الإخوان يحرضون على العنف في تونس.. كيف ردت الجماعة على قرارات سعيد؟

الإخوان يحرضون على العنف في تونس.. كيف ردت الجماعة على قرارات سعيد؟


27/07/2021

ليس مفاجئاً السقوط المدوي لجماعة الإخوان المسلمين في تونس، الذين ارتبطوا لأعوام طويلة بالفوضى، والاغتيالات، وعمليات التعطيل المتعمدة لإفشال العمل الحكومي بعد أن أصبح خارج سيطرتهم، بحجة أنهم شركاء بالحكم.

قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد المتعلقة بتجميد مجلس النواب الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية، وإقالة رئيس الحكومة، أثارت الكثير من ردود الفعل الإخوانية على الصعيد الإقليمي، يرصد موقع "حفريات" أبرزها؛ حيث أصدرت جماعة الإخوان المسلمين، أمس، بياناً دانت فيه ما سمّته "الانقلاب" على الشرعية في تونس.

وزعمت جماعة الإخوان المسلمين أنّ تطورات الأحداث المفاجئة الجارية في تونس   تهدد وحدة الشعب التونسي ومسيرته الديمقراطية التي اكتسبها بعد كفاح طويل ضد الاستبداد والفساد، وفق ما نشر موقع "إخوان أون لاين".

وقالت الجماعة: "في هذه اللحظات الفارقة، فإنّ احترام المسار الديمقراطي والحفاظ على مكتسبات الشعب التونسي واختياراته الحرة هي أولى الأولويات، وإنّ على كافة المكونات والأطياف السياسية التونسية أن تجتمع على كلمة سواء؛ لإنقاذ مستقبل تونس واستقلال إرادتها، من أن تلحق بمصائر مشابهة لما حدث في دول أخرى، مناشدة الشعب التونسي بكافة قواه السياسية والمجتمعية، بمن فيهم الرئيس والبرلمان والحكومة، إلى التداعي إلى حوار جاد قطعاً للطريق المؤدية إلى تدهور الأحداث وانزلاق البلاد إلى ما لا تحمد عقباه من مزالق العنف والتخريب والدماء، التي لا يرضاها أي مخلص لتونس".

 

جماعة الإخوان تدين ما سمّته "الانقلاب" على الشرعية، وتزعم أنّ تطورات الأحداث المفاجئة تهدد وحدة الشعب التونسي ومسيرته الديمقراطية

 

 وتؤكد الجماعة على إعادة تفعيل البرلمان المنتخب، ووقف محاولات تعطيله، والاتفاق على أجندة عمل وطنية تعالج التحديات الخطيرة التي تهدد الشعب التونسي.

 وبالتزامن مع الهجوم الإخواني على قرارات الرئيس وإرادة التونسيين الذين رحبوا بالقرارات، أفتى ما يُسمّى اتحاد علماء المسلمين (الواجهة السياسية لتنظيم الإخوان)، الذي أسسه يوسف القرضاوي، بأنّ قرارات الرئيس التونسي "لا تجوز شرعاً ولا أخلاقاً".

 وزعم الاتحاد، في بيان أصدره أمس، أنّ هذه القرارات "تمثل انقلاباً على إرادة التونسيين والمؤسسات المنتخبة واتخاذ إجراءات أحادية أمر خطير ولا يجوز شرعاً ولا أخلاقاً ولا عرفاً".

 

اتحاد علماء المسلمين الذي أسسه يوسف القرضاوي يصدر فتوى بأنّ قرارات الرئيس التونسي "لا تجوز شرعاً ولا أخلاقاً"

 

 وقال الاتحاد: "نطالب الرئيس التونسي بالعودة عن هذه القرارات التي تزيد من دوامة الضياع للشعب التونسي".

 وفي إطار التحريض على العنف، قال الاتحاد: إنّ "حماية العقد الاجتماعي والحفاظ على الحريات وحقوق الشعب فريضة شرعية على جميع مكونات الشعب التونسي، وإنّ الحفاظ على المؤسسات الدستورية واجب وطني".

 موقف قطر وتركيا

أمّا الدول الراعية لجماعة الإخوان، فقد كان لها وجهة نظرها في قرارات قيس سعيد، وقد استنكرت تركيا "تعليق العملية الديمقراطية" في تونس.

 وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن أمس عبر تويتر: "نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس الصديقة والشقيقة".

 وكتب: "ندين المحاولات الفاقدة للشرعية الدستورية والدعم الشعبي، ونثق في أنّ الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذا المسار"، وفقاً لما نقلته عنه وكالة "الأناضول".

 

أيمن نور يعبّر عن أمنيته أن يُشكَّل في تونس خلال الساعات القادمة مجلس بزعم إنقاذ الثورة التونسية

 

 وقالت الخارجية التركية في بيان: "نشعر بقلق عميق جراء تعليق عمل البرلمان الذي يمثل الإرادة الشعبية في تونس، ونأمل في إعادة إرساء الشرعية الديمقراطية في إطار أحكام الدستور التونسي بأسرع وقت".

 وكانت قطر حاضرة في الحملة التي تشنها جماعة الإخوان ضد الرئيس التونسي، خاصة أنها من الدول الداعمة لحركة النهضة، فقد دعت وزارة خارجيتها أطراف الأزمة التونسية إلى "تغليب صوت الحكمة وتجنّب التصعيد".

 وأعربت في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (قنا) عن "أمل" قطر في أن "تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة".

 ردود الفعل التركية القطرية دفعت رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام فهد الشليمي إلى التساؤل عبر حسابه على تويتر: "لماذا السعار الإعلامي والعويل الذي نشاهده في قنوات تركيا وضيوفها، وقناة الجزيرة وشقيقاتها، في شأن تونسي بحت"؟

 واعتبر الشليمي أنّ "ما قام به رجل القانون المخضرم الرئيس قيس سعيد من إجراءات في بلاده تونس يدخل من ضمن الشؤون الداخلية التونسية".

 وسارعت عناصر موالية لتنظيم الإخوان وأحزاب تابعة لها إلى الهجوم على الرئيس التونسي، زاعمين أنّ ما قام به "انقلاب على الشرعية"، وهو التعبير الذي رددوه عقب ثورة 30 حزيران (يونيو) عام 2013 في مصر.

 

ميليشيات تابعة لتنظيم الإخوان غربي ليبيا تعلن حالة الطوارئ داخل معسكراتها، وتستدعي كافة عناصرها بأوامر عليا من قادة التنظيم

 

 وأعرب زعيم حزب "غد الثورة" المصري أيمن نور عبر "تويتر" عن أمنيته أن يُشكَّل في تونس خلال الساعات القادمة مجلس بزعم إنقاذ الثورة برئاسة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، تكون مهمته أن يطلب من قيس سعيد "إلغاء قراراته فوراً أو يدعو لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة" بحسب تصوره.

 الإخوان في ليبيا

أمّا في ليبيا، فقد دخل الإخوان المسلمون على خط الحراك التونسي الشعبي ضد حركة النهضة في تونس التي تمثل التنظيم المصنف في الكثير من الدول تنظيماً إرهابياً.

 وأعلنت ميليشيات تابعة لتنظيم الإخوان غربي ليبيا أمس حالة الطوارئ داخل معسكراتها، واستدعت كافة عناصرها بأوامر عليا من قادة التنظيم، تزامناً مع قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد بإقالة الحكومة وتجميد عمل مجلس النواب ذي الأغلبية الإخوانية، وفق ما نقلت "سكاي نيوز".

 وكان الإخواني خالد المشري رئيس ما يُسمّى المجلس الأعلى للدولة التابع لتنظيم الإخوان في ليبيا وصاحب النفوذ في مؤسسات الدولة غربي البلاد، قد رفض قرارات الرئيس التونسي، واصفاً إياها بـ"الانقلاب".

 وقال المشري عبر تويتر: "نرفض الانقلابات على الأجسام المنتخبة وتعطيل المسارات الديمقراطية" في تونس، بحسب زعمه.

 

حركة مجتمع السلم (حمس) الإخواني في الجزائر، تؤكد أنّ ما حدث  في تونس يعتبر "انقلاباً" على الدستور وعلى الإرادة الشعبية للأشقاء

 

 وقالت مصادر داخل طرابلس: إنّ هناك اجتماعات لقادة تنظيم الإخوان في ليبيا أجريت بعد قرارات الرئيس التونسي، و"حدث تواصل مع قيادات الإخوان في تونس، وبعدها أعلنت ميليشيات الإخوان حالة الاستنفار داخل معسكراتها".

 وأوضحت المصادر أنّ 3 معسكرات تبعد عن الحدود التونسية 218 كيلومتراً كانت من بين المعسكرات التي استنفرت عناصرها، وأنّ هناك تحركات تم رصدها للميليشيات تجاه الحدود التونسية.

 الإخوان في الجزائر

من جانبه، أكد أكبر حزب إسلامي في الجزائر، حركة مجتمع السلم (حمس) الإخواني، أنّ ما حدث  في تونس يُعتبر "انقلاباً على الدستور وعلى الإرادة الشعبية للأشقاء التوانسة المعبر عنها في الانتخاب التشريعية السابقة".

  وقال الحزب في بيان صدر أمس ونقلته وكالة الأنباء الألمانية، الذي يأتي في المرتبة الـ3 في عدد المقاعد بالبرلمان الجزائري: إنّ ذلك يُعد "إفشالاً ممنهجاً للانتقال الديمقراطي التونسي الذي صنع التميز والأمل لدى التونسيين والشعوب الحرة في العالم".

الإخوان في موريتانيا

ودعا أكبر أحزاب المعارضة في موريتانيا أمس الشعب التونسي إلى حماية "الثورة والديمقراطية"، ورفض ما وصفه بـ"الانقلاب".

 وقال حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الاسلامي، في بيان أوردته وكالة "فرانس برس": إنّ "الشعب التونسي ارتبط في وجدان الأمّة بالثورة وإرادة الحياة وكسر القيود، ويجب أن يعزز تلك الصورة الوهاجة برفض صارم للانقلاب وكل مخرجاته".

 وأكد الحزب الموريتاني دعمه لـ"الهيئات الشرعية في تونس"، وأهاب بـ"القوى الديمقراطية في تونس أن تتجاوز خلافاتها وتحمي الثورة والديمقراطية".

 واعتبر أنّ ما حدث هو "انقلاب يدينه بأشد العبارات، ويؤكد تضامنه مع الشعب التونسي في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخه".

 الإخوان في اليمن

أمّا الإخوان في اليمن، فإنّ أحداث تونس وقرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، ستدفع المتشددين سياسياً في حركة الإخوان المسلمين في إمارة تعز ومأرب (فرع اليمن) إلى المطالبة بالمزيد من السلطة المطلقة، والمغلقة عليهم، لكنّ أصواتاً إعلامية تابعة قدّمت نصحاً، للاستفادة ممّا حدث لهم في مصر وتونس، ودعتهم إلى خلق ثقافة وممارسة شراكة حقيقية، لكي لا يسقطوا، وفق ملخص ما نقلت مواقع يمنية عن محليين وخبراء وسياسيين.

 وفي السياق ذاته، سخرت الناشطة اليمنية المنتمية إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، توكل كرمان، من قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، بتجميد عمل البرلمان التونسي، وإقالة رئيس الحكومة، ورفع الحصانة عن كل النواب.

 وقالت في تدوينة على "فيسبوك" أمس: إنّ "الروبوت قيس سعيد يجمد البرلمان التونسي ويقيل الحكومة، حين تستمع إلى خطاباته تشعر أنك أمام روبوت تمت صناعته وبرمجته في مصنع رديء للغاية، الحرية لتونس".

 وأبرز ردود الفعل حول الأحداث في تونس جاءت على لسان الإعلامي المصري عمرو أديب، الذي أكد أنّ تنظيم الإخوان وصل إلى مرحلة بائسة، وأنه ينهار في كل مكان.

 

حزب تواصل الموريتاني يعلن دعمه لـ"الهيئات الشرعية في تونس"، ويزعم أنّ ما جرى "انقلاباً" على الشرعية

 

 وأضاف أديب في برنامجه على قناة "إم بي سي مصر": "تونس كانت النموذج والتجربة، فعند سقوطها وتعثرها تساءل الناس: "ماذا أخذنا من الإخوان؟"، مضيفاً: "البلد برأسين وحكومتين وإرادتين، وأي مكان به الإخوان لا بدّ أن يكون به ازدواجية لأنه لا يريد الحكم بمن حوله بل يريد الحكم على من حوله، فهم لا يتشاركون ويريدون السلطة فقط".

 وأردف: "مهما تراجعوا، مثلما فعلوا في مصر، فلن يستطيعوا التوافق مع أحد، وليس لهم أمان، لذلك فأنت الآن تشاهد سقوط النصب التذكاري الأخير للإخوان في العالم العربي".

 من جهته، رأى الأكاديمي السعودي تركي الحمد أمس أنّ الديمقراطية الموجودة في تونس "إخوانية"، منتقداً من يطلقون على ما جرى في هذا البلد مصطلح "الانقلاب".

 وقال الحمد عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: "سيأتيك من يشجب ما يجري في تونس، ويتحسر على "الديمقراطية" المغدورة، والانقلاب على الدستور والمؤسسات الدستورية، متجاهلاً أنّ تلك كانت ديمقراطية "إخوانية"، أي مفصلة على مقاس الأخوان، فالإخوانية، بل كل الإسلام السياسي، مناقض تماماً في منطلقاته مع مبادئ الديمقراطية، مهما حاولوا أن يجمّلوه".

 

الإخوانية توكل كرمان تسخر من قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد بتجميد عمل البرلمان التونسي وإقالة رئيس الحكومة

 

 وتابع الحمد قائلاً: "خذوها قاعدة، والله على ما أقول شهيد: لا يدخل الإسلام السياسي (الإسلاموية) بلدة إلا أفسدها، وجعل أعزّة أهلها أذلة، وكذلك فعل في مصر والسودان واليمن وتونس وإيران والعراق وديار طالبان"، حسب قوله.

هذا، ويسيطر الغموض على الوضع السياسي في تونس بعد يومين من إعلان الرئيس قيس سعيد تجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة.

وتسيطر حالة من الترقب أيضاً بشأن الخطوة التالية للرئيس، الذي أعلن أيضاً رفع الحصانة عن النواب وتوليه رئاسة النيابة العامة لتحريك دعاوى ضد عدد منهم متورطين في قضايا، في ظل التهديدات التي صدرت عن جماعة الإخوان وعن زعيمهم، والتحريض للخروج والاحتجاج على القرارات التي قد تتحول إلى مناوشات مسلحة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية