"داعش" إذ يحرض على قتل الآباء والأقربين..هل المسؤول ابن تيمية؟

داعش

"داعش" إذ يحرض على قتل الآباء والأقربين..هل المسؤول ابن تيمية؟


15/05/2018

دخل "حسان" البالغ من العمر 16 عاماً على والده، فاروق الجبوري، أحد أبرز المرشحين في الانتخابات التشريعية العراقية، وأحد مرشحي "ائتلاف الوطنية"، جنوبي الموصل، حال نومه في غرفته فجراً فأطلق النار على وجهه وأرداه قتيلاً.

سارع "داعش" بإعلان مسؤوليته عن اغتيال "الجبوري" إذ نشرت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم في السابع من الشهر الجاري خبراً يفيد باغتياله في منزله بقرية "لزاكة" شمال القيارة، واصفين إياه بــ"المرتد" والمرشح للانتخابات "الشركية" عن القائمة "الوثنية"، وفق التنظيم.

احتفى التنظيم في إصداراته المرئية بعناصره الذين يقتلون آباءهم أمام عدسة الكاميرا مقدماً القدوة لغيرهم

من جهته نفى، المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار، ما ذكره التنظيم مؤكداً أنّ جريمة مقتل المرشح عن تحالف الوطنية جنائية، ولا تتصل بالجرائم الإرهابية، وأنّها جاءت بسبب خلافات عائلية.

إلا أنّ الهاتف المحمول لحسان حمل صوراً لـ"داعش" منها صورة "الجهادي جون" وهو ما يزيد الشكوك في تبعية الابن للتنظيم أو تأثره به على الأقل.

قبل ثلاثة أعوام ارتكب تنظيم "داعش" إحدى أكثر المجازر وحشية في سورية، راح ضحيتها المئات من عشيرة "الشعيطات"

قرابين في سبيل الخلافة

قبل ثلاثة أعوام ارتكب تنظيم "داعش" إحدى أكثر المجازر وحشية في سورية، راح ضحيتها المئات من عشيرة "الشعيطات" التي تقطن محافظة دير الزور، وهي إحدى أكبر العشائر السنية في سوريا.

أصدر قضاة التنظيم في صيف العام 2015، حكماً بالقتل على كل من يتجاوز عمره 14 عاماً من أبناء العشيرة مع مصادرة أراضيهم وبيوتهم وسبي نسائهم، إلا أنّ اللافت أنّ من وشى بهم لدى التنظيم كان أحد أبناء العشيرة وهو أبو سيف محمد حسين الغدير، الملقب بـ "أبو سيف الشعيطي".

لقي التنظيم استجابة لمناداته عبر إصداراته المرئية لقتل الوالدين والأقربين، إن لم يؤمنوا بعقيدة التنظيم أو صدوا عنه، واحتفى التنظيم في إصداراته المرئية بعناصره الذين يقتلون آباءهم أمام عدسة الكاميرا، مقدماً النموذج لغيرهم بأن يفعلوا ذلك.

لقي "داعش" استجابة لدعواته عبر إصداراته المرئية بقتل الوالدين والأقربين إن لم يؤمنوا بعقيدة التنظيم أو صدوا عنه

ففي بداية العام 2016، أعلن "داعش" عن قيام أحد عناصره في سوريا، بقتل والده في ساحة الإعدام بتهمة الردة، قبل أن يفجر نفسه في عملية انتحارية استهدفت قادة من تنظيم "جبهة النصرة"، فيما بث عدد من عناصر التنظيم، حينها، تغريدات تؤيد فعله، مبررين ذلك بما أسموه بـ"عقيدة الولاء والبراء".

وكتب منذر الزعبي، المكنى بـ"أبو غادة المهاجر"، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مبرراً قتل زميله جراح الأنصاري والده: "عندما عرف حقيقة التوحيد، وأدرك أنّ فعل الساحر ردة عن دين الله؛ بدأ بالأقربين إليه (والده) فقتله قُربةً لله ولاء وبراء"، فيما كان أحد شرعيي التنظيم، يحرض المتعاطفين معه عبر محاضرة دعوية مصورة، بقتل الأقارب والوالدين قبل الانضمام لصفوف التنظيم.

في نفس العام أقدم داعشي في العشرين من عمره يدعى علي صقر، على إعدام والدته لينا القاسم على الملأ، بعدما طلبت منه ترك التنظيم، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان؛ حيث قام بإبلاغ قادته أنّها "حرضته على ترك تنظيم الدولة الإسلامية والهروب معها خارج الرقة"، وحذّرته من أنّ غارات التحالف الدولي ستقتل جميع عناصر التنظيم، فاعتقل التنظيم السيدة على الفور واتهمها بالردة، ليقوم ابنها بإعدامها رمياً بالرصاص أمام مئات المواطنين.

في مطلع 2016 قتل أحد عناصر داعش بسوريا والده بتهمة الردة قبل أن يفجر نفسه بعملية انتحارية

في العام 2015 أبلغ مواطن سعودي عن اعتناق ابنه محمد الغامدي للفكر التكفيري وانتمائه للتنظيم، ورافق القوة الأمنية التي ستلقي القبض عليه، ليقتله ابنه صائحاً "الله أكبر" أثناء المواجهات مع الأمن في محافظة خميس مشيط السعودية.

كما قام أخوان سعوديان ينتميان إلى "داعش"، هما سعد وعبد العزيز راضي عياش العنزي، بقتل ابن عمهما حيث قام الأول بذبحه لكونه عسكرياً بالجيش السعودي، فيما قام الثاني بتصوير الجريمة، وأكدت عائلتهما التي مثلت لها الجريمة صدمة كبرى أن الأخوين وابن عمهما تربوا معاً في منزل واحد!

وفي العام نفسه أقدم توأمان، على طعن والديهما وشقيقهما الأصغر بالسكاكين والساطور في العاصمة السعودية الرياض بعد مبايعتهما زعيم تنظيم "داعش".

وقتل قيادي في "داعش" بكركوك شمال العراق في نيسان (ابريل)  2014 والده رمياً بالرصاص، وأكد مصدر أمني عراقي أن "الابن أطلق قرابة 30 رصاصة على والده، وأنّ التحقيقات من خلال المعلومات المتوافرة تشير إلى أن القتل جاء نتيجة الصراع بين تنظيمي "أنصار السنة" "وداعش" حيث رفض الوالد القتيل مبايعة أمير تنظيم داعش".

على خلفية اغتيال التوأمين السعوديين لوالدتهما تناول ناشطون قصاصات زعموا فيها أنّ ابن تيمية أجاز فيها أن يقتل الابن والده الكافر

جدل حول فتوى ابن تيمية

في أحد فيديوهات "داعش" التي قام فيها أحد عناصر التنظيم بقتل أخيه بدعوى ردّته وعمالته، ظهر عنصر آخر أمام الكاميرا ليبرر فعلته تلك فتلا قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ..) ثم أردف قائلاً: اقتلوهم.. اذبحوهم ولو كانوا آباءكم أو أخوتكم!.

وعلى خلفية اغتيال التوأمين السعوديين لوالدتهما، تناول ناشطون من تيارات مختلفة قصاصات، زعموا فيها أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية أجاز فيها أن يقتل الابن والده الكافر، ما فهم منه البعض أن توأمي "داعش"، استندا إلى أقوال في التراث، أقربها ابن تيمية، وفق تقرير لصحيفة المرصد نُشر إثر الجريمة.

أقدم داعشي في العشرين من عمره على إعدام والدته على الملأ بعدما طلبت منه ترك التنظيم

لكن عدداً من الدعاة الإسلاميين نفوا التهمة عند ابن تيمية وعلّق وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ، على هذه الجزئية بأن قول شيخ الإسلام:  "وإذا كان مشركاً جاز للولد قتله، وفي كراهته نزاع بين العلماء"، يقصد به إذا تواجها في "الحرب"، هذا في فئة المؤمنين والوالد في فئة الكافرين، في هذه الحال فقط".

ولفت في التعليق الذي نقله عنه طالبه المقرب الدكتور راشد الزهراني، في "تويتر"، إلى أنّ ابن تيمية ليس وحده الذي عالج هذه الحال علمياً، مضيفاً: "هذه المسألة ذكرها فقهاء المذاهب، ومما جاء في المذهب المالكي قول خليل في مختصره في قتال البغاة: "وكره للرجل قتل أبيه وورثته"، وجاء في المذهب الحنفي، قول الكاساني، في بدائع الصنائع "ويكره للمسلم أن يبتدئ أباه الكافر الحربي بالقتل".

وزاد آل الشيخ "أما القتل عنوة وغيلة وفي المدن فلا يقول به أحد من العلماء لا ابن تيمية ولا غيره، وهو حرام بالإجماع، مؤكداً أن "من نسب إلى العالم الجليل شيخ الإسلام ابن تيمية غير هذا فقد افترى على هذا الإمام".

عقب قتل توأمين سعوديين لوالديهما لاحقت ابن تيمية اتهامات بإجازته قتل الابن والده الكافر

وقد جاء عن اثنين من الصحابة - استئذانهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قتل أبويهما، هما: عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ وحنظلة بن أبي عامر قال ابن حجر في (الفتح): "ومن مناقبه -عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ- أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذنه في قتله، قال: "بل أحسن صحبته".

واستئذان عبد الله بن عبد الله في قتل والده رواه أيضاً الحاكم في (المستدرك) قال: حدثنا أبو العباس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عبد الله بن أُبيّ بن سلول قال: "قلت: يا رسول الله، أقتلُ أبي؟ قال: لا تقتل أباك".

الصفحة الرئيسية