الانتخابات التركية 2022.. صراع محموم وسط مشهد ضبابي

الانتخابات التركية 2022.. صراع محموم وسط مشهد ضبابي


08/12/2021

حتى الآن، ما زال مصير طلب المعارضة التركية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في خريف 2022 غامضاً، ورغم ذلك فإنّ الاستعدادات للانتخابات التي يُتوقع أن تكون الأشرس قد انطلقت بالفعل، وذلك بترتيب الأوراق من قبل المعارضة من أجل حسم الشخصية التي تصطف خلفها في مواجهة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما الأخير يسعى لإجراء تحسينات اقتصادية من أجل مغازلة الناخب التركي.

اقرأ أيضاً: الطبقة الرمادية والأكراد سيحددون مصير الانتخابات التركية

ولا تبدو مهمة أيّ من الفريقين سهلة، فالمعارضة ما زالت غير متحدة حول الشخصيات التي سيتمّ طرحها لمنافسة أردوغان، بل تلوح أفق انقسامات واختلافات، بعدما عبّر رئيس حزب الشعب المعارض (أكبر أحزاب المعارضة)، كمال كليتشدار، عن رغبته في عدم ترشح عمدة أنقرة منصور يافاش، أو عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، من الترشح للرئاسة، مقابل ترشحهم للانتخابات المحلية المقبلة من أجل الحفاظ على مكاسب المعارضة.

ويرى آخرون أنّ موقف زعيم حزب الشعب يُضعف موقف المعارضة في الانتخابات المقبلة، لأنّ المرشحين، خصوصاً عمدة إسطنبول، له حظوظ وافرة في منافسة أردوغان، مقارنة بحظوظ كليتشدار، إذا ما قرّر هو خوض الانتخابات باسم المعارضة.

تقول الكاتبة التركية ناغي هان ألتشي، في تقرير في صحيفة "خبر ترك": "إنّ موقف كليتشدار  سيزعج "برجوازية إسطنبول"، الذين يرون أنّ إمام أوغلو قادر على أن يكون منافساً قوياً ضدّ أردوغان، مشيرة إلى أنّ عمدة إسطنبول استطاع أن يكوّن علاقات قوية مع أغنى (20) عائلة في تركيا.

 بحسب مراقبين عمدة إسطنبول لديه الرغبة في خوض السباق الرئاسي ممّا يعني إمكانية تفتيت المعارضة

وبحسب مراقبين، فإنّ عمدة إسطنبول لديه الرغبة في خوض السباق الرئاسي؛ ممّا يعني إمكانية تفتيت المعارضة، وهو ما يقلل فرصها، خصوصاً أنّ منافسة أردوغان لن تكون سهلة، رغم الأزمة الاقتصادية، وتراجع شعبيته، بحسب استطلاعات الرأي.

اقرأ أيضاً: أردوغان مجدداً يخطب ود دول الخليج .. هذا ما قاله

ويبدو أنّ لقاءات بدأت في الانعقاد بين أقطاب المعارضة من أجل حسم ذلك الملف، ومن بين هؤلاء الذين يتمّ تداول أسمائهم بقوة، القيادات المنشقة عن حزب العدالة والتنمية، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، الذي أسّس حزب المستقبل.

يحتاج أردوغان إلى أكثر من الخطب الرنانة والأحاديث الحماسية للفوز في الانتخابات المقبلة

وفي سياق ذلك، أجرى عمدة بلدية إسطنبول زيارة إلى رئيس حزب المستقبل في منزله، ونشر داود أوغلو عبر تويتر عدة صور لعمدة إسطنبول وزوجته في منزله خلال الزيارة، وعلّق عليها قائلاً: "أتقدّم بالشكر للسيد أكرم إمام أوغلو على زيارته الطيبة إلى منزلنا، برفقه حرمه السيدة ديلاك إمام أوغلو".

وذكر أوغلو في منشوره أنّ إمام أوغلو أجرى محادثة ممتعة عن إسطنبول بحضور نجله محمد وقرينته سارة، بحسب ما أوردته صحيفة "زمان" التركية.

وتشير استطلاعات رأي عدة إلى فرص عمدة إسطنبول في منافسة أردوغان، أحدها نشرته مؤسسة "متروبول" في أيار (مايو) الماضي، والذي توقع أن يخسر أردوغان السباق في الجولة الثانية بالانتخابات الرئاسية، إذا كان أحد منافسيه بالجولة الثانية عمدة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أو عمدة بلدية أنقرة منصور يافاش، أو زعيمة حزب الخير ميرال أكشنار.

مايزال مصير طلب المعارضة التركية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في خريف 2022 غامضاً

وبحسب النتائج التي كشفها رئيس مؤسسة متروبول أوزار سنجار، فإنّه إذا كان المرشحان في الانتخابات الرئاسية هما أردوغان وأكرم إمام أوغلو، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري، فإنّ 39% من المقترعين الأتراك سيصوّتون لأردوغان، و50% لأكرم إمام أوغلو.

وإذا كان خصم أردوغان هو منصور يافاش، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري، فستذهب أصوات 49.4% من الناخبين إلى يافاش، و37.5% إلى أردوغان.

اقرأ أيضاً: مطالبات واسعة للذهاب إلى انتخابات مبكرة.. واستطلاع رأي يُظهر تهاوي حزب أردوغان

أمّا إذا كانت أكشنار زعيمة حزب الخير في مواجهة أردوغان بالجولة الثانية، فسيحصل أردوغان على 38.5% من الأصوات، وأكشنار على 42.5%.

ووفقاً لهذا الاستطلاع، فإنّ أردوغان لديه فرصة للفوز في الجولة الثانية، إذا كان خصمه هو رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو، في هذه الحالة، سيتمكن أردوغان من الحصول على 42.5% من الأصوات، وكيليتشدار أوغلو على 39.7%.

ولم ينسَ الرئيس التركي بعد الضربة الموجعة التي وجّهها له إمام أوغلو في انتخابات البلدية في العام 2019، فقد خسر حزب العدالة والتنمية المدينة رغم إعادة الانتخابات، وتكسب إسطنبول رمزية كبيرة لدى أردوغان، الذي قال في تصريح هذا الأسبوع: إنّه يجب إعادة إسطنبول مرّة أخرى إلى مالكها الحقيقي.

  المعارضة غير متحدة حول الشخصيات التي سيتمّ طرحها لمنافسة أردوغان بل تلوح أفق انقسامات واختلافات

وأضاف أردوغان: "إنّ بلدية إسطنبول بمثابة قاطرة البلديات الأخرى في البلاد، فحيثما ذهبت تلك القاطرة، ذهبت العربات الأخرى وراءها أيضاً، على حدّ تعبيره. وقال، بحسب موقع زمان: "بجب أن تعود ملكية إسطنبول مرّة أخرى إلى حزب العدالة والتنمية في عام 2023.

إعادة تنظيم الاقتصاد

ويحتاج الرئيس التركي إلى أكثر من الخطب الرنانة والأحاديث الحماسية للفوز في الانتخابات المقبلة، وفي إطار ذلك يرى الكاتب التركي غوكهان باجيك، في مقال بموقع "أحوال تركية"، أنّ الرئيس التركي يستعد للانتخابات عبر (3) مراحل؛ الأولى: إعادة بناء النظام الاقتصادي وفقاً لتوقعاته السياسية، والثانية: إجراء تحسينات اقتصادية تشعر بها الأسرة التركية بنحو مباشر، موضحاً أنّ "كل حسابات أردوغان السياسية هي أن تجعل الجمهور يقول: "انظر، لقد حلّ المشاكل الاقتصادية، وهناك استقرار مرّة أخرى، وحتى هناك تحسّن في بعض القضايا"، قبل حوالي 6-8 أشهر من الانتخابات، وأخيراً المرحلة الثالثة: التي تتمثل في إعلان الانتخابات والذهاب إليها في هذا الجوّ الإيجابي.

ويشير باجيك إلى أنّ هذا التقويم الاقتصادي يحتوي أيضاً على ركيزتين تقريباً؛ الأولى: التنفيذ الشعبوي للسياسات الاقتصادية بطريقة ستجعل أردوغان يفوز في الانتخابات: قروض رخيصة، وزيادة رواتب، وفرص جديدة لشرائح مختلفة من المجتمع مثل المزارعين، الثانية: تعيين الفاعلين الاقتصاديين في أماكن فاعلة وفق هذه السياسة، من الآن فصاعداً، سيتمّ تحديد الأسماء المناسبة لـ "اقتصاد أردوغان" فقط دون تردد.

كاتب تركي: المجتمع التركي يشعر بالقلق من مشاكل مثل حقوق الإنسان والفساد

ويلفت الكاتب التركي إلى خطورة تلك الاستراتيجية وتأثيراتها المتوقعة، قائلاً: "إنّ المجتمع التركي يشعر بطبيعة الحال بالقلق من مشاكل مثل حقوق الإنسان والفساد، لكنه لا يغيّر اللعبة بالنسبة إليه، يمكن أن يكون غاضباً، ومع ذلك، سواء أكان صاحب حزب أو مجتمع أو شركة، فسيكون من المناسب للأشخاص اتخاذ خطواتهم وهم يعرفون هذا الواقع الواضح، تجاهل هذه الحقيقة البسيطة، ثم قلْ "يا هؤلاء الناس"، لا يوجد فائدة في سرد الأمثال.

ويضيف: هناك (3) قواعد للّعبة السياسية في تركيا؛ وهي: "المال، المال، المال".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية