددة، ويرى الجناح المتشدد أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فرصة للمشاركة في الحرب عبر ضرب حلفاء إسرائيل، وهي الولايات المتحدة الأمريكية من خلال قواعدها في كل من العراق وسوريا، بينما يذهب جناح آخر إلى الاكتفاء بالمواقف الرسمية المنددة بالحرب الأخيرة. 

وترى إيران في الجناح المتشدد فرصةً لتمرير سياستها، ورسائلها، عبر جبهتي العراق وسوريا، وهي بدورها تغذي الشرخ الحاصل داخل تكتل (الإطار التنسيقي) الجامع لمختلف القوى السياسية الشيعية (باستثناء التيار الصدري)، والفصائل الموالية لمحور ولاية الفقيه.  

في اجتماع له مع الإطار التنسيقي...، السوداني يهدد بتقديم الاستقالة من الحكومة في حال استفحال دور الفصائل من خلال استهداف التواجد الأمريكي في البلاد

وفي آخر اجتماع، وفق مصادر مطلعة لـ (حفريات)، أنّ "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ندد بخرق القانون المحلي، وتنامي فعل الفصائل المسلحة بمعزل عن الحكومة"، مبينةً أنّ "السوداني سبق أن أجرى لقاءات مع قادة الفصائل لبحث لملمة الموضوع بشكل مباشر دون الرجوع إلى المرجعيات السياسية، لكنّ قادة الفصائل لم يلتزموا بشيء أمام رئيس الحكومة العراقية".

وتضيف أنّ "السوداني أبلغ قادة الإطار التنسيقي في الاجتماع الأخير أنّه قد يضطر إلى تقديم الاستقالة من الحكومة في حال استفحال دور الفصائل من خلال استهداف التواجد الأمريكي"، مشيرةً إلى أنّ "تلك الأفعال تضع الحكومة في دائرة الحرج الدولي، والتساؤل حيال عدم ردع السلطات لتلك الأفعال التي تهدد بعثات أجنبية متواجدة وفقاً للقانون العراقي". 

على لائحة الإرهاب

وفي آخر التطورات، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية الجمعة الماضية عقوبات على (6) شخصيات وقيادات عراقية في الفصائل المسلحة الموالية لإيران. 

استعراض لفصيل مسلح عراقي موالٍ لإيران

وذكرت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان أنّه "قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية اليوم بإدراج (6) أفراد ينتمون إلى جماعة الميليشيا المتحالفة مع إيران، كتائب حزب الله ومقرها في العراق، التي تم تدريبها وتمويلها ودعمها من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، وتقف وراء سلسلة من الهجمات الأخيرة ضد الولايات المتحدة وشركائها في العراق وسوريا في أعقاب الهجمات المروعة التي شنتها حماس ضد إسرائيل". 

الولايات المتحدة الأمريكية تفرض عقوبات على (6) شخصيات وقيادات عراقية في الفصائل المسلحة، أبرزهم أبو آلاء الولائي

وتقوم وزارة الخارجية الأمريكية أيضاً بـ "إدراج كتائب سيد الشهداء وزعيمها هاشم فنيان رحيم السراجي (أبو آلاء الولائي)، وهي مجموعة أخرى مقرها العراق وتتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني، خططت وشاركت في هجمات ضد أفراد أمريكيين في العراق وسوريا."

وبحسب البيان، فإنّ "إجراء اليوم يبعث برسالة إلى كتائب حزب الله، وجميع الجماعات الأخرى المدعومة من إيران، مفادها أنّ الولايات المتحدة ستستخدم جميع التدابير المتاحة لمحاسبة أيّ جهات فاعلة انتهازية تسعى لاستغلال الوضع في غزة لتحقيق أهدافها الخاصة". وأضاف وزير شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان إي. نيلسون: "نحن ملتزمون تماماً بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وثابتون في جهودنا لعرقلة هذه الأنشطة المزعزعة للاستقرار". 

الخزعلي خارج المنافسة

ويسعى أغلب قادة الفصائل الولائية للاستثمار في المناخ الملتهب بين إيران وأمريكا وإسرائيل، من خلال إثبات الدور العسكري المنشود من قبل طهران، لذا يتصاعد خطاب أغلب الفصائل فضلاً عن العمليات النوعية ضد التواجد الأمريكي في العراق وسوريا. لكنّ المفارقة في فعاليات زعيم (عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي الذي يُعدّ اليوم من الرعاة الرسميين لحكومة محمد شياع السوداني. حيث يغيب فصيل الخزعلي عن العمليات العسكرية المتبنّاة من قبل الآخرين في محور "المقاومة"، مكتفياً بالخطاب الإعلامي المندد بالمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة. 

الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي

وبحسب المصادر المطلعة، فإنّ "الخزعلي بات اليوم زعيماً سياسياً أكثر ممّا هو زعيم حركة مقاومة مسلحة، وهذا ما يجعله يتعامل وفقاً للمصالح السياسية الذاتية"، و"خير مثال على ذلك رفضه أن يتصدر جبهة المقاومة من خلال أن يكون الناطق والموجه لكل عمليات الفصائل، أي أن يكون شبيهاً لدور أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله". 

وتؤكد المصادر أنّ "الخزعلي يحاول أن يبتعد بنفسه عن المواجهة المباشرة مع الأمريكان، لكي لا يعرّض مكاسبه السياسية في الحكومة إلى الخطر، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة يعيش وضعاً قلقاً على حكومته جراء السلوكيات الأخيرة للفصائل". 

مواضيع ذات صلة:

بغداد تعمق الفجوة بين أربيل والسليمانية... لماذا وصف مسعود بارزاني إقليم كردستان بـ "خط الموت"؟

العراق: شجار ينهي جلسة برلمان كردستان... والمعارضة تصف ما جرى بالمسرحية... ماذا حصل؟

هل تنجح "الصفقات" في إنهاء الأزمات بين إقليم كردستان وبغداد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية