التراجع عن طرد السفراء من تركيا لا يغلق صفحة التوتر مع الولايات المتحدة

التراجع عن طرد السفراء من تركيا لا يغلق صفحة التوتر مع الولايات المتحدة


27/10/2021

على الرغم من تراجع تركيا عن تصعيد الأزمة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية و9 دول أخرى، بينها فرنسا وألمانيا، بطرد سفرائها من أنقرة، إلا أنّ  ذلك لا يعني تبدد الأجواء المتوترة بين البلدين، بل على العكس ثمّة مؤشرات عدة على أنّ العلاقات التركية الأمريكية ينتظرها مزيد من التوترات. 

اقرأ أيضاً: الليرة التركية: قصّة سقوط حرّ

وسبق أن وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقته بنظام الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها الأسوأ منذ عقود مع رئيس أمريكي، وقد ساهم الجفاء الذي أبداه بايدن نحو أردوغان وتوجهه في المنطقة، أو سلوك نظامه فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، في تعميق الأزمة بين الدولتين الحليفتين اللتين أبديتا درجة كبيرة من التفاهم والتنسيق في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. 

ويرى مراقبون أنّ التوتر القائم بالأساس بين واشنطن وأنقرة، وتجاهل الأولى للأخيرة، كان سبباً في ردة الفعل المبالغ فيها من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إزاء أزمة السفراء، التي تفجرت عقب إصدار بيان من 10 دول تنتقد فيه حبس رجل الأعمال التركي عثمان كافالا منذ 4 أعوام، وهو أحد أبرز معارضي نظام الرئيس التركي، دون صدور أيّ أحكام تدينه. وعثمان موقوف بتهم تتعلق بالإرهاب والتورط في انقلاب 2018. 

اقرأ أيضاً: حقيبة زوجة الرئيس التركي تزجّ بالصحفيين خلف القضبان

وكان الرئيس التركي قد صرّح بعد أيام من صدور البيان بأنه أبلغ وزير الخارجية التركي لإعلام السفراء الـ10 بأنّ وجودهم في تركيا غير مرغوب فيه، إلا أنّ تركيا لم تتخذ أيّ خطوات رسمية في طرد السفراء، وتأكد فيما بعد أنّ تصريحات أردوغان لم تكن سوى "ضجيج بلا طحين". 

أعضاء في الكونغرس: لا يسعنا أن نعرّض أمننا القومي للخطر بإرسال طائرات أمريكية الصنع إلى حليف يواصل التصرف كخصم

وضجيج أردوغان أو افتعاله الأزمات نهج مألوف لدى الرئيس التركي، يلجأ إليه كلما ضاق عليه الخناق في ملف ما، وحالياً تتكدس الملفات التي يضيق خناقها على أردوغان، ولا يجد سبيلاً إلى البيت الأبيض من أجل تفاهمات أو مواءمات. 

أحد تلك الملفات هو العقوبات الأمريكية على تركيا المتعلقة بالصفقة التي عقدتها تركيا مع روسيا للحصول على منظومة الدفاع الروسية إس 400، التي حرمت تركيا من الحصول على منظومة الطائرات الأمريكية إف 35، على الرغم من إنفاق تركيا مبلغاً كبيراً لتدريب الطيارين الأتراك على تلك الطائرات، وقد حاولت تركيا تغيير الصفقة مع الولايات المتحدة للحصول على طائرات وقطع غيار لمنظومة إف 16، إلا أنّ ذلك يتطلب موافقة الكونغرس الأمريكي. 

اقرأ أيضاً: "من الممكن إنشاء عالم أعدل": على من تتلو مزاميرك يا أردوغان؟

ربما أراد أردوغان من أزمة السفراء إظهار تركيا في موقف أكثر قوة ممّا هي عليه في الواقع، والتأكيد على أنها قادرة على المناورة، بل الدخول في أزمات مع 10 دول دفعة واحدة، غير أنه بمجرد التنويه الأردوغاني عن الأزمة تهاوت الليرة التركية مجدداً، ممّا يعني أنّ تركيا عملياً تظل الحلقة الأضعف، مهما حاولت إظهار عكس ذلك. 

وبحسب ما أورده موقع ميدل إيست أون لاين، فقد بعث 11 عضواً في الكونغرس الأمريكي رسالة إلى بايدن ووزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، في 25 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، يعبّرون فيها عن "شعور عميق بالقلق" إزاء تقارير حديثة عن احتمال شراء تركيا 40 طائرة إف-16 جديدة من إنتاج لوكهيد مارتن، و80 من معدات التحديث للطراز نفسه.

اقرأ أيضاً: أردوغان يزور موسكو.. هل تعيد تركيا رسم خريطة حساباتها في الشرق الأوسط؟

وكتب المشروعون يقولون: "في أعقاب إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان في أيلول (سبتمبر) أنّ تركيا ستشتري دفعة أخرى من منظومة الدفاع الصاروخي إس-400، فلا يسعنا أن نعرّض أمننا القومي للخطر بإرسال طائرات أمريكية الصنع إلى حليف يواصل التصرف كخصم". وقد طلبت تركيا من الولايات المتحدة شراء 40 طائرة مقاتلة إف-16 من إنتاج لوكهيد مارتن، ونحو 80 من معدات التحديث لطائراتها الحالية.

 

بومان: واشنطن وأثينا تشعران بالقلق من تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العدائية بشكل متزايد، والتي أكدها تهديده في أزمة السفراء

وأضافت الرسالة: نثق بأنّ الكونغرس سيقف صفاً واحداً لمنع أيّ من هذه الصادرات في حالة مضي هذه الخطط قدماً، لكنّ الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل نقل أي عتاد عسكري متطور لحكومة تركيا في هذا التوقيت. 

وإلى جانب أزمة الصورايخ الروسية، فثمّة أزمة شرق المتوسط، والتي تعقدت في وجه تركيا من جديد في ظل عقد اليونان اتفاقيتين للدفاع، مع الولايات المتحدة من جهة، ومع فرنسا من جهة أخرى. 

ويقول الباحث في مجلة فورين بوليسي برادلي بومان: "بروتوكول الدفاع المتجدد والموسّع الذي وقعته الولايات المتحدة واليونان في 14 تشرين الأول (أكتوبر) يعدل اتفاقية التعاون الدفاعي المشترك بينهما، ويشير الباحث إلى أنّ كلاً من واشنطن وأثينا تشعران بالقلق من تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العدائية بشكل متزايد، والتي أكدها تهديده يوم السبت - منذ أن تم تخفيفه - بطرد 10 سفراء غربيين، بالنسبة إلى الجانب الأمريكي يوسع الاتفاق الوصول العسكري الأمريكي إلى القواعد العسكرية اليونانية، ممّا يوفر لواشنطن تحوطاً ضد موسكو وأنقرة، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جعل تركيا تلعب دوراً مفسداً داخل حلف الناتو، ويأمل اليونانيون، من جانبهم، أن يساعدهم تعاون أقوى مع الولايات المتحدة في ردع تركيا"، بحسب ما نقله موقع أحوال تركية.

اقرأ أيضاً: "ديانت": تقويض العلمانية داخل تركيا وخدمة أحلام أردوغان خارجها

ويضيف بومان: "على غرار اتفاق اليونان الأخير مع فرنسا، يعزز البروتوكول موقف أثينا في ضوء الدبلوماسية المتزايدة لحكومة أردوغان بشأن الزوارق الحربية والخطاب الوحدوي الذي يهدف إلى إلغاء الحدود التي حددتها معاهدة لوزان في عام 1923 في أعقاب الحرب اليونانية التركية المريرة. في كل هذا يحرك أردوغان مزيجاً ساماً من الإيديولوجيات الإسلامية والقومية المتطرفة والمعادية للغرب. 

ويتابع الباحث: أدى احتضان أردوغان للفصائل القومية المتطرفة والموالية لروسيا في الداخل من أجل البقاء السياسي في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة لتركيا في عام 2016 إلى تصادم أثينا وأنقرة، وأدى تخلي الرئيس التركي عن مواقف السياسة الخارجية التركية التقليدية ومطالباته البحرية التوسعية في بحر إيجة وأماكن أخرى، والتي طورها عدد من الضباط الموالين لروسيا في الجيش التركي، إلى فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي في عام 2019، وتهديدات بفرض مزيد من العقوبات العام الماضي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية