جدل حول لقاح كورونا في لبنان.. وناشطون: هل يوجد مطعوم ضد العنصرية؟

جدل حول لقاح كورونا في لبنان.. وناشطون: هل يوجد مطعوم ضد العنصرية؟


20/01/2021

في الوقت الذي تتسارع فيه حملات التطعيم في مختلف دول العالم، وسط توصيات من منظمة الصحة العالمية بتوزيع عادل للقاح، وإعطاء الأولوية للفئات العمرية والفئات الأكثر تعرّضاً للخطر، وتزامناً مع قرب وصول الدفعة الأولى من لقاح فيروس كورونا في بداية شباط (فبراير) المقبل إلى لبنان، برزت أصوات تطالب بـ "حصر" إعطاء اللقاح للبنانيين، واستثناء باقي المقيمين على الأراضي اللبنانية.

دافع بعض الناشطين على مواقع التواصل في لبنان عن حق اللبناني الذي يعيش في ظروف اقتصادية صعبة بأخذ اللقاح قبل غيره

وبدأت القصة بتغريدة نشرها عضو المكتب السياسي في التيار الوطني الحر وديع عقل على صفحته الرسمية في موقع "تويتر"، وقال فيها "اقتراح: يلي قادر، بيدفع حق الطعم نقداً أو بواسطة دولاراتنا المحجوزة بالبنك، وأكيد وفقاً للأولويات الصحية، هيك منعطي فرصة تأمين عدد أكبر من الطعوم ليلي مش قادرين ومندعم الجهاز الطبي، شرط إعطاء الطعم للبناني حصراً، ونشر التفاصيل مع الأسماء بشفافية مطلقة".

 

ليتبعه الناشط السياسي في التيار نفسه ناجي حايك، بنشر تغريدة أخرى، قال فيها: "لا بلد في العالم يسمح بتلقيح أي شخص موجود على أرضه قبل تلقيح مواطنيه، يعني على الأمم المتحدة استكمال إيصال الطعم لجميع اللبنانيين، قبل أن نسمح بإيصال أي جرعة لأي غريب".

هذه التغريدات أثارت جدلاً واسعاً، وتفاعلاً كثيفاً على موقع تويتر، حيث انقسم اللبنانيون، بين مرحبٍ بحصر اللقاح باللبنانيين، وبين من اعتبرها "عنصرية" وتفتقر إلى أي منطق علمي.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أوصت الدول بإعطاء أولوية التطعيم للعاملين في الخطوط الأمامية وفي خدمات الرعاية الصحية، وكذلك لكبار السن والفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإصابة بـ "كوفيد 19"، سيما ممّن يعانون من أمراض مزمنة.

اللقاح للبناني أولاً

ودشّن مجموعة من اللبنانيين وسم "اللقاح للبناني أولاً"، حيث دافعوا عن أولويّة حق اللبناني في اللقاح، بدل توزيعه على "الأجانب" الذين يعيشون في لبنان، سواء كانوا نازحين سوريين أو لاجئين فلسطينيين، أو حتّى عمّال أجانب مقيمين في لبنان، واعتبروا أنّ دفاعهم يندرج في خانة "الوطنيّة" لا "العنصرية".

أوصت منظمة الصحة الدول بإعطاء أولوية التطعيم للعاملين في الخطوط الأمامية وفي خدمات الرعاية الصحية، وكذلك لكبار السن والفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإصابة بـ (كوفيد 19)

ودافع بعض المغردين عن حق اللبناني الذي يعيش "بإفلاس" بأخذ اللقاح قبل غيره؛ إذ غرّد الناشط "جوي" قائلاً: "اذا قال #اللقاح_للبناني_اولاً، ما بيكون عنصري، وما بيكون عم يمنع اللقاحات عن غير اللبنانيين لأنو ما في فائض وحارمهم منو، مش عيب اللبناني يلي عايش بإفلاس وعم ياخد قروض ومساعدات، يقول أعطونا اللقاح قبل أي غريب ساكن بأرضنا".

وختم قائلاً: "اذا عندك ضيوف ببيتك وأهلك بخطر بتحمي أهلك قبل الكل".

 

فيما فاخر البعض بعنصريّته، واعتبر أنّ ما أدّى إلى خراب لبنان، هو وضع مصلحة "الغريب" قبل مصلحة ابن البلد، مستعينين بمقولة النائب جبران باسيل "عنصريون بلبنانيّتنا"؛ إذ غرّد الناشط "فيليب" قائلاً: "#اللقاح_للبناني_أولاً وأنا عنصري بلبنانيتي ويلي مش عاجبه في سور الصين العظيم يبلش يدق راسه".

ورأى آخرون أنّ كل شيء للبناني أولاً سواء فيما يتعلق باللقاح أو غيره؛ إذ غرّدت الناشطة "مها" بالقول: "#اللقاح_للبناني_أولاً ما عندي مشكلة العنصرية صراحة بهيك موضوع وما في إني فكر مرتين اللبناني قبل اللاجئ بميت مرة.. لقاح وغير لقاح ..منتهية".

اللقاح للجميع

في المقابل، دشّنت مجموعة أخرى من اللبنانيين وسم "اللقاح للجميع"، حيث هاجموا عنصريّة الحملة التي تصنّف مستحقي الطعم حسب جنسياتهم، في وقت تصنّفهم منظمة الصحة العالمية حسب فئاتهم العمرية وطبيعة عملهم وماذا إذا كانوا يعانون من أمراض مزمنة.

أبرم لبنان صفقة مع شركة فايزر للحصول على 2.1 مليون جرعة من لقاحها المضاد لفيروس كورونا ستصل ابتداءً من أوائل شباط المقبل

وأعاد الناشط "أدهم الحسنية" نشر تغريدة وديع عقل، وعلّق عليها قائلاً: "هدف اللقاح يعمل مناعة قطيع ومش يحمي الأفراد ولن يقضي على المرض، ممكن يضل ينتقل وموجود، بهيك خطة ضربت الجهود العالمية لخطة التلقيح يا ضيعان العلم والعلماء".

وأضاف: "على أمل يصير في لقاح ضد العنصرية".

واعتبر بعض المغردين دعوات حصر اللقاح باللبنانيين غير منطقية وتعاكس "مناعة القطيع"؛ إذ غرّد الناشط "بلال" قائلاً: "فكرة مناعة القطيع بتعتمد على إعطاء العدد الأكبر من المقيمين الطعم لتخفيف قدرته عالانتشار، لأن اصلاً في عالم عندها عوارض صحية قد تحول دون أن تأخذ الطعم".

 دشّنت مجموعة أخرى من اللبنانيين وسم (اللقاح للجميع)، حيث هاجموا عنصرية الحملة التي تُصنّف مستحقي الطعم حسب جنسياتهم

وأضاف: "لما تجي تفرق بين لبناني وغير لبناني، بتعطي الطعم لكل اللبنانية بطريقة اسرع صحيح، بس بيضل في انتشار للمرض وضغط عالطاقم الطبي".

كما أعلن آخرون استعدادهم للتبرّع باللقاح المخصّص لهم، لمن يحتاجه أكثر من اللاجئين، وغرّد الناشط علي منصور قائلاً: "#اللقاح_للبناني_أولاً، هيدا شعار قمة العنصرية مني وعليي حصتي من هاللقاح ما بدي ياها ح اعطيها لأيا محتاج من غير الجنسية اللبنانية المهم يكون انسان... انتو ما بدكن لقاح للكورونا انتو بدكن لقاح للعنصرية الوسخة... لقاحكم بلوه وشربو ميته".

الصليب الأحمر يُعلّق

وشدّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان، في تغريدة لها، على وجوب توزيع لقاح كورونا بـ "شكل متكافئ على كل فئات المجتمع، مع التركيز على الأكثر عرضة للإصابة والأكثر تأثراً بالمضاعفات".

ودعت اللجنة إلى "عدم التفرقة في حماية أرواح البشر بين الأغنياء في المدن والفقراء في المجتمعات الريفية، والمسنين في دور الرعاية والشباب في مخيمات اللاجئين".

ويشهد لبنان، الذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 6 ملايين نسمة بما فيهم مليون لاجئ على الأقل، ارتفاعاً هائلاً في الإصابات منذ أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة؛ إذ سجّل لبنان حتى الآن ما يزيد عن 250 ألف إصابة ونحو 2000 حالة وفاة.

يشار إلى أنّ لبنان قد أبرم صفقة مع شركة فايزر الأحد الماضي، للحصول على 2.1 مليون جرعة من لقاح مضاد لفيروس كورونا ستصل ابتداءً من أوائل شباط (فبراير)، ومن المتوقع أن تُستكمل لقاحات فايزر بـ 2.7 مليون جرعة أخرى من البرنامج الذي تقوده الأمم المتحدة لتوفيره للبلدان المحتاجة.

كما وتُجري وزارة الصحة اللبنانية مفاوضات بشأن مليوني جرعة أخرى بالتنسيق مع القطاع الخاص اللبناني وشركات الأدوية العالمية الأخرى مثل "أوكسفورد-أسترازينيكا"، و"سينوفارم" الصينية كمصادر دولية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية