العراق: الاغتيال برصاصة في الرأس لمن يهتف: إيران برّا برّا

العراق: الاغتيال برصاصة في الرأس لمن يهتف: إيران برّا برّا


16/05/2021

تجدّدت حملة الاغتيالات التي شهدها العراق، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية، في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2019، واستهدفت العديد من الناشطين والصحفيين الذين يقفون على النقيض من سياسة الميليشيات المدعومة من إيران، وكذا الفساد الحكومي، وعشية عيد الفطر، تعرّض مراسل قناة "الفرات" العراقية إلى الاغتيال، وذلك بعد يوم واحد من استهداف ناشط عراقيّ آخر في مدينة كربلاء.

حراك تشرين ومقاومة الوجود الإيراني

وبين ناشط في "حراك تشرين" وآخر صحفي، تواصل العناصر الميليشياوية تنفيذ جرائمها التي تبدأ بالتهديد والخطف، ثم الاعتقال والتعذيب في سجون خاصة، حتى تنتهي بالاغتيال، كما حدث مع الباحث العراقي، هاشم الهاشمي، وكذا الطبيبة والناشطة العراقية، ريهام يعقوب، فضلاً عن آخرين، الأمر الذي يتسبّب في تنامي وتيرة الاحتجاجات ضدّ مواقع الميليشيات الإيرانية؛ حيث حرق المتظاهرون، في آب (أغسطس) العام الماضي، المقار الحزبية لهم، في مدينة الناصرية، جنوب العراق.

ومن بين المواقع التي تعرضت للحرق من قبل المحتجين؛ مقرّ حزب الدعوة، الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، وتيار الحكمة، برئاسة عمار الحكيم، ومنظمة بدر، التابعة لهادي العامري، ومقرّ عصائب أهل الحقّ، بزعامة قيس الخزعلي.

اقرأ أيضاً: العراق: عودة الاغتيالات تشعل الاحتجاجات ضد التغول الإيراني وأدواته.. ما مصير الانتخابات؟

وإثر الحادثتين الأخيرتين، هتف المحتجون ضدّ التغوّل الإيراني بالعراق، وقالوا: "إيران برّا برّا.. كربلاء تبقى حرة"، و"تشرينية تشرينية ضدّ إيران الجمهورية"، كما أحرقوا القنصلية الإيرانية في كربلاء، الواقعة جنوب بغداد، وقد دانت الخارجية الإيرانية هذا العمل الذي وصفته بـ "التخريبي"، بينما استدعت السفير العراقي لدى طهران احتجاجاً على مهاجمة القنصلية؛ إذ قال الناطق الرسمي بلسان الوزارة، سعيد خطيب زاده؛ إنّ إيران سلّمت "خطاب احتجاج" إلى السفارة العراقية في طهران، وطالبت بغداد متابعة القضية بموجب الاتفاقيات الدولية، مضيفاً أنّ "إيران تدين بشدة الهجمات على مواقعها الدبلوماسية في العراق".

إدانات أممية

ثمة اتهامات عديدة، محلية وأممية، لاحقت إيران واعتبرتها مسؤولة عن الميليشيات التي تنفذ هذه الاغتيالات؛ إذ قال السفير البريطاني في العراق، ستيفن هيكي، إنّ "إيران تدعم الميليشيات المتورطة بقتل الناشطين، وعلى القوات المسلحة العراقية التدخل"، كما أوضح سفير الاتحاد الأوروبي، في العراق، مارتن هوث، أنّ استهداف الناشطين يعدّ بمثابة "تهديد للمسار السياسي في البلاد، وتحدٍّ للدولة، وإرهاب للمجتمع".

طالب زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، بضرورة تقديم الجناة والمتورطين في حوادث الاغتيالات إلى العدالة ومحاكمتهم، بأسرع وقت، ووصف الاغتيالات بأنّها "أسلوب الجبناء"

وغرّد سفير الاتحاد الأوروبي، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "الإصرار على المساءلة عن جرائم القتل، كجريمة إيهاب الوزني، ليست دعوة فارغة. القتلة يتحدّون الدولة، يهددون ويرهبون المجتمع العراقي ويخرّبون المسار السياسي للبلد بأسره".

إذاً، يشهد العراق، منذ احتجاجات عام 2019، عمليات اغتيال، بصورة دورية؛ حيث يتم استهداف معارضين للدور الإيراني، حتى وصل الأمر إلى تعرض أكثر من 70 ناشطاً لعملية اغتيال، في العراق، كان آخرها اغتيال الناشط العراقي إيهاب الوزني، حسبما يوضح الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، مضيفاً لـ "حفريات": "عملية اغتيال الصحفي العراقي، أحمد حسن، تتماثل وغيرها من العمليات التي تقوم بها المليشيات الولائية، ما يؤكّد على  خطورة  الدور التي تلعبه طهران، سياسياً وميدانياً".

الباحث في العلاقات الدولية محمد ربيع الديهي

ويردف الديهي: "على ما يبدو فإنّ تصاعد الاحتجاجات من قوى تشرين، والتي تشكّل تهديدات جمّة على النفوذ السياسي الإيراني بالعراق، يدفع المجموعات المحلية الموالية لطهران إلى ممارسة البطش من  أجل  إسكات الأصوات المعارضة، وذلك في ظلّ نجاح الناشطين والصحفيين في حشد المجتمع العراقي لرفض تدخلاتهم السلبية المستمرة، كما أنّ عمليات الاغتيال في الداخل العراقي، مؤخراً، نتيجة نجاح الهبة التشرينية في تعرية الوجه الحقيقي للدور الإيراني، وتفكيك الحاضنة المتعاطفة أو المؤيدة لهم، ناهيك عن قدرتهم على التأثير في الشارع المحلي؛ وهو الأـمر الذي اتضح من خلال ردود فعل الشارع العراقي، الذي خرج العديد من أفراده لإشعال النار في القنصلية الإيرانية تعبيراً عن رفضهم لتلك الممارسات العدائية بحقهم، والهتاف ضدّ الجمهورية الإسلامي ونظام الملالي".

سياسة تكميم الأفواه

وترغب طهران في أن تقضي على أيّة معارضة داخلية، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، والمزمع إجراؤها، في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بحسب الباحث المتخصص في العلاقات الدولية؛ كما تحاول من خلال وكلائها المحليين أن تبعث برسائل للداخل العراقي، مفادها أنّ الدولة ليس بمقدورها، أو بالأحرى عاجزة، عن إتاحة البيئة المناسبة لإجراء الاستحقاق الانتخابي؛ وهي "حيلة للضغط على الشارع، بهدف إحباط أيّة احتمالات للتغيير يقودها الناشطون والمحتجون".

الباحث محمد الديهي لـ"حفريات": تصاعد الاحتجاجات من قوى تشرين، والتي تشكل تهديدات جمة على النفوذ السياسي الإيراني بالعراق، يدفع المجموعات المحلية الموالية لطهران إلى ممارسة البطش

وبينما رأت السفارة الأمريكية في العراق؛ أنّ "تكميم الأفواه المستقلة من خلال انتهاج العنف غير مقبول"، فقد أكّد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، على تعقّب المتورطين في العنف، ومحاسبة المسؤولين عن "اغتيال أحد أبرز وجوه المدينة"، كما ألمح إلى إجراء تغييرات في وزارة الداخلية العراقية بعد أن اكتشف "اختراقات" في الجهاز الأمني ممن وصفهم بـ "العصابات المسلحة".

وبحسب بيان رسمي صادر عن الحكومة العراقية، فإنّ "قتلة الناشط الوزني موغلون في الجريمة، وواهم من يتصور أنّهم سيفلتون من قبضة العدالة، سنلاحق القتلة ونقتص من كلّ مجرم سوّلت له نفسه العبث بالأمن العام".

وشدّد الكاظمي على أنّ "السلاح يجب أن يكون بيد الدولة فقط، فهذه الحكومة حاربت السلاح المنفلت، منذ اللحظة الأولى، وتحارب أيّة جهة تحاول أن تستغلّ أيّ عنوان لحمل السلاح".

وفي ظلّ الإدانات، المتكررة والتقليدية، من الناشطين بحق الحكومة، والتي لم تسفر نتائج تحقيقاتها، عقب كلّ حادث اغتيال، عن تسمية المتورطين أو القبض عليهم، بل إنّ قتلة الباحث العراقي هاشم الهاشمي، تمّ الإعلان عن تهريبهم، بعد يومين من تنفيذ جريمتهم، فقد اتّهم عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية، علي البياتي، السلطات بـ "الضعف"؛ وتساءل: "يُطرح السؤال مرة أخرى: ما هي الإجراءات الحقيقية التي اتخذتها حكومة الكاظمي لمحاسبة الجناة على جرائمهم؟".

اقرأ أيضاً: هل تنجح خطط الكاظمي "الاستباقية" في منع انبعاث داعش بالعراق؟

وإلى ذلك، طالب زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، بضرورة تقديم الجناة والمتورطين في حوادث الاغتيالات إلى العدالة ومحاكمتهم، بأسرع وقت، ووصف الاغتيالات بأنّها "أسلوب الجبناء"، وغرّد الصدر عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "للمشاركة في الانتخابات شروطها وميثاقها الذي على الجميع أن يلتزم به ضمن الأطر الشرعية والعقلية والاجتماعية والوطنية، وليست الاغتيالات منها على الإطلاق، بل هو أسلوب الجبناء، أو من يريد النيل من أمن الوطن وسلامته"، وتابع: "لذا ندعو الحكومة لتقديم الجناة إلى العدالة في أسرع وقت وندعو الجميع إلى ضبط النفس والتحلي بالصبر".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية