"حفريات" تستطلع أمنيات العرب في العيد: الخلاص من كورونا والحروب

"حفريات" تستطلع أمنيات العرب في العيد: الخلاص من كورونا والحروب


22/07/2021

تبدو التطلعات التي رصدتها "حفريات" لدى فئات متفاوتة، في مصر وعدد من البلدان العربية بخصوص أمانيهم في العيد، متجانسة، إلى حد كبير، وتكشف عن هواجس وأحلام متقاربة، إذ إنّ عبء الفيروس التاجي الذي هدّد البشرية، وزلزل استقرار المجتمعات كافة، منذ مطلع العام الماضي، ما يزال يحتل جزءاً كبيراً في الهمّ الإنساني، ويبعث بمخاوف جمّة.

المحلل السياسي الليبي هيثم أحمد الورفلي لـ"حفريات": أتمنى في العيد الأضحى المبارك أن يعم الأمن والأمان لشعبنا وبلادنا الحبيبة، وتنتهي حقبة العشرية السوداء التي أنهكت الدولة

ومن الصحة إلى السياسة، لا يكاد يختلف المشهد كثيراً على خلفية تأزم الأوضاع في المنطقة، إذ أضحت سوريا بين احتلالات عديدة، ومستقبل صعب يطارده الموت، وثقافة الألم والتعذيب، وذاكرة مثقوبة بالفقد والشتات، بينما في اليمن أزمة إنسانية حادة، يدفع كلفتها الأطفال والنساء، ويقع العراق تحت وطأة النهب والاستغلال والانفلات والفساد، كما يخوض اللبنانيون صراعاً مريراً لتحرير بلادهم من سيطرة قوى، محليّة وخارجيّة، تعمل ضدّ استقراره وتقدمه، لدرجة جعلت المواطن لا يفرق بين المجاز والحقيقة عندما لا تسري الكهرباء في مولدات الطاقة، وتبدد العتمة أيّ أمل.

ومنذ عقد كامل، تبدلت الصور والمشاهد ومعهما كذلك المشاعر التي ترافق العيد، حيث كان بث أجواء العيد من فلسطين يبعث بمشاعر مختلطة، لا سيما في ظل الاحتلال الصهيوني الذي يجعل جانباً من الصورة موحشاً، غير أنه بعد التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة العربية، في أحداث العام 2011، تقاربت الأحوال بين معظم دول المنطقة، التي عانت من أزمات وصراعات، جعلت أبسط مطالب الحياة من أمن واستقرار وأمن غذائي، أمراً ضرورياً وحيوياً.

سوريا.. متى ينتهي الشتات؟

الصحفي السوري إبراهيم مسلم، أعرب عن أمله في تصريح لـ"حفريات": بأن "تنتهي جميع أشكال الاحتلالات، وأن يعود المهجرون إلى بيوتهم، وأن يتم جبر خواطرهم"، موضحاً أنّ غياب السوريين عن وطنهم بفعل الحرب أو الاعتقال أو التهجير واللجوء، يصنع فجوة نفسية يصعب ترميمها، "لا سيما في المناسبات الاجتماعية والأعياد المرتبطة في الذاكرة بأجواء عائلية خاصة، فضلاً عن الزيارات المتعددة لأماكن تحولت إلى ركام ملوث بآثار أمراء الدم والحرب".

الصحفي السوري إبراهيم مسلم

ويضيف مسلم: "أحلم بالإفراج عن المعتقلين والمختفين قسراً، وتعويض عوائل الشهداء، مادياً وعنوياً، ومن ثم، يتم تقديم كل المجرمين لمنصة القضاء والعدالة، سواء من النظام أو المعارضة، وأن يكون هناك أفق سياسي وحل سلمي للأزمة السورية، بعيداً عن العنف، للحفاظ على ما تبقى من السوريين".

الروائية والمدونة الجزائرية فاطمة حمدي قالت لـ"حفريات": "في هذا العيد كما الأعياد السابقة، أتمنى للإنسانية السلام، ولبلدي الجزائر الاستقرار والأمان، وأن تعود معاني الإنسانية في أوطاننا"، مشيرة إلى رغبتها في التخلص من "شبح فيروس (كوفيد 19) الذي قلب حياتنا رأساً على عقب، وأن يزداد الوعي والإدراك الجماعي لضرورة المخاطر الناجمة عن تغير المناخ والذي بدأنا ندفع ثمن تجاهلنا له".

لبنان.. هل يبدد العيد العتمة؟

عيد الأضحى، بالنسبة للباحثة اللبنانية منى عويس، يأتي في لحظة تبدو قاسية، بسبب ما تتعرض له لبنان من أوضاع اقتصادية تستنزف مقدراته، وتضغط المواطن في يومياته العادية، موضحة لـ"حفريات": "لبنان يعيش تجربة تلامس الجنون وتتحدى الوعي. في ذروة الحرب الأهلية وكل الحروب التي عرفها لبنان في تاريخه، لم يشهد مثل هذا الانحدار السريع. لا أموال في لبنان مع المواطنين، وقد كسر الدولار حاجز العشرين ألف ليرة، كما لا توجد كهرباء، بينما تنقطع لأكثر من نصف اليوم، وتأتي، فقط، لمدة أربع ساعات، ونعتمد على المولدات التي يصعب تشغيلها، بسبب عدم وجود السولار والبنزين".

الصحفية المصرية زينب عتريس لـ"حفريات": أمنيتي تحققت من خلال التشريع الجديد بتغليظ عقوبة التحرش الجنسي كدليل على اهتمام الرئيس المصري بتحقيق الأمن الاجتماعي، وخصوصاً للمرأة

وتتساءل عويس: "أي عيد هذا الذي نفكر فيه بينما ليس بمقدور الأسر اللبنانية، في الأيام العادية، تأمين كسرة خبز لأبنائها، وحليب للأطفال، كما لا توجد غالبية الأدوية بالصيدليات؟، هل يأتي العيد بدون طقوسه الاحتفالية من ملابس جديدة، وطعام شهي، والخروج للتنزه؟ كل ذلك لن يتحقق لغالبية المواطنين".

مصر: مشروع "حياة كريمة"

"أتمنى أن يطيل الله في عمر الرئيس السيسي، الذي استعادت مصر مكانتها بقيادته، وخطت بقوة نحو تحقيق تطلعات شعبها في التنمية والأمن والفاعلية الدولية".

هكذا بدأت الصحفية المصرية، زينب عتريس أمنيتها للعيد الذي يأتي في ظلّ فرحة مصرية كبيرة بعد إطلاق الحكومة مشروعها التنموي الأكبر في تاريخ البلاد، والذي يعتبر أيضاً الأكبر على مستوى العالم، وهو مشروع "حياة كريمة" الذي يستهدف تحسين حياة 58 مليون مصري في الريف، لتتكامل به رؤية الدولة التنموية التي سبقت في الحضر، سواء المدن القائمة أو الجديدة، إلى جانب خطط تنموية ضمن إستراتيجية شاملة للنهوض بالبلاد، وفق رؤية 2030، وغيرها من الرؤى بعيدة المدى.

المدونة والروائية الجزائرية فاطمة حمدي

وفي ظل الإنجازات التي تحققها الدولة المصرية، بقيادة الرئيس السيسي، لم يعد المصريون يقبلون بأي تهاون، أو قصور، في فرض هيبة الدولة وإنفاذ القانون، خصوصاً فيما يتعلق بالأمن الاجتماعي الذي يمس الحياة اليومية للناس، ولذلك؛ كانت إحدى أماني الصحفية زينب في حديثها لـ"حفريات" أن جاء التشريع الجديد بتغليظ عقوبة التحرش الجنسي كدليل على اهتمام الرئيس المصري بتحقيق الأمن الاجتماعي، وخصوصاً للمرأة. وتتابع: "أمنيتي أن تكون الأجهزة الأمنية والمؤسسات الثقافية والدينية على قدر المسؤولية والجد في القيام بوظائفهم أسوة بالانجازات التي يحققها الرئيس والحكومة في ملفات تنموية وإدارة السياسة الخارجية، وليت الداخل يدار بمثل كفاءة إدارة العلاقات الخارجية".

الصحفية السودانية سارة التيجاني لـ"حفريات": أتمنى حياة غير اعتيادية، لا تتشابه فيها الأيام، حتى لا أشعر بوطأة الغربة عن الأهل والوطن، فتجتمع علي هموم الوطن وهموم شخصي

وخلال الأيام الماضية أفرجت مصر عن عدد من السجناء السياسيين، من غير المتورطين في جرائم جنائية، وهي الخطوة التي لاقت ترحيباً كبيراً من المصريين، الذين يتطلعون لأن تتفهم الحكومة الظرف العام الذي عاشته البلاد منذ عام 2011، وفي هذا الخصوص تقول زينب عتريس: "الرئيس عيّد على المصريين بقرار الإفراج عن عدد من المحتجزين على خلفية قضايا الرأي، وأتمنى أن ينظر بعين الأب لكل من لم يتورط في عنف من المسجونين، فهو الأب الذي عايش فترة الاضطرابات، وكان عليماً بما يدور في الخفاء، لكن هذه الحكمة والمعرفة لم تتوفر لكثير من الشباب الذين انجرفوا بحماسة الشباب وبجهل أحياناً، ما عرضهم للسجن، فلينظر سيادته برأفة الأب لكل مسجون لم يتورط في جريمة، وليأخذ بيده ليندمج في المجتمع".

ليبيا: الاستقرار والانتخابات

ومن بلد لآخر تختلف الأمنيات، فلم يعد للأماني المشتركة مكان؛ فكل شعب مشغول بواقعه، وفي ليبيا التي تواجه تحدياً مفصلياً، نهاية العام الجاري، متمثلاً في إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية، والتي تهددها مؤامرات تنظيم الإخوان، المصنف على قوائم الإرهاب، والذين يهيمنون على غرب البلاد، بمساعدة العسكريين الأتراك والمرتزقة الذين جلبوهم، يتمنى الشعب الليبي أنّ تعبر البلاد نحو الأمن والاستقرار عبر الاستحقاقات الانتخابية.

الصحفية المصرية، زينب عتريس

وعن أمنياته يقول المحلل السياسي الليبي، هيثم أحمد الورفلي لـ"حفريات": "أتمنى في عيد الاضحى المبارك أن يعم الأمن والأمان على شعبنا وبلادنا الحبيبة، وتنتهي حقبة العشرية السوداء التي أنهكت الدولة بسبب الحرب والانقسام والفساد وإهدار المال العام، وأيضاً نتمنى أن تكتمل هذه السنة باستكمال الاستحقاق الانتخابي والوصول إلى يوم 24 ديسمبر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لنبدأ مرحلة الاستقرار للدولة وللشعب".

اليمن: أمنية بدولة الجنوب

في اليمن تتنوع الأماني، في ظل وضع كارثي تشهده البلاد بسبب العدوان الحوثي، والتآمر الإخواني ضدّ أبناء الجنوب وتعز والساحل الغربي، حتى بات سكان هذه المناطق بين نارين؛ العدوان الحوثي ومماثله الإخواني، ويعتبر العدوان الحوثي أشد فتكاً؛ كونه متلحفاً بغطاء الشرعية التي يوظفها لخدمة مصالح جماعة الإخوان المسلمين على حساب الشعب اليمني.

وتبعاً لهذه المتغيرات، لم يعد أبناء جنوب اليمن يؤمنون بالعيش مع الشمال، بعد أن وقعوا تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الطائفية، بشكل شبه كامل، وما تبقى بات تحت سيطرة جماعة الإخوان المسلمين، فأضحى الحلم هو استعادة دولة الجنوب.

المحلل السياسي الليبي هيثم أحمد الورفلي

 ويقول الصحفي الجنوبي، إياد الهمامي لـ"حفريات": "مع اقتراب عيد الاضحى المبارك وطقوسه ينبعث الأمل من جديد لدى الشعب الجنوبي وقياداته السياسية، ممثلة في الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وفي أبطال القوات المسلحة الجنوبية الذين يعتبرون القلب النابض للوطن الجنوبي، وأمنياتنا كشعب الجنوب هي استعادة هويتنا الوطنية الجنوبية كاملة السيادة على كامل حدودنا الوطنية".

السودان: الاستقرار والتنمية

الصحفية السودانية سارة التيجاني تحدثت عن أمنياتها لعيد الأضحى، بعبارات شعرية، فتقول: "أمنية نرويها بأمنية فتروينا، ورغبة نحاصرها، وفينا نصادرها، فتعصرنا وتأذينا، ليت السلام يروي سوادنيينا".

اقرأ أيضاً: عيد الأضحى المبارك.. كيف حلّ على المسلمين في ظل جائحة كورونا؟

وفي السودان تعتبر الأماني هي كل ما يملك الشعب بعد عامين من الثورة؛ لم تتحقق فيها التطلعات التي دفع الشعب ثمناً غالياً من أجلها، ووجد الجيل الحالي نفسه أمام تركة ثقيلة من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، وكُتب على هذا الجيل أن يدفع الثمن على أمل التغيير، الذي صار مشكوكاً فيه أمام التحديات الهائلة.

وأضافت التيجاني لـ"حفريات": "الأماني كثيرة لكن الواقع غير مبشّر في المدى المنظور، حتى إنّ فكرة التمني باسم المجتمع صار ضرباً من العبث، وبات النجاة بالنفس بمثابة الانتصار الحقيقي".

ومع ذلك فإن أمنية التيجاني "حياة غير اعتيادية، حياة لا تتشابه فيها الأيام، حتى لا أشعر بوطأة الغربة عن الأهل والوطن، فتجتمع علي هموم الوطن وهموم شخصي".

الصحفي اليمني إياد الهمامي

ولا تنسى سارة المجتمع السوداني، وتقول: "أحلم بوطن يعيش الناس فيه من أجل المستقبل، ويصبح الحلم وتحقيقه منالاً يأتي بالجد، وأن نتجاوز عقود من الاضطرابات السياسية، وأن يلتئم الانقسام الاجتماعي الذي يهدد بوضع أخطر، وتتحسن الأحوال المعيشية، فلا يعاني أحد، ونتكاتف كمجتمع نحو مصالحة واسعة بين الجميع لتجاوز ضغائن وصراعات الماضي".

اقرأ أيضاً: عيد الأضحى في المغرب.. سُنة إجبارية

وتجمع التيجاني أمانيها بكلمات الراحل محمد طه القدال: "شن عندي ليك أنا يا وطن، غير القصيدة الشابي فزعها في الشموخ، هادي الحروف الغنتك، وكتين تناهد روحي بين همي العليك، وقت المهازل والشروخ".

وربما يأتي العيد ويذهب ويتبعه آخر ولا تتحقق كل الأماني، لكنّ يظل التمسك بالأمل، وتذكير النفس والآخرين بالقدرة على التمني هو ما يجعلنا قادرين على العيش في وسط المصاعب، تقول الصحفية السودانية، وكأنها تنطق بلسان الكثيرين.

الصحفية السودانية سارة التيجاني



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية