العالم يحتفل بيوم الأرض.. كيف ننقذ كوكبنا؟

العالم يحتفل بيوم الأرض.. كيف ننقذ كوكبنا؟


22/04/2021

يحتفل العالم في 22 نيسان (إبريل) من كل عام بـ"يوم الأرض"، الذي بات أكبر احتفال بيئي عالمي، يشارك فيه أكثر من مليار شخص في 192 دولة.

 وتتميز المناسبة هذا العام بقمة استثنائية يستضيفها الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويُنتظر أن تتمخض عنها التزامات جديدة لخفض الانبعاثات الكربونية، استعداداً للقمة المناخية العالمية المقبلة نهاية العام.

شعار يوم الأرض للعام الجاري هو "استعادة أرضنا"، الذي يركّز على الإجراءات والأساليب الطبيعية والتقنيات الخضراء الناشئة والأفكار المبتكرة التي يمكنها المساعدة على استعادة النُّظم البيئية في العالم، وفق ما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط".

 لكنّ الأمر لا يقتصر على التدابير الحكومية، إذ إنّ مسؤولية استعادة الكوكب منوطة بكل واحد منّا، ليس فقط لأننا نهتم بالبيئة الطبيعية، ولكن لأننا نعيش فيها، فجميعنا يحتاج إلى أرض صحية لدعم الوظائف وسبل العيش والصحة والسعادة، وحتى فرص البقاء نفسها؛ لأنّ الكوكب السليم ليس خياراً، وإنما ضرورة.

تدعم "منظمة يوم الأرض"، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، مجموعة من الحملات والبرامج حول العالم للمساهمة في تحقيق شعار "استعادة أرضنا"، من أبرز مواضيعها التشجير وإنتاج الغذاء بأساليب طبيعية مستدامة وتنظيف الأماكن العامة ومحو الأمية المناخية والتربية البيئية المجتمعية واستكشاف الطبيعة والبحث العلمي.

وتهدف مبادرة "المظلة" إلى زراعة مليارات الأشجار في جميع أنحاء العالم، وهي واحدة من أكبر وأرخص الطرق للتخلص من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي لمعالجة أزمة المناخ. والغابات لا تعمل فقط كمصارف للكربون، لكنها توفّر أيضاً موطناً حيوياً للحيوانات والخدمات البيئية للبشر، مثل تنقية الهواء الذي نتنفسه وتنظيم درجات الحرارة المحلية. وتسهم جهود إعادة التشجير أيضاً في تبريد الأماكن الحارة وتفيد الزراعة وتدعم الملقّحات، وتقلل من مخاطر انتقال الأمراض وتعزز الاقتصادات المحلية.

 

مليار شخص في 192 دولة يشاركون في الاحتفال بيوم الأرض هذا العام، والذي يحمل شعار "استعادة أرضنا"

 

ويمكن أن تؤدي برامج إعادة التحريج المسؤولة إلى حماية الأرض من التعرية أو الكوارث الطبيعية، وتحسين صحة التربة وتغذية المياه الجوفية، بالإضافة إلى تكاثر الحيوانات المحلية والمتوطنة وتوفير التنمية الاقتصادية للمجتمعات المجاورة. ومن أكبر برامج التشجير التي أُعلنت مؤخراً ما جاء ضمن المبادرة السعودية الخضراء لزرع 10 مليارات شجرة على المستوى المحلي و40 مليار شجرة على مستوى الشرق الأوسط.

لإطعام العالم، يجب أن نتبنّى أحدث التقنيات لدعم المزارعين وتجديد أراضيهم واحتجاز الكربون من خلال الزراعة المتجددة والممارسات الغذائية المستدامة. وتقيس البصمة الغذائية الآثار البيئية المرتبطة بزراعة طعامنا وإنتاجه ونقله وتخزينه، بدءاً من الموارد الطبيعية المستهلكة وصولاً إلى التلوث الناتج عن غازات الدفيئة المنبعثة.

وتقدّم الزراعة المتجددة حلولاً لتحويل المزارعين إلى أبطال بيئيين ومجتمعيين، وتعزز صحة التربة المتدهورة من خلال استعادة الكربون العضوي، إذ تعمل على عزل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يوقف آثار الزراعة الصناعية في تغيُّر المناخ. وتعمل الممارسات التجديدية، مثل الزراعة من دون حرث والزراعة الغطائية، على تقليل التعرية وتلوث المياه، مما يعزز صحة التربة.

وتتصدى الزراعة المتجددة لتغيُّر المناخ وتعزز الأمن الغذائي، من خلال استعادة التربة والمواد العضوية والتنوع البيولوجي، وكذلك تقليل الكربون في الغلاف الجوي.

أمّا عن برنامج "التنظيف العالمي الكبير"، وهو إحدى مبادرات "يوم الأرض"، فيدعو إلى التغيير الهيكلي والفردي عندما يتعلق الأمر بالتلوث، وتعزيز السياسات التي تقلل التلوث وتشجع الناس في كل مكان على اتخاذ إجراءات فردية تقلل من النفايات.

قبل 50 عاماً، بدأ "يوم الأرض" الأول ثورة بيئية، وهو الآن يطلق ثورة تعليمية لإنقاذ الكوكب، ولضمان استفادة الطلاب في جميع أنحاء العالم من التعليم عالي الجودة؛ لأنّ في المعرفة قوة. وإلى جانب التربية المدنية، فإنّ محو الأمية المناخية والبيئية يخلق فرص عمل، ويبني سوقاً استهلاكية خضراء، ويسمح للمواطنين بالتفاعل مع حكوماتهم بطريقة هادفة لاستعادة الأرض.

 

منظمة يوم الأرض تطلق مجموعة من الحملات والبرامج حول العالم للمساهمة في تحقيق الشعار

 

من الضروري أن يتضمن كل منهج دراسي في العالم تعليماً إلزامياً عن قضايا المناخ والبيئة، مع مضمون قوي يشجع على المشاركة المدنية.

وتُعدّ مبادرة "تحدّي الأرض العالمي" والتي تمنح العلماء القوة لجعل العالم مكاناً أفضل، انطلاقاً من أوطانهم، تُعدّ أكبر حملة تربوية علمية بيئية مشتركة، إذ تنسّق التعاون بين المشاريع العلمية الراهنة، بالإضافة إلى بناء القدرات لمشاريع جديدة، وذلك في إطار جهد أكبر لإيصال المعرفة البيئية إلى الناس بلا قيود.

وبهدف إشراك الناس في مراقبة بيئتهم، تستخدم الحملة تطبيقاً للهاتف المحمول لجمع المليارات من الملاحظات حول جودة الهواء والمياه ومجموعات الحشرات وتغيُّر المناخ والتلوث البلاستيكي واستدامة الغذاء، مما يوفر رؤى بيئية قيمة ومنصة لتغيير السياسات. ويربط البرنامج المجتمعات العلمية المحلية ويمكّنها من الاستفادة من قوة البحث العلمي لإحداث تغيير ذي مغزى.

وبمناسبة يوم الأرض 2021، تبث "منظمة يوم الأرض" اليوم من مقرّها في واشنطن رسائل من زعماء سياسيين ورؤساء منظمات وناشطين بيئيين حول العالم.

 وقد قدَّم الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) نجيب صعب، رسالة من المنطقة العربية جاء فيها: "رغم سنة عصيبة، لديّ بعض الأخبار الجيدة لأشارككم بها من المنطقة العربية في يوم الأرض 2021، خصوصاً في مجال العمل المناخي ومحو الأمية البيئية، فقد شهدنا 3 أحداث مهمة في الأسابيع الأخيرة:

الحدث الأول: هو إعلان السعودية عن مبادرة خضراء تشتمل على أهداف واضحة لمواجهة تغيُّر المناخ، من بين تحديات بيئية أخرى. ومن التعهدات توليد نصف الحاجة الكهربائية للمملكة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وتحقيق "صفر كربون" بحلول عام 2050، وزرع 10 مليارات شجرة محليّاً و40 مليار شجرة على مستوى المنطقة.

 

المنطقة العربية شهدت 3 أحداث مهمة في الأسابيع الأخيرة في مجال العمل المناخي ومحو الأمية البيئية في السعودية والإمارات ومصر

 

الحدث الثاني: استضافة أبو ظبي الحوار الإقليمي حول تغيُّر المناخ، فقد أكد المشاركون الالتزام بتعهدات اتفاقية باريس وتقوية طموحات بلدانهم المناخيّة وتعزيز مساهمتها في المساعي الدولية للحدّ من الانبعاثات الكربونية.

أمّا الحدث الثالث: فهو إطلاق مصر برنامجاً لدمج البيئة والمناخ في المناهج التربوية على المستويات التعليمية كافّة، والمباشرة في إعداد مواد تعليمية بيئية بالتعاون مع الأمم المتحدة.

هذا، واستطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة وسط هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم أن تضع نموذجاً خاصاً بها لمواجهة تداعيات الأزمة، معتمدة بذلك على عوامل عدة؛ من أهمها تطبيق تعليمات منظمة الصحة العالمية، وتسخير كل إمكانات الدولة وقدراتها البشرية والفنية في مواجهة الجائحة.

وأولت الدولة حماية البيئة أهمية كبيرة في جميع الخطط الاستراتيجية والبرامج والمبادرات التي من شأنها الحفاظ على البيئة وتحقيق استدامتها وتنوعها البيولوجي لضمان مستقبل الأجيال، ومنذ تأسيس الدولة تصدر الاهتمام بالبيئة اهتمامات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد اهتمّ بدعم الابتكار لتنمية وتطوير القطاع الزراعي في الدولة، وإنشاء مراكز البحوث الزراعية، التي أسهمت في تحقيق التنمية الشاملة في القطاع، فتم زيادة الرقع الخضراء في مختلف أرجاء الدولة عبر تحويل مساحات شاسعة من الصحراء إلى مسطحات خضراء، وتابعت القيادة الرشيدة هذا التوجه والاهتمام الكبير في المحافظة على البيئة وتم إطلاق العديد من المشاريع الكبيرة، وخصوصاً في مجال الطاقة المتجددة، حسبما نقلت صحيفة البيان الإماراتية.

 

الإمارات أولت حماية البيئة أهمية كبيرة في جميع الخطط الاستراتيجية والبرامج والمبادرات

 

وتعمل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تحقيق الاستدامة البيئية في إطار تشريعي وتنظيمي، يساعد في المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية، وتحظر أيّ سلوكيات قد تشكل خطراً عليها مثل إلقاء النفايات البحرية، وتبنت الدولة تقنيات عدة للمحافظة على الموروث الجيني للنباتات المحلية.

وقامت الدولة ببحوث ودراسات ومسوحات ميدانية عدة لحصر أنواع النباتات بغرض الحفاظ عليها، وعلى مواردها الوراثية، وذلك بهدف المحافظة على الغطاء النباتي والموارد الطبيعية من خطر الانقراض والتلوث.

وتواصل الإمارات جهودها المحلية والعالمية في حماية البيئة والمحافظة عليها، وكانت من أوائل الدول في وضع وتنفيذ الاستراتيجيات والسياسات التي عززت مكانة الدولة كمركز عالمي رائد للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر بهدف تقليل الانبعاثات والمحافظة على البيئة.

وفي السياق، ذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش في يوم الأرض، في كلمة نشرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة عبر موقعه أمس، أنّ "أمنا الأرض تبعث إلينا دعوة عاجلة للعمل، فالطبيعة تعاني، كما أنّ من العوامل التي يمكن أن تزيد احتمال انتقال الأمراض المعدية (مثل فيروس كورونا) من الحيوانات إلى البشر تغير المناخ، والتغيرات التي من صنع الإنسان على الطبيعة، والجرائم التي تعطل التنوع البيولوجي مثل إزالة الغابات".

وبعد أن أعاد واشنطن إلى اتفاقية باريس للمناخ، كان الرئيس الأمريكي جون بايدن قد دعا 40 من قادة العالم إلى قمّة افتراضية حول المناخ في اليوم العالمي للأرض، أبرزهم نظيراه الروسي والصيني.

وقد احتُفل بيوم الأرض لأول مرّة في العام 1970، وخرج 20 مليون شخص إلى الشوارع غاضبين من انسكابات النفط، والضباب الدخاني، والأنهار الملوثة، احتجاجاً على ما اعتبروه أزمة بيئية.

وكان أكبر حدث مدني على كوكب الأرض في ذلك الوقت، والذي أجبر الحكومات على اتخاذ إجراءات ملموسة، بما في ذلك إصدار قوانين بيئية وإنشاء وكالات بيئية، والذي أظهر مدى ما يمكن تحقيقه عندما يجتمع الناس ويطالبون باتخاذ إجراء.

وما يزال يحمل يوم الأرض أهمية كبيرة، ففي العام 2009 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يعترف رسمياً باليوم الدولي للأرض الأم، وفي 22 نيسان (إبريل) 2016، اعتمدت الأمم المتحدة رسمياً اتفاق باريس، الذي يوضح التزام الدول بالحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى دون درجتين مئويتين فوق مستويات قبل العصر الصناعي، وتعزيز قدرة البلدان على التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية