ميليشيات الحوثي تزج بأطفال اليمن في "محارق الموت" 

ميليشيات الحوثي تزج بأطفال اليمن في "محارق الموت" 


25/02/2021

في ظل التصعيد، الميداني والعسكري، الذي يقوده تنظيم "أنصار الله" الحوثي باليمن، خلال النصف الثاني من شهر شباط (فبراير) الجاري، ومواصلة الهجمات المسلحة باتجاه مأرب، لم يتورع التنظيم المدعوم من الحرس الثوري الإيراني، عن الاستعانة بالأطفال في معاركهم، واستخدامهم في جبهات القتال المختلفة، مرة باعتبارهم ضمن المقاتلين في صفوفهم، ومرات أخرى كدروع بشرية، وذلك عبر التجنيد والتعبئة المتواصلين، للانخراط في الحرب والاشتراك في القتال، حسبما أوضحت تقارير حقوقية دولية، في حين أعلنت الأمم المتحدة عن نزوح نحو 8 آلاف شخص، خلال الأسابيع الأخيرة.

شهادة طفل يمني جنّده الحوثيون: أوكلت إليّ مهام تعبئة الذخائر. كنت أتعرض للضرب والتوبيخ. بكيت كثيراً في تلك الليالي خوفاً على حياتي 

الأطفال كدروع بشرية لدى الحوثي

وقد أوضحت الأمم المتحدة، قبل أيام قليلة، أنّ "الأعمال القتالية المتزايدة في محافظة مأرب اليمنية أدت إلى نزوح 8 آلاف شخص، بينما يصل إجمالي حالات النزوح في تلك المنطقة من البلاد إلى أكثر من 116 ألف شخص"​​​، لافتة إلى أنّ "حوالي 50 في المائة من أولئك الذين نزحوا بسبب الاقتتال.. هن من النساء، بينما 30 في المائة هم من الأطفال، وتتضمن احتياجاتهم الأكثر إلحاحاً المأوى والمياه والصرف الصحي والصحة والغذاء".

ولا يعد التقرير الأممي الذي كشف عن تفاقم الأوضاع الإنسانية والحقوقية بين النساء والأطفال، في اليمن، أمراً جديداً، فثمة تقارير حقوقية أخرى وثقت شهادات متفاوتة عن الحالة التي تقع تحت وطأتها الفئات الضعيفة بالمناطق الخاضعة، تحديداً، لسيطرة الحوثيين؛ إذ كشف، مطلع الشهر الحالي، تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة "سام" للحقوق والحريات، عن تجنيد ميليشيا الحوثي نحو 10300 طفل منذ عام 2014، موضحاً أنّ عمليات التجنيد للأطفال تمت بصورة "قسرية" و"إجبارية"، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميلشيات الحوثية، كما وثق التقرير الأممي أسماء 111 طفلاً تعرضوا للقتل بين شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) العام الماضي.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإنّ "هناك ما يقرب من  مليوني طفل خارج المدارس في اليمن، منهم حوالي نصف مليون طفل تسربوا من التعليم منذ تصاعد النزاع في مارس 2015".

وأوضحت في بيان رسمي، الثلاثاء الماضي، أنّ ممثل اليونيسف في اليمن، فيليب دواميل، كشف عن "احتياج أطفال اليمن، أكثر من أي وقت مضى، إلى مساعدة عاجلة، فتعليم الأطفال في البلاد على حافة الهاوية".

الأطفال من مقاعد الدراسة لجبهات القتال

وتابع البيان: "الأطفال غير الملتحقين بالمدارس معرضون، بشكل متزايد، لخطر العنف وسوء المعاملة والاستغلال، وما لذلك من تأثيرات عميقة محتملة على مستقبلهم". 

وفي حديثه لـ"حفريات"، يشير الباحث اليمني، عبد العزيز العامر، إلى أنّ هناك عملية واسعة النطاق "تقوم بها ميليشيا الحوثي الإرهابية من خلال الزج بالأطفال في محارق الموت"، موضحاً أنّ "تجنيد الأطفال يعتبر من بين الحقوق الحصرية التي يمارسها الحوثيون، وذلك منذ بدء الصراع مع الحكومة، في عام 2004، في صعدة شمال اليمن، والتي تعد معقل جماعة الحوثيين، وهذه الجماعة تستقطب الأطفال والقصر، بينما تقوم بتجنيدهم في صفوف مسلحيها؛ لأنّ هذه الفئة تستطيع التأثير عليهم بشكل سريع". 

الباحث اليمني عبد العزيز العامر

ويردف العامر: "هناك حالة من الرعب والقلق بين الأسر اليمنية خوفاً على أطفالهم من الانخراط في صفوف هذه المليشيا، وهناك أيضاً ظروف إنسانية صعبة من فقر وجوع تتسبب في إضطرار بعض الأسر إلى قبول إرسال أطفالهم للقتال في الجبهات، في مقابل راتب شهري متوسطه نحو 50 دولاراً".

ولفت التقرير الصادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة "سام"،  إلى أنّ الميلشيات المدعومة من إيران، عمدت إلى تجنيد الأطفال في عمر 10 سنوات، واستقطاب الأطفال من المدارس، ومخيمات النازحين، ودور الأيتام، فضلاً عن استهداف اللأطفال من الأسر الفقيرة في مقابل مكافآت مالية (150 دولاراً شهرياً)، كما أنه في الأعوام الثلاثة الأخيرة، قامت ميلشيات الحوثي، بتدشين نحو 52 معسكر بغية تدريب الآلاف من المراهقين والأطفال، وتحديداً في مناطق صعدة وصنعاء والمحويت والحديدة وتهامة وحجة وذمار. 

اقرأ أيضاً: هكذا يتحول أطفال اليمن إلى قنابل موقوتة.. من المسؤول؟

الأمن النسائي لتجنيد الفتيات

وبحسب الباحث اليمني، عبد العزيز العامر، فقد بدأت، مؤخراً، ميليشيات الحوثي بإلزام عدد من الزعماء القبليين بتجهيز عدد من المقاتلين، وقد شددوا على أن يكون هؤلاء المقاتلين غالبيتهم من صغار السن، مع الوضع في الاعتبار أنّ ميليشيا الحوثي المسلحة لديها فرق خاصة بالتجنيد، وهناك الجناح الأمني النسائي المعروف بـ"الزينبيات" في التنظيم، ومهمته تجنيد الفتيات عبر مغريات عديدة، بل وبوسائل خشنة وقمعية كذلك.

في كل معركة يقوم الحوثيون بتدريب عدد من الأطفال والدفع بهم في المعارك، وفي الخطوط الأمامية للقتال، بحسب الباحث اليمني، ما تسبب في مقتل المئات من الأطفال الصغار، بينما هناك مفقودين لا يعرف مصيرهم أحد، كما تمارس "مليشيا الحوثي أبشع صور انتهاك الأعراف والاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية الطفل، حيث تواصل عمليات تجنيد الأطفال، والزج بهم في أتون المعارك، وتحرمهم من مقاعد الدراسة".

وقد بلغ عدد الأطفال المجندين، بحسب إحصائيات الحكومة الشرعية في اليمن، إلى 23 ألف طفل مجند من قبل الحوثيين، في حين يرتفع العدد إلى 25 ألف، بحسب الأرقام الواردة في تقارير منظمة "وثاق" المحلية، والتي تعنى بتوثيق الانتهاكات الحقوقية في اليمن، ومعظمهم من صنعاء وذمار وعمران والمحويت وحجة، حيث يجري توزيعهم على الجبهات المشتعلة وبؤر الصراع الداخلية، للمشاركة بشكل مباشر في الحرب، وتعد هذه الأرقام "تقديرية"، حسبما يوضح الباحث اليمني، مرجحاً أن "عدد المجندين من الأطفال في صفوف ميليشيا الحوثي الإرهابية أكثر من ذلك بكثير وسط صمت دولي لا سيما الأمم المتحدة". 

الباحث اليمني عبد العزيز العامر لـ"حفريات": بدأت، ميليشيات الحوثي بإلزام عدد من الزعماء القبليين بتجهيز عدد من المقاتلين، غالبيتهم من صغار السن

وإلى ذلك، قال المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنس جرجاوي إنّه "لا ينبغي على الأمم المتحدة التساهل مع تجنيد جماعة الحوثي للأطفال على نطاق واسع في اليمن. هذه الظاهرة الخطيرة يجب أن تتصدر سلم الأولويات في المناقشات الدورية بين وفود الجماعة وممثلي الأمم المتحدة في اليمن".

وأضاف: "المقلق ليس فقط الزج بالأطفال في العمليات العسكرية، بل تغذية عقولهم البسيطة بالأفكار المتطرفة، وتعبئتهم بخطاب الكراهية والعنف، وبالتالي خلق مشاريع تطرف مستقبلية قد لا يمكن السيطرة عليها بالنظر إلى العدد الضخم الذي تجنّده الجماعة أو تستهدف تجنيده في المستقبل".

وتشير إحدى الشهادات التي وثقها التقرير الأممي للمرصد الأورومتوسطي، إلى أنّ الحوثيين استخدموا أحد الأطفال الذي جرى تجنيده في تنظيمهم المسلح، وعمره لا يتجاوز أربعة عشر ربيعاً، بينما تم إلحاقه بجبهة "نهم" شرقي العاصمة اليمينة صنعاء، ويقول الطفل في شهادته: "أوكلت إليّ مهام تعبئة الذخائر ونقلها مع المواد الغذائية إلى أماكن عالية متعرجة. كانت العملية شاقة ومُهلكة، خصوصاً في أوقات الاشتباكات حيث كنا نسلك طرقاً أخرى غير التي نسلكها في الأوقات العادية والهادئة. كنت أتعرض للضرب والتوبيخ حين أتأخر عن أداء المهمة. بكيت كثيراً في تلك الليالي خوفاً على حياتي وعلى فقدان أمي وأبي وأخوتي".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية