بمشهد مؤثر.. أم فرنسية تروي قصة تطرف ابنتها

بمشهد مؤثر.. أم فرنسية تروي قصة تطرف ابنتها


19/11/2017

"كافحتُ لستّ سنوات من أجل إنقاذ ابنتي، التي مالت إلى التطرف في 12 من عمرها، وحاولت إبعادها عن السلفيين الأصوليين الذين نجحوا في غسل دماغها بالأفكار السلفية" هكذا تروي أمّ فرنسية، قصة ابنتها مع السلفية الأصولية المتطرفة، مسلطة الضوء، في كتاب ألّفته بعنوان "ابنتي السلفية العزيزة" يحاكي ظاهرة تطرف الشباب، التي صارت قضية المجتمع في فرنسا.

"ابنتي السلفية العزيزة" كتاب يسلط الضوء على ظاهرة تطرف الشباب في فرنسا

تروي الفرنسية لونوفا الأحداث التي عاشتها في السنوات الأخيرة، لتكشف كيف "سرقت" أفكار المتطرفين السلفية ابنتها شارلوت أو "أمينة"، كما أصبح اسمها اليوم، نحو مجتمع راديكالي في أحد ضواحي العاصمة البريطانية لندن؛ حيث تعيش مع زوج سلفي متعدد الزوجات، وفق ما أوردت وكالة "فرانس 24".

بدأت لونوفا بسرد قصة عائلتها العادية؛ الطفلة شارلوت نشأت في بيئة ثرية، بكنف والدين ملحدين، كانت تلميذة ناجحة تحب المدرسة، ولها هوايات، مثل: المطالعة، والرسم، وكرة السلة، والاستماع إلى أغاني فرقة الروك الفرنسية "ديونيسوس". لا شيء كان يوحي باحتمال أن تقع هذه الشابة في ظلمات التطرف، في عام 2011، بدأت قصة انعطاف شارلوت نحو التطرف مع حبّها الأول "كريم" مسلم ذو علاقات مشبوهة، وأب عاطل عن العمل يعاني من انهيار عصبي، كان الشاب كريم يوبخها، ويهددها بقطع العلاقة.

من أجل استعادة حب كريم، تقربت شارلوت من شقيقته نورة وصادقتها، وكثيراً ما كانت تفرّ إلى بيتها، حيث بدأت تتعرف، أكثر فأكثر، على الإسلام، والمداومة على الصلاة في المسجد، كما وجد القرآن مكاناً على رفوف خزانتها، بين كتبها المدرسية، تغيرات في شخصية الشابة لمحتها الأم، لكن دون أن يثير ذلك قلقاً لديها.

ذكرت لونوفا في كتابها عدة مؤشرات للتحول الفكري لدى ابنتها شارلوت، أو أمينة، كالتسرب المدرسي، وقالت: "عندما يسقط التعليم أمام الإيديولوجية السلفية، من الصعب كفاحه"، مؤكدة أنّها "فعلت كلّ شيء كي لا تترك ابنتها المدرسة"، وتضيف "كان ضرورياً بالنسبة إليّ أن أبقيها على صلة بالمجتمع".

المؤشر الثاني، وفق لونوفا، كان الجلباب (اللباس الذي يغطي جسد المرأة من الرأس حتى القدمين)؛ حيث عثرت الأم على العشرات منه مخبأة في خزانة الفتاة. يومها حاولت "التفاوض" معها للتفاهم حول هذا اللباس "الدخيل" الذي جاء ليفرض نفسه على العائلة.

تسارعت الأحداث يوم اتصلت إدارة الثانوية التي كانت تدرس شارلوت فيها بالأم، لتبلغها بمشروع ابنتها التي تهدف من الذهاب إلى مصر لمتابعة دروس دينية مركزة. أول ما فعلته الأم يومها كان الاتصال بالرقم الأخضر (Stop Djihadisme)، الذي وضعته السلطات الفرنسية تحت تصرف العائلات التي ترصد أفكاراً جهادية لدى أبنائها. وهنا بدأت الإجراءات الإدارية لمنع الفتاة من مغادرة الأراضي الفرنسية، وقامت بمصادرة جواز سفر شارلوت التي صنفت ضمن قائمة "إس" للأشخاص الذين يمثلون خطراً محتملاً على الأمن العام.


واستخلصت لونوفا من تجربة ابنتها شارلوت: "ابنتي لم تعرف إلّا "الإسلام الراديكالي" الذي تتربّع أفكاره السلفية على مواقع التواصل الاجتماعي"، وأضافت "خمسة أيام قبل عيد الميلاد في 2016، قالت شارلوت، أو أمينة كما تفضل أن ينادَى عليها، "إنّها ستقضي الليلة عند صديقتها". في اليوم التالي، طلبت من والدتها قراءة رسالة تركتها في غرفتها، جاء فيها "إذا قرأت هذه الرسالة، فهذا يعني أنّني وصلت إلى بريطانيا"، فقد اختارت أن تعيش حياتها "السلفية" في لندن، مع زوجها الفرنسي الذي يعيش مع زوجتين.

ذهبت لونوفا إلى المملكة المتحدة لرؤية ابنتها، التي تعيش في منزل "في حي غالبية سكانه من الأصوليين"، لم تتمكن من الدخول إلى بيت شارلوت، التي "قابلتها في أحد مطاعم الوجبات السريعة، في قاعة مخصصة للعائلات، وزوجها لم يكن بعيداً". تقاسمت الأم ساعة من الزمن مع ابنتها، التي أصبحت تلبس البرقع (لباس يغطي كامل الجسم حتى الوجه والعينين)، ويظهر أنّها تعاني من حالة جسدية ونفسية حساسة".

في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي؛ فرض زوج شارلوت عليها أن تقتصر اتصالاتها مع والدتها على المراسلات البريدية، بعد تبادل بعض المكالمات الهاتفية عبر تطبيق واتساب.

لونوفا سردت قصتها في كتابها لأنها ترغب في توعية الشباب ومدّ يد العون للعائلات التي عاشت أو تعيش قصصاً مماثلة

وأكدت لونوفا أنّ سردت قصة ابنتها في كتابها؛ لأنّها ترغب في توعية الشباب حول مكافحة التطرف، وإخراج الذين غرّرت بهم الأفكار الجهادية من الدائرة المفرغة التي وضعوا فيها، ومدّ يد العون للعائلات التي عاشت، أو تعيش، قصصاً مماثلة. "من الضروري التحرك، منذ المدرسة المتوسطة، لتفادي القطيعة، التي تكون غالباً في سن الـ 12" تقول لونوفا، كما تسعى لونوفا إلى لفت نظر الحكومة الفرنسية حول القضية تطرف الشباب.


 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية