منشور إخواني يكشف تاريخ بدء الانشقاقات والتشرذم داخل التنظيم.. ما القصة؟

منشور إخواني يكشف تاريخ بدء الانشقاقات والتشرذم داخل التنظيم.. ما القصة؟


16/01/2022

تعيش جماعة الإخوان حالة التدمير الذاتية جرّاء الحرب المشتعلة والدائرة في قمة "رأس الإخوان" بين معسكري تركيا وبريطانيا، بالإضافة إلى فقدانها خلال عام 2021 أهم حاضناتها، وهي دولة تركيا.

وانشطرت الجماعة، بسبب الصراع على عدد من المصالح والمناصب، إلى جبهتين: الأولى يقودها الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين من داخل إسطنبول، ويقود الثانية القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم إبراهيم منير، المقيم بلندن.

اقرأ أيضاً: صراع الإخوان: هل يلعب قسم الأخوات دوراً في الأزمة الداخلية للجماعة؟

لكنّ المفاجأة المدوية وردت في منشور خاص بالتنظيم الإخواني صدر في 20 أيار (مايو) 2016، حيث كشفت أنّ الانشقاق الإخواني لم يكن وليد عام 2021، بل إنّ النزاعات كانت دائرة قبل تاريخ صدور ذلك المنشور، أي قبل نحو (6) أعوام.

وحسب الوثائق المنشورة عبر "العربية"، فإنّ المنشور الخاص مرّره للمكاتب الإدارية بعنوان رسالة للصف، ويرجح أنّه صدر من قِبل التيار الثالث في الجماعة، ألا وهو تيار الشباب الذي كان يقوده محمد كمال، وقد طالب الأخير بمحاسبة من وصفهم بالمرسّخين للشقاق الذين قسّموا الجماعة إلى قسمين؛ لكلٍّ منهما متحدث إعلامي، ومكتب إداري، وموقع إلكتروني.

الصورة
1
الصورة
2

وتضمّن البيان، الذي يثبت أنّ النزاع بدأ مبكراً جداً، قرارات موقعة ورسمية تفيد بإيقاف من وصفهم بـ "المرسّخين للشقاق".

ولعلّ المفاجأة تكمن في أنّ لائحة هؤلاء "المرسّخين للانقسام" ضمّت القيادات الحالية التي انقسمت فعلياً، وهي إبراهيم منير، ومحمود حسين، ومعهما مصطفى طلبة القائم بعمل المرشد حالياً ضمن جبهة حسين، بالإضافة إلى محمود الإبياري عضو التنظيم الدولي المقيم في لندن، المحسوب على جبهة منير، فضلاً عن محمد الحلوجي مسؤول الإخوان في أفريقيا، ومدحت الحداد مسؤول استثمارات الإخوان في تركيا، ومحمد شلبي.

 

منشور خاص بالتنظيم الإخواني يكشف أنّ الانشقاق الإخواني لم يكن وليد عام 2021،  بل إنّ النزاعات كانت دائرة منذ عام 2016

 

وكان التيار الثالث قد كلّف مسؤولين آخرين بتولي كافة أمور الجماعة تنظيمياً، وذلك قبل صدور المنشور بعام.

وكشفت المعلومات أنّ حلمي الجزار كانّ مسؤولاً عن الملف السياسي، وتولى دسوقي شاهين الملف الطلابي، بينما شمل ملف الإعلام مسؤولاً آخر يُدعى السعدني، أمّا مواقع التواصل، فقد سُلّمت لشاب يُدعى هيثم سعد، في حين تولى عثمان عناني منصب أمين شورى القطر المصري ومديراً لاجتماعاته.

اقرأ أيضاً: شماتة الإخوان في الموت... بحث عن نصر زائف

وبيّنت المعلومات أنّه طيلة الفترة الممتدة من أيار (مايو) 2016 حتى تصفية القيادي محمد كمال في مواجهة مع قوات الأمن المصرية في تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه، لم تكن المكاتب الإدارية في مصر تتعامل مع جبهتي حسين ومنير، وظلّ الأمر سرّاً، حتى أعلن التيار الثالث عن نفسه مجدداً، وطالب قبل أسابيع بالإطاحة بحسين ومنير، وتعيين وجوه جديدة، على رأسها حلمي الجزار.

هذا، ولم تتوقف تطورات الانشقاقات على التجاذبات والاتهامات بين جبهتي حسين ومنير، بل رفع بعض الإخوان شعار مهاجمة الجماعة بعد وقف عدد من البرامج التلفزيونية التي تهاجم مصر ونظامها، حيث قرر مذيع قناة الشرق الإخوانية طارق قاسم الانقلاب على جماعته، واستخدم ألفاظاً جارحة في سبّ وشتم الجماعة، في إطار تعليقات حول أسعار الليرة التركية، والانخفاض الكارثي الذي تعانيه العملة في البلاد.

وقد علّق كثير من متابعيه عبر تويتر باستغراب على استخدامه ألفاظاً خادشة للحياء والسبّ الصريح لأعضاء الجماعة.

 

المنشور صدر عن تيار الشباب، وطالب بمحاسبة من وصفهم بالمرسّخين للشقاق، وأورد فيه أسماء الشخصيات التي تقود الصراعات بين جبهتي لندن وإسطبنول

 

وكان معتز مطر ومحمد ناصر وغيرهما من إعلاميي الإخوان قد أعلنوا وقف بثّ برامجهم عبر الفضائيات التي تبثّ من الأراضي التركية، والاكتفاء بالبثّ عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي؛ ممّا يشير إلى أنّ الهجمات اللاحقة ستتوجّه إلى الجماعة من قبل إعلامييها الذين دافعوا عن إيديولوجيتها طوال الأعوام الماضية، وفق ما نقلت صحيفة اليوم السابع الشهر الماضي.

اقرأ أيضاً: بعد النكسة.. بنكيران يدق آخر مسمار في نعش "إخوان المغرب"

وبالعودة إلى تطورات الخلافات بين جبهتي إسطنبول ولندن، قرّرت جماعة محمود حسين منع الدعم المالي الشهري عن مؤيدي جبهة لندن في مصر.

 

جماعة محمود حسين تقرّر منع الدعم المالي الشهري عن مؤيدي جبهة لندن في مصر، ووقف الدعم المالي عن أسر معتقلي الجماعة في السجون المصرية المؤيدين لمنير

 

وأصدر حسين، وفقاً لما أوردته صحيفة عكاظ مطلع شهر كانون الثاني (يناير) الجاري، قراراً بوقف الدعم المالي عن أسر معتقلي الجماعة في السجون المصرية، وتعليق رواتبهم الشهرية، خاصّة المحسوبين على جبهة منير.

 وحذّر عناصر وقادة المكاتب الإدارية في الداخل من تأييد منير، وهدّدوا بفصلهم رسمياً، وبالتالي وقف الامتيازات الممنوحة لهم.

وبدأ القائم الجديد بعمل المرشد مصطفى طلبة، التابع لجبهة إسطنبول، بحلّ التنظيم الدولي في لندن، بعدما قرر منير حلّ ما عُرف بالشورى العام التابع لحسين.

ونشطت الجبهتان أخيراً في الاستحواذ والسيطرة على فروع ومكاتب التنظيم، في الداخل والخارج والمكاتب الإقليمية، من أجل الهيمنة على الشركات والحصص الاستثمارية والتمويلات والتبرعات والاشتراكات التي ترد إلى الجماعة.

 

الإعلامي طارق قاسم ينقلب على الجماعة، ويستخدم ألفاظاً جارحة في سبّ وشتم الإخوان، في إطار تعليقات حول أسعار الليرة التركية

 

وتقف الجماعة أمام هذه الانشقاقات والتصريحات أمام سيناريوهين؛ الأول: هو انفصال مجموعة محمود حسين تحت مظلة مكتب الإرشاد، والانفصال عن التنظيم الدولي الذي يترأسه في الوقت الحالي إبراهيم منير، ويبقى موقف الأفرع في شتى البلدان مرهوناً بالولاءات الشخصية لطرفي الصراع.

أمّا السيناريو الثاني، فيتمثّل في قدرة مجموعة القيادات التاريخية بقيادة منير على حسم الصراع الداخلي، خاصة بعد تزكيتهم لجبهة لندن، بذريعة أنّه تمّ اختياره نائباً من قِبل المرشد الإخواني السابق محمد بديع.

اقرأ أيضاً: ما علاقة إخوان اليمن بدعم السلفية السرورية للحوثيين؟

يُذكر أنّ جبهة إسطنبول كانت قد أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي أنّ مجلس الشورى اجتمع في تركيا، وقرّر تشكيل لجنة مؤقتة تقوم بمهام المرشد العام للجماعة لمدة (6) أشهر.

وأكدت لاحقاً أنّ اللجنة بدأت في ممارسة عملها، وأعلنت تسمية مصطفى طلبة ممثلاً رسمياً لها.

وقد رفضت جبهة منير تلك القرارات جملةً وتفصيلاً، مؤكدة أنّ انعقاد مجلس الشورى في تركيا، أو صدور أيّ قرارات عنه باطلة ولا أثر لها، معلنة تحويل عدد من المسؤولين المحسوبين على جبهة حسين للتحقيق بتهم تتعلق بالفساد وسرقة أموال التنيظم، وجاء ذلك مع تجديد مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان المسلمين المصريين بالخارج البيعة له كقائم بأعمال المرشد، واعتبار ما نُشر على منصات "الإخوان" الدعائية مغايراً للحقيقة، ناهيك عن اعتراض عدد من قيادات التنظيم على ما حدث من قبل جبهة حسين.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية