بعد دعوة الظواهري.. هل بات الإخوان والسلفية هدفاً للتجنيد بصفوف القاعدة وداعش؟

الإخوان والإرهاب

بعد دعوة الظواهري.. هل بات الإخوان والسلفية هدفاً للتجنيد بصفوف القاعدة وداعش؟


21/02/2018

حملت الكلمة الأخيرة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، تهديداً خطيراً للدولة المصرية، فضلاً عن محاولة استمالة قواعد الإخوان والسلفيين كما فعل تنظيم داعش قبله بأيام، بما يشير إلى تنافس محموم لهذين التنظيمين على تركة القيادات الإسلامية بعد تعثرها سياسياً وتنظيمياً.

الظواهري يدعو الإخوان لبداية جديدة

في رسالة عنونَها بــــ"بشرى النصر لأهلنا في مصر.. رسائل مختصرة لأمة منتصرة.. الحلقة الثامنة" دعا "الظواهري" بشكل مباشر وعلني، لشن هجمات إرهابية داخل العمق المصري، وهي المرة الأولى له منذ العام 1996، حينما كان زعيماً لتنظيم الجهاد، وأعلن إيقافه للعمليات في مصر، بحجة "عدم القدرة"، وذهابه في العام 1998 لتشكيل "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبين"، وبدء تنفيذ إستراتيجية العدو البعيد، التي قضت وقتها بالابتعاد عن الصدام بالنظم السياسية العربية ومنها مصر.

منذ ذلك الحين لم تتورط "القاعدة" في تشكيل فرع لها في مصر، وإن انبثقت عن أفكارها تنظيمات شنّت هجمات بين الحين والآخر، وعلت وتيرتها بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013، إلا أنّها جميعاً لم تعلن تبعيتها المباشرة للقاعدة، كما لم يأت ذكر لها على لسان "الظواهري" أو أيّ من زعماء التنظيم المركزي.

دخلت القاعدة و"داعش" الأيام الماضية في تنافس محموم للاستفراد بالمشهد الإرهابي

ومع أنّ زعيم القاعدة دعا في تسجيله الصوتي، غير المؤرخ، ونشره التنظيم عبر قناته على تطبيق تليغرام، إلى ما أسماه "اقتلاع النظام المصري من جذوره، بالاقتحامات، والكمائن والإغارات"، إلا أنّ المحور الأكثر خطورة في كلمته، كان دعوته لعموم جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات "إلى بداية جديدة تتخلص من كل أخطاء الماضي، ويتوحّد فيها كل مسلم شريف مخلص غيور في مصر المسلمة، على كلمة التوحيد وعلى حاكمية الشريعة، وعلى جهاد النظام بالسلاح والبيان، وإقامة حكم إسلامي يحكم بالشريعة ويبسط العدل ويحفظ الشوري.. ألا هل من مجيب ألا هل من ملبٍّ؟".

دعا "الظواهري" بشكل مباشر وعلني، لشن هجمات إرهابية داخل العمق المصري، وهي المرة الأولى له منذ العام 1996

تكثيف الهجوم على قادة الجماعة

بكلمات يكسوها الهدوء، وتمتلئ بالاستعطاف، ختم "الظواهري" رسالته، التي بدأت بشن هجوم حاد على قادة الجماعات الإسلامية، نال منه قادة الإخوان تحديداً الكثير؛ إذ إنّه أرجع لهم كل ما شهدته الحالة الإسلامية من خسارة ونكبة، معرِّجاً على المحطات الأساسية لهم، متهماً إيّاهم بأنّهم تسبّبوا بخسارة "ثورة الشعب المسلم لأنّهم قيادة تربّوا على التفاهم والتعايش والتماهي مع الباطل الطاغوتي المجرم المرتد".. وبدا أنّ الرجل العجوز، يحاول تعرية قادة الإسلاميين أمام قواعدهم، والضرب بمعوله لتحطيم ما تبقى لديهم من شعبية أمام أنصارهم.

شن زعيم القاعدة هجوماً حاداً على قادة الجماعات الإسلامية وخاصة الإخوان المسلمين

وفي سلسلة رسائله المتصلة السابقة، عرّج "الظواهري"، كما هي عادته، على تاريخ جماعة الإخوان منذ حسن البنا، الذي "بايع الملك فؤاد الذي لم يكن سوى حاكم فاسد، يحكم بأوّل دستور علماني في مصر وهو دستور 1923، وحين خلفه ابنه فاروق بايعه حسن البنا على كتاب الله وعلى سنة رسوله، ولقّبه بأمير المؤمنين كما لقّب فاروق بحامي المصحف..." إلى أن يصل إلى نتيجة مؤدّاها أن "الإخوان تربوا على نظرية مزرعة الدواجن"!.

ولم ينس الرجل في إحدى رسائله العام 2016 توجيه سهامه إلى التيارات السلفية التي وصفهم بــ"سلفية المباحث والريال"، كما هاجم أعضاء حزب النهضة في تونس؛ إذ وصفهم بــ"هالكي عقدة الدونية تلاميذ فقيه المارينز"، في إشارة إلى يوسف القرضاوي الذي أفتى بجواز قتال المسلمين الأمريكيين ضمن قوات المارينز في أفغانستان ضد حركة طالبان.

هل كان مصادفة تكثيف كل من تنظيمي القاعدة وداعش في الآونة الأخيرة، هجومهما على جماعة الإخوان المسلمين؟

هجوم داعشي متزامن على السلفية والإخوان

الشيء نفسه فعله "داعش" منذ أيام قليلة، عندما هاجم الإخوان والسلفيين، ودعا للعودة إلى عقيدة الحاكمية، والتأكيد على فشل المشاركة في العمل السياسي، وهو نفس ما فعله "الظواهري"، سوى في فروق عَقَدية ومنهجية، فرغم الهجوم الضاري من زعيم القاعدة على قادة الجماعات، إلا أنه لم يصل حد تكفيرهم، كما فعل "داعش"، كما أنّه أقرّ بآلية الثورة الشعبية، ولم يرفضها كما فعل غريمه التنظيمي، بل إنّه أقرّ فعل التظاهرات والاحتجاج كآلية مساندة لعمليات العنف المسلح.

فهل كان مصادفة تكثيف كل من تنظيمي القاعدة وداعش في الآونة الأخيرة، هجومهما على جماعة الإخوان المسلمين، والجماعات السلفية التي انخرطت في العملية السياسية بعد ثورة "25 يناير"، أو تلك التي استمرت في المشاركة بعد ثورة "30 يونيو"، وخاصة جماعة الدعوة السلفية، وذراعها السياسي "حزب النور"؟

حاول "داعش" تجيير الأوضاع لصالحه عبر سوقه للعديد من المقولات المتناقضة لقادة السلفية

يأتي الهجوم هذه المرة كاشفاً لهدف محدد؛ وهو محاولة وراثة حواضن تلك الجماعات التي باءت بالفشل في تجربتها السياسية، وأضحت بلا رؤية أو معالم فقهية واضحة، أو حتى هياكل تنظيمية متماسكة، أو رموز دعوية ما زالت تتمتع بالصلابة في أعين الأتباع والمقتدين.

نظر غالبية المراقبين لمشهد ظهور نجل القيادي الإخواني، عمر الديب، في شريط "حماة الشريعة" الذي بثه "داعش" في 11 من الشهر الحالي كمقاتل بين صفوف المبايعين للتنظيم في سيناء، على أنّه مجرد تكذيب لإعلام جماعة الإخوان الذي أصرّ على نفي الرواية الأمنية، التي أكدت مقتل الشاب، بعد اشتباكات معه وخليته في أحد أحياء الجيزة، لكن المغزى الحقيقي كان في الرسالة التي أرسلها التنظيم للجماعة، وهي أنّنا قادرون على استقطاب شبابكم، بعد أن سقطتم ومنهجكم في أعينهم، وبتنا نحن الخيار الناجع والوحيد..لا شكّ أنّها رسالة خطيرة، تستلزم البحث في طبيعة ومآلات الكيانات الإسلاموية المتهدمة وسيرورتها في المرحلة المقبلة.

ولم يكن الجديد في فيديو "داعش" الأخير تركيزه على أفكار الحاكمية، التي تقتضي وفق مفهومه، محاولته منع أي انتخابات ديمقراطية، باعتبارها تحاكم لغير شرع الله، فهذا ما تلح عليه تلك التنظيمات دوماً، لكن اللافت للنظر هو محاولة التنظيم الإرهابيّ توجيه ضربات لجميع خصومه من الإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان والسلفيون؛ إذ يذهب "داعش" هذه المرة في محاولة الانقضاض على ما يمكن أن نطلق عليه "التيه الهوياتي للإسلامي ما بعد رابعة والنهضة".

وجه تنظيم داعش هجمات لجميع خصومه من الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان والسلفيون

حاول "داعش" تجيير هذه الأوضاع لصالحه، عبر سوقه للعديد من المقولات المتناقضة لقادة السلفية، الذين كانوا يحرّمون الديمقراطية من قبل، فإذا بهم يجوّزونها قرباناً للإخوان المسلمين الذين خدعوهم وسوّلوا لهم إمكانية سيطرتهم على الدولة المصرية، ورفع شعار الديمقراطية إلى حين، حتى تأتي لحظة التمكين الفاصلة فيكشفوا عن منهجهم الأصلي في الاستبداد واحتكار السلطة لصالح مفهومهم الأحادي.

يحاول الدواعش إثبات أن إستراتيجية الإسلاميين هذه لم تؤتِ ثمارها، وأنّ النتيجة الأمثل تأتي بالقتل والقتال والإرهاب المسلح الخالص. وبذلك دخلوا في تنافس محموم مع "القاعدة" في محاولة سحب البساط من تحت أقدامها، وليستفردوا بالمشهد "الإرهابي" وحدهم.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية