هل نحن أمام انبعاث "ربيع عربي" جديد؟ ما علاقة "طوفان الأقصى"؟

انبعاث الربيع العربي الدموي

هل نحن أمام انبعاث "ربيع عربي" جديد؟ ما علاقة "طوفان الأقصى"؟


28/11/2023

تحمل العملية التي قامت بها حركة حماس يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وما تبعها من أحداث، ومنها الاجتياح الإسرائيلي، تحمل في طياتها الكثير من التطورات والمخاطر، إلّا أنّ أكبرها على الإطلاق هو انبعاث "الربيع العربي"، ولكنّه قد يكون هذه المرة "ربيعاً دموياً"؛ إذ تحاول تيارات الإسلام السياسي امتلاك القدرة على حشد الجماهير من جديد بحجة تحرير القدس، واستغلال ما جرى شعبوياً، واستنساخ ما جرى محلياً، بعدما ثبت أنّ مجموعات مسلحة محدودة يمكنها أن تفعل أكثر ممّا تفعله الجيوش النظامية، خاصة إذا كانت القضية دينية من الأساس.

سواء استمرت الحرب في قطاع غزة، وتوسعت في الجبهة الشمالية، أو في داخل الأرض المحتلة، أو توقفت، وفي حال القضاء على حماس، أو الفشل في ذلك، فإنّه من المحتمل نشوء حركات أخرى أكثر تشدداً بسبب بشاعة ما قامت به إسرائيل، وإيمان بعض الحركات الأخرى بنجاعة العمل العسكري، والثورة الشعبية المسلحة.

من هنا قامت الحركات الإسلاموية بجملة من دعوات المقاطعة الاقتصادية، للتأثير على الاقتصادات، وتوجيه الشعوب والاجتماع معها على هدف واحد، وهو توقيف التنمية لجعل الأنظمة هشة وضعيفة ومرتبكة، ويسهل فيما بعد القضاء عليها.

من المحتمل تشكّل تنظيمات وحركات جديدة أكثر يمينية وتشدداً تقتبس وتحاكي ما فعلته حماس، وهو ما يحصل تاريخياً دائماً مع هذه الجماعات، التي حاكت ما تم في أفغانستان، أو في إيران عام 79

وقد اتضح من مسار الأحداث الجارية أنّ هناك ملامح أمن إقليمي جديد، حيث برز خيار ما يسمّى وحدة الساحات، وغرف العمليات الموحدة للفصائل، واحتمالية توجيه ذلك من دولة أو اثنتين في الإقليم، ليس لمواجهة إسرائيل، وإنّما من الممكن للتأثير على الأمن القومي العربي بالكامل.

ويبدو أنّ هناك توجيهات قد حصلت للعديد من المنظمات الحقوقية والنخب الثقافية والفنية والأكاديمية والإعلامية، وكل القوى المناهضة للأنظمة العربية، لتشويهها وإضعاف صورتها، بحجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والحرب الدائرة ضد الإسلام والمسلمين، وعمالة البعض للصهيونية.

ومن المحتمل تشكّل تنظيمات وحركات جديدة أكثر يمينية وتشدداً تقتبس وتحاكي ما فعلته حماس، وهو ما يحصل تاريخياً دائماً مع هذه الجماعات، التي حاكت ما تم في أفغانستان، أو في إيران عام 79، بما أطلقوا عليه الجهاد المحلي، والترويج الذي يتم داخل الشبكة يشير إلى مدح العمل العسكري الذي قامت به حماس، والنكران للأنظمة العربية، وكذلك الكفر بالعمل السلمي والحركات السلمية.

من هنا اقتنصت جماعة الإخوان ما جرى في غزة، على أساس أنّ حماس تاريخياً تنتمي إلى الجماعة، وروجت لما يجري، خاصة أنّ مؤشر الحركة الآن ـ شعبوياً ـ في معدل مرتفع، وهذا ما بدا بشكل يومي في أكثر من (20) بياناً للجماعة كلها تدعو إلى الجهاد، وتستنكر الصمت العربي، وقد ظهر ذلك في إعلام الجماعة طوال الشهر الماضي، والخطة الممنهجة على السوشيال في إخراج الحكام العرب من الوطنية.

ونتيجة أيضاً لتلك الأحداث الدموية نشطت الحركات الإرهابية، وأطلقت الدعوات لمفاهيم مقاومة الظالمين، وفي بعض الأقوال مقاومة (الكفرة المرتدين)، ويمكن الإشارة إلى ذلك في استدعاء أفكار سيد قطب، ومساندة الإخوان لنشر هذه المفاهيم في هذا التوقيت، بفتاوى من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وفتاوى حزب التحرير الإسلامي، وبيانات (القاعدة وداعش)، التي حملت المفاهيم المتطابقة نفسها، والدعوات للتواصل لإنشاء خلايا منفردة، كما ورد في نشرة لتنظيم القاعدة، التي أحيت تراث أنور العولقي، ودعت إلى صناعة ذئاب منفردة جديدة، ورصد أهداف حيوية، أو القيام باستهداف الدول بعمليات إرهابية.

ولو نظرنا إلى استغلال التنظيمات الإرهابية القائمة في منطقة مثل دول الساحل كمثال على ما يجري، فسنرى عملية نهوض لها من بعد انتكاسة كبيرة، وأيضاً نهوض تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، وثمّة عدة معطيات تدل على ذلك، ومنها بيانات القاعدة الأخيرة، التي هددت فيها بكل وضوح بالقيام بعمليات إرهابية في عواصم خليجية.

الإسلام السياسي بعد "طوفان الأقصى" قد يتحرك عن طريق السيطرة على ما يُسمّى المؤسسات والمراكز المعنية بمقاصد الشريعة، ويعمل من خلال منتديات الوحدة الإسلامية الإيرانية، ومنتديات الوسطية العالمية، وكذا دعم السلفية المستقلة والحركية

لذا فمن المتوقع أن يحدث تمازج بين الإسلام الشيعي السياسي والآخر السنّي، وهذا ما شهدناه في قوات الفجر، الجناح العسكري للجماعة الإسلامية بلبنان، التي تقوم بكل عمليات الجنوب الآن، أو على الأقل بالتنسيق مع حزب الله، ومن ثم تطبيق ما يُسمّى (وحدة الساحات) كمحور مفاهيمي وناظم للعلاقة بين الإيرانيين وميليشياتهم والجماعات والميليشيات السنّية، من خلال صياغة وجهة استراتيجية- سياسية، بحيث تندرج كافة أعمال المقاومة تحت مظلّة المفهوم الواسعة، ثم تجييش وتحريك تعاطف الشارع الإسلامي مع الفلسطينيين كخطوة أولى.

ويُعتقد أنّ الإسلام السياسي بعد "طوفان الأقصى" سيتحرك عن طريق السيطرة على ما يُسمّى المؤسسات والمراكز المعنية بمقاصد الشريعة، ويعمل من خلال منتديات الوحدة الإسلامية الإيرانية، ومنتديات الوسطية العالمية، وكذا دعم السلفية المستقلة والحركية.

أمّا الصيغة الحركية له، فهي اللّامركزية لكل المؤسسات الإخوانية والشيعية، وبواجهات لا تحمل اسم كلٍّ منهما، والتنسيق الدائم بين الشبكة الجديدة وخلق فضاءات جديدة، مثل منتديات الوسطية العالمية، والأممية الإسلامية، كبديل عن التنظيمات الصارمة المكروهة من كثير من الشعوب والمواطنين، من أجل صناعة ربيع عربي محتمل.

مواضيع ذات صلة:

كيف استجابت الحركات السلفية رقمياً في ظلّ الربيع العربي؟

سقوط الأقنعة... أبرز خسائر الحركات الإسلامية بعد "الربيع العربي"

"حيلة الربيع العربي".. كيف خدع الإخوان واشنطن في ليبيا وسوريا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية