هل يعود الإخوان المسلمون للحكم في مصر؟

هل يعود الإخوان المسلمون للحكم في مصر؟


21/01/2018

كل سيناريوهات عودة الإخوان إلى الحكم في مصر مهترئة ومكشوفة.

جماعة الإخوان المسلمين في مصر تنتظر انتخابات الرئاسة في مارس المقبل، لتقوم بحراك جديد، قد يعيد إليها ملامح سياسية افتقدتها طوال السنوات الأربع الماضية، بعد أن أصبحت صفات التطرف والعنف لصيقة بها، وتسعى إلى دعم مرشح مناسب ضد السيسي، أملا في تكرار مشهد السبعينات من القرن الماضي، عندما عاد عدد من رموز الإخوان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى الواجهة عقب فترة من الإقصاء والتهميش، لكن محللين يستبعدون حصول مثل هذا السيناريو لاختلاف الظروف والمعطيات.

يرى البعض من قادة الإخوان في انتخابات الرئاسة طوق نجاة للجماعة، في حال لعبت دورا مؤثرا فيها وأسهمت في التأثير على مجرياتها لغير صالح الرئيس الحالي السيسي الذي تعتبره عدوّها الرئيسي في مصر.

ورصدت مصادر خاصة استعدادات من نوع خاص لجماعة الإخوان لقياس مدى قدرتها على إثبات وجودها في المشهد وما إذا كانت أحداث الأعوام الماضية قد خصمت الكثير من شعبيتها وحضورها في الشارع وبأي درجة.

وأوضحت المصادر التي راقبت انتخابات الأندية الرياضية الأخيرة عن كثب، أن الجماعة عمدت إلى عدم الكشف عن حضورها في هذه الاستحقاقات بشكل مباشر، لكنها استغلتها عبر تجارب عملية لقياس المتغيرات التي طرأت على كتلتها التصويتية المعتادة.

ولفتت إلى أن الجماعة حضرت في كواليس انتخابات الأندية في جميع المحافظات دون استثناء، وكانت تختار المرشح الضعيف الذي لا أمل تقريبا في نجاحه، فتوجّه نحو التصويت له، وكان نجاحه علامة على أن الجماعة لا تزال لها قدرة على التأثير في نطاق هذا الحيز الجماهيري، أما فشله فكان دليلا على عكس ذلك.

المحصلة التي خرجت بها الجماعة عبر هذه التجربة أنها خسرت بالفعل الكثير من قدراتها وشعبيتها، وفسرت ذلك بالعزلة والانقطاع عن الجماهير، علاوة على أن انتخابات الرئاسة تحكمها اعتبارات أخرى من الوارد الاستفادة من بعضها.

واتفق خبراء في شؤون الحركات الإسلامية على أن ممارسات جماعة الإخوان طوال الفترة الماضية، ومن ضمنها الترويج للتسريبات الأخيرة بشأن تلقين بعض الشخصيات الإعلامية والفنية وجهة نظر مسايرة لقرار واشنطن بشأن القدس، كلها تهدف إلى تشويه النظام الحالي، وإظهاره كسبب رئيسي في تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية والأخلاقية في البلاد.

اعتبر البعض من المراقبين هذه الممارسات صورة أخرى من استعدادات الجماعة للانتخابات الرئاسية ضمن عدة مسارات وفق خطة مدروسة، مؤداها تشويه النظام الحالي ودعم مرشح منافس إلى جانب العودة التدريجية لمشهد النشاطات الجماهيرية، وبدأتها الجماعة عمليا بالتواجد في منافسات انتخابات الأندية الرياضية.

لكن محللين آخرين لفتوا إلى محدودية تأثير هذه الظواهر على المواطن العادي، ووجد هؤلاء أن الجماعة تحولت إلى ظاهرة إعلامية تعتمد على الدعاية السوداء، دون حضور فعلي في الواقع، وشددوا على أنها تسعى فقط لاستغلال فرصة الانتخابات وتحقيق أكبر استفادة منها، لأنها عاجزة عن عمل أي شيء ولم يعد لديها ما تخسره.

ويقارن البعض بين فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي في تعامله مع ملف الإخوان، ويرى خبراء في شؤون الحركات الإسلامية أن قادة جماعة الإخوان يطمحون إلى العثور على حالة شبيهة بما حدث في أوائل سبعينات القرن الماضي، عندما أخرجهم السادات من السجون وأعادهم إلى المشهد السياسي والدعوي بعد أن أقصاهم عبدالناصر تماما.

ويسعى قادة الجماعة إلى استدعاء المشهد ذاته عبر عرقلة ترشح السيسي ليتسنى لأفراد الجماعة ترتيب الأوراق وإقناع الرئيس الجديد بضرورة عقد مصالحة سياسية وخروج أنصار الإخوان من السجون.

وهو السيناريو الذي جعل السادات ينقلب عليهم في أواخر عهده، عندما اكتشف إخلالهم بالاتفاق مع خصومه السياسيين والتحريض عليه ونظامه السياسي، مرورا بمحاولة اغتياله على يد تنظيم الفنية العسكرية في العام 1972 والذي ثبت ارتباطه بقادة الإخوان، وانتهاء باغتياله في أكتوبر 1981 على يد تنظيمين خارجين من رحم الجماعة.

واستبعد الباحث السياسي المصري محمد البرمي، تكرار هذا السيناريو بالنظر إلى اختلاف الأوضاع السياسية، وعدم توافر المناخ الذي يقبل عودة الجماعة بعد إسهامها في أحداث عنف وإرهاب غير مسبوقة في التاريخ المصري.

وشدد على أن الجماعة تفتقر للقيادة الإصلاحية التي تقودها في مسار العودة والقادرة على ضبط أداء الجماعة بحسب مقتضيات هذا النهج، لافتا إلى أن من قاد المصالحة مع السادات هو تيار عمر التلمساني، مرشد الإخوان السابق، وتخلصت الجماعة من جميع رموزها، والذي يسيطر عليها الآن هو الجناح القطبي المتشدد.

وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أن عودة الجماعة مستحيلة حتى لو شاركت في الانتخابات بدعم أحد المرشحين، وتصطدم الجماعة برفض مجتمعي وشعبي بعد أن خرجت عن الإطار الوطني وصارت مجرد أداة في يد قوى خارجية.

وقال متابعون، إن جماعة الإخوان تلمس اهتزاز ثقة القوى الإقليمية التي تدعمها بها، لذلك نصحها البعض بالتخلي عن سياسة الإنكار والعزلة، وزيادة وتيرة مناهضة النظام المصري عبر استراتيجية جديدة، لضمان مواصلة التمويل والدعم القطري والتركي.

وتسعى قيادات الإخوان لتصدير أزمة الجماعة الداخلية واحتواء حركات الانشقاقات عبر القيام بخطوة يُروج لها كتكتيك مرحلي، الغرض منه شغل أعضاء الجماعة عن ملفات الفساد التي كشفتها النزاعات الأخيرة واحتواء الأصوات المعارضة.

وتعاني قيادات الجماعة من العجز عن السيطرة على التنظيم ولم تعد تتلقى استجابة لتنفيذ توجيهاتها سوى من نسبة محدودة من قواعد الجماعة.

وتطمح القيادات عبر الدفع في مسارات غير تقليدية إلى استعادة بسط نفوذها على الأجنحة المتمردة داخل الجماعة، والأخرى التي جمدت نشاطها اعتراضا على تواضع أداء القيادات وعدم قيامها بمبادرات لتفكيك أزمة التنظيم وإنقاذه من الانهيار.

ورأى البعض من الخبراء، أن مشاركة جماعة الإخوان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال دعم أحد المرشحين، خطوة متعلقة بصراعات وانقسامات داخل التنظيم، أكثر منها طموحا إلى تحقيق مكاسب مستبعدة في المشهد السياسي المصري.

كانت جبهة شباب الإخوان وما يطلق عليه اتحاد دعم الشرعية والمجلس الثوري وجميعها أذرع تقودها شخصيات إخوانية من الخارج، رفضت المشاركة في الانتخابات، تمسكا بمزاعم شرعية وعودة محمد مرسي المعزول عن السلطة في يوليو 2013.

في حين، دعا هيثم أبوخليل القيادي بجماعة الإخوان قيادات الجماعة وكوادرها إلى المشاركة بقوة في الانتخابات القادمة، منبها إلى كونها الفرصة الأخيرة لإنقاذ رقاب قادة الجماعة من حبل المشنقة.

ويرى مقربون من الجماعة أن تنفيذ أحكام بالإعدام في حق عدد من أعضاء الجماعة في بعض القضايا، مقدمة طبيعية لتنفيذ العقوبة على القيادات الصادرة ضدها أحكام نهائية بالإعدام، واعتبروا ما جرى تهيئة للمناخ العام لتقبل تنفيذ الأحكام بحق القيادات.

ويقود عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط تيارا داخل السجون يدعو إلى المشاركة عبر دعم مرشح منافس للسيسي، وينظر هذا التيار إلى أهمية حضور الإسلام السياسي في هذه المرحلة ليثبت أنه لا يزال رقما صعبا.

ويجد البعض من قادة الإخوان في الخارج والداخل المصري أن هذا التوجه يخدم التعاطي مع أزمة الجماعة بواقعية وبراغماتية، ويعدونها مرحلة تكتيكية لا مفرّ منها لحلحلة الأمور عبر صفقة متبادلة وإن كانت ضمنية وغير معلنة، تقتضي الإسهام في دعم مرشح منافس للسيسي، مقابل إنقاذ الجماعة وقياداتها وإعادتها إلى المشهد.

هشتم النجار-عن"العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية