الإخوان في 2023.. "صفر إعلامي" وفشل مستمر

الإخوان في 2023.. "صفر إعلامي" وفشل مستمر

الإخوان في 2023.. "صفر إعلامي" وفشل مستمر


28/12/2023

طارق أبو السعد

في عام 2023، جنت جماعة الإخوان سقوطًا إعلاميًا مدويًا، أضاف مرارةً لمرارات الفشل والتشظي التنظيمي والشتات.

كما فاقم السقوط الإعلامي مأساة الجماعة بؤسًا وتعقيدًا، إذ فقدت الإخوان منافذها الإعلامية، بعد أن تم إغلاق بعضها، وتم وقف برامج بعينها، واستبعاد مذيعين كانوا ركيزة الإعلام الإخواني لسنوات، وتغيير السياسة الإعلامية ككل.

غير أن أكثر مظاهر السقوط ألمًا على الجماعة الإرهابية كان مراجعة بعض إعلامييها لأفكارها وممارساتها، مما أسقط مصداقية خطابها وتلاشي تأثيره حتى على عناصرها.

فمنذ أواخر عام 2013، وعقب الثورة الشعبية ضد حكم المرشد في مصر، دشنت جماعة الإخوان منظومة إعلامية تعبر عن مشروعها، شملت قنوات فضائية ومنصات إعلامية وعشرات المواقع الإخبارية، إلى جانب منصاتها التقليدية وكتائبها الإلكترونية التي تأسست عقب أحداث 2011.

وانطلقت المنظومة من تركيا وبريطانيا، ثم عملت في العديد من البلدان التي سمحت لها بالوجود، وعمل في المنظومة آلاف من شباب الإخوان إضافة لبعض الإعلاميين والفنانين المصريين الذين تم استقطابهم برواتب مغرية.

كان من أبرز قنوات الإخوان "قناة الشرق" التي انطلقت يوم 25 أبريل/نيسان 2014، وكان رئيس مجلس إدارتها الأول القيادي الإخواني باسم خفاجي، ثم انتقلت ملكيتها في أغسطس/آب من عام 2015 إلى أيمن نور.

وأوقفت القناة بثها يوم 16 يناير/كانون الثاني 2018 بسبب مطالبات بعض العاملين والإعلاميين بأجورهم، لكنها عادت للبث في 25 من الشهر ذاته، وأشهر برامجها "مع معتز" الذي يقدمه الهارب معتز مطر، وذلك قبل وقف برنامجه وطرده من تركيا إلى لندن، ثم سحب إقامته البريطانية وانتقاله إلى إيرلندا.

أما قناة "مكملين" التي ظهرت في 6 يونيو/حزيران 2014، فقد أخذت شهرتها من نشر مقاطع صوتية زعمت أنها مسربة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. 

وبدأ بث القناة من تركيا إلى أن أوقفت السلطات التركية البث من أراضيها في 2022، لكنها عادت مرة أخرى للبث ولكن ليس من تركيا ولا من دولة واحدة إنما من غرف بث عديدة ببلدان مختلفة، وأشهر مذيعيها محمد ناصر.

 أما قناة "وطن" التي بدأت البث في فبراير/شباط 2016 لتستكمل الثالوث الإعلامي الإخواني، فهي أكثر قناة كانت معبرة عن توجهات التنظيم إلى أن أصبحت معبرة عن جبهة إسطنبول التابعة لمحمود حسين بعد انشقاق الأخير عن الجماعة، ومن أشهر برامجها برنامج "أصل الحكاية" للإعلامي نور الدين عبدالحافظ.

حصلت هذه المنظومة الإعلامية على تمويلات ضخمة، تُقدّر بمليارات الدولارات، وأتيح لها استغلال جميع إمكانات التنظيم الدولي من أموال وشبكات تواصل مع مختلف الحكومات، على وجه الخصوص الدول التي قدمت حماية ورعاية للتنظيم

قدمت هذه القنوات خطابًا تحريضيًا، استهدف التطاول على مؤسسات الحكم ومؤسسات الدولة الوطنية، وكذا تشويه المشاريع القومية، واستخدمت الشائعات والأخبار الكاذبة والفبركة الإعلامية لخلق حالة من الضبابية وعدم اليقين، لوقف تمدد الشعور الوطني ولمحاولة استعادة شعبية الإخوان تمهيدًا لعودتهم من جديد.

مأزق الإعلام الإخواني وهزيمته

تجسد مأزق "إعلام الإخوان" في فشل منظومته الذريع في تنفيذ أيِ من المهام التي أوكلت إليه، فخلال السنوات العشر الأخيرة، لم يتمكن من وقف تمدد الشعور الوطني، وفشل في تشويه المشاريع القومية لدى المواطن المصري، وحشد الجماهير لإثارة الفوضى.

ثم استكمل قرار السلطات التركية بوقف البرامج السياسية لعدد من الإعلاميين المنتمين لجماعة الإخوان، مثل معتز مطر وهيثم أبوخليل وحسام الغمري، ومحمد ناصر، ووقف بث قناة "مكملين"، مأزق منظومة الإخوان الإعلامية.

وكانت الصدمة الأخيرة قيام حسام الغمري أحد أهم إعلاميي المنظومة، بنشر مراجعاته الفكرية والتنظيمية، وكشف العديد من أسرار الجماعة، مما مثل صدمة في أوساطها.

فساد وتحريض 

حول حصاد الفشل والسقوط الإعلامي للإخوان، قال طارق البشبيشي الكاتب والباحث المصري إن المنظومة الإعلامية الإخوانية فشلت فشلًا ذريعًا نظرًا لضعف المحتوى وضعف الكوادر الإعلامية، فقد تم تصعيدهم لقيادة المنظومة دون أن يكونوا مؤهلين.

إضافة إلى ذلك، يرجع الفشل أيضا، إلى الصراعات والانقسامات الداخلية التي ضربت صفوف الإخوان في الفترة الأخيرة، وانتشار الفساد المالي داخل المنظومة الإعلامية الإخوانية، وفق البشبيشي.

وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال البشبيشي إنه "رغم انتشار اللجان الإلكترونية الإخوانية ووصولهم إلى العديد من العقول والبيوت وغزوها من الداخل، فإنهم فشلوا في أن يؤسسوا منظومة إعلامية ذات ملامح".

وأضاف أن رسالة الإخوان الإعلامية "قائمة على التحريض على الدولة المصرية، وبث خطاب يعتمد على معلومات مزيفة ووقائع مفبركة وغير حقيقية، بهدف إثارة الفوضى وإسقاط مؤسسات الدولة، انتقاماً من الشعب الذي قاد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، وهذا في حد ذاته فشل، لأن الشعور الوطني أقوى من أي تحريض".

واعتبر البشبيشي أن من عوامل فشل المنظومة الإعلامية الإخوانية؛ "تقديم مضمون ومحتوى لا يرقى لمستوى الإعلام الحقيقي بل أشبه بتجارب الهواة على صفحات التواصل الاجتماعي".

وقال إن هذا يعود لاعتماد الجماعة على كوادرها التي تلقت أسس العمل الإعلامي في اللجان الإلكترونية، وليس لديها الحد الأدنى من قواعد العمل الصحفي أو الإعلامي والكفاءة.

"لا مستقبل"

البشبيشي أكد كذلك أنه "لا مستقبل للإعلام الإخواني، فهو لا يملك رؤية ولا رسالة ولا أي قيم ولا مصداقية، ويعتمد على الشائعات والأكاذيب والمغالطات المنطقية، لذا لم يعد يشاهد هذه القنوات إلا عناصر الجماعة أصحاب الأعمار المتقدمة، لأنها تقدم لهم وجبة إعلامية مخدرة تغيبهم عن الواقع وتجعلهم ينتظرون المستحيل.. أما شباب الإخوان فلم يعد يتابع القنوات".

من جانبه، قال عمرو عبدالمنعم الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية إن فشل المنظومة الإعلامية الإخوانية يعود لعدة أسباب، منها غياب المهنية، وعدم المصداقية، وحضور الخلافات التنظيمية والتوظيف الفج لصالح أجندات غربية وارتفاع الأصوات الرافضة للسياسة الإعلامية من داخل المنظومة ذاتها.

وأضاف عبدالمنعم لـ"العين الإخبارية"، أن "حصاد الفشل الإخواني في المسار الإعلامي كان متوقعًا، فأي متابع له صلة بالإعلام يدرك أن ما يقدم على قنوات الإخوان لا يمت للإعلام بصلة، وأنه لا يمكن له أن يستمر، فضلًا عن كونه يفتقر للمهنية والاحترافية".

وأكد أنه لا يمكن لنافذة إعلامية أن تستمر 10 سنوات وهي تكرر رسالة واحدة، وهي الهجوم الدائم والمتواصل على الدولة المصرية، مع تكرار أنماط تناولها للموضوعات، مرتكزة على إظهار السلبيات أو افتعالها ولي عنق الحقائق الملموسة، مما أفقدها مصداقيتها لدى المتلقي".

إفلاس مهني

عبدالمنعم قال إن "قنوات الإخوان دأبت على بث الأخبار المزيفة وتضخيم الأخبار وتهويلها، وغابت عنها الدقة والموضوعية، ولعبت على الخطاب العاطفي، والتركيز على الجوانب النفسية، والصوت العالي"، مضيفا "قد تحقق نسب مشاهدات عالية في البدايات لكنها لا تستمر أبعد من ذلك".

وأوضح أنه حتى عندما صدرت للقنوات، التعليمات بأن تلتزم بميثاق العمل الإعلامي التركي، ظهرت حالة الإفلاس المهني لكوادرها الإعلامية ولم يجدوا ما يقدمونه سوى إعلام المناسبات، مثل إحياء ذكرى فض الاعتصام الإرهابي في ميدان رابعة العدوية ، أو ذكرى وفاة الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، أو ذكرى وفاة مؤسس الجماعة حسن البنا وغيرها من المناسبات في تاريخ الجماعة.

عن "العين" الإخبارية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية