تفاصيل معركة الحديدة: المراحل ونقاط القوة والضعف لأطراف الصراع

اليمن

تفاصيل معركة الحديدة: المراحل ونقاط القوة والضعف لأطراف الصراع


14/06/2018

تتقدم القوات اليمنية مدعومة بالتحالف العربي، الذي تقوده السعودية، نحو مطار الحديدة في إطار العملية العسكرية التي انطلقت في وقت باكرٍ من يوم أمس لاستعادة المدينة من مليشيا الحوثيين، والتي أطلق عليها اسم  عملية "النصر الذهبي".
وتحدثت الأنباء عن تقدم القوات اليمنية بشكل سريع نحو المطار الواقع جنوبي المدينة، مشيرة إلى أنّها باتت على بعد كيلومترات قليلة منه. ويرى خبراء عسكريون أن العملية العسكرية الواسعة قد تنطوي على ثلاث مراحل متتالية هي؛ مرحلة السيطرة على مطار الحديدة ومرحلة الميناء ومرحلة المدينة نفسها. وقد بدأت قوى الشرعية اليمنية بالمرحلة الأولى بعد تحريرها مناطق واسعة من الدريهمي ومحيط المطار، ومن شأن النجاح في هذه المرحلة تصديع الجبهة الداخلية للحوثيين، وخصوصاً في صفوف القبائل المتحالفة مع الحوثيين تحت الإكراه، أو التي لا تتماثل معهم قبلياً ومناطقياً.

النجاح في هذه المرحلة يصدّع الجبهة الداخلية للحوثيين وخصوصاً في صفوف القبائل المتحالفة معهم بالإكراه

ويقول المحلل الإستراتيجي اللواء فايز الدويري في حديث لـ "بي بي سي" أمس إنّ من السيناريوهات المحتملة أن يتم الالتفاف على ترتيب المراحل؛ وذلك عبر البدء من المطار نحو المدينة وجعل الميناء خاصرة رخوة، والعمل في الوقت ذاته على الإبقاء على ممرات آمنة لخروج المدنيين، وهي نقطة يحرص التحالف عليها، وهو قد أعلن عن خطة شاملة لتسليم المساعدات الإنسانية إلى الحديدة.
وكشفت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي، عن الاستعداد لتقديم جسر إغاثة بري وبحري لليمن، في وقت أكدت الحكومة الشرعية في رسالة بعثت بها أمس إلى مجلس الأمن الدولي عزمها مواصلة تحرير كل مناطق اليمن من مليشيا الحوثيين.
استنفاد الوسائل السياسية
وقالت الحكومة اليمنية إنّ معركة الحديدة تأتي بعد استنفاد الوسائل السياسية والدبلوماسية، وفق بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ). فقد دعا عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، أمس،  الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مدعومة بقوات التحالف العربي إلى اللجوء للحسم العسكري لتحرير مدينة وميناء الحديدة .. وذلك بعد أن وصلت الأمور في المحافظة إلى درجة الكارثة الإنسانية التي لا يمكن السكوت عليها جراء الممارسات الحوثية وتعنتها في التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في اليمن.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية عن الرئيس هادي قوله: "كنّا ولا زلنا نسعى للحل السلمي المستند إلى المرجعيات الأساسية الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي رقم 2216 وقدمنا الكثير من التنازلات لتجنب الحل العسكري.. إلا أننا لا يمكن أن نسمح باستغلال معاناة أبناء شعبنا، وجعله رهينة لإطالة أمد هذه الحرب التي أشعلتها المليشيا الانقلابية".

تحرير الحديدة خطوة أساسية في تقويض المشروع الإيراني الساعي إلى خلق واقع من الصعب التعايش معه

وكانت الحكومة اليمنية الشرعية أكدت في بيان رسمي أنها استنفذت الوسائل السياسية والسلمية كافة لإخراج المليشيا الحوثية من ميناء الحديدة.. مشيرة إلى أنّ المليشيا الحوثية دأبت على استغلال ميناء الحديدة كممر لتهريب الأسلحة الإيرانية لإطالة أمد الصراع، وقتل أبناء اليمن؛ حيث بات الميناء منصة لإطلاق الهجمات العسكرية على القوات اليمنية وقوات التحالف فضلاً عن تهديد حركة الملاحة الدولية عبر تهديد السفن التجارية التي تستخدم مضيق باب المندب.
أهداف تحرير الحديدة
أكدت الحكومة الشرعية اليمنية أن "تحرير الحديدة" سيكون بداية لدحر الحوثيين، وسيؤمن الملاحة في باب المندب. وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش دعا المجتمع الدولي إلى الضغط على ميليشيات الحوثي لمغادرة ميناء الحديدة اليمني. وأكد قرقاش في مقال له نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم الخميس ما يلي:
1. تحرير الحديدة خطوة أساسية في تقويض المشروع الإيراني الذي يسعى إلى خلق واقع على الأرض من الصعب التعايش معه.
2. تحرير الحديدة سيسهم إيجاباً في دعم خطط الأمم المتحدة لإرساء السلام في اليمن، والذي لا يمكن أن يتم إلا بوقف التمرد ودعم العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، ويقرر فيها اليمنيون مستقبلهم وطبيعة الدولة والمؤسسات التي يريدون، من خلال حياة كريمة مستقرة تضمن لهم مستقبلاً آمناً.

عجزُ الحوثيين عن استعمال الدبابات بسبب انكشافها تحت السيطرة الجوية لقوات التحالف العربي سيُضعفهم

3. الحوثي ومن خلال سيطرته على العاصمة ومؤسسات الدولة اليمنية والحديدة، استفاد من اقتصاد الحرب ومن نهب الخزينة العامة، ومن هذا المنطق لا بد من تغيير جوهري على الأرض لمعالجة تعنته وصلفه على حساب المواطن اليمني.
4. فقدان الحديدة سيضعف موقع الحوثي، وستتراجع قدرته على التعطيل والتخريب، وسيدرك ضرورة الانخراط في المفاوضات، وأنه لن يستطيع فرض شروطه ورؤيته من موقع الانقلابي الحامل للسلاح المستولي على مقدرات الدولة ومؤسساتها.
وكان قرقاش قال في سلسلة تغريدات أول من أمس إنّ احتلال الحوثيين الحديدة من شأنه إطالة أمد الحرب، وإن تحريرها سيجلب الحوثيين إلى طاولة التفاوض.

وأضاف قرقاش أن استخدام الحوثيين الألغام الأرضية والبحرية يظهر استهتارهم وعدم اكتراثهم بحياة اليمنيين، داعياً المجتمع الدولي للضغط عليهم لمغادرة المدينة والإبقاء على مينائها سليماً":

وقد سبق أن أكدت تقارير سابقة في "حفريات" أنّ ميناء الحديدة هو الممر الأول لجميع الجزر اليمنية، وأهمها حنيش الكبرى والصغرى، ومن هنا تكتسب معركة الحديدة (226 كم غربي صنعاء) التي يخوضها "التحالف العربي" لدعم الشرعية في اليمن قيمة إستراتيجية كبرى، بعدما تمكن التحالف وقوى الشرعية اليمنية حتى الآن من تحرير أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي اليمنية، بما فيها عدن، العاصمة المؤقتة، إلى جانب تمكّن التحالف من إبعاد المليشيا الانقلابية عن باب المندب، وتحرير المكلا من تنظيم "القاعدة" الإرهابي، وتحرير المخا وحيس والخوخة، وتضييق الخناق على الحوثيين في معقلهم صعدة وصنعاء. وسيكون تحرير الحديدة بحدّ ذاته عاملاً فاصلاً في الحسم النهائي لمعركة تحرير اليمن من الحوثيين، وفي الإجهاز على قواتهم في العاصمة صنعاء التي ستصبح باستعادة الحديدة شبه محاصرة في منطقة داخلية منقطعة عن الإمداد عبر البحر.
نقاط القوة والضعف
وفي إطار موازنة وتقييم نقاط القوة والتحديات، ذكر تحليل بثته قناة "بي بي سي" أمس أن التحالف العربي يتوافر على نقاط قوة أبرزها استعداد نحو 10 آلاف مقاتل لتحرير الحديدة، تساندهم مئات المقاتلات المتفوقة بما يضمن السيطرة الجوية، إلى جانب مساندة البوارج الحربية المرابطة في المياه الدولية، ناهيك عن الدعم السياسي واللوجستي الغربي والتفوق في مجال الإعلام والحرب النفسية. كما أنّ الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، إلى الإمارات عززت التفاهم بين التحالف والحكومة الشرعية، وأكسبت القوات الإماراتية في الحُديدة مزيداً من الفاعلية وتوظيف جميع طاقات الحلفاء المحليين على الأرض. غير أنّ هذا لا يمنع وجود تحديات بشأن تجانس التشكيلات العسكرية المقاتلة، واتساع مسرح العمليات، وصعوبة التضاريس، والتحديات الإنسانية المتعلقة بالمدنيين ووصول المساعدات وعدم انقطاعها عن ملايين من السكان، لا سيما وأنّ الحوثيين زرعوا كميات كبيرة من الألغام البحرية، واعتمدوا أسلوب المفخخات والتلغيم، التي ستدفع التحالف إلى مزيد من التأني حماية لأرواح السكان وحفظاً لحقوقهم وتقليصاً للخسائر. في هذه الأثناء، أكّد المتحدث باسم التحالف العربي العقيد ركن تركي المالكي، أنّ الوقت الحالي هو الأنسب لبدء عمليات تحرير الحديدة، مشيراً إلى أنّ المخاوف الدولية والإقليمية الموجودة حالياً ستتلاشى بعد تحرير المدينة.

اقرأ أيضاً: كيف يدعم السياق الدولي السعودية والإمارات لتحرير الحُديدة في اليمن؟
إلى ذلك، ربما تكون التكتيكات الحوثية نقاط قوة إلى جانب خبرات الحوثيين في حرب الشوارع، لكن عجزهم عن استعمال السلاح الثقيل (خاصة الدبابات) بسبب انكشافها في ظل السيطرة الجوية لقوات التحالف العربي، سيُضعف الطرف الحوثي، خصوصاً وأنه يعاني صعوبات لوجستية، وضعفاً في المعنويات، وعزلة إقليمية ودولية، فضلاً عن تشتت مقاتلي المليشيا الحوثية في ظل تعدد جبهات القتال.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية