بايدن ٢٠٢١ في الشرق الأوسط: لا ترامب ولا أوباما

بايدن ٢٠٢١ في الشرق الأوسط: لا ترامب ولا أوباما


25/12/2021

جويس كرم

الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، قد لا تكون لديه الكاريزما أو المهارة الاعلامية التي أتقنها سلفيه دونالد ترامب وباراك أوباما، إنما في السياسة الخارجية وتحديدا في الشرق الأوسط فهو أثبت خلال عام حافل له في الحكم، بأنه قادر على إعادة التوازن لمصالح واشنطن، وفتح قنوات وأبواب كان صدها الباقون.

قلة من الرؤساء الأميركيين لديهم الخبرة في السياسة الخارجية التي جاء بها بايدن إلى الحكم والتي تمتد لأكثر من ٣٠ عاما بين مجلس الشيوخ وكنائب للرئيس في أيام أوباما. هذه الخبرة تضعه اليوم في المطبخ السياسي للبيت الأبيض لصنع الدبلوماسية الأميركية. فالرئيس هو من اختار أسماء محددة، بعضها رافقه لأعوام، لتكون في مواقع أساسية وأحيانا استشارية في الأمن القومي والخارجية والدفاع، وبايدن هو من حسم قرارات كبيرة مثل الانسحاب من أفغانستان وعدم رفع عقوبات بشكل مبكر على إيران وإصلاح العلاقة مع مصر والسلطة الفلسطينية. 

 في عامه الأول في الحكم برهن بايدن في الشرق الأوسط بأنه ليس دونالد ترامب ولا باراك أوباما. فليس هناك تغريدات تعلن الحرب والسلم، وليس هناك مواجهات ولغة تحدي في التعاطي مع شعوب وأنظمة المنطقة. وبدل نقل السفارة إلى القدس وهو ما فعله ترامب في عامه الأول وخلق قطيعة مع السلطة الفلسطينية، أنهى بايدن عامه الأول بإرسال وفد رفيع يرأسه مستشار الأمن القومي جايك سليفان، للقاء محمود عباس. 

وعلى عكس أوباما الذي خاض معارك مع أنظمة عربية، عاد بايدن لمد الجسور مع هؤلاء وحتى في حالة الخصوم مثل النظام السوري اختارت الإدارة الحالية خطا أقل تحديا وفتح قنوات أوسع مع روسيا للمساعدة في تثبيت التهدئة ولو بقي بشار الأسد.

بايدن في الشرق الأوسط يتقن خطاب المصالح التي أخفق فيها أوباما وحوله ترامب إلى معارك وأجندات تجارية وشخصية. فاليوم أميركا واضحة بأنها لا تريد الانغماس بوحول المنطقة سواء كانت حرب أهلية في اليمن أو انقلابات عسكرية في السودان أو سباق تسلح نووي تقوده إيران. الخروج من أفغانستان كان رسالة من الباب العريض بأن مصلحة أميركا هي في إعادة برمجة قوتها العسكرية لمواجهة عملاقا تكنولوجيا وعسكريا بحجم الصين، بدل خوض مشاكسات ومحاولة حفظ السلام بين كابل وقندهار. المنافسة والعلاقة مع بكين تحدد اليوم الإطار الأوسع للتعاطي مع دول المنطقة، فهي ليست حربا باردة إنما هي منافسة وواشنطن ستستخدم أدوات دفاعية واقتصادية لإبقاء صدارتها الاقليمية. 

في نفس الوقت الالتفاتة إلى آسيا والتي كان بدأها أوباما وفشل فيها بعدما انزلق في مطبات الربيع العربي، هي الأولوية لدى بايدن. وهي فرضت على واشنطن تخفيض طموحها الإقليمي. فلا تغيير الأنظمة لعبتها ولا خوض المواجهات نهجها وهي تسعى إلى حل الأمور وضمان الاستقرار بأقل ما يمكن. وتجارب حرب غزة في مايو والمفاوضات مع إيران لتفادي تطويرها السلاح النووي وإبقاء علاقة براغماتية مع دول الخليج تعكس أسلوب بايدن. 

طبعا هناك السلبيات والإخفاقات وأبرزها شكل الانسحاب من أفغانستان، إنما الهدف الاستراتيجي لا جدل فيه بأن دور واشنطن بعد عقدين من الزمن في كابل انتهت صلاحيته. هناك من ينتقد أميركا أنها لا تبدو بموقع القوي في الشرق الأوسط. ما تعريف القوة؟ هل هي حرب العراق أم الانسحاب من الاتفاق النووي أو تعميق الأزمة الخليجية أو منع السفر أمام دول ذات أكثرية مسلمة؟ حرب العراق والانسحاب من الاتفاق النووي أفادا إيران وهي تقترب من قوة تطوير السلاح النووي، فيما الأزمة الخليجية شذت مصالح واشنطن ومنع السفر كان قرارا استعراضيا ساعد خصوم أميركا. 

بايدن في عامه الأول أعاد الاتزان لعلاقات واشنطن في المنطقة وأعاد تعريف حدود تدخلها في الاقليم وهو على الأرجح سيمضي بعقيدة المصالح والمصالحة أولا وعدم كسر إناء هو غير قادر على إصلاحه.

عن "الحرة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية