كيف قرأ "المجلس الأطلسي" التنافس على استقطاب الشركات العالمية في الخليج؟

كيف قرأ "المجلس الأطلسي" التنافس على استقطاب الشركات العالمية في الخليج؟


28/10/2021

مع إعلان وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، أمس، أنّ 44 "شركة عالمية" وقّعت اتفاقيات لنقل مقارها الإقليمية إلى الرياض، يتبادر لكثير من المحللين تفسير ذلك بأنه تنافس مع دولة الإمارات العربية المتحدة "لتصبح (المملكة العربية السعودية) مركز الأعمال الرئيسي في المنطقة". لكن ثمة من يرى أنّ المؤشرات الرئيسية التي يجب اتباعها خلال العقد المقبل ليست عدد الشركات التي يوجد مقرها الرئيسي في الرياض أو دبي، بل بالأحرى معدل نمو اقتصادات الدول ومدى تنافسيتها.

 

وزير الاستثمار السعودي: الإمارات ستستفيد من نمو المملكة. في الإمارات هم سبّاقون وناجحون وسيستمر نجاحهم وتألقهم في مجالات كثيرة بما فيها مجال اجتذاب الشركات

 

وكانت الرياض، بحسب "وكالة الأنباء الفرنسية"، أعلنت في شباط (فبراير) 2021 أنّ الجهات الحكومية ستوقف اعتباراً من مطلع العام 2024 التعامل مع الشركات الأجنبية التي تقيم مقرّات إقليمية لها خارج المملكة العربية السعودية. واعتبر كثيرون الخطوة تحدياً مباشراً لدبي، الإمارة الثرية التي تعرَف بأنها مركز الأعمال في المنطقة ومقرّ العديد من الشركات الأجنبية.

مدٌّ متصاعد يرفع كل القوارب

في المقابل، أشار تحليل نشره "المجلس الأطلسي" إلى أنّ التفسير الأكثر دقة هو تصوير الأمر وكأنه "أقرب إلى المد المتصاعد الذي من شأنه أن يرفع كل القوارب".

 وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح

وفيما يرى خبراء أنّ السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، منخرطة بالفعل في منافسة اقتصادية محتدمة مع دبي، نقلت "الفرنسية" عن الوزير الفالح حديثه عن "تكامل" مع دولة الإمارات، قائلاً إنه "إنْ كانت هناك منافسة فهي منافسة خلاقة مفيدة للطرفين. الكل سيستفيد من النمو والانفتاح".

 

فيما يرى خبراء أنّ السعودية، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي، منخرطة بالفعل في منافسة اقتصادية محتدمة مع دبي، نقلت "الفرنسية" عن الوزير الفالح حديثه عن "تكامل" مع دولة الإمارات

 

وتابع الوزير السعودي، على هامش مشاركته في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض، أنّ "الإمارات ستستفيد من نمو المملكة. في الإمارات هم سبّاقون وناجحون وسيستمر نجاحهم وتألقهم في مجالات كثيرة بما فيها مجال اجتذاب الشركات"، على حدّ وصفه.

ومن الحوافز التي ستمنحها الرياض للشركات الأجنبية فرض ضريبة شركات بقيمة صفر بالمئة لخمسين عاماً، وإعفاء مدتّه عشر سنوات من سياسة "سعودة" العمل لتوظيف سعوديين، ومعاملة "تفضيلية" في العقود الحكومية، على ما جاء في وثيقة اطلعت عليها "الفرنسية".

المعادلة الصفرية مفرطة في التبسيط

ويرى تحليل "المجلس الأطلسي"، وهو مركز تفكير وأبحاث أمريكي مرموق، أنّ نظرة سريعة على بعض الاقتصادات الرائدة في العالم تشير إلى أنّ الرواية التي تتحدث عن معادلة صفرية في التنافس الاستثماري بين السعودية والإمارات، وبأنّ ما يكسبه طرف يُعدّ خسارة للآخر قد تكون معيبة أو مفرطة في التبسيط.  ويشرح "المجلس الأطلسي" مقاربته بالقول: على سبيل المثال، بينما تتنافس المدن الأمريكية نيويورك وسان فرانسيسكو بشدة في العديد من المجالات، فبشكل عام يستفيد اقتصاد كل مدينة من نجاح الأخرى لأنه يخلق أعمالًا لمنافسه المفترض. ويضيف المركز الأمريكي "داخل الاتحاد الأوروبي، تنافست باريس وفرانكفورت - ولندن سابقاً - لعقود على حيازة لقب العاصمة المالية لأوروبا، ومع ذلك يبدو أنّ المنافسة كانت بناءة وليست مدمرة، حيث يؤدي نمو كل منها إلى زيادة الطلب على خدمات الآخرين". ويتابع المركز "النتائج الإيجابية المحتملة من المنافسة الاقتصادية في حالة أكبر اقتصادين في الشرق الأوسط (السعودية والإمارات)، تبيّن أنّ هناك أسباباً عدة تدعو للتفاؤل بشأن تأثيرات المنافسة، يدور معظمها حول الاقتراح القائل بأنّ سياسات المملكة العربية السعودية ستجعل الفطيرة الاقتصادية للمنطقة أكبر".

فن الحكم الاقتصادي

ويذهب "المجلس الأطلسي" إلى تأكيد أنّه "لسوء الحظ بالنسبة لشعوب العالم العربي، فإنّ اقتصاد المنطقة قد أعاقه ضعف فن الحكم الاقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية. وبالنسبة لبعض البلدان، أدت السياسات الاقتصادية اليسارية التي صدّرها الاتحاد السوفياتي السابق إلى خنق النمو الاقتصادي لعقود. كما لعب ضعف التعليم وتهميش المرأة وعدم الاستقرار السياسي والصراع العنيف دوراً في الركود الاقتصادي في المنطقة". ومع ذلك، يضيف "المجلس الأطلسي" فهناك إمكانات اقتصادية كبيرة غير محققة في المنطقة. ويمكن للنمو الذي يقوده التحرر في أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط - المملكة العربية السعودية - أن يلعب دوراً إيجابياً للغاية في رفع مستويات المعيشة في جيران المملكة من خلال قنوات مختلفة. ومع ارتفاع مستويات المعيشة للسعوديين، تزداد فرص التجارة المربحة مع الرياض، والدول المجاورة للمملكة هي الأفضل لاستغلال الفرص الناشئة.

المجلس الأطلسي هو مركز تفكير وأبحاث أمريكي مرموق

ويوضح "المجلس الأطلسي" أنه حتى الإمارات العربية المتحدة - التي كانت في طليعة الحوكمة الاقتصادية السليمة على مدار العشرين عامًا الماضية - لديها مجال للتحسين المستمر.

خفض التصعيد في المنطقة

وينبّه مركز الأبحاث الأمريكي، أيضاً، إلى أنّ هناك مكاسب اقتصادية ضخمة يمكن جنيها من خفض التصعيد في المنطقة وتخصيص الموارد بعيدًا عن الأسلحة وتوجيهها نحو التنمية الاقتصادية. ويضيف: "يجسد الاتحاد الأوروبي هذه المكاسب. على سبيل المثال، كان هناك انخفاض في الإنفاق الدفاعي من قبل الدول الأعضاء عندما تكاملت أوروبا الغربية خلال النصف الأخير من القرن العشرين وانضمت أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي خلال الألفية الجديدة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية