تناقضات حماس: تأييد الاحتلال التركي لعفرين ومعارضة الاحتلال الإسرائيلي

الإسلام السياسي

تناقضات حماس: تأييد الاحتلال التركي لعفرين ومعارضة الاحتلال الإسرائيلي


02/04/2018

على هامش مشاركته في احتفال الإخوان المسلمين بذكرى مرور تسعين عاماً على تأسيس الجماعة، والذي أقيم أمس في تركيا، ألقى رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل، كلمة أكد فيها العلاقة الوثيقة بين حماس وجماعة الإخوان المسلمين، وأنّ الحركة خرجت من رحم الجماعة، وأشاد بزعامة تركيا للأمة الإسلامية، وبعملية "غصن الزيتون" في عفرين، التي نفذها الجيش التركي ضدّ الأكراد، وقال: "إنّ النصر في عفرين كان نموذجاً للإرادة التركية".

ورغم تقديم مشعل، باعتباره رئيساً سابقاً للمكتب السياسي لحركة حماس، وشخصية نضالية وطنية فلسطينية إسلامية، إلا أنّ تصريحاته كانت لافتة، وحملت العديد من الرسائل بعدة اتجاهات، وطرحت مجدداً جملة من التساؤلات، حول ما إذا كانت تلك الرسائل تمثل مواقف لحركة حماس، وأعادت طرح قضايا أساسية على طاولة البحث، فيما يتعلق بالنضال الفلسطيني وحركة حماس.

أشاد بزعامة تركيا للأمة الإسلامية، وبعملية غصن الزيتون في عفرين، التي نفذها الجيش التركي ضدّ الأكراد!

أولى تلك القضايا؛ التساؤل عمّا إذا كانت تلك التصريحات تمثّل مواقف حماس، وتحديداً للاحتلال التركي لعفرين السورية، خاصة أنّها تزامنت مع مزاعم من مصادر أوروبية، تؤكّد ضمّ عفرين إلى تركيا، وتعيين حاكم إداري لها، بعد رفع العلم التركي فيها، وهو ما يعني احتلالًا لأراض عربية، بصرف النظر عن الموقف من الثورة السورية والنظام السوري، وإذا كان الأمر كذلك كيف تستطيع حماس الدفاع، وتسويق موقفها ضدّ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، باعتبار أنّ الاحتلال هو احتلال، وهل من أولويات الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة تأييد الاحتلال التركي لعفرين، واتخاذ موقف ضدّ الأكراد؟ ثم ألم نتعلم في مدارسنا أنّ من ضمن الاحتلالات التي وقعت على الوطن العربي اقتطاع لواء "الإسكندرونة" السوري من قبل الاستعمار لصالح تركيا، كما تمّ اقتطاع فلسطين لصالح الكيان الإسرائيلي؟

ثاني تلك القضايا؛ علاقة حماس بجماعة الإخوان المسلمين؛ إذ إنّه خلافاً لتصريحات مشعل في تركيا، أكدت حركة حماس في وثيقتها المعلنة في أيار 2017، أنّها حركة تحرر ومقاومة فلسطينية، هدفها تحرير فلسطين، خلافاً لميثاقها عام 1988، المتضمّن أنّها أحد أجنحة جماعة الإخوان المسلمين، وأنّ حماس ترفض التدخل في شؤون الدول الداخلية وترفض الدخول في النزاعات والصراعات بين الدول، وتسعى لبناء علاقات متوازنة، معيارها الجمع بين متطلبات القضية الفلسطينية ومصلحة الشعب الفلسطيني، وإذا كانت طبيعة التحالفات التي تشكلت بعد أزمة قطر مع جيرانها مفهومة، منذ حزيران عام 2017 ، فأين المصلحة الفلسطينية بالانحياز إلى طرف من أطرافها، رغم تأكيدات حركة حماس أنّها تقف على مسافة واحدة من كافة أطراف الأزمة، ثمّ مصلحة استمرار رهن القضية الفلسطينية بالإخوان المسلمين والإسلام السياسي في هذه المرحلة، خاصّة في ظلّ وضع الإخوان المسلمين على بعض قوائم الإرهاب العربية والدولية، واحتمالات إحياء ملف الإخوان، باعتبارهم جماعة إرهابية في أمريكا بعد التغييرات في الإدارة الأمريكية، وبحث ملفات الجماعة في أوروبا، على أساس دورها في إنتاج التطرف والإرهاب، في بريطانيا وألمانيا وفرنسا.

يصر  رئيس المكتب السياسي لحماس، وقيادات حماس وأجنحتها على رهن القضية الفلسطينية باعتبارها ورقة في اليد التركية أو الإيرانية

من اللافت إصرار رئيس المكتب السياسي لحماس، وقيادات حماس وأجنحتها بالداخل الفلسطيني، على رهن القضية الفلسطينية باعتبارها ورقة في اليد التركية أو الإيرانية، وحتى بيد أطراف عربية، تخدم المصالح الإيرانية والتركية، وقد جربت القيادات الفلسطينية هذا النهج قبل ظهور حركة حماس، وكانت نتائجها كارثية على القضية الفلسطينية، فأقصى ما يمكن أن تقدّمه تلك الدول للقضية الفلسطينية؛ إدانة إسرائيل لاستخدامها القوة "المفرطة" ضدّ الشعب الفلسطيني، وملاسنات مع القيادات الإسرائيلية، في الوقت الذي تقيم فيه علاقات دبلوماسية وتجارية مع إسرائيل، أو تشنّ حملة تضامن مع الشعب الفلسطيني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وتتنافس فيما بينها على عقد مؤتمرات باسم القدس، كان من أبرز قراراتها إزالة إسرائيل عن خريطة العالم، في الوقت الذي تتمّ فيه دراسة "صفقة قرن"، التي تم بموجبها الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، كما تمّ شطب حقّ العودة، ويجري الإعداد للإعلان عن دولة فلسطينية ما بين الحكم الذاتي والدولة.

كان حرياً بخالد مشعل، أنّ يتعلم الدرس من معارك الغوطة، وكيف تمّ التخلي عن الفصائل الإسلامية المعارضة للنظام السوري في إطار صفقة الغوطة مقابل عفرين بين تركيا وروسيا ومن خلفها إيران، وعمليات التغيير الديمغرافي التي تقوم بها إيران على قدم وساق، في ظلّ إدارتها للصراع في سوريا، على أساس مذهبيّ، سنّي شيعيّ، وأنّ حماس لن تكون إلّا ورقة، شأنها شأن فيلق الرحمن وتحرير الشام وجيش الإسلام في المنظور الإستراتيجي، فيما لن يتجاوز التضامن الإسلامي مع شهداء غزة الذين يتم اقتناصهم كالعصافير، إلّا من خلال بيانات إدانة واستنكار وتهديد ووعيد، لم ولن  تتجاوز حناجر مطلقيها.

*خبير أمني إستراتيجي أردني


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية