هل يعود السودان إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

هل يعود السودان إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

هل يعود السودان إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب؟


29/02/2024

جاء رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في كانون الأول (ديسمبر) 2020، بعد نحو عقدين من الزمان، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق، دونالد ترامب، أنّ حكومة السودان وافقت على دفع 335 مليون دولار، تعويضاً لضحايا حوادث الإرهاب من المواطنين الأمريكيين، بعد ثبوت ضلوع النظام السابق في دعم تنظيم القاعدة. وفي وقت لاحق، أفاد تلفزيون السودان الرسمي أنّ رئيس الوزراء السابق، حمدوك، أتم إجراءات تحويل مبلغ التعويضات الذي طالبت به إدارة ترامب، وأكّد أنّ "مبلغ التعويضات تمّ توفيره من الموارد الذاتية، من عائدات تصدير الذهب".

وفي تصريحات خصّ بها حفريات، أكّد الكاتب السوداني حمور زيادة، أنّ دخول السوادن إلى قائمه الدول الراعية للإرهاب، تمّ بسبب تصرفات النظام البائد بقيادة، عمر البشير، الذي استضاف رؤس الجماعات الإرهابية في العالم مثل: أسامة بن لادن وكارلوس وغيرهم، وكذا صغار المطلوبين من الجماعات الجهادية، فى مصر وليبيا والمغرب والجزائر وغيرها من البلدان، ويمكن القول إنّ عقد التسعينيات كان عقد رعاية الإرهاب بإمتياز لدى نظام البشير. ولفت زيادة، إلى أنّ هؤلاء المطلوبين كانوا متواجدين بالسودان باستثماراتهم المالية، مثل أسامة بن لادن, كما وفر النظام معسكرات لتدريب جماعة الجهاد الإسلامي المصرية، وكان الأمن السوداني يشرف على هذه التدريبات بنفسه، وكان يعينهم على التنقل ما بين الدول المختلفة بجوازات سفر سودانية، وأحياناً كان يمنحهم جوازات سفر دبلوماسيه.

ويواصل زيادة حديثه مؤكداً أنّ أحد العمليات الإرهابية الخارجية التي نظمتها تلك الجماعات انطلاقاً من السودان، كانت محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، في أديس أبابا، العام 1992، كما قدم نظام البشير أيضاً تسهيلات للمجموعات الإرهابية التي فجرت المدمرة الأمريكية في اليمن، وأيضاً عملية تفجير السفارتين في نيروبي ودار السلام، كل هذه العمليات تقاطعت فيها الطرق عند الخرطوم، تمويلاً أو دعماً لوجيستياً، أو تسهيلات الإقامة، وكان من الطبيعى أن تقع على البلاد هذه العقوبات، التي أضرت بالشعب أكثر ما أضرت بالنظام، لكن بعد هذه السنوات الطوال، وعندما قامت الثورة السودانية، كان من الطبيعي أن تسقط هذه العقوبات بمجرد قيام الثورة وتغيير النظام، لكن الرئيس الأمريكي السابق، ترامب، أراد الخروج بمكسب سياسي يدعم موقفه في الإنتخابات، فطلب الحصول على التعويضات، ليدفع السودان ثمن إجرام نظام البشير، فالسياسة تقوم على الأمور العملية.

المتغير الأول؛ إتفاق سلام مع إسرائيل

قبل ذلك بوقت قصير، جرى الإعلان عن عقد اجتماع ضمّ مسئولين أمريكيين رفقة وفد إسرائيلي ومسئولين سودانيين، لوضع اللمسات الأخيرة على بنود اتفاق سلام بين الخرطوم وتل أبيب، وعليه لحقت السودان كخامس دولة، بقائمة الدول العربية التى تصل إلى اتفاق لإقامة علاقات مع إسرائيل.

 جدير بالذكر أنّه سبق هذا الاجتماع عدة لقاءات بين الأطراف المعنية، بالتزامن مع الاجتماع التاريخي الذي جمع نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في شباط (فبراير) 2020، بأوغندا، حيث طُرحت مسألة تطبيع العلاقات على طاولة المفاوضات، وفي الخامس والعشرين من آب (أغسطس) من العام نفسه، ووضعت زيارة بومبيو إلى الخرطوم، والتي جاءت في أعقاب زيارته لإسرائيل، الخطوط الأولية لتحديد أطراف الاتفاق، وبنود السلام، مع التأكيد على استمرار الدعم الأمريكي للمجلس الانتقالي في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ السودان، وتذليل الصعاب التي تقف أمام إقرار السلام والأمن، وحماية للمدنيين في إقليم دارفور، كما ناقش الطرفان معطيات التعاون المشترك في مجالات التنمية، وتقديم حلول موضوعية لأزمة سد النهضة، من أجل تثبيت دعائم الاستقرار الإقليمي .

ونقل موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، آنذاك أخباراً عن قيام طائرة (بيز جيت) إسرائيلية برحلة مباشرة من تل أبيب إلى الخرطوم، إبان المفاوضات الثلاثية بين الولايات المتحدة والسودان وإسرائيل، بشأن إعلان اتفاق السلام.

في وقت لاحق، كشف وزير الخارجية السودانى السابق، عمر قمر الدين، في مقابلة مع صحيفة التيار السودانية، أنّ "وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، جاء إلى الخرطوم وطرح ملفين، الأول التطبيع بين السودان وإسرائيل، والثاني حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ووضع الملفان في سلة واحدة".

ولفت قمر الدين، إلى أنّ "رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، طرح ردا على عرض بومبيو، سؤالا مفاده ماذا يجني السودان اقتصاديا؟ أو متى يرفع من قائمة الإرهاب؟".

آمال لم تتحقق

وعلى الرغم من أهمية الخطوة، فإنّ إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، أمر لم تظهر آثاره، رغم أنّه كاد أن يفتح نافذة مهمة، يتحقق من خلالها عدة مكاسب سياسية، تكتسب في سياقها الحكومة الانتقالية مشروعية سياسية، تمكنها من إعادة بناء علاقات السودان الخارجية، ما يمكنها من جذب الاستثمارات، والتحصل على الدعم الدولي لإعادة البناء.

هذه الآمال الحذرة، تجلت في تصريحات السفير المصرى لدى الخرطوم، الذي أشاد آنذاك بقرار رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مؤكداً في تصريحات صحافية أنّ "القرار سيكون بداية عهد جديد من الاستقرار والرخاء والتنمية للسودان، وسينعكس بصورة إيجابية واضحة على حياة الأشقاء بالسوان، وقدرات هذا الشعب".

هذه الآمال كلها انهارت دفعة واحدة، في أعقاب انقلاب تشرين الأول (أكتوبر)، الذي قام به البرهان على حكومة حمدوك، قبل أن تدخل البلاد دوامة الحرب الأهلية الطاحنة، ويستقطب البرهان العناصر الإسلاموية الأكثر خطراً في المنطقة، ويفتح الطريق أمام المليشيات الإخوانية والمقاتلين الجهاديين لدعمه في الحرب الأهلية ضدّ قوات الدعم السريع.

ومرة أخرى، ومع تصاعد الإجرام الإسلاموي، وتزايد الانتهاكات بحق المدنيين، وتحول السودان إلى مركز لتدريب الإرهابيين، وشرعنه حملهم السلاح، ضمن ما يسمى بلجان المقاومة، طرح اسم السودان من جديد، للإدراج على قوائم الدول الراعية للإرهاب.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية