الاحتجاجات الليلية: طريقة الإيرانيين لإحياء ذكرى مهسا أميني

الاحتجاجات الليلية: طريقة الإيرانيين لإحياء ذكرى مهسا أميني

الاحتجاجات الليلية: طريقة الإيرانيين لإحياء ذكرى مهسا أميني


26/09/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

ينظّم الشّباب الإيرانيّ احتجاجاته ضدّ النّظام السّلطويّ سرّاً بعد مرور عام على وفاة شابّة تبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً أثناء احتجازها بتهمّة ارتداء الحجاب بشكل غير صحيح.

وفاة مهسا أميني في السّادس عشر من أيلول (سبتمبر) من العام الماضي أدّت إلى أكبر موجة من الاضطرابات الشّعبيّة في إيران منذ سنوات، وإلى حملة قمع وحشيّة شنّتها الأجهزة الأمنيّة ردّاً على ذلك، ممّا أسفر عن مقتل مئات الرّجال، والنّساء، والأطفال وإصابة آلاف آخرين، وفقاً لجماعات حقوقيّة.

يقول شبّان إيرانيّون تحدّثوا إلى صحيفة «الغارديان» إنّهم يواصلون احتجاجهم سرّاً. رضا، وهو منسّق أغانٍ وطالب جامعيّ مُقيم في طهران، يقول: «ربما نكون قد توقّفنا عن احتجاجات الشّوارع مؤقّتاً، لكنّنا لم نتوقّف عن الاحتجاج». ويضيف أنّه يعزف موسيقى «تحرّكها الثّورة» للحفاظ على استمرار «الزّخم».

ويتابع: «قمت بالاحتجاج في الشّهرين الأوّلين وتمكّنت بطريقة ما من عدم التّعرّض لطلق ناري. بعد وقت قصير من علمنا بأمر أوّل حكم بالإعدام على مُحتجّ منّا، حذّرنا آباؤنا وأساتذتنا للتّوقّف عن الاحتجاج في الشّوارع. وهنا خطرت لنا فكرة الاحتجاجات الليليّة».

رفض النظام الفاشي

نظّم رضا وزملاؤه في الجامعة، ذكوراً وإناثاً، عملاً سرّيّاً في العاصمة. يقول: «إحدى الطّرق المفضّلة لدينا للاحتجاج هي الاقتراب من المكاتب الحكوميّة وتغطية الجدران بملصقات الحرّيّة. ثمّ نعود ونعزف الموسيقى، خاصّة [الأغاني] التي يرفضها النّظام الفاشيّ».

يواصلون احتجاجهم سرّاً

ويضيف: «في المساء التّالي لفوزه بجائزة غرامي، انضمّ إلينا شيرفين حاجي بور (المغني الإيرانيّ الذي اعتُقل بعد انتشار أغنيّته الاحتجاجيّة) للاحتفال بنضالنا من أجل الحرّيّة. كلّ ما نقوم به في هذه الاحتجاجات الليليّة يعتبر من الأمور العاديّة بالنّسبة إلى المراهقين في الغرب - مثل الرّقص، والغناء، وعدم ارتداء الفتيات للحجاب - ولكن علينا القيام بذلك سرّاً».

ويتابع: «هذه اللقاءات تُبقينا مُتّحدين وتُحفّزنا على مواصلة النّضال بكلّ الطّرق الممكنة».

السلطات الإيرانية تعاقب المتاجر والمحلات التي تقدم خدماتها للنساء غير المحجّبات. هناك العديد من المقاهي والمطّاعم أُغلِقَت بسبب انتهاكها قيود الحجاب الإلزامي

غولناز، وهي طالبة اقتصاد من أصفهان تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، تحضر بانتظام الاحتجاجات السّرّيّة وقد حوّلت حُبّها للفنّ إلى شكل من أشكال المعارضة. تقول: «يعتقد الكثيرون أنّ اللقاءات تتمّ فقط داخل المنازل وعلى أسطح البيوت أو داخل المرائب، لكنّنا نخرج ونحتجّ بطرق عديدة».

وتضيف: «على الرّغم من خطر التّعرّض للاعتقال، أركب دراجتي من دون حجاب وأنجح في تغطية الجدران بالكتابات. ثمّ نعود إلى منزل أحد أصدقائنا، ونسهر، ونرقص، ونغني ونحاول إعادة زملائنا في الجامعة إلى الشّوارع للاحتجاج».

وتتابع: «لم نتوقّف، نحن النساء، قطّ عن الاحتجاج. واصلنا تحدّي قانون الحجاب الإلزاميّ، ولا نرى أنّ تحدينا لذلك سيتغيّر في المستقبل القريب».

اختبار مستوى العنف

يقول طلّاب في مشهد، إحدى أكثر المدن دينيّةً في إيران وبلدة المرشد الأعلى للبلاد، آية الله عليّ خامنئي، إنّهم خرجوا، أيضاً، إلى الشّوارع لاختبار مستوى العنف الذي تستخدمه قوّات الأمن.

يقول آزاد: «في الفترة ما بين آذار (مارس) وحزيران (يونيو)، نظّمنا احتجاجات في الشّوارع ودعونا الإيرانيّين المُحبّين للحرّيّة من أجل الحضور للرّقص في مجموعات تكوّنت من رجال ونساء».

ويضيف: «من المثير للدّهشة أنّه في المرّتين الأوليين للاحتجاج، سُمِح لنا بالخروج ولكن تمّ تحذيرنا. المرّة الثّالثة كانت في أيار (مايو)، وقد فرّقتنا قوّات الأمن بعنف. أصيب عدد قليل منّا، لكن لم يكن الأمر قريباً من مدى العنف الذي كانت عليه [قوّات الأمن] في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي».

هذه الاحتجاجات الصّغيرة في الدّوائر الخاصّة هي ما يُبقي الرّغبة في الحرّيّة حيّة بين شباب إيران

ويقول سيّد، وهو طالب آخر من مشهد، إنّ السّلطات تتّخذ إجراءات ضدّ المتاجر والمحلّات التي تقدّم خدماتها للنّساء غير المحجّبات. ويضيف: «أعرف العديد من المقاهي والمطّاعم التي أُغلِقَت بالفعل بسبب انتهاكها قيود الحجاب الإلزاميّ. ولهذا السّبب، تُعقد العديد من اجتماعات العصيان المدنيّ والمطالبة بالحرّيّة بشكل سرّيّ ومُجهَّل».

الرغبة في الحرية

ويتابع: «من الاحتجاجات السّرّيّة إلى التّجمّعات العائليّة، أدركنا أنّ هذه الاحتجاجات الصّغيرة في الدّوائر الخاصّة هي ما يُبقي الرّغبة في الحرّيّة حيّة بين شباب إيران».

شابة إيرانية: على الرغم من خطر التعرّض للاعتقال، أركب دراجتي من دون حجاب ونغطي الجدران بالكتابات، ثم نسهر مع أصدقائنا ونرقص ونغني

ويواصل: «المجد للنّساء والفتيات اللواتي يتمتّعن بشجاعة كبيرة لدرجة أنّهنّ ما زلن يتظاهرن في العراء من خلال خلعهنّ للحجاب. إنّهن البطلات الحقيقيّات اللواتي نواصل النّضال من أجلهنّ. وبما أنّ حرّيّة التّعبير لا مكان لها في إيران، فيجب على النّاس استخدام كلّ منتدى للتّعبير عن كفاحهم من أجل الحرّيّة».

وتضيف غولناز: «إذا نجح النّظام في منع النّاس في جميع أنحاء البلاد من الاحتجاج في ذكرى وفاة مهسا، فلدينا طرق أخرى كثيرة لمواصلة احتجاجاتنا. وسوف نواصل الاحتجاج».

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

ديبا بارنت، الغارديان، 18 أيلول (سبتمبر) 2023



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية