الذكاء الاصطناعي.. الدماغ لن يعود حكراً على الإنسان

الذكاء الاصطناعي.. الدماغ لن يعود حكراً على الإنسان


27/10/2020

يقف البشر اليوم على تخوم الثورة الصناعية الرابعة، التي تعني ببساطة: رقمنةَ كلّ ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي، وقد تبدو آثار هذه الرقمنة واضحةً للعيان، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، التي غيرت التواصل إلى الأبد، وأثرت في الواقع الاجتماعي للمجتمعات حول العالم، لكن هذه الثورة، تخفي العديد من محاور قوتها الهائلة القادمة، التي تعتمد على تبعية الإنسان للعقل.

التعلم العميق تقنية تتمثل في صناعة شبكات من الأعصاب الصناعية المتطورة التي يمكنها أن تُشكل دماغاً رقمياً وصناعياً

العقل اليوم هو كلّ الأشياء، وهو الذي بدأ الإنسان من خلاله سلسلة ثوراته الصناعية والعلمية التي قادت البشرية لما هي عليه الآن، وفي المقابل؛ فإنّ الإنسان أصبح صاحب دورٍ أكثر ضآلةً كلما أنجز العقل واحداً من منجزاته، حتى إنّه دخل في منافسة محمومة مع الآلة، ثمّ تراجع ليلعب دور الكسول، الذي وضع أجهزةً تفكر وتخطط وتعمل عنه، بل وتراقبه، وتضمن له التفوق والتقدم، لكنّها، في المقابل، ربما تؤمن له انقراضاً مريحاً، إن صحّ التعبير، خصوصاً إذا انفلت الذكاء الاصطناعي، وتنصل من معلمه الأول؛ العقل.

 

 

ما هو الذكاء الاصطناعي؟
يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI)، بحسب الموقع الرسمي لشركة "oracle"، إلى "الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام، والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استناداً إلى المعلومات التي تجمعها. ويتجلى الذكاء الاصطناعي في العديد من الأشكال اليوم؛ فهي بدأت من الحواسيب، ثم تطورت إلى الحواسيب العملاقة التي تستوعب كميات هائلة من البيانات، وتُسهم في تحليلها وجدولتها وبناء النتائج والإستراتيجيات على أساسها"، ومثال ذلك الروبوتات التي تقوم قدر الممكن باستيعاب البيئة المحيطة من حولها وأداء مهام بديلة عن الإنسان، وكذلك الطائرات، والطائرات المسيرة (drone)، والأجهزة الذكية المتنوعة، وليس انتهاء بتقنية الـ "deep learning" التي تعني التعلّم العميق، وتتمثل في صناعة شبكات من الأعصاب الصناعية المتطورة، التي يمكن لها أن تُشكل دماغاً رقمياً وصناعياً، يمكن له أن يتعلّم ويجرب ويتطور دون أي تدخلٍ من الإنسان.

الدماغ الاصطناعي أكثر سرعة وتطوراً من الدماغ البشري

وتكشف دراسات أجريت منذ العام 2017؛ أنّ "دراساتٍ حديثة أجراها باحثون من جامعتي أكسفورد البريطانية وييل الأمريكية تشير إلى أنّ هناك احتمالاً بنسبة 50% بأّن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري في جميع المجالات، وفي غضون 45 عاماً، كما من المتوقع أن يكون قادراً على تولّي كافة الوظائف البشرية في غضون 120 عاماً، ولا تستبعد نتائج الدراسة أن يحدث ذلك قبل هذا التاريخ بمدة أقلّ بكثير"، وفق تقارير النشرة الدورية لـ "scientific American" عام 2018.

الروبوت الذي يقوم بأعمال بسيطة ربما يتحول إلى عدو لدود إذا تطور

ما بعد الآلة
هذا التفوق المرتقب للآلات، والذي يجري العمل به على أرض الواقع، سوف يحدث الكثير من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية المحتملة، مثل؛ ارتفاع معدلات البطالة وتنامي الفقر، ولكن تلك "الآثار الاجتماعية لتطور الذكاء الاصطناعي ستعتمد على كيفية ردّ فعل المجتمع تجاهها، فيمكن أن يؤدي هذا التطور أيضاً إلى دعم الجميع تقريباً من قِبَل التكنولوجيا وتحريرهم من أعمال عديدة، بما يجعلهم قادرين على قضاء أوقاتهم في أداء أنشطة أخرى نافعة بالنسبة إليهم"، بحسب المصدر ذاته.

ربما يتمرد الذكاء الاصطناعي الذي يتطور ذاتياً على الإنسان فيدخل معه في صراعٍ على مصادر الطاقة والقوة والوجود

وهو ما يقود إلى تساؤل مهم: هل ستطال فوائد الذكاء الاصطناعي المتقدم هذه البشرية بشكلٍ عام؟ إذ ربما تكون محصورةً بأيدي مؤسساتٍ أو دولٍ محددة، كما أنّه ليس سهلاً إنهاء فكرة الوظيفة والعمل لدى المجتمعات؛ فقد يؤدي ذلك إلى تغييرٍ جذري في طبيعة العلاقات الاجتماعية، كما أنّ تفرّغ الإنسان وتحرره تماماً من أيّ عمل، قد يغير في طبيعته الإنسانية، ويضيف عبئاً آخر عن علاقة البشر بالوجود.
سيارات ذكية وتستخدم الطاقة البديلة كتلك التي تنتجها شركة تسلا، طائرات تراقب وتعمل وتتحرك لمهام عديدة دون حاجةٍ لمتابعتها تقريباً، روبوتاتٌ في اليابان تعمل في المصانع والمطاعم والفنادق، واستخدامات أخرى كثيرة لحواسيب عبقرية، آخرها بحسب التقارير السابقة؛ هو الشعور بالبشر، "والقدرة على رعايتهم نفسياً وجسدياً، وحمايتهم من الأمراض، بل ومعالجتهم أيضاً"، ويتم الحديث هنا عن تقنيات النانو، والذكاء المستقل بنفسه، وهو شكلٌ عبقري، أبعد من الآلة.

 هل سيحارب الذكاء الاصطناعي البشر إذا استقل؟

إذا تمرّدت الآلة
إن تجاوز الآلة، يعني ببساطة؛ ذكاء اصطناعياً مستقلاً بذاته، وقادراً على اتخاذ قراراته، وهو يستطيع الفهم ثم خلق علاقات بين عدة متغيرات تساعده على الوعي والإدراك بالبيئة المحيطة به حتى يصبح قادراً على التصرف والتعامل معها باستقلالية كاملة، والأهم؛ أنّه قادرٌ على تطوير نفسه في مراحل لاحقة، وهذه المرحلة من ثورة الذكاء الاصطناعي، هي المرحلة الخامسة التي لم يرها الإنسان بعد، وتتتمثل في أنّه سوف "يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاء من الإنسان الذي صنعه، نتيجة قدرته على التعلم التي تفوق قدرة الإنسان، فتصبح أشكاله وآلاته قادرة على تصميم آلاتٍ أخرى شبيهة بها، أو معالجة خلل فني يحدث بها، فتطوّر أجيال من نفسها، أو تجد حلولاً لمشكلات يصعب على الإنسان أن يعالجها، أو تدرك أنّ مصادر الطاقة هي سرّ وجودها فيتجه نحو السيطرة عليها"، وفق موقع "دراسات المستقبل" في دراسة نشرت مطلع 2019.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي وحروب المستقبل
ويتحدث التقرير بصورةٍ واضحة، عن إمكانية تطور أجيال الذكاء الاصطناعي؛ حيث تشكل هويةً مستقلةً بذاتها، لا تمتّ لتاريخ الإنسان العاقل بصلة؛ بل إنّها ترغب بالتمرد عليه مثلاً؛ إذ ستتمكن من أن تدرك أنّ القوة هي سرّ البقاء فتطور أسلحة يعجز البشر عن مواجهتها، فيتحول البشر إلى تابعين للآلات التي ابتكروها وطوروها وعلموها. أو يدخلون في صراعٍ معها على الوجود، ورغم أنّ هذا يوجد في نبوءات أفلام الخيال العلمي حتى الآن، لكن كثيراً من هذه النبوءات، تحققت في الماضي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية