جزيرة سقطرى: قصّةُ نجاحٍ إماراتية

اليمن والإمارات

جزيرة سقطرى: قصّةُ نجاحٍ إماراتية


22/10/2017

لا توجدُ معلوماتٌ تاريخية تذكر بالتحديد الوقتَ الذي استوطن فيه البشر لأولِ مرةٍ الجزيرة اليمنية المعروفة باسم "سقطرى"، إلا أنّ ما هو أهم من التاريخ اليوم، تعزيز سبلِ الحياة ودعم البشرية للبقاء، في أيّ بقعةٍ يقطنها الإنسان.

وشكّلت دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال سعيها لتحقيق هذه السُّبل على أرض"سقطرى"، التي تعدّ من أكبر وأجمل الجزر العربية، واحدةً من التجارب الإنسانية المهمة خلال القرن الحادي والعشرين، والتي تتضمّن الكثير من البناء بدلاً عن الهدم.

إن الأعمال الإنسانية والإغاثية تساعد على تحفيز التنمية والتعليم وتدعم قيم التسامح والمساواة

تاريخ معاناة جزيرة سقطرى يعود إلى ما قبل الحرب اليمنية، التي اشتعلت خلال السنوات الثلاث الماضية بفعل التغوُّل الحوثي الإيراني في الأراضي اليمنية، وعلى الرغم من امتلاك "سقطرى" لبيئةٍ بحرية متنوعة على امتداد شواطئها وتمتّعها بموقع مميز يجعل منها وجهةً سياحية مرغوبة، إلا أنّ الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي والقريبة من القرن الإفريقي، عانت الإهمال في بناها التحتية ومرافقها وفي الخدمات الاجتماعية لسكانها لعشرات السنين، مما وضعها في عزلةٍ يحيط بها الماء والنسيان.


وبتصاعد الحرب في اليمن، توقفت منذ العام 2015 الرحلات الجوية والبحرية إلى الجزيرة، وانقطعت معظم موادها الأساسية، إضافة إلى الغاز والوقود، وتعرّضت بيئتها المتنوّعة وأشجارها النادرة إلى الضياع بسبب استخدام السكان لها كوقود أو حتى غذاء، كما عانى الصيادون توقّفهم عن الصيد بسبب قواربهم التي رقدت على الشواطئ بلا وقود، وكان الرئيس اليمني عبد ربه هادي، أطلق عدة نداءاتٍ منذ ذلك الحين لإنقاذ الجزيرة.

واستجابت الإمارات العربية المتحدة لمساعدة الجزيرة بجهود إنسانية وإغاثية وتنمويّة مثلما فعلت في باقي المدن اليمنية التي حررتها من ميليشيات الحوثي، خصوصاً بعد الإعصار "تشابالا"، الذي ضرب الجزيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2015؛ حيث تولّت وبالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي دعم وإنشاء العديد من المرافقِ العامة، وقدّمت مساعدات وتعويضات للمتضررين. كما بنت مشروع مدينة "زايد1" ليسكنها متضررو الإعصار.
هذا الدعم الإنساني، الذي يُسجَّل لدولة الإمارات، قامت وسائل إعلامٍ "عربية"، ومنصاتٌ إخبارية إخوانية وقطرية بالتهجّم عليه وفقاً لأهوائها وما ترغب بتخيّله من هدمٍ واتّهامات للإمارات باحتلال الجزيرة والسيطرة عليها، دون الالتفات إلى الهدف النبيل الذي أقدمت عليه الإمارات من محاولات تمكين الإنسان في أرضه، كما في جزيرة سقطرى.

يُسجَّل لدولة الإمارات ما أقدمت عليه من محاولات تمكين الإنسان في أرضه،كما في جزيرة سقطرى

الاتّهامات التي تنوعت، بين شراء أراضٍ على الجزيرة من قبل مستثمرين إماراتيين، وأخرى متعلّقة بسيطرة أمنية وعسكرية عليها، دحضها محافظ سقطرى "سالم السقطري"، الذي قال في تصريحات لوسائل إعلامية خلال شهر نيسان (إبريل) 2017، أنّ الإمارات تقوم بدور "تنموي وإغاثي كبير في الجزيرة"، وأنّ دورها يتركّز على دعم المجتمع المحلي هناك.
وقبل أعوامٍ من الاتّهامات بـ"احتلال الجزيرة" أنشأت الإمارات أكبر مستشفى في سقطرى "مستشفى خليفة بن زايد" عام 2012، من باب الاستثمار في أراضي وشواطئ الجزيرة؛ في عالمٍ مفتوحٍ على التطوير والاستثمار وتمكين المجتمعات اقتصادياً  وثقافياً، خاصةً أنّ الجزيرة كانت مهملةً ومعزولةً عن الحياة فيما سبق.


ولعلّ هجمة مواقع إعلامية على الإمارات، ما هو إلا لأنّها ترى الهدم دون أن تقدم بديلاً لأية خطةٍ أو رؤية للبناء الذي يطال الصرح الأعظم في الوجود، وهو الإنسان، ولم تنتبه تلك المنصّات عمداً، إلى خطط دعم وتطوير التعليم -على سبيل المثال لا الحصر- التي تبنّتها دولة الإمارات في اليمن، كان آخرها ما أُعلن رسمياً منذ مطلع تشرين الأول (أكتوبر) 2017، وفق ما أوردت صحيفة البيان الإماراتية، عن خطة تستهدف "تذليل الصعوبات التي تواجه الطلاب، وتوفير كل ما يمكنهم من الالتزام بتحصيل العلم في اليمن".

عانت جزيرة سقطرى الإهمال في بناها التحتية ومرافقها لعشرات السنين مما وضعها في عزلةٍ يحيط بها الماء والنسيان

وبالإشارة إلى مفهوم الاحتلال، وتهم الاستثمار! والخطط السرية التي تبنّتها وسائل إعلامٍ عربية منذ بداية ما سمّي بـ"الربيع العربي"، لتهدم دولاً منهكة بالأصل، دونَ أن تقدم رؤية ولو واحدة للبناء. لعلها اليوم تتكرر من خلال تهمها على مختلف منصاتها بشأن الدور الإماراتي في الجزيرة؛ لأنّها لا ترى ما تروج له ينعكس على تلك الأرض؛ إذ هي أرضٌ تحتاج إلى الدعم المعلن، والمشاريع الاقتصادية والتنموية على أرض الواقع، بدلاً من التشجيعِ على العنف والتطرف الذي تغذيه شعاراتٌ جوفاء وسطحية، ولم تبنِ واقعاً في أي يوم.

قبل أعوامٍ من الاتّهامات بـ"احتلال الجزيرة" أنشأت الإمارات "مستشفى خليفة بن زايد" عام 2012 أكبر مستشفى في سقطرى

إن الأعمال الإنسانية والإغاثية تساعد على تحفيز التنمية والتعليم، وتدعم قيم التسامح والمساواة وتشجع على تبادل الفرص والمصالحِ والخبرات، هذه الأعمال ليست تهماً بكل تأكيد، وخصوصاً بحق دولة مثل الإماراتِ العربية المتحدة، التي تتبنى التسامح ومحاربة الإرهاب، وتحتلّ مرتبة متقدمة جداً في قائمة الدول التي تقدم المساعدات الخارجية بشهادة الأمم المتحدة نفسها، وتسعى لتمكين شعبها وشعوبِ المنطقة من الاتصال بالعالم بفاعلية أكبر من خلال خططٍ واضحة للتطور والتقدم الإنساني على مختلف المستويات، وهو ما يجعلها تمدّ اليد بالتأكيد، للأصدقاء، ويمكن القول لمن يكيلون الاتّهامات: إنّ الدلائل في جزيرة سقطرى، واضحة؛ حيث لا حرب هناك ولا حطام، إنّما حياة وتعمير.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية