خفايا وأسرار إطلاق اسم أم كلثوم على شارع في القدس

مصر

خفايا وأسرار إطلاق اسم أم كلثوم على شارع في القدس


05/02/2018

لا تخرج الاحتفالية بإطلاق اسم المطربة "أم كلثوم" على أحد شوارع القدس المحتلة، عن إطار تسويق دولة الاحتلال الصهيوني التي ترغب، بلا جدوى، في إضفاء طابع إنساني على سياساتها العنصرية، واحتلالها الأرض الفلسطينية، وتشريد سكانها والتنكيل بكبارهم وصغارهم. لكنّ كتاباً يكشف أنّ هناك أسراراً وراء هذا الحدث، ويربط ذلك بمحاولات الموساد الإسرائيلي تجنيد أم كلثوم لصالحها.

بلدية الاحتلال الصهيوني في القدس، احتفلت الأربعاء الماضي، بغياب المقدسيين من سكان المنطقة، بإطلاق اسم "أم كلثوم" على شارع هو بمثابة تفرع صغير لا يتجاوز( 20) متراً من الشارع الاستيطاني رقم (20)، الذي يخترق أراضي بلدة بيت حنينا، ليربط مستوطنات الشمال الشرقي للقدس بشارع "عطروت"، المؤدي إلى تل أبيب.

لم يحضر الحفل، كما أفادت الأنباء، سوى رئيس بلدية الاحتلال في القدس "نير بركات"، وعدد قليل من مستخدمي البلدية العرب، وعدد من مسؤولي إدارة المركز الجماهيري في بيت حنينا، وعدد أكبر من ممثلي وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية والمحلية، في حين غاب سكان المنطقة العرب عن هذا الاحتفال.

إطلاق حوالي 145 اسماً جديداً

ويأتي إطلاق اسم الفنانة أم كلثوم، ضمن مشروع واسع النطاق، كجزء من مشروع لتسمية كل الشوارع في المدينة؛ حيث تمت الموافقة العام الماضي على إطلاق حوالي 145 اسماً جديداً على شوارع في القدس الشرقية المحتلة وتحديداً في قرى وأحياء: صور باهر، بيت حنينا، شعفاط، العيسوية، الثوري، الطور، سلوان، وحي رأس العمود.

يرى سكان القدس أنّ تسمية الشارع باسم أم كلثوم لا يعدو كونه محاولة لتحسين صورة بلدية القدس الإسرائيلية

وقال بركات لرويترز "هذا واحد من 145 اسماً اقترحها السكان ووافقت عليه بلدية القدس بالإجماع. ما نفعله الآن هو تخصيص أرقام ورموز بريدية وأسماء لكل المساكن والمنازل والشوارع في القدس الشرقية واستكمال خطوة إستراتيجية لتحسين نوعية معيشة كل السكان."

وحضرت الاحتفال مغنية أدت مقطعاً من "أنت عمري" تدعى نسرين قدري فازت بجائزة إسرائيلية للأصوات الغنائية الجديدة.

ويرى سكان القدس أنّ تسمية الشارع باسم أم كلثوم لا يعدو كونه محاولة لتحسين صورة بلدية القدس الإسرائيلية.

وقال إسحاق القواسمي "هذا الشارع على حساب المواطن الفلسطيني.. على حساب هدم بيته ومصادرة أرضه. وبالآخر بقولوا لنا شارع أم كلثوم. كلمة أم كلثوم هاي مورفين. أنه سمينا لكم الشارع بدال موشيه ديان ولا شلومو ولا حاييم باسم عربي. هذا كلام كذب. قبل ما يفتتح الشارع.. يروح يوقف هدم المنازل في سلوان.. وفي بيت حنينا امبارج تهدم منزل."

وقال فلسطيني آخر من أهالي بين حنينا يدعى أكرم أبو هدوان "هاي الأشياء مصلحة لهم. شارع أم كلثوم.. كلها شغلات مصلحة لهم. في عندك كمان ناس ساكنين في بيت حنينا.. في نفس بيت حنينا.. ما بقدروش يخشوا على نفسها بيت حنينا.. البلد القديمة. هو فتحوا لهم من بسغات زئيف للنبي يعقوف فتحوا لهم باب يروحوا من هون على تل أبيب".

 أحيت أم كلثوم في ثلاثينيات القرن الماضي حفلات غنائية عدة في القدس ويافا وحيفا وتل أبيب

خسارة فادحة للوجدان العربي

وجاء إطلاق شارع أم كلثوم في ذكرى رحيلها  في الثالث من شباط (فبراير) 1975. حيث اعتبر ذلك التاريخ خسارة فادحة للوجدان العربي، فكتبت الصحافة أنّ مصر فقدت هرمها الرابع، وفقد العالم العربي كوكبه المشرق.

واشتهرت أم كلثوم، واسمها (فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي) في مصر وفي عموم الوطن العربي في القرن العشرين، ولقبت بكوكب الشرق وسيدة الغناء العربي.

بدأ صيت أم كلثوم يذيع منذ صغرها، حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أقصى أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيسي لدخل الأسرة، أدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد وعندما أصبح الأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة.

في عام 1928 تغني مونولوج (إن كنت أسامح وأنسى الآسية)، لتحقق الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق، ويدوّي اسم أم كلثوم بقوة في الساحة الغنائية، وهو نفس العام الذي لحنت فيه أم كلثوم أغنية (على عيني الهجر) بنفسها لنفسها!.

الكتاب ينسب إلى أم كلثوم "ميول مثلية" ويزعم اقترابها الحميم من فتاة مقدسية من آل داود

في عام 1935 تغني (علي بلد المحبوب وديني) من ألحان رياض السنباطي، وقد ظل السنباطي يلحن لأم كلثوم ما يقرب من 40 عاماً، ويكاد يكون هو ملحنها الوحيد في فترة الخمسينات، بعدها بعام تلحن أغنية (يارتني كنت النسيم) في ثاني وآخر تجربة لها وكانت تجربتها الأولي أغنية (علي عيني الهجر) عام 1928.

في سنة 1966 غنت من ألحان رياض السنباطي قصيدة الأطلال، من كلمات الشاعر إبراهيم ناجي، وكان غناؤها لهذه الأغنية بعد عام واحد من غنائها لأغنية أنت عمري، من ألحان محمد عبد الوهاب، وكان ذلك بمثابة رد من السنباطي على عمل عبد الوهاب أنت عمري الذي حقق نجاحاً كبيراً وأثبت السنباطي أيضاً قدرته الفائقة علي تلحين القصائد التي تكتب بالفصحى وحققت الأطلال نجاحاً قوياً.

عام 1954 تزوجت أم كلثوم من حسن السيد الحفناوي أحد أطبائها الذين تولوا علاجها واستمر الزواج حتى وفاتها.

ويوم رحيل أم كلثوم كتب بيجل كاربيير في صحيفة "الفيغارو" أنه برغم أن الأوروبيين لم يفهموا الكلمات، إلا أنها وصلت إلى روحهم مباشرة.

يزعم الكتاب أنّ جهاز الموساد الإسرائيلي حاول تجنيد كوكب الشرق

هل حاول الموساد تجنيد أم كلثوم؟

وكان العام الماضي شهد صدور كتاب بعنوان "أم كلثوم وموساد: أسرار عملية عيون البقر" عن دار المعارف بمصر، للصحافي توحيد مجدي، الذي كُلف بالإشراف على تنفيذ بنود الملحقية الثقافية من معاهدة السلام الخاصة بنشاط المركز الأكاديمي الإسرائيلي في مصر

يزعم الكتاب نفسه أنّ جهاز الموساد الإسرائيلي حاول تجنيد كوكب الشرق، بعد فشل محاولته اغتيالها عبر ممرضة يونانية فائقة الجمال كانت تتردد على منزلها ضمن برنامج لعلاجها من خشونة في الركبتين، كما أفادت صحيفة "الحياة". واستناداً إلى تقرير للوكالة اليهودية يرجع إلى ثلاثينات القرن الماضي نُسبت إلى المطربة الكبيرة "ميول مثلية" وزعم اقترابها الحميم من فتاة مقدسية من آل داود عملت مساعدة لها خلال حفلات أحيتها في القدس.

يزعم الكتاب أنّ الوكالة اليهودية استغلت العقود الغنائية لأم كلثوم دون علمها لتمويل الجامعة العبرية في فلسطين

ويورد الكتاب أنّ إطلاق بلدية القدس المحتلة اسم أم كلثوم على الشارع الذي كانت تقطن فيه تلك الفتاة، يرجع إلى أنّ سيدة الغناء العربي سبق أن دخلت ذلك الشارع لزيارة تلك الفتاة. والثابت أنّ أم كلثوم أحيت في ثلاثينيات القرن الماضي حفلات غنائية عدة في القدس ويافا وحيفا وتل أبيب.

الموساد أطلق على عملية استهداف أم كلثوم اسم "عيون البقر"، ويقول مجدي إنه أول من تطرّق إلى تلك العملية في كتاب باللغة العربية، بعد جهد سنوات في الاطلاع على ملفات استخبارية بريطانية وأمريكية وإسرائيلية وفرنسية صُنّفت في "منتهى السرية". ويكشف أنّ الوكالة اليهودية استغلت العقود الغنائية لأم كلثوم من دون علمها من أجل تمويل الجامعة العبرية في فلسطين، علماً أنّ تلك العقود التي شملت إحياء حفلات في فلسطين والشام على مدى نحو عشر سنوات، تمت بمساعدة السياسي المصري اليهودي يوسف قطاوي. ويزعم الكتاب أنّ قطاوي نفسه ساعد في تربُّع أم كلثوم وحدها على عرش الغناء الذي كانت تتصدّره منافسة قوية هي منيرة المهدية.

الصفحة الرئيسية