جدل المنابع.. هل من تزاوج فكري وتنظيمي بين السلفية والإخوان؟

جدل المنابع.. هل من تزاوج فكري وتنظيمي بين السلفية والإخوان؟


20/03/2018

هل ثمة حدود فاصلة بين مختلف الجماعات الإسلاموية، على الأقل في القواعد الفكرية، أو الهدف الإستراتيجي الأكبر، وهو الوصول للسلطة؟ وإلا فلماذا هناك العديد من صيغ التعاون بينها، وتداخل في المرجعيات، حتى لو كان الخلاف حدث بالفعل حول (التغيير الفوقي والسفلي).

لقد نجم عن التداخل بين الاتجاهات المتعددة تقاذف الاتهامات بين مختلف هذه التيارات في نسبة جماعات لها، مثل؛ القاعدة، خاصة بين الإخوان والسلفيين؛ حيث يُتهم السلفيون أنّهم الأب الشرعي لهذه الجماعات، نظراً إلى نهلها من مرجعيتهم الفقهية، وفي مقدمتها ابن تيمية، والمذهب الحنبلي بشكل عام، وتركيزها على ما يسمّى نواقض التوحيد، فضلاً عن المظهر الخارجي كإعفاء اللحية، وتقصير الثوب، وما إلى ذلك، ممّا يطلقون عليه (الهدي الظاهر)، في حين يتبرأ السلفي من هذه التهم، مؤكداً أنّ نشأة هذه الأفكار في المحاضن الإخوانية، باعتبار أنّ الأسس الأيديولوجية لهذا التيار نبعت من كتابات سيد قطب وغيره من المفكرين المحسوبين على حركة الإخوان.

دائما ما يتم تقاذف الاتهامات بين مختلف هذه التيارات في نسبة جماعات لها، مثل؛ القاعدة وداعش، خاصة بين الإخوان والسلفيين

الدوائر المتداخلة

الأمريكي وليام ماكانتس (William McCants)، وفريقه من الباحثين من مركز مكافحة الإرهاب، في ويست بوينت، حاول أن يفكّ الطلاسم، ويرسم لنا خريطة الفكر أو الأيديولوجيا التي تعدّ الدافع الرئيس وراء تصرفات الإرهابيين، واكتشف أنّ دوائر الجماعات الإخوانية والسلفية متداخلة إلى حدّ كبير.

وفق ما ورد في شرح للكتاب نشر على موقع (طريق المعرفة)، القريب من الجهاديين، فإنّ مكانتس رسم دوائر متداخلة، كلّ دائرة تخضع لقادة الدوائر الأوسع، التي تعدّ جزءاً منها، لكن في الوقت نفسه؛ فإنّ كلّ واحدةٍ لديها مجموعة المفكرين الخاصة بها، الذين تم تعيينهم من أجل أفضل تأثير على القاعدة التي يتواجدون عليها.

يشترك الجهاديون مع غيرهم من السلفيين في العديد من الأسس الفكرية الغائية ويختلفون في آليات التنفيذ

تُمَثِّل الدائرة الأكبر عامّة المسلمين الذين يتبعون القرآن والسّنّة، وتتضمن هذه الدائرة: السُنّة (أي الذين يتبعون سُنّة النبي)، والشيعة (أي الذين يتبعون سُنّة النبي وآل بيته)، وهم يتراوحون ما بين علمانيين وأصوليين، هذه الدائرة أوسع بكثير من إمكانية تحديد شخص أو شخصين كصُنّاع للرأي العام، الذي يمثله الطيف الواسع جداً من المسلمين الموجودين ضمنها.

الدائرة الثانية: تتكون من المسلمين الذين يريدون أن تكون الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، والهوية الثقافية للمجتمع، وهم مختلفون في تحديد ماهية هذا الهدف ووسائل الوصول إليه، من بين السُنّة (وهم الأغلبية الساحقة للمسلمين في العالم)، تعدّ حركة الإخوان المسلمين أكثر المجموعات نفوذاً في الدائرة الإسلامية، مع اعتبار يوسف القرضاوي متحدثهم الأكثر تأثيراً.

في الدائرة الثالثة، يأتي السلفيون، وهم يريدون أن يؤسسوا ويحكموا بلاداً إسلامية تقوم على القرآن والسُنّة، على فهم سلف الأمة، وهم أقرب إلى حركة "المتطهرين" التي ظهرت في العصور الوسطى في كل من أمريكا وبريطانيا.

شعرة دقيقة تفصل بين سلفية الإخوان وإخوان السلفية قد تكون في الوسائل والتكتيك والطريقة

يأتي الجهاديون في الدائرة الأخيرة؛ المجاهدون الدينيون، وأبرز الإرهابيين في العالم اليوم، حركتهم جزءٌ من الحركة السلفية الأكبر (مع ملاحظة أنّ معظم السلفيين ليسوا جهاديين)، وحيث إنّ المفكرين الجهاديين يستمدون فكرهم من نفس الإرث السلفي، فإنّ العلماء السلفيين -خاصةً علماء الدين السعوديين- هم أفضل من يوظَّف لتشويه سمعة الحركة الجهادية بين باقي السلفيين.

مع استخدام تقنية يطلق عليها "تحليل المراجع، يُحدّد أطلس الأيديولوجية المتشددة أكثر المنظرين الجهاديين تأثيراً، وهما مجموعتان؛ القدماء، والمعاصرون، والأولى مؤلّفة من علماء المسلمين المعتبرين لدى المسلمين المحافظين، سواء أكانوا سلفيين أم لا، وتفاسيرهم المحافظة والمتشددة والمؤصّلة للشريعة والتاريخ الإسلامي، تتوافق، إلى حدٍّ كبير، مع الطرح الجهادي، وابن تيمية مثال جيد على هؤلاء.

تعدّ نصوص الفقهاء القدامى على درجة من الأهمية لعدة أسباب: أنّهم أكثر العلماء قبولاً بين صفوف السلفية، واعتبارهم أنّ التتار الذين اعتنقوا الإسلام لم يكونوا مسلمين حقيقيين، والنقطة الأخيرة تعتمد عليهما الأجندة الجهادية المعاصرة.

تفاسير المنظرين الجهاديين القدماء كابن تيمية تتوافق إلى حدٍّ كبير مع الطرح الجهادي المعاصر

بالنسبة إلى المفكرين المعاصرين، قسّمهم الأطلس إلى ثلاث فئات: الأولى هم العلماء المحافظون، والاستشهاد بكلام هؤلاء العلماء وأقوالهم، يضفي الشرعية على الطرح الجهادي، كما يتوافق نتاجهم الفكري بصورة كبيرة مع الفكر الجهادي العالمي.

يخلص الأطلس إلى أنّ الفكر الجهادي هو فرع عن الفكر السلفي، ويفضي هذا البحث إلى أنّ الحكومات المهتمة بالتخفيف من شعبية الجهاديين بين السلفيين والعالم الإسلامي، ستكون أكثر نجاحاً إذا تضمنت جهودها التوصيات الآتية: إطلاق لقب "القطبيّة" على الحركة الجهادية برمّتها، في إشارة إلى أنّ الجهاديين يرجعون إلى سيّد قطب أكثر من أيِّ كاتب معاصر.

يؤكّد الأطلس أنّ كلمة (الإسلام الوسطى)، لو كان المقصود بها نبذ العنف في الوصول إلى الأهداف السياسية، فإنّ معظم السلفيين وسطيون، لكن لو كان المقصود بالوسطية: قبول العَلمانية، والرأسمالية، والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، والالتزام بالإسلام الشمولي، عندها يكون السلفيون متطرفين على جميع المقاييس.

 

 

تزاوج الفكري والتنظيمي

يرى الباحث السلفي، علي عبد العال، في بحث بمجلة الديمقراطية؛ أنّ إشكالية التزاوج الفكري والتنظيمي، هي التي فرّقت بين السلفيين والإخوان، وأدّت في النهاية لنسب تنظيمات مثل؛ القاعدة لكل منهما.

فبينما انطلق الإخوان من المقاربة السياسية، وانخرطوا في قواعد اللعبة الديمقراطية، وأوجدوا المبررات الفقهية لها، وقف السلفيون سلبياً من هذا الاقتراب كونه لا يتوافق مع المبادئ الإسلامية، لكنّهم، في الوقت نفسه، رفضوا التغيير بالعنف، وفضّلوا العمل الاجتماعي بعيد المدى للتغيير، بمساعدة الحكام من خلال مناصحتهم، والدعاء لهم، والتعاون معهم، أمّا الجهاديون؛ ففضلاً عن رفضهم لقواعد اللعبة الديمقراطية ووسمها بالكفر، فإنّهم جعلوا العنف المسلح خيارهم في التغيير السياسي.

في هذا الصدد، يقول أحد منظريهم، وهو أبو مصعب السوري، في دعوة المقاومة الإسلامية: "العمل العسكري والفعل الجهادي الثوري المسلح للمقاومة، هو الذي سيجبر العدو على التقهقر، ويقود هذه الأمة إلى النصر، ودون المقاومة العسكرية، فإنّ كلّ عمل سلميّ، مهما بلغ من الأهمية، في مجالات الدعوة والخطابة، والكتابة، والتأليف، أو في أعمال التظاهر والعمل السياسي والإعلامي، وسوى ذلك، ستذهب آثاره أدراج الرياح، ولن يغير من واقع الأمر شيئاً، دون عمل عسكري مقاوم".

علي عبد العال: إشكالية التزاوج الفكري والتنظيمي هي التي فرّقت بين السلفيين والإخوان

ما سبق لا يعني أنّ الاتجاهات الأخرى تنكر الجهاد؛ فهي تعدّه أيضاً من الثوابت، لكنّها تختلف معها في شروطه، لذلك كانت كلّ هذه الأطراف تجاهد، جنباً إلى جنب، في أفغانستان، وتحتفي به، لكنّها اختلفت فيما بعد لما بدأت الفصائل الأفغانية تتقاتل فيما بينها، وأيضاً بعدما وجه الجهاديون أسلحتهم نحو دولهم.

رغم الإجماع بين كلّ هذه الحركات على "فريضة الجهاد"، وعلى اعتباره الإستراتيجية الوحيدة للتغيير، إلا أنّهم اختلفوا حول قضية جهاد العدو القريب (الحكومات العربية والإسلامية)، أم العدو البعيد (الولايات المتحدة والغرب)، وحول الشروط المطلوبة للبدء بالأعمال القتالية، وأخيراً حول الأساليب المعتمدة في آليات العمل، كالعمليات الانتحارية، ونظرية التترّس، وغيرها من القضايا الإشكالية.

هذا الجدل شبيه بذلك الذي يثار في الحروب حول أولية استهداف العاصمة وإسقاطها، وبالتالي إسقاط النظام، أم الزحف تدريجياً على الأطراف، وصولاً إلى العاصمة، ولاستناد كلّ وجهة نظر على مبررات موضوعية لا يحسم الجدل في هذه الموضوعات، لذلك يستمرّ خلاف الأولويات الجهادية بين العدو القريب والعدو البعيد، خاصة لخضوعه لاعتبارات سياسية وعسكرية، أكثر منها فقهية، رغم الجدل الفقهي حول تراتبية الخطورة بين الكافر والمرتد.

تمّام: التلاقح الإخواني السلفي الأهم حدث داخل مصر حيث أثرت المكونات السلفية في أفكار الجماعة

إنّ ظهور تنظيمات جهادية، أنتجت خطاباً يكفّر الأنظمة العربية، ويدعو إلى استعمال العنف، وحتى الانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية ضدّها، هو فقط الذي غير الانتباه عن التزاوج الإخواني السلفي؛ حيث ظلّت هذه الجماعات الجديدة محصورة جغرافياً في مصر غالباً، وتمّ التزاوج بين إنتاجها الفكري والعمل التنظيمي في الوقت نفسه، من خلال استقائها المعلومات من رصيد الإخوان التاريخي، والفقه السلفي، بينما في دول أخرى اقتصرت على العمل التنظيمي، مثل؛ حركة بويعلي في الجزائر، كما دخل إخوان سوريا في ثمانينيات القرن الماضي، في تجربة عنف مماثلة لا تختلف كثيراً في خلفياتها الفكرية عن رؤية الجماعات المسلحة المصرية، ففكرياً؛ يشترك الذين يؤمنون بالعمل التنظيمي المسلّح، مع غيرهم من الجماعات الأخرى، في العديد من الأسس الفكرية الغائية، لعلّ أهمّها: تطبيق الشريعة الإسلامية، وإقامة دولة الخلافة، ويختلفون في آليات تحقيق تلك الغايات، والموقف من كلّ من يحول دونها، وفي المقدمة الأنظمة العربية.

 

 

سلفنة الإخوان وأخونة السلفيين

يشير الباحث الأردني، محمد أبو رمان، في دراسة حملت عنوان "السلفية في المشرق العربي"، إلى أنّ النصف الثاني من القرن العشرين، شهد تراجع توجهات ومدارس سلفية، وتقدّم أخرى في العالم العربي؛ فقد تقاسم المشهد السلفي تياران أساسيان، هما: السلفية الحركية التي انبثقت بداية عن جماعة الإخوان المسلمين، ويعدّ سيد قطب ممثلها ومنظّرها وموجهها فكرياً، وتتمثّل بصورة أساسية بما يعرف بالمدرسة السّرورية، نسبة إلى محمد سرور بن نايف زين العابدين، الذي خرج على الإخوان السوريين، حين كان في السعودية، ودشّن تياراً سلفياً حركياً.

أمّا التيار الثاني؛ فهو السلفية التقليدية المحافظة، ويمثله الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الذي بلغ تأثيره مدى جغرافياً واسعاً، في أنحاء العالمين؛ الإسلامي والعربي عموماً، والمشرق العربي خصوصاً، وقد توفّي الألباني في عمّان العام 1999، بعد أن أسّس سلفية تقليدية راسخة في المشرق العربي والعالمين؛ العربي والإسلامي.

بقدر ما كان التأثير الإخواني في السلفية حركيّاً كان التأثير السلفي لدى الإخوان أيديولوجيّاً

كما يشير الباحث الراحل حسام تمّام، في "تسلّف الإخوان: تآكل الأطروحة الإخوانية وصعود السلفية في جماعة الإخوان المسلمين"، إلى أنّ التلاقح الإخواني السلفي الأهم حدث داخل مصر؛ حيث أثرت المكونات السلفية في أفكار قادة هذه الجماعات وأعضائها، ونقلها عدد كبير منهم ممّن انضموا لاحقاً إلى جماعة الإخوان في نهاية السبعينيات، فتأثّر فكر الإخوان بالفكر السلفي وتداخل الطرفان.

ويعدّ تمّام مرحلة الثمانينيات مرحلة كمون السلفية الإخوانية، ويبين أنّ التأثير المتبادل بين الإخوان والسلفية تميز بصيغة يمكن تحديدها، فبقدر ما كان التأثير الإخواني في السلفية حركيّاً، كان التأثير السلفي لدى الإخوان أيديولوجيّاً.

ولو نظرنا، سنجد أنّه لا يوجد أيّ تجديد مطلقاً في مواقف السلفيين، ولم تحدث تحولات تذكر في ملامحهم العامة؛ حيث إنّه من ناحية الثوابت والمتغيرات داخل الحالة السلفية، سنلاحظ أنّ التحولات من الناحية العقائدية، كتكفيــر الأنظمة، والتقارب بين السنّة والشيعة، أو الناحية الفقهية؛ كحلق اللحية، والموسيقى، أو الناحية الفكرية؛ كالموقف من العَلْمانية والليبراليين، أو الناحية الدعوية؛ كالعمل الجماعي والعنف؛ فإنّها لم تحدث سواء على المستوى الشخصي، أو على مستوى التيار ككل.

إنّ مراجعة فتاوى عبد المنعم الشحات، على الموقع الرسمي للسلفيين (أنا السلفي)، وبرهامي، ومقارنتها بفتاوى أبو محمد المقدسي أو أبو قتادة، تفضي إلى (لا فرق)، وليتبين أنّه ما زالت هناك قضايا عالقة في فضاء الفكر السلفي، تفتقر إلى جهود تنظيرية كافية، مثل: الإطــار الجماعي أو التنظيمي الأكثر ملاءمة للسلفيين؛ هل هــو: التيــار، أم الجماعة، أم بين بين؟ فبعض السلفيين يفضِّل العمل في إطار جماعة منضبطة لها هياكلها التنظيمية المعلنة، مثل الإخوان، وبعضهم الآخر يفضِّل العمل من خلال تيار مرن يمارس عملاً جماعياً دون أن يكون جماعة.

الموقف من الجهاد

أما الموقف من الجهاد، فقد وضع ياسر برهامي، أحد قادة السلفيين بمصر عدداً من الضوابط المهمة على مفهوم الجهاد وأشكاله؛ إذ يرفض بداية اعتبار الخروج على الحاكم هو الشكل الوحيد للجهاد، فيتساءل: "هل الجهاد هو الخروج على الحكام فقط؟"، رافضاً توحيد الجهاديين بين الجهاد والخروج على الحكام؛ بل بين التوحيد والجهاد نفسه كدلالة عليه، أو أنّ الثاني هو تمام الأول، وفق مفهوم الولاء والبراء، كما يرفض اختزال الجماعات الجهادية له في القتال، لكنّ المفاجأة بعد ثورة 25 يناير، كانت في موقفه من مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، في 2 أيار (مايو) 2011؛ حيث شاهدناه يرثيه، مهنئاً إياه بالشهادة، ومؤكّداً أنّ الحرب الأمريكية في أفغانستان هي حرب صليبية!

كان هناك تحوّل أكبر في الموقف من الأزهر والطائفية، فمن العلاقة المتوترة إلى الترحيب بمواقف شيخ الأزهر، الداعية إلى عدم المساس بالمادة الثانية من الدستور في التعديلات الدستورية المزمعة، وتم التوافق بين الطرفين في قضايا أخرى، كالموقف من الفاتيكان، أو الموقف من مقتل بن لادن، أو غيرها من المواقف التي اتخذها شيخ الأزهر بعد الثورة، ولعلّ هذا راجع إلى الأزهر ذاته، الذي تحوّل هو إلى السلفيين، فيما تجاوز السلفيون أنفسهم حالتهم الراكدة، واتجهوا للعمل السياسي، وعكست حالتهم الجديدة طبيعة التطور، وربما المخاض الذي تمر به "الحالة السلفية" في كل المنطقة.

في كتابه "فقه الخلاف"، الذي كتبه في أوائل الثمانينيات، عدّ منظر "الدعوة السلفية" الشيخ ياسر برهامي، منهجي الجماعة الإسلامية والجهاد، مناهج مشروعة للتغيير، وأنّ كلاً منهما على ثغر.

يقول برهامي: نحن نعلّم ونربي "السلفيين"، وأنتم "الجهاديون" تشتغلون في مسألة التغيير بالقوة فـ"كلّ منا على ثغر".

لا يوجد أيّ تجديد مطلقاً في مواقف السلفيين ولم تحدث تحولات تذكر في ملامحهم العامة

ويرى السلفيون أنّ الخلاف بين الجماعات مشروع، وأنّ هناك مفاسد في أعمال الجهاديين، إلا أنّ الخلاف بينهم هو خلاف تنوّع، وأنّ الطرق الأخرى للتغيير طرق مشروعة.

وعندما سئل الرجل الأول في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، عن موقفه من سلفيي الإسكندرية، ومشايخهم: ياسر برهامي، وسعيد عبد العظيم، ومحمد إسماعيل المقدم، وهل الخلاف معهم من الخلاف السائغ؟ أجاب في شريط صوتي محمل على موقع "يوتيوب": "موقفنا من الدعوة السلفية، ومن أعلامها الصادقين، هو الحب والتقدير والاحترام".

ثم استطرد الظواهري على الفور، بجملة ذات دلالة واضحة: "ونحن اشتقنا لهم واشتاقت لهم ميادين الجهاد، يعلّمون إخوانهم، ويقودون سراياهم، ويدكون حصون أعدائهم، ويرفعون لواء الجهاد الذي صار عينياً في داخل بلادهم وخارجها".

في بحثه "السلفية ومناهج التغيير"، تعرض برهامي إلى وسائل التغيير عند التيارات السلفية الأخرى، وخلص، في النهاية، إلى أنّ التغيير من خلال الانتخابات البرلمانية مخالف لشريعة الله، فالتشريع حقّ خالص من حقوق الله، والقوانين الوضعية مخالفة للشريعة الإسلامية، وكلّ ما يخالف الشريعة هو باطل، والحكم بغير ما أنزل الله سبب يوجب غضب الله، وينزل مقته وعقابه، والنظام الشرعي المخالف لتشريع الله تحكيمه كفر، والشورى في الإسلام ليست الشورى في النظام الديمقراطي، كما لا يجوز شرعاً عرض الشريعة على الأفراد، ليقولوا أتطبَّق أم لا، والمجالس التشريعية التي تسنّ قوانين مخالفة للشريعة، يلزمون بها العباد مجالس كفرية، والأحزاب التي تقوم على مبادئ العلمانية والديمقراطية والاشتراكية والشيوعية، وغيرها من المبادئ الوضعية كلّها من العصبية الجاهلية والولاء للكافرين والمنافقين، ممّا يستوجب على كلّ مسلم ردّه وهجره، ومحاربته، والتبرؤ منه، أما المؤهلون لتحقيق التغيير المنشود، وإقامة الحقّ على صورته الكاملة، وعودة الخلافة على منهج النبوة، فهم -كما يرى برهامي- "طائفة أهل السنة والجماعة".

الخلاصة: إنّ الجماعات الإسلاموية مجموعة من الدوائر؛ أولها السلفية، وثانيها الجهادية، وثالثها الإخوانية، والأفراد يتحركون من الدائرة هذه لتلك، بحسب القناعات، والأفكار، والظروف الاجتماعية والنفسية، وهذا محكوم بكلّ فرد بنفسه؛ لأنّ القواعد الحاكمة لتلك الجماعات واحدة، وإنّ شعرة دقيقة، هي التي تفصل بين سلفية الإخوان، وإخوان السلفية، قد تكون في الوسائل، وفي التكتيك، وفي الطريقة، لكنّ المحصلة النهائية؛ أنّه لا فرق بينهم، فالمنابع والمشارب واحدة، كجماعات هرمية كبرى تضم داخل جنباتها الآن السلفية الجهادية، وتعدّ قاعدة للخلايا والمجموعات المسلحة الإرهابية الآن.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية