العنف الدينيّ في مصر... ما بعد 30 يونيو

مصر

العنف الدينيّ في مصر... ما بعد 30 يونيو


10/12/2017

ما إن اندلعتْ ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013 في مصر التي أطاحت بحكم الإخوان، حتى أخذ العنف الدينيّ منحى متصاعداً... فاندلعتْ شرارة العنف في سيناء بكثافة لم تشهدها البلاد من قبل، وعاودت جماعة أنصار بيت المقدس في 7 حزيران (يونيو) 2013، الهجوم مجدداً على قسم ثاني العريش، وتبعتها بعمليات تفجير لمدرّعات، وقنصٍ لجنود وضباط.
ربطَ العديدُ من المتابعين، ما يحدث في سيناء، بجماعة الإخوان المسلمين، وعزْلِ رئيس البلاد آنذاك محمد مرسي؛ إذْ إنّ منصّة اعتصام الجماعات الإسلامية في ميدان رابعة العدوية، اتُّهِمتْ بشكل صريح بالتحريض على العنف وإذكائه، وكانت أكثرُ التصريحات دلالةً، في هذا الشأن، ما قاله القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، أنّ "ما يحدث في سيناء من إرهاب يتوقف في الثانية التي يعود فيها الرئيس "مرسي"، بينما قال صفوت حجازي، القيادي في تحالف ما أُطلق عليه "دعم الشرعية": "من يرشّ الرئيس "مرسي" بالمياه سنرشّه بالدّم" كإشارة واضحة، إلى ردّ الفعل الدّموي، في حين عاد حجازي ليطلق تصريحاً يقول فيه: "رسالة إلى الكنيسة المصرية، لو تآمرتم وساعدتم في عزل مرسي فسيكون لكم شأن آخر".

ربط العديد من المتابعين ما يحدث في سيناء بجماعة الإخوان المسلمين وعزل مرسي

في فجر يوم 8 تموز (يوليو) 2013، كانت أحداث الحرس الجمهوري؛ إذ قام المئات من أنصار الرئيس الإخواني محمد مرسي، بمحاولة اقتحام مبنى دار الحرس الجمهوري اعتقاداً منهم أنّه محتجز بداخله، وهو ما كشفه القيادي المحسوب على جماعة الإخوان، هيثم أبو خليل، عبر إحدى الفضائيات التي تبث من خارج البلاد، قائلاً: "إنّه بعد نقل مرسي من قصر الرئاسة إلى نادي ضباط الحرس الجمهوري قام بالاتصال هاتفياً بالقيادي في الجماعة، سعد الكتاتني، في مكالمة استمرت لمدة 20 دقيقة، موضّحاً أنّ الرئيس الأسبق أخبر الكتاتني بأنه محتجز داخل مبنى الحرس الجمهوري، مطالباً بإرسال مجموعة لإخراجه من داخل المبنى".. أدّتْ تلك الأحداث إلى وقوع عشرات القتلى والمصابين.
وما إنْ ذهبت القوّات لفضّ اعتصامَي رابعة والنهضة، في 14 آب (أغسطس)، 2013، حتى وقع ما أُطلِق عليه إعلامياً اسم "مذبحة كرداسة" وهي مذبحة ارتكبها مسلّحون بقاذفات "آر بي جي" وبنادق آلية وهاجموا فيها ضباطَ وأفرادَ مركزِ شرطة كرداسة، التابع لمحافظة الجيزة، جنوب القاهرة، وأشعلوا فيه النّيران وقتلوا لواءَين وعقيداً ونقيبين و7 آخرين من الأمناء والأفراد، وسبق ذلك سحْلٌ وتعذيبٌ وتقطيعٌ بالأسلحة البيضاء ثم قتلٌ بالرصاص.
وفي 19 أيلول (سبتمبر) 2013 اقتحمتْ قوّات الشرطة والجيش منطقة كرداسة، وقامتْ بتفتيش ومداهمة عدّة منازل للبحث عن المطلوب ضبطهم وإحضارهم على خلفية اقتحام قسم الشرطة، وقتل لواء شرطة أثناء اللحظات الأولى من بدء الاقتحام.

هجمات على الكنائس

اعتدى أنصار جماعة الإخوان، والجماعات الإسلامية المتحالفة معها، على الكنائس في مختلف المحافظات عقب فضّ اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة في 14 آب (أغسطس) 2013، بصورة لم تشهدها مصر من قبل، حسب دراساتِ وتقاريرِ منظماتٍ حقوقية مصرية ودولية.
وحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، هاجمت حشودٌ من الرجال ما لا يقل عن 42 كنيسة، فأحرقت ودمّرت 37 منها، علاوة على عشرات المنشآت الدينية المسيحية الأخرى في محافظات المنيا، وأسيوط، والفيوم، والجيزة، والسويس، وسوهاج، وبني سويف، وشمال سيناء، وخلّفت الهجمات ما لا يقل عن 8 ضحايا.
وسقط 3 قتلى، بينهم طفلةٌ في الثامنة من عمرها، وأصيب 18 آخرون، مساء 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2013، بعدما استهدف مسلحان يستقلّان دراجة بخارية، كنيسة السيدة العذراء بالوراق، حسبما ذكرت وزارتا الصحة والداخلية في مصر.

صرح القيادي الإخواني محمد البلتاجي أنّ ما يحدث في سيناء من إرهاب يتوقف بعودة الرئيس مرسي

وقبل ذلك في 11 كانون الأول (ديسمبر) 2016، دوّى انفجار داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية، أسفر عن مقتل 26 شخصاً، وإصابة 49 آخرين.
وفي 9 نيسان (إبريل) 2017، وقع انفجار في محيط الكنيسة المرقسية، أدّى لسقوط مصابين، ويظهر الفيديو الذي أذاعته القنوات الفضائية، محاولة الإرهابي منفذ التفجير الدخول من باب الكنيسة إلا أنّ أحد الضباط منعه من الدخول، وطلب منه المرور من على جهاز كشف المتفجرات وأثناء مروره قام بتفجير نفسه، وأعلنت وزارة الصحة، أنّ عدد ضحايا الانفجار بلغ 16 شخصاً وإصابة 41 آخرين.
سبق ذلك في 24 شباط (فبراير) 2017، عملية تهجير للأقباط من العريش، شمال سيناء، بدأ بعد حوادث قتل سبعة أقباط في المدينة على يد مسلحين مجهولين على مدار الأسابيع الثلاثة السابقة للحادث، وكانت الواقعة الأخيرة، عندما قُتل قبطي داخل منزله في مدينة العريش أمام أسرته التي فرّتْ من المنزل قبل أنْ يُحرِقَهُ المهاجمون.
اغتيالات
في صبيحة يوم 5 آب (أغسطس) 2013، نجا وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم من الهجوم بسيارة مفخخة استهدفت موكبه، أثناء تحركه من أمام منزله في حي مدينة نصر (شمال شرق القاهرة)، وأسفر الحادث عن إصابة 25 شخصاً من بينهم 10 من رجال الشرطة.
وكانت هذه هي أول محاولة لاغتيال وزير داخلية مصري بسيارة مفخخة يقودها انتحاري، منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي عندما حاولت مجموعة إسلامية مسلحة اغتيال وزير الداخلية آنذاك حسن الألفي.
وفي صبيحة يوم 29 حزيران (يونيو) 2015، وبعد تحرك النائب المصري هشام بركات، بموكبه الخاص من منزله بشارع عمار بن ياسر بالنزهة قاطعاً مسافة حوالي 200 متر، انفجرت سيارة ملغومة كانت مركونة على الرصيف، وأصيب بخلع بالكتف وجرح قطعي بالأنف ونزيف داخلي وشظايا وتهتكات في الكبد، وأجريت له عملية جراحية دقيقة فارق في أعقابها الحياة في مستشفى النزهة الدولي. وأعلنت جماعة تسمى "المقاومة الشعبية في الجيزة" مسؤوليتها عن عملية الاغتيال، وفي وقت لاحق أزالت الجماعة إعلان المسؤولية من الصفحة.
وقع ذلك ضمن سلسلة اغتيالات طويلة بدأت باغتيال المقدم في جهاز الأمن الوطني، محمد مبروك، الذي أطلقت عناصر تابعة لجماعة أنصار بيت المقدس، الرصاص من سلاح آلي على سيارته فأردته قتيلاً.

استهداف مديريات الأمن

في يوم 24 (يناير) 2014 استهدف تفجير مديرية أمن القاهرة، قبل يوم من ذكرى ثورة يناير 2011. وقتل فيه 4 أشخاص وأصيب 76، وفق وزارة الصحة المصرية، كما دمر جزء من مقر الشرطة المصرية في العاصمة.
ووقع تفجير مديرية أمن الدقهلية في المنصورة ليلة 24 كانون الأول (ديسمبر) 2013، وقتل فيه 16 شخصاً وجرح نحو 150 آخرين حسب وزارة الداخلية المصرية، وأصدر تنظيم أنصار بيت المقدس بياناً أعلن فيه رسمياً مسؤوليته عن التفجير، وأعلنت السلطات في يومها إدراج الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية".
ونفذت حركة "حسم" العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت رجال الجيش والشرطة والعلماء والمستشارين خلال العام الأول لتواجدها على الساحة، وكان أبرز تلك العمليات، في 16 تموز (يوليو) 2016 اغتيال رئيس مباحث طامية بالفيوم الرائد محمود عبدالحميد، وفي 5 آب (أغسطس) 2016 جرت محاولة اغتيال مفتي الجمهورية السابق الدكتور علي جمعة،

 نفذت حركة "حسم" العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت رجال الجيش والشرطة والعلماء والمستشارين

وشهد 21 آب (أغسطس) 2016 هجوماً على كمين العجيزى بالفيوم، وقتل شرطيان ومجند وأصيب ٤ آخرون، وفي 30 أيلول (سبتمبر) 2016  كانت محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز عثمان.
حجم ونوعية الهجمات التي تعرضت لها قوات الجيش والأمن المصريين، خلال الفترة الماضية، التي أوقعت المئات ما بين قتيل وجريح، تشير إلى تطور لافت في تسليح منفذي العمليات، وتنامي قدراتهم القتالية، وتكتيكات الهجوم، بالإضافة إلى عمليات الدعم والإسناد والمراقبة والتأمين، ولا توجد حتى الآن إحصائية دقيقة عن عدد ضحايا الجيش والشرطة في مصر، جراء الهجمات المسلحة.

الهجوم على قوات الجيش والكمائن
شهد 19 آب (أغسطس) 2013 مقتل 25 جندياً من قوات الأمن المركزي، خلال استقلالهم حافلتين بمنطقة السادوت بمدينة رفح، بعد أن استوقفتهم 4 شاحنات لعناصر متطرفة، قامت بإنزال الجنود من الحافلتين وطرحهم أرضاً على بطونهم وقتلهم، فيما عرف باسم "مذبحة رفح الثانية".
وفي 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 ، قُتل 11 فرداً من أفراد الجيش، إثر انفجار سيارة مفخخة استهدفت حافلة عسكرية بمنطقة الخروبة في سيناء.
وقتل 28 ضابطاً ومجنداً في 29 تموز (يوليو) 2014، أثناء الهجوم على كمين لحرس الحدود المصري التابع للكتيبة رقم 14 بمنطقة الدهوس بالوادي الجديد، وذلك أثناء تواجد أفراد الكمين بالكيلو 100 بالمنطقة الواقعة بين واحة الفرافرة والواحات البحرية.
في 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2014، كان الهجوم الأشرس على كمين كرم القواديس في الشيخ زويد، وهو الهجوم الذي خلّف 33 قتيلاً من مجندي القوات المسلحة بخلاف المصابين، وتبنّته جماعة أنصار بيت المقدس، التي تحولت لاحقاً إلى "ولاية سيناء" بعد أن بايعت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، أمير تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.

خسر الجيش المصري 60 من أفراده في 1 تموز 2015  إثر استهداف 5 أكمنة لقوات الجيش والشرطة

وخلّف الهجوم على مقر الكتيبة 101 بمدينة العريش، في نهاية كانون الثاني (يناير)  2015، بعدد من السيارات المفخخة، قرابة الـ30 قتيلاً من قوات الجيش، فضلاً عن أكثر من 80 مصاباً.
وتكبّد الجيش المصري خسارة فادحة في 1 تموز (يوليو) 2015، بمقتل 60 فرداً من أفراده، إثر استهداف 5 أكمنة لقوات الجيش والشرطة، ومحاصرة قسم شرطة الشيخ زويد، من مسلحين تابعين لـ"ولاية سيناء".
وفي 7 تموز (يوليو) 2017، تعرضت نقطة تجمع لقوات الجيش، بقرية البرث بمدينة رفح، لهجوم إرهابي على يد عدد كبير من المجهولين، وأسفر الهجوم عن استشهاد عقيد وعدد من المجندين، بالإضافة إلى وقوع عدد كبير من الإصابات، واستطاعت قوات الجيش التصدي للهجوم.
وفي هجوم طريق الواحات استهدف تنظيم داعش في 20 تشرين الثاني (أكتوبر) قوات أمن مصرية مما أسفر عن مقتل 16 من القوات المصرية وإصابة 13.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية