القمة الأردنية القبرصية اليونانية... السياقات والدلالات

القمة الأردنية القبرصية اليونانية... السياقات والدلالات


29/07/2021

عقدت في العاصمة اليونانية أثينا، أمس، قمة ثلاثية بين الأردن وقبرص واليونان، حضرها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس القبرصي آناستاسيادس ورئيس وزراء اليونان ميتسوتاكيس، وركزت القمة، كما عبّر بيانها الختامي الذي صدر عقب لقاءات وفود الدول الثلاث، على "علاقات الصداقة المتينة التي تجمع بين الدول الثلاث، وآليات توسيع التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية".

ورغم أنّ هذه القمة هي القمة الثالثة التي تعقد بين الدول الثلاث، بعد قمتين عقدتا على التوالي عام 2018 في قبرص وعام 2019 في عمّان، إلا أنّ سياقات هذه القمة وشمولية بيانها الختامي الذي يؤكد تعزيز التحالف بين الدول الثلاث طرح في أوساط عديدة جملة من التساؤلات حول سياقات ودلالات انعقاد القمة بهذا التوقيت، لا سيّما أنها تأتي في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة واستمرار التهديدات والأحلاف الإقليمية والدولية.

 

أكدت القمة الثلاثية على الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس

 

توقيت القمة يأتي بعد الزيارة التي قام بها العاهل الأردني إلى واشنطن ولقاءاته مع الإدارة الأمريكية، تلك الزيارة التي عززت التحالف الاستراتيجي بين عمّان وواشنطن، وباتجاهات جديدة تبني على المتغيرات التي شهدتها الإدارة الأمريكية وانفتاح آفاق جديدة لعملية السلام في الشرق الأوسط بعد تغيير الحكومة الإسرائيلية التي كان يقودها نتنياهو، وبالتزامن شهدت منطقة شرق المتوسط تهدئة على خلفية نزاعات حول الحدود البحرية بين تركيا من جهة، مع كل من قبرص اليونانية واليونان من جهة ثانية، بعد اكتشافات لحقول الغاز في مياه البحر المتوسط.

ووفقاً للبيان الختامي للقمة، فإنّ إطارات التعاون الثلاثي تشمل مختلف القطاعات، بما فيها الاستثمارية في مجالات السياحة والزراعة والتكنولوجيا وقطاعات طبية مرتبطة بتداعيات كورونا بما فيها قضايا اللقاحات، لا سيّما أنّ اليونان قدمت لقاحات دعماً للأردن في مواجهة الجائحة، وتعبيراً عن تعاون في المجال الطبي، إضافة إلى قطاعات أمنية وسياسية، ويبدو أنّ قبرص واليونان تتطلعان لتوسيع تحالفاتهما في المنطقة، في ظل مرجعيات القانون الدولي، مقابل مواقف تركية ترى الدولتان أنها تستهدفهما، ويرى الأردن في اليونان وقبرص مفتاحاً له باتجاه دول الاتحاد الأوروبي، علاوة على الحضور اليوناني في الكنيسة الأرثوذكسية في الأماكن المقدسة في القدس، وهو ما أكدت عليه القمة حول الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.

وقد ظهر حجم البيان بتخصيص فقرات مستقلة حول قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والعراق وسوريا وليبيا وشرق المتوسط، غير أنّ محللين توقفوا عند تصريحات العاهل الأردني التي أشار فيها إلى آفاق التعاون بين تحالف الشام الجديد الذي يضم "الأردن ومصر والعراق" مع شرق المتوسط، وهو ما اعتبر رسالة لأنقرة، لا سيّما أنّ هناك سيناريوهات بإمكانية ضم سوريا ولبنان لاحقاً إلى الشام الجديد، وهو ما يعني خروج أنقرة من التحالفات التي يتم بناؤها في المنطقة، وأكدت مواقف الدول الثلاث على مقاربات لحل أزمات ليبيا وسوريا، باتجاهات تؤكد على وحدة الأراضي السورية والليبية، وضرورة خروج القوات الأجنبية من البلدين، والمساهمة في التسويات السياسية في البلدين، وهو ما يفهم منه الموقف المشترك ضد التدخل العسكري التركي في البلدين.

 

أكدت مواقف الدول الثلاث على مقاربات لحل أزمات ليبيا وسوريا، وضرورة خروج القوات الأجنبية منهما، والمساهمة في التسويات السياسية في البلدين

 

ومع ذلك، يرى كثير من المحللين أنه لا يمكن قصر نتائج القمة على عنوان استهدافها لتركيا، خاصة بالنسبة إلى الأردن الذي يرتبط بعلاقات دافئة مع القيادة التركية، وبالتزامن فإنّ القيادة التركية شهدت تحولات وانقلابات عميقة باتجاه التهدئة في شرق المتوسط وفي مناطق الصراعات التي تشهدها المنطقة، وبدأت بمصالحات واسعة مع القاهرة والرياض وأبو ظبي، كان من بين نتائجها هذه التهدئة الإعلامية، وانخفاض مستوى الحروب الإعلامية بين تركيا والعواصم العربية.

القمة حققت للجانب القبرصي واليوناني جملة أهداف؛ من بينها فتح مجالات التعاون الثنائي في قطاعات عديدة يحتاجها البلدان، خاصة مع بدايات الخروج من أزمة كورونا العالمية، وهو ما يدفع الدول لإعادة بناء اقتصاداتها، إضافة إلى فتح أفق تعاون متعدد الأوجه باتجاه الدول العربية من خلال الأردن، والأردن يدرك أهمية قبرص واليونان في شرق المتوسط الأقرب جغرافياً إليه، باتجاه الانفتاح على أوروبا، وسوف تعزز مواقف الدولتين المواقف الأردنية تجاه حل القضية الفلسطينية، ضمن المرجعيات الدولية لعملية السلام، بما فيها القدس وحل الدولتين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية