عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتقارب مع تركيا... الإخوان يعيشون أسوأ أيامهم

عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتقارب مع تركيا... الإخوان يعيشون أسوأ أيامهم

عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتقارب مع تركيا... الإخوان يعيشون أسوأ أيامهم


21/06/2023

عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضيقت الدائرة على جماعة الإخوان المسلمين الدولية والسورية، ووضعتهما في مأزق يصعب الخروج منه في ظل محدودية الخيارات لدى قادتها العاجزين عن تغيير هذا الواقع المقلق الذي يهدد تواجدها في تركيا، التي تسعى بدورها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري.

 وعبّرت جماعة الإخوان المسلمين بجبهاتها وأفرعها المختلفة عن رفضها عودة سوريا لشغل مقاعدها بالجامعة العربية، داعية الجامعة لإعادة النظر في قرارها الذي اتخذته في أيار (مايو) الماضي، والقاضي بعودة دمشق لحضور اجتماعات مجلس الجامعة العربية وكل المنظمات والأجهزة التابعة لها.

وأعلنت جماعة الإخوان الأم (جبهتا إسطنبول ولندن)، وكذلك جماعة الإخوان السورية، رفضها عودة دمشق إلى الجامعة العربية، داعيةً الدول الأعضاء لاتخاذ موقف ينحاز لاختيارات الشعب السوري الرافض لنظام الرئيس بشار الأسد، وفق بيانات ورسائل رسمية صادرة عنها.

 ووفقاً لما نقله المركز العربي لدراسات التطرف في دراسة له، فقد أكدت رسائل بعثها القائمون بأعمال مرشد الإخوان في جبهتي إسطنبول ولندن، محمود حسين وصلاح عبد الحق، على الترتيب، إلى القمة العربية التي انعقدت في جدة في أيار (مايو) الماضي أنّ الجماعة ترفض قرار الجامعة بعودة دمشق إليها.

عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضيقت الدائرة على جماعة الإخوان المسلمين الدولية والسورية

 وقال صلاح عبد الحق في رسالته للقمة العربية: إنّ جماعة الإخوان تتحفظ على عودة النظام السوري الذي أذاق شعبه القتل والتشريد، وفتح الباب أمام القوى الأجنبية لتعيث في البلاد فساداً، وفق تعبيره.

أمّا غريمه ونظيره الأبرز محمود حسين، فقد اعتبر في رسالته أنّ الصراع في سوريا ما يزال يحتاج حلولاً حقيقية لإخراج البلاد من الواقع الكارثي الذي تعيشه، مضيفاً أنّ دعوة النظام السوري للعودة إلى الجامعة العربية لا يمكن أن يمثل حلّاً واقعياً بعد المجازر التي ارتكبها في حق شعبه، واستمرار حالة الجمود المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد، وفق قوله.

جماعة الإخوان المسلمين بجبهاتها وأفرعها المختلفة عبّرت عن رفضها عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية

 

 وبدورها، أصدرت جماعة الإخوان السورية بياناً رسمياً دعت فيه الجماعة العربية لنصرة الشعب السوري، ووصفتها بأنّها الإنجاز القومي الوحيد للعرب، وأنّها لم تُحقق الكثير لقضاياهم، كما استنكرت قرار عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، معتبرةً أنّه تماهى مع أفعال النظام على مدار الأعوام الماضية، وقدّم له صك غفران بإعادته إلى البيت العربي المشترك، وفق تعبير البيان، الذي نُشر آنذاك عبر منصاتها الإلكترونية.

وحللت دراسة المركز العربي المواقف الصادرة عن جماعة الإخوان، حيث تبين أنّها تركز على محاولة حشد أيّ دعم ممكن ضد قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية، لكنّها تبحث في الوقت نفسه عن إطار لحلٍّ سياسي ممكن أن يُنهي حالة الجمود السياسي الحالي.

وأضاف المركز أنّ عودة سوريا إلى الجامعة العربية جاء في وقت تمرّ به جماعة الإخوان عموماً، وفرعها السوري خصوصاً، بفترة صعبة تتقلص فيها الخيارات المتاحة أمام الجماعة بصورة تحرمها من اللجوء إلى التصعيد في مواجهة القرار الذي اتخذته المنظمة العربية، ولا سيّما أنّه يأتي في خضم حالة تقارب تقوم بها تركيا، الملاذ الآمن الأهم للإخوان حالياً تجاه النظام السوري.

عودة سوريا إلى الجامعة العربية جاء في وقت تمرّ به جماعة الإخوان عموماً، وفرعها السوري خصوصاً، بفترة صعبة تتقلص فيها الخيارات المتاحة أمامها

 

ومع أنّ الجماعة، وفرعها السوري، قد تلقت تطمينات من الجانب التركي من أنّ هذا التقارب لن يؤدي إلى ترحيل أو تسليم قياداتها وأنصارها لنظام دمشق، إلا أنّ الخطوات التي اتخذتها أنقرة مؤخراً تسببت في ارتباك داخل صفوف الإخوان، ودفعها للخوض في مناقشات حول احتمالية نقل مركزها من تركيا إلى دول أخرى أبرزها قطر، حتى تتمكن من مواصلة نشاطها بحرّية أكبر.

ووفقاً للمعلومات المتاحة، فإنّ الفرع السوري للإخوان سعى لتوسيط القائم بأعمال المرشد العام، جبهة لندن، صلاح عبد الحق، لدى الجانب التركي من أجل إتمام تفاهمات حول وضع الجماعة وقيادتها في المرحلة الحالية، والتي تتوقع فيها قيادة الإخوان السورية إتمام التقارب بين أنقرة ودمشق.

صلاح عبد الحق: إنّ جماعة الإخوان تتحفظ على عودة النظام السوري للجامعة العربية

وأوفدت جماعة الإخوان السورية مجموعة من قياداتها لحضور حفل تنصيب صلاح عبد الحق، قائماً بأعمال مرشد الإخوان، أواخر آذار (مارس) الماضي، دون إعلان رسمي عن مشاركة الإخوان السوريين، حتى لا يصبح الفرع السوري جزءاً من أزمة القيادة الدائرة بين جبهتي لندن وإسطنبول.

وعقد الوفد القيادي لقاءً مع القائم بأعمال مرشد الإخوان، جبهة لندن، جرى الاتفاق خلاله على تحديد موعد لاجتماع مع قيادات سياسية وأمنية تركية، وهو ما سعى فيه (عبد الحق)، قبل أن يتم تأجيل اللقاء لما بعد الانتخابات الرئاسية التركية، مع إرسال تطمينات لإخوان سوريا بأنّ إدارة الرئيس التركي ستسعى لاتباع رؤية متوازنة في الفترة الراهنة للحفاظ على الأوضاع وعدم الإضرار بجماعة الإخوان وقياداتها.

رغم أنّ الجماعة وفرعها السوري تلقت تطمينات من الجانب التركي، إلا أنّ الخطوات التي اتخذتها أنقرة مؤخراً تسببت في ارتباك داخل صفوف الإخوان

 

 ورغم الطلب من صلاح عبد الحق التدخل لدى النظام التركي، فقد قامت مجموعة أخرى من قيادة جماعة الإخوان السورية، على رأسهم المراقب العام السابق محمد حكمت وليد، بعقد اجتماع مع قيادات أمنية تركية، وناقشوا فيه مخاوف الجماعة من التقارب التركي السوري، وقد ردّ الجانب التركي بأنّ هدف هذا التقارب الأساسي هو تأمين الحدود المشتركة بين البلدين، وأنّه من غير المطروح أن يتم تسليم أيٍّ من قادة الجماعة للجانب السوري، باعتباره ضد المبادئ التركية التي تحظر تسليم المعارضين للدول التي ينتمون إليها.

وبحسب تحليل المركز العربي، فإنّ جماعة الإخوان السورية، ومن خلفها الجماعة الأم، تدركان وجود روابط بين التقارب التركي السوري وعودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة العربية، خاصةً أنّ تلك التطورات تأتي في سياق واحد تقريباً، وهو ما دفع الجماعة للعمل على البحث عن ملاذ آمن مناسب يمكنها من العمل بحرية أكبر دون التقيد بالتفاهمات السياسية التي تتم في إطار التقارب التركي السوري من جهة، والعربي السوري من جهة أخرى مع دمشق.

الفرع السوري للإخوان سعى لتوسيط صلاح عبد الحق لدى الجانب التركي لإتمام تفاهمات حول وضع الجماعة وقيادتها في المرحلة الحالية

 

وأضاف مركز الدراسات أنّه على الرغم من أنّ الجانب التركي ظلّ محافظاً على علاقاته مع جماعة الإخوان الأم وجماعة الإخوان السورية، إلّا أنّ الأخيرة أدركت أنّ التغيرات التي تشهدها الخارطة السياسية الإقليمية من شأنها أن تؤثر على تموضعها وأنشطتها التنظيمية، فاتجهت إلى توزيع مراكز ثقلها وإيجاد ملاذات آمنة بديلة لعدد من قادتها.

واستبقت جماعة الإخوان السورية إتمام التقارب التركي السوري وعودة دمشق إلى الجامعة العربية بتوزيع عدد من قادتها على بلدان مختلفة، فقد حلّ بعضهم في دولة قطر، وانتقل آخرون إلى بريطانيا، وفرنسا، وأيرلندا، ضماناً لكي تستمر الجماعة في ممارسة أنشطتها حال حدوث أيّ طارئ.

التقارب التركي السوري دفع الجماعة للعمل على البحث عن ملاذ آمن

 ولعلّ اختيار قيادة جماعة الإخوان لقطر كملاذ آمن محتمل لتصعيد النشاط ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد يرجع إلى موقف الدوحة الرافض لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، أو التطبيع مع دمشق، في ظل وجود (بشار الأسد) على رأس السلطة في البلاد.

 وختم المركز تحليله بالإشارة إلى أنّ عودة سوريا إلى الجامعة العربية، والمتزامنة مع استمرار المساعي لإتمام تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، فاقم من الأزمات التي تمرّ بها جماعة الإخوان، وخاصةً فرعها السوري، الذي يقوده حالياً المراقب العام عامر البوسلامة.

 ولا توجد حتى الآن مؤشرات جديدة توحي بأنّ جماعة الإخوان الأم أو ربيبتها السورية لديها خطة أو رؤية واضحة للتعامل مع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، أو التقارب التركي السوري، لكنّها تسعى لعقد تفاهمات مع النظام التركي الذي أظهر عدم التزام بأيّ من الاتفاقيات، في ظل بحثه عن مصالحات مع دول عربية كسوريا ومصر.

مواضيع ذات صلة:

كيف ستؤثر الانتخابات التركية القادمة على الحرب الروسية الأوكرانية ومنطقة الخليج العربي وسوريا؟

ما بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية في قمة الرياض العربية القادمة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية