هل يقلب طارق صالح موازين حرب اليمن؟

هل يقلب طارق صالح موازين حرب اليمن؟


10/05/2018

فرضت قوات المقاومة الوطنية اليمنية بقيادة العميد طارق صالح واقعا جديدا على الأرض من خلال تحقيق سلسلة متسارعة من الانتصارات، وضعتها على أعتاب ميناء الحديدة الاستراتيجي، في وقت عجزت فيه القوات الموالية للرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي عن تحقيق اختراق لافت في أي جبهة من الجبهات المفتوحة طيلة سنوات.

وقالت مصادر يمنية مطّلعة إن سرعة تقدم قوات “حراس الجمهورية” بزعامة طارق صالح أربكت حكومة هادي ومكوناتها خاصة حزب الإصلاح الإخواني، الذي لجأ إلى شن حملة على دول التحالف العربي وخاصة على الإمارات، لحرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية لتعثر معركة التحرير ورهن مستقبل اليمن لحساباته الحزبية وأجنداته الإقليمية.

وأشارت المصادر إلى أن افتعال أزمة مع الإمارات بشأن جزيرة سقطرى يهدف إلى التغطية على حقيقة أن هناك فرقا شاسعا بين تعيين طارق صالح في مهمته العسكرية ونتائجها السريعة، وتعيين علي محسن صالح الأحمر نائبا للرئيس، والذي لم يحقق أي إنجاز عسكري، ما يؤكد المماطلة التي يقوم بها الأحمر ومن خلفه حزب الإصلاح الإخواني.

وشددت على أن دول التحالف العربي، وخاصة الإمارات، لم تراهن على نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلا بعد أن وقفت على عدم حماس الأطراف المشاركة في الحكومة للاستمرار في مهمة التحرير بشكل فعّال، فضلا عن وجود قنوات تواصل مثيرة للشك بين تلك الأطراف وبين الحوثيين برعاية قطرية وإيرانية.

وأكملت قوات المقاومة الوطنية وألوية العمالقة والمقاومة التهامية استعداداتها العسكرية واللوجستية لتحرير ميناء الحديدة الاستراتيجي آخر المنافذ البحرية التي لا تزال الميليشيات الحوثية تستخدمها لاستقبال الأسلحة القادمة من إيران.

ويتوقع خبراء عسكريون أن تكون معركة تحرير الحديدة خاطفة وسريعة بالنظر إلى الأداء الذي أظهرته القوات التي يقودها طارق صالح، والتي تتميز باتباع تكتيكات عسكرية متطورة تتضافر مع العقيدة القتالية لقوام تلك القوات، التي تتكون من عناصر عسكرية عالية التدريب والانضباط تم تسريحها من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب عقب الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014.

ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن تحرير الحديدة سيضمن استعادة أمن الملاحة وتجفيف منابع التهريب القادم من إيران، مشددين على أن نجاح مقاتلي حراس الجمهورية في تحقيق ما فشل فيه غيرهم سيرسل إشارات إلى الحوثيين وإيران ودوائر دولية، دأبت على التعاطي بحذر مبالغ فيه مع الملف اليمني، على أن الحل العسكري ممكن.

وتعطي هذه القوات وزعيمها طارق أملا جديدا لليمنيين في إمكانية الخروج من الأزمة، بعد أن زرعت حكومة هادي والأطراف المتنافسة داخلها اليأس في إمكانية حدوث انتقال جدي وعودة الاستقرار إلى اليمن.

ويرى الخبير العسكري السعودي العميد حسن الشهري أن هناك معطيات جديدة على الأرض تصب في صالح معركة تحرير الحديدة، أولها تغيّر المزاج الدولي الذي كان في السابق يضغط لإبقاء ميناء الحديدة في قبضة الحوثيين بالرغم من كونه أهم ميناء لتهريب الأسلحة الإيرانية.

وأضاف الشهري في تصريح لـ”العرب” أن المعطى الآخر الذي يدعم جهود تحرير الحديدة يتعلق بالأساس بدور العميد طارق صالح الذي يقود المعركة تحت مظلة ودعم التحالف العربي و”تعرف عنه القدرة في التأثير على أفراده وخبرته الواسعة في العمليات العسكرية إضافة إلى استخدامه خبرات القوات الخاصة التي كانت من أهم وحدات الحرس الجمهوري”.

ويؤكد الباحث السياسي اليمني فارس البيل أن الانتصارات المهمة في الساحل الغربي تعكس مدى قدرة المقاومة الوطنية وبقية الفصائل الأخرى على سرعة التحرير بدعم من التحالف، وأن ميليشيا الحوثي ليست عصية على الهزيمة في حال تضافرت الجهود وتم التنسيق العسكري الممنهج.

وأشار البيل في تصريح لـ”العرب” إلى أن هناك رغبة قوية في كسر أي خطوط كانت تمنع أو تؤخر تحرير الحديدة وباقي الساحل الغربي، والحسم على الأرض هو عنوان هذه العملية.

وخاضت قوات المقاومة الوطنية إلى جانب ألوية العمالقة الجنوبية والمقاومة التهامية معارك خاطفة وسريعة خلال الفترة الماضية تمكنت خلالها وفي زمن قياسي من تأمين مناطق شاسعة بدءا من مفرق المخا وصولا إلى تحرير مفرق ومدينة البرح ومفرق الوازعية مرورا بوادي رسيان وجبل الخزان.

ويسرد الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية نجيب غلاب في تصريح لـ”العرب” العديد من السمات التي يعتقد أنها تميز قوات طارق صالح وتجعلها قادرة على تحقيق اختراق سريع ومهم في مسار العمليات العسكرية.

ويشير غلاب إلى أن هذه القوات “نوعية ومحترفة بحكم خلفياتها القادمة من الحرس الجمهوري وقوات مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة ولديها الحافز والمعنويات المرتفعة”، لافتا إلى أن خبرة العميد طارق العسكرية ستلعب دورا مهما في المرحلة القادمة باعتباره شخصية عنيدة وخبيرة في نفس الوقت، كما أن لديه خبرة خاصة بالحوثية ببعديها السياسي والقتالي وكيف تعمل، إضافة إلى أن التقنيات التي تتبعها قوات المقاومة الوطنية تعد جديدة.

وتثير تحركات العميد طارق صالح وقواته في الساحل الغربي قلقا متزايدا ومتزامنا لدى الحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين في اليمن على حدّ السواء نظرا لما يتمتع به الرجل من كاريزما وحنكة عسكرية، تشير إلى دور بارز يمكن أن يلعبه في مرحلة ما بعد الانقلاب الحوثي.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية