حزب الله وحلفاؤه في اختبار "مزعج" للشعبية... فهل يتجنبونه بعرقلة الانتخابات؟

حزب الله وحلفاؤه في اختبار "مزعج" للشعبية... فهل يتجنبونه بعرقلة الانتخابات؟


02/12/2021

في الوقت الذي يرى فيه المجتمع الدولي، وبعض الأطراف داخل لبنان، في الانتخابات البرلمانية المقبلة فرصة وحيدة لتحسين الأوضاع، يسعى حزب الله اللبناني وحلفاؤه لتأجيلها، وسط توقعات بالطعن بقانون إجراء الانتخابات دستورياً، وقد تقرر أنّ 27 آذار (مارس) هو موعد إجراء الانتخابات

اقرأ أيضاً: الرئيس اللبناني ينحاز إلى حزب الله في أزمة الخليج

وعلى الرغم من أنّ الأجواء العامّة والأوضاع المتأزمة في لبنان على كافة الأصعدة ليست بالمثالية لإجراء الانتخابات، لكنّها، حسب مراقبين، تظلّ الأمل الوحيد لإجراء تغيير عميق في المشهد السياسي اللبناني، وفكّ قبضة حزب الله وحلفائه، سواء حركة أمل الشيعية أو حزب التيار الوطني اللبناني، حول عنق الدولة، خصوصاً بعدما كبّلت الأزمات المتجددة أيّ فرص لحكومة نجيب ميقاتي، التي ولدت بعد عناء، من إجراء أيّ تغيير. 

وتعجز حكومة ميقاتي عن إجراء اجتماع لأعضائها في ظلّ تعنت حزب الله وحركة أمل، وإصرارهما على مقاطعة وزرائهما أيّ جلسة للحكومة، على خلفية مطالبتهم بسحب تحقيقات مرفأ بيروت من القاضي طارق بيطار.

 

حذّر سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، المنافس الرئيسي لحزب التيار الوطني اللبناني، من أنّ حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر سيعملان على تأجيل الانتخابات أو تعطيلها

وانطلاقاً من تلك الحالة، حذّر سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، المنافس الرئيسي لحزب التيار الوطني اللبناني، من أنّ حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر سيعملان على تأجيل الانتخابات أو تعطيلها، لأنهما شبه متأكّدين من أنّهما سيخسران الأكثرية النيابية التي بحوزتهما.

وأضاف في تصريحات أوّل من أمس، بحسب ما أورده موقع ميدل إيست أون لاين، أنّ "الاستمرار في الوضعية الحالية سيؤدي إلى تحلل الدولة، وهذا هو الموت الذي من الممكن أن نصل إليه…، من هذا المنطلق فإنّ الانتخابات ضرورة ملحّة جدّاً، وهي عملية استثنائية مطلوبة أكثر من أيّ وقت آخر".

اقرأ أيضاً: العواصم تصنف حزب الله منظمة إرهابية وأمينه العام يحرره بالبلاغة

وأكد أنه من دون انتخابات في البرلمان الذي يتمتع فيه حزب الله المدعوم من إيران وحلفاؤه بالأغلبية، "سترى المزيد من الشيء نفسه"، في إشارة إلى الانهيار المالي في لبنان.

وتابع: "أهمّ شيء الآن الانتخابات النيابية، لنخرج بأكثرية نيابية مختلفة، ماذا إذا اللبنانيون لم يتحمّلوا مسؤوليتهم، ورجعنا إلى الأكثرية النيابية ذاتها؟ العوض بسلامتك، سيستمرّ الوضع على ما هو عليه".

 

باحثة: "وجدت دراسة مسحية أجريت هذا العام أنّ التيار الوطني الحر، الحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله، لا تتعدّى شعبيته بين المسيحيين 15%"

ولا يُعدّ جعجع الوحيد الذي يُعوّل على الانتخابات المقبلة لإجراء تغيير، وسط تأكيدات من أنّ المعارضة اللبنانية والقوى الثورية التي شاركت في تظاهرات تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2019، تنظّم نفسها لخوض الانتخابات المقبلة. 

ولفت رئيس الهيئة التنفيذية لمجموعة "أنا خط أحمر" (غير حكومية) وضاح صادق، عضو "جبهة المعارضة اللبنانية"، إلى أنّ "مجموعات شاركت في ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر)، اجتمعت والتقت تحت ظلال معارضة سياسية جديدة في البلد، وهي تتحضّر لخوض الانتخابات المقبلة".

اقرأ أيضاً: باسيل مدافعاً عن حزب الله والنظام الإيراني: لبنان ليس محتلاً

ويوضح أنّ "اجتماعات متتالية تُعقد من جانب المعارضة، بهدف التحضير لخوض الاستحقاق الانتخابي، من خلال تحالف واسع على مستوى كلّ لبنان، ويضمّ لوائح فيها (128) مرشّحاً (عدد نوّاب البرلمان)، وفيها المشروع التغييري للبلد"، بحسب تصريحات لوكالة الأناضول.

وعن البرنامج الانتخابي للمعارضة، يجيب صادق: "مشروعنا ليس إعادة بناء لبنان القديم، أي إصلاح المؤسّسات، إنّما بناء بلد من جديد يملك السّيادة، وسلاحه بيد القوى العسكرية، وقراره بيد حكومته، بالإضافة إلى إرساء المحاسبة والعدالة الاجتماعية، وبناء مؤسّسات دولة حضارية". 

اقرأ أيضاً: "حزب الله" يواجه مصير التنظيمات التي خنقتها قوّتها

وحول قدرة المعارضة على كسب ثقة الجماهير، يقول: "إذا لم يقتنع المواطنون بضرورة ألّا يدلوا بأصواتهم في الانتخابات لصالح الأحزاب التقليدية، فالأفضل أن ننسى البلد"، مردفاً: "في حال أراد الشّعب الاستمرار في العيش كما هو عليه اليوم، أيّ بالذلّ، فهو حرّ، لأنّ خياره ديمقراطي، لكن بعدها لا يحقّ له التساؤل عن أسباب العيش بالذلّ وهجرة أبنائه".

اقرأ أيضاً: أستراليا تصنف حزب الله منظمة إرهابية... وهذه كواليس القرار

من جانبها، تشير الباحثة في زمالة فريدمان ببرنامج غيدولد للسياسة العربية بمعهد واشنطن، حنين غدار، في مقال بمجلة بوليتيكو، إلى ضعف حزب الله اللبناني وتراجع شعبيته هو وحلفاؤه، بما يمثله ذلك من فرصة لواشنطن والغرب لدعم مجموعات جديدة قادرة على إحداث تغيير. 

ووجدت دراسة مسحية أجريت هذا العام أنّ التيار الوطني الحر، الحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله، لا تتعدّى شعبيته بين المسيحيين 15%، بحسب الباحثة.

وأضافت أنّ الحزب يعاني من تباين في داخله بين صفوف المقاتلين وغير المقاتلين، فمن جهة يدفع الحزب رواتب المقاتلين بالدولار، أمّا الموظفون في القطاعات المدنية، فيحصلون على رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت 90% من قيمتها؛ وبناء على هذا، فظهور الجماعات الجديدة قد يخرج لبنان من دوامته"، بحسب ما نقله موقع القدس.

وتابعت: إنّ الشيعة يشكّلون 30% من سكان لبنان، وهم أهمّ قطاع لبناء تيّار مضاد لحزب الله، لأنّهم العماد الرئيسي له. ويمكن للسنّة والدروز والمسيحيين دعم بديل عن حزب الله، نظراً لإحباطهم المتزايد من السياسة المحطّمة في لبنان. 

 

إلى جانب كافة المؤشرات التي تعكس أنّ إجراء الانتخابات لن يكون في صالح حزب الله وحلفائه، تقفز أمام الحزب مشكلة أخرى تتمثل في أنّ حلفاءه ليسوا على وفاق

وتقول: إنها قابلت الكثير من رجال الأعمال الشيعة في لبنان وأفريقيا والخليج ممّن عبّروا عن استعدادهم للعمل مع المجتمع الدولي، وبعيداً عن فلك الحزب، ومن أجل تقديم قروض ودعم مالي. ويقومون بتوفير الدعم المالي والسياسي للناشطين ومنظمات المجتمع المدني في المدن والبلدات الشيعية، ويهدفون لبناء جذور سياسية حماية لأنفسهم من العقوبات عليهم، وإبعاد أنفسهم عن الحزب.

اقرأ أيضاً: بعد دول أوروبية وأمريكا... أستراليا تضيق الخناق على حزب الله

وأشارت إلى أنه قبل اغتيال الناشط السياسي والمفكّر لقمان سليم بداية العام الحالي، كان يعمل وعن قرب مع هذه الجماعات ومنظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال. ويعطي هذا الحماس طريقاً جديدة وفرصة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وبدلاً من استمرار دعم المؤسسات اللبنانية التقليدية الضعيفة التي يسيطر عليها حزب الله، على الولايات المتحدة الاستثمار في هذه الجماعات غير الرسمية، وستكون النتيجة منظمات مجتمع مدني مشكّلة بشكل جيد، وتتمتع بعلاقات مع المؤسسات الأمريكية والأوروبية والدولية، وتركز على خلق فرص اقتصادية، وتقوّي الأصوات السياسية الجديدة، وتمنح بديلاً ذا معنى عن حزب الله للشيعة الذين يشعرون بالإحباط. وكانت أسرة لقمان قد اتهمت حزب الله باغتياله. 

أزمة بين الحلفاء

وإلى جانب كافة المؤشرات التي تعكس أنّ إجراء الانتخابات لن يكون في صالح حزب الله وحلفائه، تقفز أمام الحزب مشكلة أخرى تتمثل في أنّ حلفاءه ليسوا على وفاق، وسط خلافات متسعة بين حركة أمل الشيعية من جهة، وحزب التيار الوطني من جهة أخرى. 

يقول موقع "لبنان 24": إنّ "من يتابع حجم التصعيد السياسي والإعلامي بين التيار الوطني الحر وحركة أمل يتبيّن له أنّ إمكانية حصول تحالف انتخابي بينهما مستحيلة، بل إنّ تلاقيهما في هذه الدائرة أو تلك بسبب حلفهما المشترك مع حزب الله ليس أمراً بسيطاً، ودونه تعقيدات كبيرة، في الوقت الذي يرى فيه حزب الله أنّ شقّ التحالف سيكون مضرّاً للغاية بالحسابات الكبرى، لأنّ التيار الوطني الحر بحاجة للتحالف مع الثنائي الشيعي في عدد من الدوائر للحفاظ على واقعه النيابي، خصوصاً أنّه خسر كثيراً من الحلفاء في الأعوام الماضية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية