أزمة لبنان: هل يكون الجيش طوق النجاة الأخير؟

أزمة لبنان: هل يكون الجيش طوق النجاة الأخير؟


19/08/2021

أمضى معظم اللبنانيين ليلتهم أول من أمس في ظلام دامس، بعد انقطاع التيار الكهربائي عن غالبية أرجاء البلاد بسبب أزمة المحروقات المتفاقمة منذ فترة، وقد أعلن الجيش اللبناني عن ضبط أكثر من 4 ملايين لتر من البنزين و2 مليون لتر من المازوت.

وقال الجيش اللبناني في بيان: إنه نتيجة الكشف على محطات المحروقات وعمليات الدهم التي أجرتها وحدات الجيش بتواريخ 14 و15 و16 آب (أغسطس) الجاري، تمّت مصادرة 4.392.725 ليتراً من البنزين و2.212.140 ليتراً من المازوت.

وأضاف البيان، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم" أنه "ألزم أصحاب الكميات المضبوطة ببيع 4,349,865 ليتراً من البنزين و1.671.737 ليتراً من المازوت إلى بعض المستشفيات والأفران وشركة كهرباء زحلة، وبتوزيع 2300 ليتر من البنزين و279.300 ليتر من المازوت مجاناً على عدد من المواطنين والمؤسسات"، مشيراً إلى أنه "تمّت مصادرة 40560 ليتراً من البنزين و261103 ليترات من المازوت لصالح الجيش".

ويُعدّ الجيش اللبناني المؤسسة الوحيدة المتماسكة في لبنان وسط التدهور والانهيار السريع الذي تشهده الدولة، وتحرص دول غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة على تقديم الدعم للجيش وتأمين احتياجاته لضمان تماسكه في هذه الأزمة.

ورغم الدور الحيوي الذي يلعبه الجيش اللبناني في حفظ الأمن ومحاولة تأمين الاحتياجات الحيوية، يُعتقد تورّط "حزب الله" في تخزين الوقود، فقد تمّ ضبط بعض تلك الكميات في الجنوب (منطقة نفوذه)، وإنّ تأثيرات الجيش السياسية أو ضغطه من أجل إصلاح سياسي في لبنان أكبر ممّا يستطيع الجيش القيام به، خصوصاً في المرحلة الحالية التي يلوح فيها شبح المواجهة الأهلية من وقت إلى آخر، لذا يظل الجيش الضمانة الوحيدة التي تتدخل لمنع الانهيار الكامل للدولة.

 يُعدّ الجيش اللبناني المؤسسة الوحيدة المتماسكة في لبنان وسط التدهور والانهيار السريع الذي تشهده الدولة

وكانت دول عدة قد شاركت في مؤتمر افتراضي لدعم الجيش اللبناني في حزيران (يونيو) الماضي، وأجمع المشاركون في المؤتمر على أهمية تقديم الدعم اللازم للمؤسسة العسكرية باعتبارها الركيزة الأساسية للاستقرار في لبنان.

وخلال المؤتمر، أكّدت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي دعم بلادها المتواصل للبنان جيشاً وشعباً، معتبرة أنّ الجيش اللبناني هو العمود الفقري وركيزة الأمن والاستقرار، وشدّدت على ضرورة المحافظة على تماسك الجيش لكي يبقى قادراً على إكمال مهماته، واعتبر وزير الدفاع الإيطالي لورنزو جويريني أنّ لبنان يمرّ بأزمة غير مسبوقة، مشيراً إلى ضرورة الاستجابة  لحاجات الجيش من خلال توفير متطلّبات الدعم الأساسية له، وقالت وزيرة الدفاع اللبنانية زينة عكر: لا يجوز أن يُسمح بالتخلي عن الجيش اللبناني أو بزعزعته جراء تراكم الأزمات، وأبرزها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

فقدان السيطرة

وتتجه الأزمة اللبنانية إلى فقدان السيطرة في ظل تفاقم الغضب الشعبي، وما تزال البلاد دون حكومة.

وقد اندلع حريقان في معملين لتوليد الكهرباء في لبنان أول من أمس، وسط مواجهات نجمت عن إحباط متزايد من عدم توفر الخدمات الكهربائية ونقص المحروقات.

وأكدت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية سقوط جرحى، بعد مواجهات في معمل دير عمار الحراري لإنتاج الطاقة الكهربائية في محافظة المنية (شمال).

وشهد الطريق الدولي في المنية ازدحاماً خانقاً للسيارات بسبب قيام محتجين بقطعه أمام حركة السيارات، وفقاً للوكالة.

في غضون ذلك، أعربت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي عن "قلقها البالغ" إزاء تأثير أزمة الوقود على خدمات الرعاية الصحية وإمدادات المياه، مشيرة إلى الحاجة الماسة لتجنب وقوع كارثة.

   مسؤولة أممية: لا يمكن للوضع السيّئ إلا أن يزداد سوءاً ما لم يتم إيجاد حل فوري للأزمة

وأشارت المسؤولة الأممية، بحسب ما أورده موقع الحرّة، إلى أنّ "آلاف الأسر معرضة لخطر الوقوع في كارثة إنسانية، وذلك لأنّ نقص الوقود يهدد توفير الخدمات الصحية والمياه في جميع أنحاء البلاد".

وقالت رشدي: "لا يمكن للوضع السيّئ إلا أن يزداد سوءاً، ما لم يتم إيجاد حل فوري لهذه الأزمة"، وحذرت من أنّ "المخاطر كبيرة للغاية"، مضيفة أنه "يتعين على جميع الجهات المعنية العمل معاً بهدف إيجاد حل".

وأضافت أنه "نتيجة لتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، يواجه النظام الصحي تهديدات ملحوظة، تتمثل في محدودية السيولة، ونقص الأدوية، وهجرة الطاقم الطبي".

وقد غادر لبنان المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية، في حين انعدم توفر الأدوية الأساسية، مثل المضادات الحيوية والعلاجات الضرورية لمعالجة الأمراض المزمنة.

وقلصت معظم المستشفيات في لبنان أنشطتها بسبب نقص الوقود والكهرباء، وأدى توقف العمل بأنظمة إمدادات المياه العامة ومعالجة مياه الصرف الصحي التي تعتمد على الوقود إلى تقليص أنشطة المستشفيات.

وحذّرت رشدي من أنه "في ظل مواجهة لبنان موجة جديدة من فيروس كورونا، لا بدّ من أن تؤثر أزمة الوقود الراهنة على تدهور الوضع الصحي في البلاد"، وأوضحت أنّ "النقص المستمر في الوقود سيهدد توفير العلاجات المنقذة للحياة".

    أوقفت شركة كهرباء لبنان إمدادات الطاقة الرئيسية عن شركات المياه

وأوقفت شركة كهرباء لبنان إمدادات الطاقة الرئيسية عن شركات المياه، ممّا يؤثر على حياة ما يقرب من 4 ملايين شخص في لبنان، وفقاً للأمم المتحدة.

وبموازاة ذلك، تواجه الجهات الأساسية المعنية بقطاع المياه مشكلة محدودية توافر المواد الاستهلاكية لإمدادات المياه مثل مادة الكلور، وقطع الغيار الخاصة بمحطات الضخ، وقد فقدت القدرة على تحمل تكاليفها الباهظة، بحسب الحرّة.

وأكدت المسؤولة الأممية أنّ نقص المياه يؤدي إلى زيادة مخاطر العدوى، ومعدلات الإصابة بالأمراض وتفشيها، وقد يتبع ذلك، في حال لم يتم إيجاد حل لهذه المشكلة، أضرار جسيمة على قطاع الزراعة، ممّا يهدد الأمن الغذائي.

وفي الوقت نفسه، عانت الجهات الأساسية المعنية بقطاع المياه في كل من بيروت وجبل لبنان من إغلاق دام أسبوعاً كاملاً بسبب انقطاع التيار الكهربائي، في حين عانت نظيراتها في الشمال والجنوب من شح ملحوظ في مخزون الوقود، وتزايدت التوترات الاجتماعية وانعدام الأمن نتيجة لذلك.

 ودعت رشدي إلى إعطاء الأولوية لإعادة تشغيل محطات إنتاج الطاقة من قبل شركة كهرباء لبنان، واصفة ذلك بالأمر "بالغ الأهمية"، لضمان توفر الخدمات الأساسية الضرورية لحياة الناس، على غرار الصحة والمياه، وحذرت من أنّ نقص الوقود سيعطل عمليات إيصال المساعدات الإنسانية أيضاً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية