لماذا يتردد الاتحاد الأوروبي بتصنيف حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري منظمة إرهابية؟

لماذا يتردد الاتحاد الأوروبي بتصنيف حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري منظمة إرهابية؟


14/06/2021

على خطى الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا، أوصى الاتحاد الأوروبي في جلسته المنعقدة مطلع الأسبوع الجاري بضرورة إعلان جميع الدول الأعضاء "حزب الله" بجناحيه السياسي والعسكري، كـ "منظمة إرهابية"، وسط انقسام بين دول الاتحاد، التي تخشى بعضها استهداف الحزب لمصالحها.

ويُصنّف الاتحاد الأوروبي حالياً "الجناح العسكري" لحزب الله على أنّه جماعة إرهابية وليس "الجناح السياسي"؛ إذ تخشى العديد من الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، تصنيف الحزب بكافة منظماته وأذرعه كمنظمة إرهابية بسبب مخاوف مختلفة.

 معارضة فرنسية

 وتعمل ألمانيا، وهي الدولة الأوروبية الثالثة بعد هولندا وبريطانيا التي صنّفت الحزب منظمة إرهابية، على حثّ باقي دول الاتحاد الأوروبي على تصنيف الحزب بكافة أذرعه ومنظماته كمنظمة إرهابية.

اقرأ أيضاً: لبنان يدفع ثمن صراع عون والحريري و"حزب الله" يقبض

 واعتبرت ألمانيا منذ ذلك الحين أنّ القرارات الفردية لا تكفي بل يجب اعتمادها من قبل بقية الدول الأوروبية، إلّا أنّ مسعاها كان يصطدم دائماً بموقف فرنسا التي رفضت أكثر من محاولة ألمانية في هذا الخصوص.

 وقضى قرار برلين في نيسان (أبريل) 2020، بحظر كل الجمعيات المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحزب في ألمانيا، ونصّ القرار على أنّ تأثير قيادة "حزب الله" في لبنان على المؤيدين وأنشطة الأندية والجمعيات وعلى الذين يعيشون في ألمانيا يمكن تقييمه على أنه مرتفع.

  كما سلكت سويسرا طريق حظر "الحزب" بسبب أنشطته الإرهابية وتحركاته الإجرامية في البلاد وغيرها من الدول الأوروبية، وبعدها قرّرت ليتوانيا منع دخول عناصر "حزب الله إلى أراضيها لمدة 10 أعوام".

 

تعمل ألمانيا على حث باقي دول الاتحاد الأوروبي على تصنيف الحزب بكافة أذرعه ومنظماته منظمة إرهابية

 

 وفي منتصف أيار (مايو) الماضي، حظرت النمسا نشاط حزب الله اللبناني واعتبرته منظمة إرهابية، بجناحيه السياسي والعسكري، متجاوزة في ذلك سياسة الاتحاد الأوروبي للحظر، والتي تكتفي بحظر الذراع العسكري فقط.

 لكنّ فرنسا أبقت على موقفها في الفصل بين الجناح العسكري لـ"حزب الله"، الذي صنفته إرهابياً وجناحه السياسي، المرتبط بتواجد ممثلي الحزب في المؤسسات الدستورية اللبنانية.

اقرأ أيضاً: لماذا لم ينضم حزب الله للمقاومة خلال العدوان على غزّة؟

 ورغم أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يدافع عن موقفه في الفصل بين الجناحين العسكري والسياسي للحزب، قد اصطدم بإفشال الأخير للمبادرة الفرنسية للحل في لبنان، إلّا أنّه ما زال مصراً على إبقاء علاقته بحزب الله.

 

تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من قبل جميع دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن يحرم  الحزب من الحصول على تجنيد عناصر وأنصار جدد، وجمع الأموال

 

 ويقول رئيس المركز الأوروبي للاستخبارات ودراسات مكافحة الإرهاب جاسم محمد في حديث لموقع "سكاي نيوز": "صحيح أنّ حزب الله هو أحد أكبر الأحزاب في البرلمان اللبناني، لكنّ الفصل بين جناحي الحزب السياسي والعسكري مهمة صعبة وربما غير صائبة، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يضع مصلحة الشعب اللبناني أولاً".

 قوة الحزب المتنامية تثير القلق

 ووفق تقدير لموقع "ساوث فرونت" المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية، تخشى بعض الدول الأوروبية استهداف مصالحها في الشرق الأوسط من جانب الميليشيا التابعة للتنظيم، واستهداف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، كما تخشى أيضاً من تنفيذ عمليات انتقامية على أراضيها، وهو ما يدفعها للتأني والحذر بشأن أي خطوات في هذا الصدد، خاصة أنّ التنظيم عزّز إمكانياته العسكرية خلال الأعوام الماضية بشكل مثير للقلق.

وقد يعود تردد بعض الدول الأوروبية على غرار فرنسا في تصنيف الحزب بأكمله كمنظمة إرهابية إلى الخوف من تعقيد العلاقات مع لبنان واستفزاز إيران التي ترعى الحزب وتحركه وفق ما تقتضيه مصالحها، وهو ليس بعيداً عمّا يجري من مفاوضات في فيينا حول الملف النووي الإيراني.

 

فرنسا أبقت على موقفها في الفصل بين الجناح العسكري لـ"حزب الله"، الذي صنفته إرهابياً، وجناحه السياسي، المرتبط بتواجد ممثلي الحزب في المؤسسات الدستورية اللبنانية

 

ووفق التقرير الذي نقله موقع "سكاي نيوز"، فإنّ عدد المجندين في "حزب الله" تجاوز 65 ألف مقاتل، منهم 12 ألف مقاتل محترف، فيما يمتلك الحزب ترسانة ضخمة من الصواريخ يُقدّر عددها بنحو 50 إلى 120 ألف قطعة.

 من جانبه، اعتبر مركز مكافحة الإرهاب التابع للجيش الأمريكي أنّ تصنيف الجناح العسكري لـ "حزب الله" منظمة إرهابية غير كاف، مشدداً على ضرورة مقاطعة الدول الأوروبية للحزب بأكمله فضلاً عن العقوبات المالية والدبلوماسية الموسعة.

 ودعا المركز دول الاتحاد الأوروبي إلى فرض عزلة دبلوماسية على إيران، وذلك بعد اعتقال الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي في ألمانيا بتهمة التخطيط لمهاجمة تجمع للمعارضين لنظام طهران في باريس.

 

تخشى بعض الدول الأوروبية المترددة بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من استهداف مصالحها في الشرق الأوسط من جانب الحزب

 

 ونوّه المركز إلى التحذيرات الجديدة التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون للدول الأوروبية بأنّ إيران تُخطّط لمزيد من الأنشطة الإرهابية في مناطق أخرى من أوروبا، كما أشار التقرير إلى الاجتماع الأخير لمجموعة تنسيق "إنفاذ القانون" بشأن أنشطة "حزب الله"، والذي عقد في الإكوادور مطالباً الدول المشاركة بوضع استراتيجية قوية للتصدي لحزب الله تقوم على التعاون الوثيق بين واشنطن وأوروبا.

 وأكّد تقرير حديث صدر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنّ تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من قبل جميع دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن يحرم  الحزب من الحصول على تجنيد عناصر وأنصار جدد، وجمع الأموال التي تعتبر واحدة من أهم مصادر تمويل الحزب.

 ونوّه التقرير إلى أنّ حزب الله اعتمد دول الاتحاد الأوروبي نقطة انطلاق لتنفيذ أنشطة وعمليات إرهابية خارج أوروبا، وأصبحت أوروبا ملاذاً آمناً لعناصر الحزب، الذين سبق وهاجموا في الثمانينيات من القرن الماضي عدداً من الأهداف الأوروبية، بما في ذلك القواعد العسكرية الفرنسية والأهداف الدبلوماسية في الشرق الأوسط، فضلاً عن قتل المدنيين في مراكز التسوق والمطاعم في فرنسا وإسبانيا.

 وعلى الرغم من الهدوء النسبي في الهجمات ضد الأوروبيين، إلّا أنّ حزب الله لم يتردد في مهاجمة الإسرائيليين على الأراضي الأوروبية، بما في ذلك تفجير حافلة سياحية إسرائيلية في بلغاريا عام 2012، ممّا أسفر عن مقتل 5 إسرائيليين وسائقها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية