التحالف السياسي العريض.. مناورة تكتيكية جديدة لإخوان اليمن

في اليمن، تواصلت موجة الغضب الشعبي، التي تفجرت على مواقع التواصل الاجتماعي، جراء تصريحات رئيس فرع حزب الإصلاح الإخواني في مأرب، مبخوت بن عبود الشريف، والتي زعم فيها أنّ "الإصلاح" هو الحزب الوحيد الذي يصلح لقيادة اليمن وحكمها.

وانتقد يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة الحزب الإخواني بما وصفوه بـ "الحق الإلهي" في حكم اليمن، بعد أن شيطن القيادي الإخواني كلّ الشركاء السياسيين في اليمن.

مناورة جديدة للإخوان

من جهة أخرى، يسعى الإخوان في اليمن لانتهاج استراتيجية جديدة؛ للالتفاف على القوى الوطنية في شمال وجنوب اليمن، عبر رفع شعار توسيع الشراكة، وبناء تحالف سياسي عريض.

ناشطون وسياسيون يمنيون، بحسب صحيفة (العين) الإخبارية، حذّروا من اختطاف التنظيم مجدداً العمل السياسي في البلاد، وتحويله إلى مجرد واجهة لاختطاف المواقف والآراء، وذلك بعد أن قلّص تشكيل المجلس الرئاسي، في 7 نيسان (أبريل) 2022، من نفوذ الجماعة إلى حدٍّ كبير، وأشاروا إلى أنّ "دعوة إخوان اليمن، وذراعهم السياسية حزب الإصلاح؛ لتشييد تحالف سياسي عريض، ما هو إلّا محاولة تستهدف إنقاذ التنظيم من السقوط، وإعادته إلى واجهة المشهد، بعد تراجع نفوذه، لا سيّما في جنوب البلاد".

وكان محمد اليدومي، زعيم حزب الإصلاح، قد أطلق في الذكرى الـ (33) لتأسيس الحزب الإخواني قبل أيام دعوة للقوى اليمنية؛ لتشكيل ما أطلق عليه "التحالف السياسي العريض"، ويشمل: المكتب السياسي للمقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي، ومكونات الشرعية.

وزعم اليدومي أنّ "المرحلة الحالية تتطلب البناء على تجربة تحالف الأحزاب؛ لتوسيع قاعدة الشراكة عبر تحالف سياسي عريض، يشمل المجلس الانتقالي، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، وكافة المكونات والقوى المنضوية في الشرعية".

البحث عن غطاء سياسي

الدكتور محمد الفرجاني، الباحث في الشؤون العربية، خصّ (حفريات) بتصريحات، قال فيها: إنّ حزب الإصلاح، في أعقاب تراجع نفوذه، وانكشاف أنّه متواطئ مع الحوثيين والقاعدة، على حدٍّ سواء، يسعى الآن لتوفير غطاء سياسي جديد، من أجل العودة إلى المشهد، والهيمنة على مؤسسات الدولة في المناطق المحررة، وهو بحسب الفرجاني، تكتيك مكشوف؛ يأتي بعد التراجع الكبير في النفوذ، وفي الحظوظ السياسية، خاصّة بعد إزاحة علي محسن الأحمر من منصب نائب الرئيس.

محمد الفرجاني: حزب الإصلاح يسعى الآن لتوفير غطاء سياسي جديد من أجل العودة إلى المشهد

الفرجاني لفت إلى يقظة الانتقالي، وقدرته على الإحاطة بالمؤامرة الإخوانية الجديدة، والتي تأتي في سياق ما يعرف بالتكتيك الاعتراضي، الرامي إلى استباق الأحداث، وقطع الطريق أمام تلقي الضربات مستقبلاً؛ في إشارة منه إلى أنّ وقت الحساب قد اقترب.

مناورة تكتيكية

بحسب السياسي اليمني أحمد المعبقي، نقلاً عن صحيفة "العين" الإخبارية، فإنّ دعوة زعيم الإخوان محمد اليدومي، هي مجرد مناورة تكتيكية لا أقلّ ولا أكثر. وكتب المعبقي، وهو عضو بارز في الحزب الاشتراكي اليمني، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): إنّه في "اللحظة التي يرفض فيها اليدومي إغلاق سجونه بتعز، وإطلاق سراح المخفيين والمحتجزين تعسفاً، يطلّ في الذكرى الـ (33) لتأسيس حزبه بالدعوة إلى تحالف سياسي عريض؛ وهي مناورة تكتيكية فاجأت الوسط السياسي".

وأشار إلى أنّ المناورة السياسية التي أطلقها الإخوان تعزز مقولة إنّ الحرب خدعة، لافتاً إلى أنّ التحالف العريض الذي يريده الإخوان، هو مجرد تحالف شكلي ونفعي ووظيفي، بحسب تعبيره، لإعادتهم إلى المشهد السياسي. وأكد أنّها "مناورة، لأنّها لا تحمل في طياتها أيّ بوادر وضمانات حقيقية تعزز الشراكة التوافقية، وتحدّ من استفراد اليدومي وحزبه الإخواني  بالسلطة والثروة، ومفاصل مؤسسات الدولة".

تحريض ضدّ الفن في تعز

بالتزامن مع المناورة السياسية الإخوانية، لم تهدأ الحملة التي تقودها قيادات إخوانية في تعز، بحسب موقع (Middle East Online) للتحريض ضد القائمين على انتاج أغنية afhfdmK على مواقع التواصل الاجتماعي، واستكملت الحملة برفع عدد من المحامين الإخوان دعوى أمام القضاء، متهمين صناع الأغنية بأنّها "تدعو إلى كسر الثوابت الشرعية، وتتنافى مع القيم المجتمعية المتمسك بها".

وكان فريق شبابي من مدينة تعز اليمنية، التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، قد صنعوا أغنية بعنوان: "مش غلط"، في قالب رومانسي، وهو ما واجهته الأذرع الإخوانية بهجمة شرسة ومتطرفة، ممّا جعل الأغنية تنتشر في أنحاء البلاد.

الفريق القانوني الإخواني طلب من النيابة العامة القيام بالتحقيق مع صناع الأغنية، ومحاكمتهم وفق الشرع والقانون، بداعي أنّ كلمات الأغنية "تثير أمراً تستقبحه الأسرة في المجتمع اليمني المحافظ، "كعُرف"، قبل أن يكون "كدين"، وتمسّ بالمبادئ العامة للآداب، وإفساد الأخلاق، والاستهانة بمنظومة القيم السامية للأسرة اليمنية".

كشف سام نجيب البحيري، صاحب مؤسسة (ميون) للإنتاج الفني، التي أنتجت الأغنية، عن تلقيه "كمّاً هائلاً من الرسائل المختلفة، التي تهدد باقتحام المؤسسة التي يديرها، فضلاً عن تحريض مستمر على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنابر المساجد"

القيادي الإخواني بليغ التميمي نشر على حسابه الرسمي، عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، صورة البلاغ المقدّم إلى النيابة العامة في تعز، بوساطة عدد من المحامين الموالين لجماعة الإخوان ضدّ صناع الأغنية.

وزعم التميمي أنّ هذا الإجراء مجرد تمهيد لمقاضاة القائمين على الأغنية؛ الذين "مازالوا مصرّين على فعلتهم النكراء، ولم يبادروا للاعتذار"، بحسب قوله.

من جهته، كشف سام نجيب البحيري، صاحب مؤسسة (ميون) للإنتاج الفني، التي أنتجت الأغنية، عن تلقيه "كمّاً هائلاً من الرسائل المختلفة، التي تهدد باقتحام المؤسسة التي يديرها، فضلاً عن تحريض مستمر على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنابر المساجد". ولفت البحيري إلى أنّه توصل إلى معلومات تشير إلى وجود من يبحث عنه في مقر عمله، والأماكن التي يرتادها، محمّلاً "الجهات المحرضة، والسلطات الأمنية والمحلية في مدينة تعز، كامل المسؤولية عن سلامته وسلامة مؤسسة (ميون) وفريق العمل".

فرع نقابة الصحافيين في تعز، أصدر بياناً رسمياً ندد فيه بحملة التحريض الإخوانية، وأعرب عن تضامنه مع طاقم العمل، داعياً "الصحافيين والإعلاميين في المدينة إلى التضامن والوقوف بحزم، ضدّ أيّ محاولات لتكريس حالة الإرهاب الفكري داخل تعز، أو استخدام الخطاب الديني غطاءً لتقييد الحريات".

مواضيع ذات صلة:

- إخوان اليمن يستخدمون تنظيم القاعدة للانتقام من أهالي حضرموت.. ما التفاصيل؟

- بعد إقصائهم... إخوان اليمن يتحالفون مع تنظيمات إرهابية

- إخوان اليمن يتلقون ضربة قاصمة... هل نجحت ألوية العمالقة في إقصائهم؟