مسيرة العودة الكبرى إلى فلسطين: قوة الحق تتحدى بطش الاحتلال

فلسطين

مسيرة العودة الكبرى إلى فلسطين: قوة الحق تتحدى بطش الاحتلال


01/04/2018

على لحن أناشيد العودة "شدي عزالك يا ميما يوم العودة قرب" اقترب الشاب محمد ماضي (24 عاماً) من السياج الحدودي شرق قطاع غزة، بدراجته النارية التي تعالت منها أصوات الأناشيد التي جهزها خصيصاً من خلال سماعة وضعها خلف ظهره يجوب بها المنطقة العازلة شمالاً وجنوباً يرفع علم فلسطين، متحدياً بذلك كل التهديدات التي تطلقها قوات الاحتلال ليل نهار للفلسطينيين منعاً للاقتراب من الحدود.

كان ذلك قبل حلول يوم الثلاثين من آذار (مارس) الذي جعله الفلسطينيون يوماً لتقديس الحق، وتجديد العهد، وشد الرحال إلى فلسطين التاريخية الممتدة من الماء إلى الماء.

سقط أكثر من 16 شهيداً خضّبوا بدمائهم أرض فلسطين، وجرح أكثر من 1400، وأعلن يوم أمس السبت يوم حداد على الضحايا. لكن مسيرة العودة الكبرى إلى أراضي وبلدات ومدن فلسطين ستتواصل حتى موعد الخامس عشر من أيار (مايو) الذي شهد أبشع جريمة عرفها التاريخ في العام 1948.

سقط أكثر من 16 شهيداً خضّبوا بدمائهم أرض فلسطين

الاستحقاقات الوطنية الكبرى

ومع اقتراب الاستحقاقات الوطنية الكبرى، تتزايد حدة القلق والخوف الصهيونية من هاجس مسيرات العودة الكبرى، التي يستخدم فيها الفلسطينيون سلاحاً جديداً لأول مرة للضغط على الاحتلال من أجل فتح الحدود أمام عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى أراضيهم ومنازلهم التي هجروا منها، بالتزامن مع اقتراب الذكرى السبعين للنكبة، حسبما أفاد مركز الإعلام الفلسطيني.

وبعيداً عن عنصر القوة التدميرية الذي تتفوق فيها إسرائيل، فإنّ مسيرة العودة مهيأة لأن تجرها إلى مربع الحرج الأخلاقي والأمني والعسكري؛ حيث لن تنفع هذه القوة أمام مئات الآلاف من الراغبين بالعودة إلى ديارهم، بقرار دولي يجيز لهم هذا الحق.

مسيرة العودة الكبرى إلى مدن فلسطين ستتواصل حتى الخامس عشر من أيار الذي شهد أبشع جريمة عرفها التاريخ 1948

يقول المحلل السياسي وسام أبو شمالة إنّ "دولة الاحتلال تخشى هذه المسيرة كونها تمثل حراكاً سلمياً قانونياً جماهيرياً؛ إذ يعتزم حشد أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم في غزة والضفة والشتات الفلسطيني وحتى في دول العالم، من أجل تطبيق قرارات دولية ترفض إسرائيل تطبيقها". ويؤكّد أبو شمالة في حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أنّ الطابع السلمي لم تعتد عليه "إسرائيل"، ويضيف: "هذا كابوس يقلق الاحتلال في كيفية التعامل مع الفلسطينيين السلميين الذين يعتزمون العودة إلى ديارهم وقراهم متسلحين بالقانون الدولي والإنساني".

وكشفت القناة الثانية العبرية، أنّ الاحتلال الصهيوني طوّر طائرة مسيرة قاذفة لقنابل الغاز، بهدف قمع المسيرات اليومية التي من المنتظر أن يشارك فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين عند الشريط الحدودي لقطاع غزة المحاصر.

وأوضحت القناة أنّ الطائرة المسيرة مجهزة بـ6 قنابل مسيلة للدموع، وذلك لقمع المظاهرات السلمية التي دعت إليها الفصائل الفلسطينية ومبادرات شبابية ومجتمعية فلسطينية مختلفة.

جانب من التظاهرات

"بدنا نرجع مش نموت"!

"احنا بدنا نرجع على بلادنا ما بدنا نموت".. بهذه الكلمات أجابت الحاجة أم صافي على تساؤل صحفي عندما سألها عما إذا كان هذا الاقتراب من الحدود يشكل خطراً على حياتها وحياة أبنائها.

الحاجة أم صافي التي قاربت السبعين من عمرها، كانت تلبس ثوبها الفلسطيني المطرز وتلف رأسها بشالها الأبيض الذي اشتهرت به النساء الفلسطينيات قبل النكبة، أكّدت أنّها ليست قلقة على الأرواح، وقالت: "الأرض تساوي الروح، ولكن احنا جايين نقول لكل العالم احنا بدنا بلادنا، بدنا أرضنا، ما بدنا نحاربهم ولا يحاربونا، يطلعوا من أرضنا، ويا دار ما دخلك شر".

معلق إسرائيلي: مسيرة العودة نسفت المسوغات التي تقدمّها الحكومة الإسرائيلية لتبرير تقليلها من شأن الفلسطينيين

وكانت انتفاضة الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض اشتعلت مع شروق شمس الجمعة عندما اغتال الاحتلال المزارع عمر وحيد سمور (27 عاماً)، وأصاب آخر وهما يقصّان نبات  البقدونس على مسافة كيلو متر واحد من السلك الفاصل، لتبدأ قوافل الشهداء.

ما جرى على حدود غزة أعاد الذاكرة الإسرائيلية لسبعة عقود مضت، وقد بدت مواقفه مضطربة على أكثر من صعيد وهو يواجه كتلة بشرية كبيرة تتحرك قرب الحدود وتطالب بإنفاذ قرار الأمم المتحدة (194) بينما تجاهلت "إسرائيل" ما يقدر بـ135 قراراً دولياً عن معاناة الفلسطينيين.

ويقول كريم جبران مدير البحث الميداني في مؤسسة (بيتسيلم) الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب خرقاً واضحاً لحق الإنسان في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، وأطلق النار باستخدام قوة مفرطة أدت لوقوع إصابات وضحايا.

إسرائيليون: المقاومة الشعبية أكبر تهديد

شخصيات إسرائيلية بارزة باتت تدرك حالة الإحراج التي ستقبل عليها إسرائيل من جرّاء جرائم جيشها وقيادتها الإسرائيلية، فهذه الكاتبة الصهيونية كاولنيا لندسمان تقول إنّ "مسيرة العودة أثبتت أنّ المقاومة الشعبية هي أكبر مصدر تهديد على تواصل الاحتلال" بينما دعا آخرون لمعاملة مختلفة مع المسيرات السلمية.

أما أودي سيغل معلّق الشؤون السياسية في قناة الإسرائيلية الثانية، فيرى أنّ "مسيرة العودة نسفت المسوغات التي تقدمّها الحكومة الإسرائيلية لتبرير تقليلها من شأن الفلسطينيين ومقاومتهم وتصويرهم أنّهم مشكلة هامشية".

الفعاليات المتصاعدة في مسيرة العودة والمتوقع استمرارها لأسابيع؛ قلبت كل الحسابات الأمنية، حتى بدا جيش الاحتلال حائراً بين اللجوء من القوة إلى يمين القوة أم الاعتراف بالفشل وانتزاع الفلسطيني حقه في الحياة.

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية