عجلة القدس: مشروع إسرائيلي لخنق المدينة المقدسة وتهويدها

عجلة القدس: مشروع إسرائيلي لخنق المدينة المقدسة وتهويدها


15/02/2021

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تنفيذ العشرات من المشاريع الاستيطانيّة والتهويديّة في مدينة القدس لإحكام سيطرتها على المدينة المقدّسة؛ بهدف طمس معالمها الدينية والتاريخية والإسلامية، وكان آخرها مشروع "عجلة القدس"؛ الذي يعدّ من أضخم المشاريع الاستيطانية التي تنفذها جمعية "العاد" الصهيونية في بلدة جبر المكبر، جنوب شرق القدس، بذريعة "السياحة"، كنسخة مشابهة لدولاب "لندن آي" المقام في لندن.

جمعية العاد الاستيطانية تناصب العداء للتراث المقدسي والتاريخ الإسلامي، بدءاً من مشاريعها التهويدية في عين سلوان، ووصولاً لأسوار المدينة المقدسة، لخنق المسجد الأقصى

وبحسب مركز الإحصاء الإسرائيلي؛ بلغ عدد سكان القدس، حتى نهاية 2017، حوالي 900 ألف نسمة، يشكّلون 10% من مجمل سكان إسرائيل، من بينهم 550 ألف و100 يهودي، أي ما نسبته 63.3%، وحوالي 332 ألف و600 عربيّ، أي ما نسبته 37.7%.

وكانت سلطة التخطيط والأراضي الإسرائيلية أعلنت، في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، طرح مناقصة بناء 1257 وحدة استيطانية جديدة في حي "جيفعات هماتوس" في القدس الشرقية، واعتبرت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية أنّ الهدف من وراء طرح المناقصة هو عزل القدس المحتلة عن جنوب الضفة الغربية، وتدمير أيّ أمل بتطبيق حلّ الدولتين.

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تنفيذ العشرات من المشاريع الاستيطانيّة والتهويديّة في مدينة القدس

وبحسب إحصائية لمركز أبحاث الأراضي، التابع لجمعية الدراسات العربية في القدس؛ فإنّ السلطات الإسرائيلية هدمت، خلال الأعوام من 2000-2017، 1706 مساكن بالقدس، وشرّدت 9422 مواطناً، وعلى خلفية بناء الجدار العازل منعت بلدية الاحتلال في القدس المواطنين من إقامة مئات البيوت، إضافة لأضرار الجدار الهائلة على البيئة بمدينة القدس والتي حرمها من حقها في الهواء والشمس.

اقرأ أيضاً: بتير .. جنة فلسطينية يسعى الاستيطان الإسرائيلي لجعلها جحيماً

ووفق مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق؛ فإنّ الكنيست الإسرائيلي طرح مشروعاً، عام 1971، يهدف إلى زيادة مساحة مدينة القدس إلى نحو (600 كم2) أي 10% من مساحة الضفة الغربية، بهدف أن تكون مدينة القدس ذات أغلبية يهودية، ويتخذ مشروع القدس الكبرى البعد الطولي من الغرب إلى الشرق بحدود "45 كم"، وبعرض"20 كم"، أي أنّه سيقسم الضفة الغربية، شمالاً وجنوباً، بشكل نهائي، وهذا تم على أرض الواقع وهي مرحلة (الفصل).

نائب مدير أوقاف القدس ناجح بكيرات لـ"حفريات": "عجلة القدس" مشروع استيطاني إستراتيجي لتهويد جبل المكبر، والسيطرة على المدينة المقدسة

ومن المخطط له أن يعيش في مدينة القدس خمسة ملايين شخص أغلبيتهم من اليهود، وأن يزورها نحو 12 مليون سائح سنوياً، لإنعاش السياحة الدينية والعلاجية للمدينة، وستتيح الخطة نحو 80 ألف فرصة عمل تحقيقاً لمبدأ "القدس هي قلب دولة إسرائيل والشعب اليهودي"، وإلى إظهار القدس كمدينة حضارية مزدهرة للشعب اليهودي، قادرة على أن تنافس أهم مدن العالم، من الناحيتَين السياحية والتجارية.

اقرأ أيضاً: الزحف البطيء.. كيف بدأ المشروع الصهيوني الاستيطاني في العهد العثماني؟

وبحسب المركز؛ فالحلقة الأكبر من هذا المشروع المتدحرج، ما يسمى "مشروع (5800) لعام 2050"، الذي يهدف إلى إقامة مطار دولي كبير في منطقة وادي موسى، لربط المستوطنات شرق القدس بغرب المدينة، بواسطة شبكة من سكك الحديد والجسور، وتوسيع شبكات الطرق لتكون قادرة على استيعاب أعداد أكبر من المسافرين والسياح، إضافة إلى حركة شحن خاصة إلى الخارج، وإقامة مناطق صناعية جديدة وفنادق وأسواق تجارية.

جريمة كبرى

ويرى الباحث والمختص بعمارة وشؤون القدس، جمال عمرو، خلال حديثه لـ "حفريات": أنّ "المشروع الاستيطاني الجديد هو عبارة عن عجلة هوائية كبيرة، ترتفع ما يقارب 50 متراً عن مستوى سطح الأرض، وتستطيع حمل الآلاف من السائحين والمستوطنين المتطرفين، ويستطيع الراكب مشاهدة المسجد الأقصى والبحر الميت ومنطقة الأغوار الفلسطينية منها".

الباحث والمختص بعمارة وشؤون القدس، جمال عمرو

وأضاف: "المشروع يعدّ جريمة كبرى تهدف إلى السيطرة على كافة مفاصل البلدة القديمة بالقدس"، مبيناً أنّ "جبل المكبر، المزمع إقامة المخطط الاستيطاني عليه، يضمّ ثلاث مستوطنات إسرائيلية، بالإضافة إلى مبنى السفارة الأمريكية لدى دولة الاحتلال، بالتالي، هو مشروع استيطاني صهيوني أمريكي مزدوج، يهدف تقديم الرواية الصهيونية الزائفة".

اقرأ أيضاً: "فلسطين ع البسكليت": للتعريف بالقرى المهددة بالاستيطان والمصادرة

وتابع عمرو: "اختيار جمعية "العاد" الاستيطانية منطقة جبل المكبر لإقامة المشروع الاستيطاني جاء لاعتبارات عدة، أهمها؛ أنّ الجبل مرتفع جداً ويطلّ على المسجد الأقصى المبارك، كما أنّ الجبل له تاريخ عريق لدى المسلمين ومنحسر في وجدانهم منذ آلاف السنين؛ حيث وقف عليه الخليفة عمر بن الخطاب، سنة 636م، عند استلام مفاتيح القدس وكبّر عليه ثلاث مرات، وبكى عندما شاهد مدينة القدس أمامه".

منظمة إرهابيّة خطيرة

ولفت إلى أنّ "المشروع سياحيّ، ويهدف الاحتلال من ورائه إلى جذب الآلاف من السياح حول العالم لرؤية المعالم الإسلامية والتاريخية، لكن بمسمياتها اليهودية, كالمسجد الأقصى، الذي يطلق عليه اليهود "هيكل سليمان"، وحارة المغاربة والشرف والتي يطلق عليها الصهاينة حارة اليهود، والعديد من المسميات التي تمّ تغيير أسمائها العربية واستبدالها بمسميات عبرية لا أساس لها".

الهدف الإسرائيلي هو قطع آخر بوابة تربط المدينة المقدسة مع مدينة بيت لحم والخليل بالضفة الغربية

 وعن أسباب الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تتعرض لها المناطق الواقعة جنوب مدينة القدس المحتلة، بيّن عمرو؛ أنّ "الهدف الإسرائيلي هو قطع آخر بوابة تربط المدينة المقدسة مع مدينة بيت لحم والخليل بالضفة الغربية، بهدف ربط المستوطنات في الجنوب مع المستوطنات في القدس"، مبيناً أنّ "الاحتلال استغل ضعف الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي والإسلامي في مواصلة مشاريعه الاستيطانية للاستمرار بتهويد المدينة المقدسة".

وأوضح أنّ "جمعية العاد الاستيطانية هي من أخطر المنظمات الإرهابية التي تعمل مع 28 منظمة يهودية، على مدار الساعة، لطرح المزيد من المشاريع التهويدية بالبلدة القديمة بالقدس، وهي ذراع للحكومة الإسرائيلية، وتهدف إلى إفراغ المدينة المقدسة من سكانها المقدسيين"، مؤكداً أنّ "السكان الفلسطينيين في طرفي مدينة القدس يشكلون ما نسبته 38%، وهو ما شكل صدمة كبيرة للاحتلال، الذي كانوا يعوّل ألّا يزيد عدد المقدسيين عن 28% من مجموع السكان".

تهويد جبل المكبر

بدوره، يقول نائب مدير أوقاف القدس، ناجح بكيرات: إنّ "عجلة القدس مشروع استيطاني إستراتيجي لتهويد جبل المكبر، الذي يرتفع 888 متراً عن سطح البحر، وكذلك للسيطرة على المدينة المقدسة"، مبيناً أنّ "الاحتلال صادر المئات من الأراضي في بلدة سلوان وجبل المكبر، لوقوعهما على مشارف المسجد الأقصى المبارك".

 نائب مدير أوقاف القدس، ناجح بكيرات

ويضيف بكيرات، خلال حديثه لـ "حفريات"، أنّ "المشاريع الاستيطانية في القدس مستمرة على قدم وساق لإخفاء معالمها الإسلامية والعربية، وكان من بينها مشروع القطار الهوائي، الذي يربط جبل الزيتون بباب المغاربة وباب الخليل، وهي من أبواب المسجد الأقصى المبارك؛ حيث يخدم القطار المستوطنين في مستعمرة أرموت هلتسيف، التي تضمّ 60 ألف مستوطن، ويهدف القطار إلي تغيير الرؤية البصرية للمدينة المقدسة، وإطلاق أسماء جديدة عليها".

وتابع: "السكان المقدسيون في جبل المكبر لا تمنحهم السلطات الإسرائيلية تراخيص لبناء منازلهم، وتتعرض المنطقة لعمليات مصادرة وهدم منازل إسرائيلية متواصلة، بهدف إحلال المستوطنين في هذه المنطقة، إضافة إلى إفساح المجال لمئات الآلاف من المستوطنين المتطرفين للقدوم إلي ساحة البراق، التي تعدّ من أكبر الروافد الاستيطانية".

اقرأ أيضاً: مشروع استيطاني جديد في قلب الخليل المحتلة.. ما تفاصيله؟

وأوضح بكيرات؛ أنّ "جمعية العاد الاستيطانية تناصب العداء البارز للتراث المقدسي والتاريخ الإسلامي، بدءاً من مشاريعها التهويدية في عين سلوان، ووصولاً لأسوار المدينة المقدسة، لخنق المسجد الأقصى، وخنق المدينة المقدسة على مساحة 5 كيلو مترات، لتهويدها وإقامة مشروع العاصمة اليهودية".

ولفت إلى أنّ "كافة القوانين الإسرائيلية، بدءاً من قانون البناء الصادر عام 1965م، تخدم الاستيطان والمستوطن الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّ "هناك قوّتَين لدى الاحتلال؛ أولهما القوة الطاردة للمقدسيين من خلال  ممارسة الاحتلال عمليات الهدم والمصادرة والاعتقال والإبعاد للسكان، وثانيهما: القوة الجاذبة، التي تهدف جذب المستوطنين المتطرفين، لتشجيعهم على السكن في البلدة القديمة مقابل خدمات تعليمية وصحّية مجانية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية