عيد الفصح: طقوس محبة تتمسك بقيامة الأمل

أعياد دينية

عيد الفصح: طقوس محبة تتمسك بقيامة الأمل


08/04/2018

عيد الفصح، أو "قيامة المسيح"، رمزٌ "لقيامة عيسى المسيح من بين الأموات بعد أن بقي في القبر لمدة ثلاثة أيام"، ويحتفل المسيحيون في العالم بهذه المناسبة التي تصادف هذا العام يوم 8 نيسان (إبريل)؛ أول يوم أحدٍ يلي اكتمال القمر بعد بدء فصل الربيع، وفيه ينتهي الصوم الكبير الذي يستمر لمدة أربعين يوماً.

رمزٌ للحياة

يقول الأب بطرس ميشيل جنحو من الأردن، إنّ "الإنسان يتلذذ بالخطيئة ويختار دائماً الطريق السهل، أما طريق التوبة والرجوع إلى الله فمحفوف بالصعاب.. على الإنسان أن يفرغ ذاته من الأنانية والكبرياء ويعتنق المحبة والتضحية".

ويضيف الأب جنحو في مقالته المنشورة في موقع "abouna.org" أول من أمس أنّ "عيد الفصح هو الاحتفال بالولادة الجديدة، فيه قام المسيح ولن يموت من بعد، لقد حطّم الحواجز ومنحنا حياة لا تعرف السّقم ولا الموت".

ومن رموز عيد الفصح عبر العصور، بيض عيد الفصح، الذي ينتشر بألوانٍ ونقوشٍ تزيينيةٍ جميلة ومتنوعة، ويُعده المسيحيون في بيوتهم أو يشترونه من الأسواق، وهو بحسب موقع "history"، "يرمز إلى حياةٍ جديدة وزاهية مفعمةٍ بالأمل والفرح".

يرمز بيض الفصح بألوانه ونقوشه إلى حياة جديدة وزاهية مفعمة بالأمل والفرح

وتوجد طقوس محلية مشتركة، تجمع مسيحيي الأردن في عيد الفصح، الذي يأتي تاريخه موحداً "بين الروم الأرثوذوكس واللاتين، وفق التقويم الشرقي" بحسب تامر غريب.

ويشير غريب في تصريحه لـ "حفريات"، إلى أنّه "يوجد اتفاقٌ بين مسيحيي الأردن أن يتم الاحتفال بعيد الفصح وفق التقويم الشرقي، أما عيد الكريسماس ويأتي في الخامس والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) كل عام، فيتم الاحتفال به وفق التقويم الغربي".

ويقول غريب "الفكرة من العيد عبر التاريخ، ليس الاختلاف حول موعده؛ بل هي التسامح والاجتماع والمحبة، وتذكر ما ضحّى المسيح -عليه السلام- لأجله، وهذا متشابهٌ في معظم أنحاء العالم".

صلوات وعادات

في عيد الفصح، تعدّ الصلاة الطقس الأول والأساسي؛ حيث يجتمع المسيحيون من أجل الصلاة في كنائسهم، ويقرأون من أناجيلهم آياتٍ تخص قيامة المسيح، إضافةً إلى ترانيم دينية أخرى، وإشعال شموع العيد.

وفي هذا الشأن، يقول غريب، وهو من طائفة الروم الأرثوذوكس، "نقوم بالصلاة مساء السبت السابق لأحد عيد الفصح، أو صباح يوم العيد، من أجل أن تتاح فرصة الصلاة مساءً أو صباحاً بحسب رغبة من يريدون الصلاة".

وبسؤاله، إذا ما كانت هنالك عادات معينة لدى عائلته والعائلات المسيحيةِ في الأردن خلال العيد، قال "بعد صلاة الأحد صباحاً، نقوم بزيارة أفراد العائلة بدءاً بالمقربين منهم، كما يمكن أن تقوم العائلة بعمل مأدبة عشاء تشاركية بين جميع أفراد العائلة في بيت أكبرهم سناً".

وتابع غريب "نقوم كذلك بزيارة الأصدقاء خلال الأيام التي تتبع يوم أحد الفصح؛ حيث يعتبر هذا العيد مناسبة لتجديد السؤال والاجتماع بين الأهل والأصدقاء، الذين يتشاركون التهاني وضيافة العيد، سواء الكعك المعمول بالتمر أو الجوز، والبيض الملون بالطبع، كما يقوم  البعض هذه الأيام، بتزيين أشجار العيد داخل بيوتهم".

كنيسةِ القيامة بالقدس؛ حيث تضم الكنيسة قبر المسيح وفق المعتقدات المسيحية

أمل وسط الآلام

وتحتضن فلسطين، التي شهدت هذه الأيام سقوط العشرات بنيران الاحتلال الصهيوني في "مسيرات العودة"، الاحتفاء الأهم الذي يبدأ في كنيسةِ القيامة بالقدس؛ حيث تضم الكنيسة قبر المسيح وفق المعتقدات المسيحية.

واحتفلت الطوائف المسيحية، التي تتبع التقويم الشرقي في الأراضي الفلسطينية، أمس بـ"سبت النور" باستقبال رسمي في ساحة المهد ببيت لحم، التي تعج كما هي العادة في كل عام بأعداد كبيرة من المحتفلين من أقباط قادمين من جمهورية مصر العربية.

غريب: الفكرة من العيد عبر التاريخ ليس الاختلاف حول موعده بل التسامح والاجتماع والمحبة

ويأتي هذا السبت تمهيداً للاحتفالات الكبيرة التي تمثل مدينة القدس مركزها الأبرز؛ حيث سينبثق النور من كنيسة القيامة، وسط احتفالات كبيرة في المدن الفلسطينية الثلاث ذات الأغلبية المسيحية؛ بيت لحم، بيت جالا وبيت ساحور، إضافة إلى مدينة الناصرة التي نشأ فيها السيد المسيح.

ورغم ما تشهده من أحداث دامية تشهد سوريا احتفالات مماثلة من شمالها إلى جنوبها ومن ضمنها مدينة معلولا، التي تعد من أقدم المدن المسيحيةِ في التاريخ، ويتحدث سكانها لغة المسيح الآرامية حتى اليوم. أما في مصر، فيتم تحديد موعد عيد الفصح حسب تقويمٍ وحساب فلكي خاص، يسمى التقويم "الإبقطي"؛ حيث تجري الاحتفالات وسط إجراءات مشددة في ظل الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الكنائس في مناسبات مماثلة سابقة.

بينما تتميز لبنان بالنسبة الأكبر عربياً من المسيحيين بين مواطنيها، مما يمنح احتفالاتها بعيد الفصح صبغة وطنية واسعة تجعل منه مناسبة عامة كبيرة كما في كل عام.

للمرة الأولى يحتفل مسيحيو العراق بهذه المناسبة بعد إنهاء سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطقهم

في العراق ستكون احتفالات المسيحيين ذات طابع مختلف؛ حيث يحيون هذه المناسبة للمرة الأولى بعد إنهاء سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطقهم في محافظة نينوى شمال البلاد وتعرضهم لحملة إبادة جماعية.

وذكرت منظمة "Open Doors" في بيان لها إنّ سهل نينوى شهد أواخر الشهر الماضي احتفالات حاشدة بذكرى قرب حلول هذا العيد الذي تصادف مع عودة العديدين من سكان هذه المنطقة بعد تحريرها من قبضة داعش أواخر العام الماضي، مشيرة إلى أنّ "الآلاف قد طافوا شوارع مدينة قرقوش القديمة وسط أجواء احتفالية تخللها رفع سعف النخيل وأغصان الزيتون في الهواء الطلق".

وفي العالم بشكلٍ عام، يحتفل المسيحيون بعيد الفصح، وفق الرمزية والدلالات ذاتها تقريباً، ويبقى العالم العربي متميزاً بدلالات احتفالاته، الداعية على ألسنة رجال الدين إلى ضرورة التسامح ونبذ الحروب والطائفية التي تعاني منها المنطقة، ونشر المحبة، وبعث الأمل في حياةٍ جديدة.

الصفحة الرئيسية