تقرير: إيران تضاعف كميات الأسلحة المرسلة للحوثيين... وهذه أبرز طرق التهريب

تقرير: إيران تضاعف كميات الأسلحة المرسلة للحوثيين... وهذه أبرز طرق التهريب


27/01/2021

صعّدت إيران من عمليات تهريب السلاح لميليشيا الحوثي الإرهابية، وتحدي المجتمع الدولي والحظر المفروض على اليمن منذ العام 2015.

وتؤجج طهران العنف في اليمن بتوفير الأموال والأسلحة والخبرات العسكرية للميليشيا الموالية لها، ضمن سياسة إيرانية منظمة وسرّية تستهدف إطالة أمد الحرب وإعاقة أي حلول سياسية في البلاد.

خبراء أمميون: أدلة تثبت أنّ أفراداً أو كيانات من داخل إيران متورطون في إرسال أسلحة ومكوناتها إلى الحوثيين

وظهرت مؤخراً أدلة جديدة تشير إلى أنّ إيران رفعت منسوب تدفق الأسلحة المستمر مخترقة الحظر المفروض بموجب قرار مجلس الأمن 2216، فقد أكّد خبراء أمميّون مكلّفون بمراقبة العقوبات الدولية المفروضة على اليمن، في تقرير أمس، أنّ المتمرّدين الحوثيين حقّقوا خلال العام الماضي مكاسب ميدانية من خلال اعتماد أساليب تهريب الأسلحة من إيران، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

وجاء في تقرير للخبراء المستقلين: "هناك كمية متزايدة من الأدلة التي تثبت أنّ أفراداً أو كيانات من داخل إيران متورّطون في إرسال أسلحة ومكوناتها إلى الحوثيين".

 وقال التقرير: إنّ المتمرّدين الحوثيين: "يؤدّون وظائف تقع حصرياً ضمن سلطة الحكومة اليمنية، إذ إنّهم يجمعون ضرائب وإيرادات عمومية أخرى، التي يُستخدم جزء كبير منها لتمويل مجهودهم الحربي".

اقرأ أيضاً: هل تتراجع إدارة جو بايدن استجابة للضغوط الحوثية؟

ووفقاً لتقديرات الخبراء، فقد حوّل الحوثيون ما لا يقلّ عن 1,8 مليار دولار في 2019 لتمويل عملياتهم، كانت مخصّصة في الأصل لملء خزائن الحكومة اليمنية ودفع الرواتب وتقديم خدمات أساسية للمواطنين".  

الحوثيون حوّلوا نحو 1,8 مليار دولار في 2019، كانت مخصّصة للحكومة اليمنية لدفع الرواتب وتقديم خدمات للمواطنين

وأكّد فريق الخبراء في تقريرهم أنّهم "وثّقوا طرق إمداد عدّة للحوثيين في بحر العرب باستخدام سفن شراعية تقليدية (الداو)".

ووفقاً للتقرير، فإنّ "الأسلحة والمعدّات تُنقل في المياه العمانية والصومالية إلى قوارب أصغر، ويتمّ توصيل هذه الشحنات إلى موانئ تقع على الساحل الجنوبي لليمن وتهريبها برّاً إلى الحوثيين، أو في بعض الحالات، عبر باب المندب مباشرة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".  

ولفت الخبراء في تقريرهم كذلك إلى أنّهم "لم يتلقّوا أدلّة على أنّ السلطات العُمانية متواطئة في هذه الأنشطة".

اقرأ أيضاً: تجميد قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية لمدة شهر... لماذا؟

وتصاعد هذا النشاط، وفق ما أوردت وكالة "رويترز"، منذ مطلع العام الجاري، خصوصاً عند انتهاء الحظر على بيع وشراء الأسلحة المفروض على إيران منذ 10 أعوام بموجب الاتفاق النووي، وذلك بتكريس كلّ الجهود لنقل أكبر شحنات من الأسلحة إلى اليمن، التي تساعد على تغذية حرب ميليشيا الحوثي.

وتدفقت الأسلحة الإيرانية بكثافة مؤخراً عبر سواحل اليمن الشرقية والغربية، خصوصاً الشريط الساحلي قبالة جزيرة "كمران" و"ميناء الحديدة" وحتى "اللحية" شمالاً، بإشراف خبراء إيرانيين ومن حزب الله اللبناني.

وأوضحت أنّ وكلاء يمنيين مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني يهرّبون باستمرار الأسلحة عبر مافيا داخلية وفي القرن الأفريقي مستغلين الأجزاء الساحلية الواقعة تحت سيطرتهم.

اقرأ أيضاً: تحذير... مخطط حوثي خطير

وفي بحر العرب، أشارت المصادر إلى أنّ شبكات التهريب الحوثية نشطة هناك بشكل كبير، وتمرّر شحناتها تحت غطاء الصيد، وتستخدم سفناً صغيرة وقوارب مدنية لنقل شحنات من سفن كبيرة تفرّغ حمولتها في البحر وتتوجّه نحو سواحل شبوة والمهرة، لتكون مسرحاً تدير فيه تنظيمات إرهابية عملية التهريب بالتنسيق مع ميليشيا الحوثي وإيران.

 

الأسلحة الإيرانية تدفقت عبر الشريط الساحلي قبالة جزيرة "كمران" وميناء الحديدة، وبإشراف خبراء إيرانيين ومن حزب الله اللبناني

 

الانتشار الأخير لقوات التحالف في منافذ برّية وبحرّية شرق اليمن أجبر إيران على البحث عن تكتيكات معقدة، وقد كشف الكثير من إجراءات النقل والاحتياطات السرّية وتعقب عدة شحنات، وتمّت مصادرتها في حزيران (يونيو) الماضي.

ولم تُكشف تفاصيل عن نوعية السلاح المتدفق للحوثيين، إلا أنّ مصادر نقلت عنها صحيفة "العين" الإخبارية منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عزت كثافة الهجمات الحوثية بالطائرات بدون طيار على الأماكن في السعودية والأراضي اليمنية المحرّرة، خلال الأسابيع الماضية، إلى تحديث إيران قدرات الميليشيا بالطائرات والصواريخ، لا سيّما خلال فترة تفشي فيروس كورونا.

 

وقد شكّل تهريب مندوب الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء، بعد تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني، ومسؤولين في البرلمان الإيراني عند انتهاء حظر السلاح قبل 3 أشهر، شكّل دليلاً جديداً على مواصلة طهران تحدّي مجلس الأمن واستمرار الاختراق المنظم للحظر الدولي.

اقرأ أيضاً: إرهاب الحوثي بدأ قبل التصنيف الأمريكي

وتشير الاعتراضات البحرية المحدودة المتاخمة لليمن والقريبة منها منذ مطلع العام الجاري إلى مدى استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية التي تساعد على تغذية الصراع.

واعترضت قوات التحالف العربي والقوات البحرية متعددة الجنسيات حتى منتصف العام الماضي أكثر من 16 شحنة تهريب للأسلحة الإيرانية، كان أهمها 4 شحنات قبالة سواحل شرقي اليمن. وفي الساحل الغربي لليمن فكّكت وضبطت القوات اليمنية أعضاء شبكة تهريب معقدة ترتبط بالحرس الثوري الإيراني.

 

تهريب حسن إيرلو إلى صنعاء يشكّل دليلاً على مواصلة طهران تحدي مجلس الأمن واستمرار الاختراق المنظم للحظر الدولي

 

وأعلنت الحكومة اليمنية نهاية العام الماضي ضبط سفينة إيرانية، في المياه الإقليمية اليمنية قبالة سواحل محافظة المهرة، تمارس أعمالاً غير مشروعة تحت غطاء الصيد، وهي واحدة من 40 سفينة إيرانية رصدت في الأعوام الـ4 الأخيرة، تتخذ الصيد ذريعة لتهريب الأسلحة والخبراء.

وفي سياق متصل، كانت وزارة الداخلية اليمنية قد أكّدت الأسبوع الماضي أنّ "نظام إطلاق الصواريخ لدى الحوثيين يقف وراءه خبراء إيرانيون ولبنانيون".

ولطالما أكدت الحكومة اليمنية أنّ إيران تدعم الميليشيات بالأسلحة والصواريخ، وقد عرض تحالف دعم الشرعية في اليمن أكثر من مرّة صواريخ أطلقها الحوثيون تظهر أن منشأها إيران.

 وفي تحقيق أجرته لجنة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع اليمنية العام الماضي، كشفت معلومات عن نوعية وتركيبة الصواريخ التي استهدفت أحياء سكنية في مدينة مأرب، شمال شرقي البلاد. وأكدت النتائج في حينها أنّ تلك الصواريخ "إيرانية الصنع"، تمّ تهريبها إلى اليمن مجزّأة، وتركيبها في صنعاء عن طريق خبراء صواريخ.

كذلك أكدت الولايات المتحدة مراراً أنّ إيران تدعم الميليشيات بالأسلحة والمال، ليس فقط في اليمن، بل في العراق ولبنان وغيرها من البلدان العربية.

من جانبه، حذّر السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون أمس من أنّ استمرار سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء من شأنه أن يزيد من النفوذ الإيراني في اليمن. ودقّ آرون ناقوس الخطر أمام اليمنيين بقوله: إنّ "الحوثيين يغيّرون المجتمع اليمني، والمناهج في المدارس، ويسيطرون على الجامعات ويغيّرونها، ويرسلون الأطفال إلى جبهات القتال، ويرسلون الطلاب للدراسة في قم بإيران".

 

الحوثيون يستغلون بعض الشركات المنهوبة لإجراء تعاملات تجارية مع شركات عالمية للحصول على الأسلحة

 

يُشار إلى أنّ طهران لم تُخفِ يوماً دعمها للميليشيات في اليمن، بل أكدت ذلك على لسان عدد من مسؤوليها.

 ففي تصريح للمتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبو الفضل شكارجي، في أيلول (سبتمبر) الماضي، أكّد أنه "تمّ وضع التقنيات الدفاعية لإنتاج الصواریخ والمسیّرات تحت تصرّف اليمنيين"، في إشارة إلى الحوثيين، حلفاء طهران الذين نفذوا انقلاباً على الشرعية في البلاد، وسيطروا على العاصمة صنعاء عام 2014، وفق ما أورده موقع "إيران إنترناشيونال".

ولم تتوقف ميليشيات الحوثي الإرهابية عند الأسلحة الإيرانية، لأنهم أدركوا وضع إيران الدولي، ولديهم مخاوف من توقف تهريب الأسلحة الإيرانية إليهم، لذلك قاموا بعمل بدائل خاصة، مستغلين بعض الشركات المنهوبة لإجراء تعاملات تجارية مع شركات عالمية.

وفي هذا الإطار، كشف مصدر يمني عن وجود مراسلات بين الحوثيين وشركات أجنبية تتعلق ببيع المعدات العسكرية، ويشرف على المراسلة والمتابعة أحد القيادات الحوثية، وذلك عبر وثائق ومراسلات سرّية وعلى درجة عالية جداً من التأمين، وهي شركة (drone shield)، وقد تمّت المراسلات من خلال إيميل القيادي الحوثي علي سعيد دبيشة، وهو الشخص المكّلف بإدارة شركة Yemen Armored والتصرّف في أموالها، حسب الوثائق.

وقام الحوثيون أيضاً بسحب أكثر من مليوني دولار من حساب الشركة بعد تغيير مجلس الإدارة والسجل التجاري.

اقرأ أيضاً: الحوثيون وعالم بدون ميليشيات

مشيراً إلى أبرز المعدات العسكرية التي قاموا بطلبها، والتي تتمثل في توفير معدات تعطل مهام الطائرات المسيّرة وتتحكم فيها وتسقطها، خاصّة طائرات الاستطلاع التي تشكّل خطراً عليهم وعلى مواقعهم في الجبهات، وتكشف الكثير من المعلومات العسكرية، ومن المتوقع حالياً أنها أصبحت بحوزتهم.

وساهمت عمليات النهب، وفق ما أوردت مواقع محلية الأسبوع الماضي، التي قام بها الحوثيون بالسيطرة على كلّ الشركات، ومنها شركات أمنية في داخل صنعاء، في مساعدتهم، ولذا قام الحوثيون باستغلال تلك الشركات للتواصل مع شركات عالمية لتوريد الأسلحة، وبالتالي عندما قاموا بمراسلة الشركة الأجنبية من خلال إيميل الشركة الأمنية شركة Yemen Armored، تجاوبت معهم لأنها تعرف أنّ "يمن أرمورد" شركة أمنية سبق التعامل معها في فترات سابقة. وأثبتت الوثائق أنّ جماعة الحوثيين تقوم بشراء الأسلحة والمراسلات مع شركات دولية باسم الشركات المنهوبة.

اقرأ أيضاً: سياسة بايدن بين "القاعدة" في إيران وتصنيف الحوثيين

وأوضح المصدر أنّ الحوثيين استغلوا بعض شركات السيارات وأصدروا لها تصاريح، للقيام بمهام استيراد أنواع معيّنة من السيارات العسكرية، وكشف خطاباً سرّياً من أمين عام إدارة التنسيق والتعاون الدولي عبد المحسن طاوس، موجهاً إلى ممثلي المنظمات الأممية والدولية والمحلية، يؤكّد موضوع مذكرة شركة Golden car بالتعامل معها في تأجير السيارات المدرّعة والعادية للمنظمات العاملة في البلاد.

وبيّن المصدر أنّ الحوثيين تعاملوا بخبث مع هذه الشركات لتمرير مخططهم، ومن أجل التستر عند حدوث أيّ مخالفات ينكرون ويتنصلون من أيّ انتهاكات، متجاهلين أنّ اتباع مثل هذه الأساليب والتغطية التجارية مخالفة دولية، وقد استطاعوا جمع الأموال التي تفوق 100 مليون دولار، إضافة إلى رأس مال آخر من الشركات التي قاموا بنهبها خلال الفترات الماضية، وكذلك جمعهم أموالاً ضخمة جداً من حسابات وأرصدة مالية قاموا بالسيطرة عليها لأكثر من 1250 شخصاً من المعارضين لهم ولسياساتهم في صنعاء.

اقرأ أيضاً: ميليشيا الحوثي.. تنظيم إرهابي

ويسيطر الحوثيون على صنعاء ومناطق شاسعة في اليمن منذ 2014، ويخوضون معارك يومية في مواجهة قوات موالية للسلطة المعترف بها دولياً، ويدعمها منذ آذار (مارس) 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية. وقد خلّف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80% من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية، وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة، وتسبّب كذلك في نزوح نحو 3,3 ملايين شخص، وترَكَ بلداً بأسره على شفا المجاعة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية